رئيسة القومي لذوي الإعاقة تشدد على الاستجابة الفورية لشكاوى المواطنين    الحسيني: تدشين منصة التعاون الاستراتيجي بين الخليج والصين خطوة تاريخية لتعميق الشراكة الاقتصادية    وزير قطاع الأعمال: ننفذ أكبر مشروع للهيدروجين الأخضر على مستوى القارة الأفريقية    اسعار السمك البلطى والبياض اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى المنيا    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    لأول مرة.. الرقابة المالية عضو في فريق عمل فجوة الحماية التأمينية بالمنظمة الدولية لمراقبي التأمين IAIS    أستراليا تدرس قوانين أكثر صرامة بشأن الأسلحة بعد حادثة إطلاق النار في بوندي    "المشاط": اللجان المشتركة أداة فعالة للدبلوماسية الاقتصادية لتوسيع آفاق التعاون الاقتصادي بين مصر وشركائها    وزير التعليم: ارتفاع حضور المدارس إلى 87% وتوسيع البرنامج الوطني لمحو الأمية ليشمل 20 محافظة    تحذيرات الأرصاد: أمطار متفاوتة تقترب من القاهرة واضطراب في الملاحة البحرية    وزير الزراعة يسلم جوائز مركز "البحوث الزراعية" للفائزين.. ويقرر زيادة قيمتها بنسبة 50%    الأوبرا تنعى الدكتور صابر عرب وزير الثقافة الأسبق    تشييع جنازة شقيقة عادل إمام مع منع التصوير الصحفي    بهذة الطريقة.. الأعلامية ريهام سعيد توجه رساله للفنان أحمد العوضي    خبر في الجول - الأهلي يبدأ المفاوضات مع حامد حمدان وبتروجت    تطورات أزمة أرض أكتوبر، هل يستقيل مجلس الزمالك؟    جامعة القاهرة الأهلية تواصل تنفيذ برامجها التدريبية والعملية بمعامل الكيمياء والفيزياء ب"هندسة الشيخ زايد"    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    ضبط مزارع يضع كلابا صغيرة فى أجولة ويضربها بعصا ويلقيها بمصرف فى الغربية    مجمع إعلام دمياط يطلق حملة "حمايتهم واجبنا" لتوفير بيئة آمنة للأطفال    المصريون بالرياض يدلون بأصواتهم في جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب 2025    تنظيم داعش يعلن مسئوليته عن هجوم استهدف دورية تابعة لقوات الأمن السورية في إدلب    محمود ناجي حكم ودية مصر ونيجيريا    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    وزارة الصحة تعلن الانتهاء من إجراءات تسجيل لقاح الانفلونزا للتصنيع المحلى    فيتش تشيد بجهود الحكومة المصرية في دعم الرعاية الصحية وتعزيز الحماية للفئات الأكثر احتياجًا    وزير قطاع الأعمال: التوافق مع آلية حدود الكربون الأوروبية يسهم في تعزيز الصادرات المصرية للأسواق الخارجية    المنوفية تنهى استعداداتها لانطلاق جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير الخارجية: مصر تدعم الدور المضطلع به البرلمان العربى    ضبط سائق نقل اصطدم بسيارة وفر هاربًا    ضبط محطة وقود غير مرخصة داخل مصنع بمدينة السادات    "الوزراء" يستعرض تفاصيل الخطة الحكومية لتطوير المنطقة المحيطة بالقلعة وأهم التحديات    تعليم القليوبية يحسم توزيع رؤساء لجان امتحانات الشهادة الإعدادية والتغطية الصحية    القبض على المتهمين بقتل تاجر ماشية في البحيرة    دار الكتب والوثائق القومية تنعى وزير الثقافة الأسبق محمد صابر عرب    وزيرة التضامن: إطلاق جائزتي الدكتور أحمد خليفة و"باحث المستقبل" باسم الدكتورة حكمت أبو زيد    "حقوق المرأة في التشريعات المصرية" ندوة توعوية بجامعة بنها    "فورين أفيرز": واشنطن تعيش وهم الطائرات بدون طيار مما يفقدها تفوقها الضئيل على الصين    شيكابالا ينشر فيديو تكريمه من رابطة جماهير الزمالك في قطر    التحقيقات الأولية . ابن روب وميشيل راينر المشتبه به الرئيسى فى حادث مقتلهما بلوس أنجلوس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    غدًا انطلاق اختبارات اختيار كوادر مدرسة الإمام الطيب لحفظ القرآن الكريم وتجويده    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    مخالفة للقانون الدولي الإنساني ..