رأت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن الهجوم المضاد الأوكراني الذي طال انتظاره لن يكون بمثابة إعادة سهلة لما وصفته ب"انتصارات العام الماضي"، مرجعة السبب في ذلك إلى 3 متغيرات طرأت على ساحة الصراع. وأوضحت الصحيفة، في تحليل مطول، نشرته اليوم الخميس، أنه كان من السهل رصد مكاسب الهجمات المضادة العام الماضي، فبعدما ناورت أوكرانيا بقواتها خلسة بمنطقة خاركيف في سبتمبر، تمكنت من إخراج القوات الروسية التي كانت تتوقع بدء الهجوم المضاد على بعد مئات الأميال جنوب منطقة خيرسون. وأضافت: "أصيبت القوات الروسية بحالة ارتباك، ومع حالة الفوضى الاستراتيجية الناتجة عن ذلك، سرعان ما أُجبرت القوات الروسية على التراجع في الجنوب، لتحرر أوكرانيا في النهاية مدينة خيرسون والمنطقة المحيطة بها في نوفمبر". وتابعت: "ومع ذلك، تغير مشهد الحرب تغيرا جذريا منذ العام الماضي". وبحسب "واشنطن بوست"، هناك عدة أسباب في أن جهود هذا العام قد لن تكون تكرارا يسيرا للهجمات المضادة خلال العام الماضي. • تغير خريطة المعركة وأوضحت أن خريطة الحرب أعيد رسمها، لافتا إلى أن أوكرانيا، العام الماضي، تمكنت من استعادة أجزاء كبيرة من الأراضي في منطقة خيرسون، والضفة الغربية فقط من نهر دنيبرو. كما ذكرت أن هذا النهر يعمل بمثابة خط فاصل بين القوات الأوكرانية والقوات الروسية، قائلة إن عبور دنيبرو ممكن، حيث فعلت مجموعة صغيرة من الجنود الأوكرانيين ذلك بالفعل لكنه يمثل مشكلة تكتيكية كبيرة. وربما تفاقمت تلك المشكلة هذا الأسبوع بانهيار سد نوفا كاخوفكا الذي تسيطر عليه روسيا ومحطة الطاقة الكهرومائية، الأمر الذي أسفر عن فيضانات هائلة، وغمر المياه لآلاف المنازل. ورأت الصحيفة أن الفيضان أعاد بالفعل تشكيل ساحة المعركة، حيث قطع أحد الطرق القليلة المتبقية عبر النهر. وأضافت أنه في منطقة زابوريجيا، المساحات المسطحة نسبيا من الأراضي الزراعية، تشكل هدف مناسبا أكثر. ويتوقع كثيرون أن يقع الهجوم المضاد في هذا الاتجاه حيث يمكن أن يقطع "الجسر البري" المؤدي إلى شبه جزيرة القرم، التي تسيطر عليها روسيا منذ عام 2014. لكن، بحسب "واشنطن بوست"، تعلم روسيا هذا أيضًا وقضت شهورا تعمل على تعزيز التحصينات بالمنطقة من خلال الخنادق، وحقول الألغام والحواجز المضادة للدبابات. • أسلحة جديدة في ساحة القتال وذكرت الصحيفة أن هناك أسلحة جديدة بساحة المعركة، حيث أرسلت الولاياتالمتحدة كميات كبيرة من الأسلحة الجديدة إلى القوات الأوكرانية منذ نوفمبر الماضي، بما في ذلك مركبات المشاة القتالية "برادلي"، ودبابات القتال "أبرامز"، وأنظمة صواريخ "باتريوت" للدفاع الجوي. وسد الحلفاء، بحسب "واشنطن بوست"، الفجوة، حيث أرسل الحلفاء الأوروبيون دبابات "ليوبارد 2،" وأرسلت بريطانيا صواريخ "ستورم شادو" طويلة المدى. وأعطت الولاياتالمتحدة مؤخرا موافقتها على تزويد أوكرانيا بمقاتلات "إف-16"، وبالرغم من أنها مثل دبابات "أبرامز"، يرجح أن يستغرق الأمر عدة شهور حتى استخدامها. ورأت الصحيفة أن العديد من تلك الأسلحة سيمثل تغييرا لأوكرانيا، التي كانت تعتمد في بداية الصراع على معدات قديمة إلى حد كبير بتصميم من الحقبة السوفيتية، لافتة إلى أن القوات نفسها لا تقل أهمية؛ إذ أن وحدات مثل اللواء الميكانيكي المنفصل 47 الذي تم تشكيله حديثًا، ليس مسلحة بأسلحة غربية فحسب، بل مدربة أيضًا على التكتيكات العسكرية الغربية. • معضلة الروح المعنوية كما رجحت الصحيفة أن تكون الروح المعنوية مشكلة كبيرة لكلا الجانبين، إذ يعاني الجيش الروسي من مشاكل منذ بدء الحرب وهذه أحد أسباب الانسحاب المتسارع الذي شهده العام الماضي. وعدم بدء الهجوم الروسي الشتوي الذي كان مخططا له في وقت سابق من هذا العام، في حين أن المكاسب التي تحققت هي في أفضل الأحوال انتصارات "باهظة الثمن"، على حد تعبيرها. في المقابل، أشارت الصحيفة إلى أن الانقسامات في الروح المعنوية الأوكرانية محدودة، حتى بعد الانتكاسة التي حدثت في باخموت، لكنها نوهت بأن التوقعات بشأن الهجوم الأوكراني المضاد تثقل كاهل كييف، ما دفع وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، الشهر الماضي، للتحذير من "خيبة أمل عاطفية" إذا لم يتحقق شيء ضخم.