عبر الكاتب والصحفي هشام أصلان عن عميق حزنه لرحيل الكاتب والروائي حمدي أبو جليل، قائلا: عرفت الكاتب الراحل في وقت مبكر، كان يعمل مع والدي وقريب منه للغاية، وكانت تربطهما علاقة عمل مشترك في سلسلة آفاق عربية، وفي إحدى الفترات أصبح كأحد أفراد العائلة، وشهدنا معا حالة من التقارب الأسري الكبيرة، ولكن وقتها لم يكن عندي فكرة كاملة عنه من الناحية الأدبية حيث كان في بداياته. وأضاف أصلان، في تصريحات خاصة لجريدة الشروق: مرت السنوات وبدأت العمل الصحفي والأدبي، واتخذت صداقتي بحمدي منحى جديد وسياق مختلف وبعيد عن السياق الأسري الذي ظل كجذر قوي لهذه الصداقة. وكنا نلتقي دائما على مساحة من السخرية الشديدة وحالات هيستيرية من الضحك بسبب خفة الظل الرهيبة التي كانت تميزه، قائلا: كنت أحيانا اختلف مع طريقته في علاج بعض الأمور في الحياة العامة، ولكنه يظل في رأيي أحد أهم كتاب جيله، وبالنسبة إلى أقرانه فإنه يربط ويصل ما بين جيل التسعينيات والجيل الذي تلاها. استطرد بعدها: أبو جليل كاتب مهم لعدة أسباب على رأسها، أنه يتفرد في تصوره للكتابة، وتصوره للسؤال الإنساني، ولم يشبه غير نفسه، ويملك منظورا قويا حول كيف تتناول عالمك الأدبي الخاص فيما يعد تصوره عن فن الكتابة القصصية والروائية شديد الأصالة، على سبيل المثال تلقى كثيرون رواية الفاعل باعتبارها شيء من السيرة الذاتية، ذلك أن حياة بطل الرواية واسمه تتطابق مع حياة الكاتب وما إلى ذلك، بينما كان يصر هو إنها رواية وليست سيرة ذاتية من زاوية نظره لفن الرواية، وعطفا على صدقه في قناعاته تعامل الجميع مع الفاعل باعتبارها رواية. وأوضح: التجريب عند أبو جليل لم يكن غاية، وإنما امتلك بشأنه مفهوما يتعلق بأنك تضطر لتجريب شكل جديد، عندما تعجز عن الوفاء والإخلاص للأشكال الأدبية الأقدم، فكانت مساعيه على الدوام في هذا المسار، وأرى أن الأصالة البالغة في أطروحات حمدي أبو جليل هي السبب الأول التي وضعته في مكانة مهمة بين الأدباء المصريين والعرب بالرغم من صغر سنة وقت تحقق له ذلك. وأردف أصلان: بالعودة لكلمته التي ألقاها في حفل تسلم جائزة نجيب محفوظ بالعام 2009، سنجده يشرح تصوراته الأدبية الأصيلة ببساطة ووضوح، كما كانت علاقته بالسخرية مركبة حد السخرية من ذاته، مع ذلك لم يكن عدميا. واختتم أصلان: الفقد الذي روعنا به في رحيل أبو جليل، هو فقدان حقيقي، فعلى المستوى الإنساني قد أفجعنا رحيله، ولم يكن ذلك لأنه رحل فقط بشكل مفاجئ، وإنما لطبيعة حضوره في الحياة العامة الذي كان طاغيا، وعلى المستوى الفني والأدبي خسارتنا فيه كبيرة للغاية، ذلك أنه رحل في ذروة عطاءه الأدبي، وكان لديه الكثير مما يمكن أن يقدمه للأدب المصري والعربي. وتوفي الكاتب حمدي أبوجليل، يوم الأحد الماضي، عن عمر 57 عاما بعد صراع مع المرض. وحمدي أبو جليّل، روائي وكاتب قصص قصيرة، ولد في الفيوم سنة 1967، وكان كتابه الأول عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة التي نشرت في عام 1997 تحت عنوان "أسراب النمل"، أما مجموعته الثانية "أشياء مطوية بعناية فائقة" والتي صدرت في عام 2000 وفازت بالعديد من الجوائز الأدبية. صدر له عدة مؤلفات من بينها: "الفاعل" و"لصوص متقاعدون" الصادران عن دار الشروق، و"طي الخيام"، و"الأيام العظيمة البلهاء"، و"نحن ضحايا عك"، و"قيام وانهيار الصاد شين".