قرار عسكري إسرائيلي بهدم 25 مبنى في مخيم نور شمس شرق طولكرم    استشاري ينصح بتناول الشاي المغلي وليس الكشري أو الفتلة حفاظا على الصحة    إخماد حريق داخل عقار فى الهرم دون إصابات    الاثنين 15 سبتمبر 2025.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر للفتوى يوضح    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    «الأوقاف»: التثبت من الأخبار فريضة دينية وضرورة مجتمعية    ذكرى رحيل نبيل الحلفاوي.. رحلة فنان مثقف من خشبة المسرح إلى ذاكرة الدراما المصرية    فيتامين سي ودعم المناعة.. ما دوره الحقيقي في الوقاية وكيف نحصل على أقصى فائدة منه؟‬    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية في زيارة رسمية لمستشفى القصر العيني    مرشح اليمين المتطرف يفوز بالانتخابات الرئاسية في تشيلي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    كابال ينهي سلسلة 5 تعادلات.. يوفتنوس ينتصر على بولونيا في ريناتو دالارا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد رحيله.. «الفاعل» لحمدي أبو جليل: توظيف اللغة الخصبة للكشف عن عوالم مغايرة
نشر في الشروق الجديد يوم 11 - 06 - 2023

رحل عن عالمنا، صباح اليوم الأحد، الكاتب الروائى حمدى أبوجليل عن عمر يناهز ال57 عامًا.
شهد العام الماضي 2022 إصدار دار الشروق للكاتب الراحل، روايتا «لصوص متقاعدون» و«الفاعل»، وامتلك أبو جليل الجرأة الأدبية التى تمكنه من «سرد مغاير وطريقة متفردة فى الحكى وتدفق الأفكار ضمن نسيج روائى ممتع» هى الطريقة التى اعتمد عليها الكاتب حمدى أبو جليل فى بناء نموذج كتابته لروايته «الفاعل»، وهى التى صدرت فى طبعتها الأولى فى العام 2008 قبل أن تعيد دار الشروق طبعها فى العام 2022.
أحدثت رواية الفاعل موجة هائلة من الترحيب النقدى والاحتفاء الذى أظهره جمهور القراء والعديد من النقاد المتميزين وهو مايضاف إلى الكيفية التى تناول بها مجموعة من رموز الأدب سابقا رواية الفاعل والتى فازت بجائزة نجيب محفوظ فى العام 2008.
يطالعنا الكاتب حمدى أبو جليل فى بداية روايته بمجموعة متنوعة من رءوس الفصول التى شكلت قوام روايته المتميزة والتى بدأت ب«الملفات فى الرأس يا صديقى، قصة العائلة، الشاعر، مرورا بزيارة خافطة، الفاعل، خائن وعميل، وصولا إلى أصابع طويلة ناعمة، الدولاب، الموضوع يلزمه بعض التأمل».
♦ اللغة الخصبة
«دائما أحب البداية بما أظن أنه الأضعف، الأسوأ، أنا لخلل ما أعول فقط على النهاية الطيبة، تنقصنى فطنة قطف الشئ الأفضل أولا، إذا كان لدى كتابان، أبدأ بما أظن أنه الأضعف، وإذا جلست إلى مائدة طعام أخطط لأن تكون اللقمة الأخيرة هى ما أشتهيه حقا».. بتلك السلاسة الملحوظة تتدفق اللغة الخصبة تحت عنوان «الملفات فى الرأس يا صديقى»، مستعينا بمجموعة من التراكيب اللغوية التى تساعد على وصول معانى تعكس حالة من الثراء الأدبى.
ساهمت سهولة اللغة وسلالة الأسلوب الذى اتبعه حمدى أبو جليل فى استشعار القارئ أنه أمام رؤية متكاملة لكاتب عبر عن أحلامه كأفضل ما يكون من خلال اتباع طريقة مباشرة فى السرد حيث استطاع أن يخلق علاقة مبكرة بين القارئ والنص، من خلال لغة تتناسب تماما مع الصدق الفنى للعمل الذى يعبر عن عالم من العاملين المهمشين والمتأرجحين بين أقدار الحياة. لذلك وصفها الكاتب الكبير إبراهيم أصلان بأنها صنعت من نسيج ممتع صاحبه لغة خصبة ذات مذاق لا يخلو من خصوصية مبهجة وأن الكاتب حمدى أبو جليل نجح من خلال ثلاثين فثلا قصيرا فى استعراض عوالم متعددة عكست أحلام الأمة بأكملها.
