سجلت تجربة «آلة الانفجار العظيم» أمس الأول انتصارا علميا تاريخيا، بعد نجاحها فى تجربة محاكاة اللحظة الأولى التالية لنشأة الكون، عن طريق دفع الجسيمات إلى التصادم فيما بينها بأكبر معدل طاقة يشهدها مختبر على الإطلاق. الآلة تحمل أيضا اسم «معجل هاردون التصادمى الهائل»، وكتب علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية أن التجربة أثمرت عن كم هائل من البيانات الفيزيائية، يستغرق تحليلها أعواما، مضيفين «أنها لحظة تاريخية هنا». واتضحت السعادة الغامرة للتمكن من تسجيل بيانات فى النهاية، بعد انتكاسات لا حصر لها، فى رسائل سابقة، تضمنت العديد من علامات التعجب من الباحثين فى جنيف بعد استكمال كل خطوة من خطوات العملية. وقال المدير العام للمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية رولف هوير فى بيان: «إنه ليوم عظيم للمرء يوم أن يصبح عالما فى فيزياء الجسيمات. انتظر الكثيرون تلك اللحظة طويلا، غير أن صبرهم وتفانيهم بدأ فى جنى الثمار». ولم تقلل حقيقة أن تقييم البيانات سيستغرق شهورا أو سنين من بهجة الباحثين، بل يعتقد العديد منهم أن عصرا جديدا من العلم يبدأ. ويتوقع أن يساعد التصادم التاريخى، الذى تم فيه دفع حزمة من البروتونات باتجاه بعضها البعض بسرعة تفوق السرعات المسجلة سابقا ب3.5 مرة، العلماء على فهم طبيعة الكون. ووقع أول تصادم بين البروتونات فى الساعة ببعض التأخير عما أشارت إليه أكثر التقديرات تفاؤلا، غير أنه جاء متماشيا مع التوقعات الحذرة. كان المشروع، الذى تبلغ تكلفته عشرة مليارات دولار، تعرض خلال المحاولة الأولى لتنفيذه فى عام 2008 لمشكلات فنية أدت إلى تعطل الآلة. وبعد أشهر من الإصلاحات، وتشغيلها بمستويات أقل من الطاقة، صار الوقت مواتيا فى النهاية من جديد للاقتراب من محاولة إجراء التجربة الرئيسية. وعمل جهاز «معجل هاردون التصادمى الهائل»، الذى يوجد على عمق مائة متر تحت سطح الأرض على الحدود بين سويسرا وفرنسا، على توليد أسرع تصادم على الإطلاق بين الجسيمات بطاقة هائلة للغاية قدرها 7 تيرا الكترون فولت. غير أن الجهاز مصمم للعمل بطاقة أكبر تصل إلى 14 تيرا الكترون فولت، الأمر الذى يمكن تنفيذه فى مرحلة لاحقة من البحث، والتى ربما تبدأ فى عام 2013. وكلما تمكن العلماء من تشغيل الجهاز بطاقة أكبر، زاد فهمهم للفيزياء. وتعتزم المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية حاليا تشغيل الآلة بشكل متواصل لفترة تتراوح بين 18 و24 شهرا، مع توقف فنى وجيز فى نهاية العام الحالى. ويهدف هذا المشروع إلى معرفة ما إذا كان من الممكن إعادة تهيئة ظروف معينة، لفهم الكون فى الوقت الحالى، بعد «الانفجار العظيم» الذى يعتقد أنه الحدث الانفجارى الذى أدى إلى نشأة الكون قبل 14 مليار عام، من خلال تفسير كيفية اكتساب الجسيمات لكتلتها على سبيل المثال.