♦ تفاصيل ثرية
«صنايعية دولاب سيد مطر من نواحى منيا السرج وشبرا بشكل عام، أحيانا كان ينضم إليهم صنايعية من الأقاليم، من الصعيد أو الدلتا ولكنهم كانوا يطفشونهم، يستخفون بهم ويضيقون عليها حتى يرحلوا».. جاء ذلك ضمن الفصل الذى أطلق عليه حمدى أبو جليل اسم «حمدى» حيث أورد أبو جليل أنه انجذب إلى هذا الاسم موضحا بين ثنايا نصوصه أنه «ليس حمد أو حامد أو حميد وإنما حمدى».
انغمس حمدى أبو جليل فى مجموعة مختلفة من الخبرات التى عبرت عن ما تم تسميته نقديا بأنه «قاهرة الفواعلية» وذلك وفق ما ورد فى حيثيات فوز الرواية بجائزة نجيب محفوظ، والتى جاء فيها أن الرواية تبنى قاهرة جديدة مغايرة، أنها «قاهرة الفواعلية» الذين شيدوها وبدلوا وجه الأطلس الأدبى المتعارف عليه إلى الأبد.
برع حمدى أبو جليل فى التعبير عن عالم جاءت معطياته من أحداث وعلاقات وشخوص انتموا إلى عالم الهدم والترميم والرمل والطوب وربطه بعالم روائى يندر مصادفته ضمن نصوص جاءت بمثابة مزيج مدهش بين الواقعية الشديدة والغرائبية الملموسة فى سرد الأحداث.
ساعدت الطريقة التى عبر بها حمدى أبو جليل عن العديد من «البوابين والفواعلية ومبيضى المحارة» على أن تصطحب القارئ فى رحلة شيقة ضمن عوالم تتعلق بالظروف الاجتماعية والتفاعلات السياسية والاقتصادية التى ألقت بظلالها على أعمق نقطة فى أحياء وشوارع العاصمة القاهرة.
تساعد التفاصيل الثرية، التى تتعلق ببنية المجتمع المصرى فى فترات سابقة، والكيفية التى تنقل بها أحد المنتمين إلى البدو من محافظة لأخرى، بطريقة تمكنك من رؤية المجتمع المصرى، وتحولاته، حيث نرى تكثيفا لجرعة التشويق فى العمل لخلق معامل لطبيعة المسارات الجغرافية التى تتفاعل خلالها تطورات ومستجدات الأحداث فى الرواية.
♦ عوالم مختلفة
«المعلم بكر من البلد، اسمه بالكامل بكر قرنى بيومى، وبدأ السفر لمصر من بدرى، وهو قصير ومدكوك ويرتدى دائما جلابية إسكندرانى بلياقة وعمامة ناصعة البياض، وفى الشتاء الشال الكشمير والعباية، وفى الحالتين الطاقية البيضاء المطوية تحت المخدة والحكاوى، الرغى المتواصل والقصص الأسطورية حول بطولاته وبطولات الآخرين، جاء إلى مصر نفرا عاديا فى الستينيات، ولكنه اشتغل واجتهد حتى تعلم صنعة البياض وعمل دولابا مشهورا، قوته عشرين مبيض محارة، ولا يشتغل إلا فى الأحياء الراقية، وكان يشتغل من الباطن مع مكتب هندسى بالمهندسين، وكان يكسب كثيرا، وسنحت له فرص لو توافرت لغيره لصار من الأثرياء».
تمكن الكاتب حمدى أبو جليل من امتلاك كافة الأدوات التى يمكن من خلالها إبداع نص متماسك، ونقل تجارب ذاتية فى إطار من الحكى الممتع والراقى، حيث تظن للوهلة الأولى أن عنوان الرواية قد يحيلك إلى حبكة بوليسية، قبل أن تكتشف أنها تتحدث عن «الفاعل»، الذى ينتمى إلى عالم «الفواعلية» والعاملين فى كل ما يتعلق ب«البناء، والتشييد»، وأحلامهم التى تتأرجح معهم صعودا وهبوطا خلال صعودهم وهبوطهم بشكائر الرمل والطوب والزلط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.