أسعار الذهب اليوم 16 إبريل في مصر عيار 21 "بيع شراء"بالمصنعية    دول المنطقة.. «تكون أو لا تكون»    الحقيقة والخيال فى فوز الزمالك على الأهلى..    ننشر نص الحكم على المتهمين ال 3 بقتل سائق توك توك بالدقهلية    طفطف سياحي وأتوبيسات.. رأس البرّ تستعد لاستقبال فصل الصيف    مشاهد مرعبة من فيضانات روسيا.. مدن تغرق ونزوح أهالي قرى بأكملها (فيديو)    أوبل تستبدل كروس لاند بفرونتيرا الجديدة    نادي مدينتي يستضيف بطولة الجمهورية للاسكواش بمشاركة 1500 لاعب    «رياضة القليوبية»: افتتاح منشآت جديدة بتكلفة 7 ملايين جنيه قريبا    رئيس «اقتصادية الشيوخ»: وحدات النصف تشطيب لا تتناسب مع معايير تصدير العقار    وزير التعليم يستقبل مدير عام منظمة الألكسو لبحث التعاون المشترك    مصرع طفل أثناء تعلم السباحة في المنيا    تعرف على نماذج البوكليت التجريبي لطلاب الثانوية الأزهرية    الخميس.. "بأم عيني 1948" عرض فلسطيني في ضيافة الهناجر    في روشة ميكانيكا.. سهر الصايغ تبدأ تصوير مشاهد اتنين × واحد.. صور    خالد الجندي: الأئمة والعلماء بذلوا مجهودا كبيرًا من أجل الدعوة في رمضان    احتفالية الصحة باليوم العالمي للهيموفيليا بالتعاون مع جمعية أصدقاء مرضى النزف    محافظ بني سويف يعتمد مواعيد امتحانات نهاية العام الدراسي    الهند تدعو إلى اتخاذ إجراء حاسم بشأن إصلاح مجلس الأمن الدولي    مانشستر سيتى يستعيد ووكر ودياز وأكى قبل قمة ريال مدريد فى دورى الأبطال    تحسين معيشة المواطن وزيادة الإنتاجية.. وكيل "قوى عاملة النواب" توضح مستهدفات الموازنة الجديدة    عاجل- عاصفة رملية وترابية تضرب القاهرة وبعض المحافظات خلال ساعات    بسبب غيابهم.. إحالة أطباء بوحدة صحية في الوادي الجديد للتحقيق    الأسبوع المقبل|فصل الكهرباء 6 ساعات لمدة 4 أيام عن عدة مناطق ببني سويف    لأول مرة.. انطلاق تدريب لاستخدام المنصة الرقمية لرصد نتيجة المسح القرائي ببورسعيد    بالصور.. الفنانة دعاء رجب تحتفل بخطوبتها على النيل    ريهام حجاج عن انتقادات مسلسلها «صدفة»: «مش كل الناس اتفقت على ربنا»    «مالمو للسينما العربية» يُكرم المخرج خيري بشارة.. و4 نجوم في ضيافته (تفاصيل)    مانشستر يونايتد يدخل صراع التعاقد مع خليفة تين هاج    بعد تحذيرات العاصفة الترابية..دعاء الرياح والعواصف    عالم بالأوقاف: يوضح معني قول الله" كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ"؟    سوبر هاتريك «بالمر» يشعل الصراع على الحذاء الذهبي    وداعًا للكوليسترول- خبير تغذية: هذا النوع من التوابل قد يعالجه    في فصل الربيع.. كل ما يخص مرض جفاف العين وكيفية العلاج (فيديو)    وزير الخارجية ونظيره الصيني يبحثان تطورات الأوضاع في قطاع غزة ومحيطها    الحرية المصري يشيد بدور التحالف الوطني للعمل الأهلي في دعم المواطنين بغزة    وزير التعليم: مد سن الخدمة للمُعلمين| خاص    جامعة الإسكندرية تتألق في 18 تخصصًا فرعيًا بتصنيف QS العالمي 2024    فى ذكرى ميلاده.. تعرف على 6 أعمال غنى فيها عمار الشريعي بصوته    فصل التيار الكهربائي "الأسبوع المقبل" عن بعض المناطق بمدينة بني سويف 4 أيام للصيانة    سلوفاكيا تعارض انضمام أوكرانيا لحلف الناتو    وزير الأوقاف: إن كانت الناس لا تراك فيكفيك أن الله يراك    «الأهلي مش بتاعك».. مدحت شلبي يوجه رسالة نارية ل كولر    هل يجوز العلاج في درجة تأمينية أعلى؟.. ضوابط علاج المؤمن عليه في التأمينات الاجتماعية    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من أبريل 2024: فرص غير متوقعة للحب    توفير 319.1 ألف فرصة عمل.. مدبولي يتابع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    مستشار المفتي من سنغافورة: القيادة السياسية واجهت التحديات بحكمة وعقلانية.. ونصدر 1.5 مليون فتوى سنويا ب 12 لغة    صداع «كولر» قبل مواجهة «وحوش» مازيمبي في دوري أبطال إفريقيا    طلبها «سائق أوبر» المتهم في قضية حبيبة الشماع.. ما هي البشعة وما حكمها الشرعي؟    "التعليم" تخاطب المديريات بشأن المراجعات المجانية للطلاب.. و4 إجراءات للتنظيم (تفاصيل)    رئيس جهاز العبور يتفقد مشروع التغذية الكهربائية لعددٍ من الموزعات بالشيخ زايد    المؤبد لمتهم و10 سنوات لآخر بتهمة الإتجار بالمخدرات ومقاومة السلطات بسوهاج    ميكنة الصيدليات.. "الرعاية الصحية" تعلن خارطة طريق عملها لعام 2024    جوتيريش: بعد عام من الحرب يجب ألا ينسى العالم شعب السودان    «الصحة» تطلق البرنامج الإلكتروني المُحدث لترصد العدوى في المنشآت الصحية    «لا تتركوا منازلكم».. تحذير ل5 فئات من الخروج خلال ساعات بسبب الطقس السيئ    أيمن دجيش: كريم نيدفيد كان يستحق الطرد بالحصول على إنذار ثانٍ    دعاء السفر قصير: اللهم أنت الصاحبُ في السفرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النيوليبرالية.. كسبب لمرض الوحدة النفسية
نشر في الشروق الجديد يوم 07 - 06 - 2023

منذ بضعة أسابيع كتبت مقالا عن الانتشار المتسارع لوباء مرض الشعور بالوحدة والغربة النفسى ووعدت بالدخول فى تفاصيل مسبباته وآثاره. ولقد اضطرتنى الأحداث الجديدة المتسارعة فى الوطن العربى للكتابة عنها وتأجيل متابعة الموضوع.
نبدأ اليوم بإبراز أحد أهم مسببات ذلك الشعور النفسى، وعلى الأخص انتشاره فى أوساط الشباب والشابات، بما فيهم العرب.
إنه ترسيخ ونشر وتزيين مبادئ ومنهجيات الفلسفة السياسية النيوليبرالية العولمية وتطبيقاتها فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية على الأخص. هذه الفلسفة التى تمجد بصور جنونية كل أنواع الحرية: حرية الاختيار، حرية الأسواق، حرية عدم الانصياع لأية توجيهات أو تدخلات حكومية أو نقابية أو حزبية أو حتى عائلية فى حياة الفرد والمجتمع.
وبالتالى، ركزت على تمجيد استقلال الفرد عن أى ارتباط أو مسئولية، إلا مصلحته الشخصية، وعلى تمجيد الحكومة الصغيرة المحدودة المسئوليات، وبالتالى خصخصة كل الخدمات الاجتماعية والحقوقية، وعلى تمجيد التنافس إلى حدود المرض واللا قيم وتدمير الخصم، وعلى تمجيد الخروج على/ وإسقاط كل سلوك مجتمعى، حتى ولو كان على حساب التاريخ والهوية والقيم الدينية الأخلاقية.
وبالطبع لعب الإعلام غير الملتزم، والخادم للمصالح، فى تمجيد أبطال تلك الفلسفة من أمثال، مارجريت تاتشر ورونالد ريجان ورافعى شعار الطريق الثالث من أمثال، بلير وكلينتون ومدرسة شيكاغو الشهيرة وغيرهم من الأبواق ومروجى الصراعات العبثية.
من هنا بدأت مشاعر الوحدة النفسية عند الملايين. فالرأسمالية النيوليبرالية قادت إلى مجموعة صغيرة بالغة الغنى وعيش الترف، بينما وجدت الأغلبية الفقيرة المهمشة نفسها معزولة ومحرومة، وبالتالى فى عزلة عن كل ما يجرى من حولها، بل وموصوفة بأنها فاشلة وغير صالحة لأية منافسة.
ولما كانت الفلسفة النيوليبرالية قد شددت على الفردية الشبه مطلقة فقد الارتباط والتعاطف مع الفقراء، وفقد التعاطف الحكومى معه، وفقد الترابط المجتمعى التاريخى مع الأسرة والجار والحارة والنقابة والحزب وحتى صاحب مصدر الرزق، ودخل عالم الشعور بالوحدة الوجودية التى لا معنى ولا هدف لها، بل ولا حتى أمان وسكينة فيها.
كان كل ذلك تتويجا لما قاله رونالد ريجان فى ثمانينيات القرن الماضى: «إن الكلمات التسع المزعجة فى اللغة الإنجليزية هى القول بأننى من الحكومة وأننى هنا لأساعد من يحتاج».
كانت كلمتا الحكومة ومساعدة الآخرين موبوءتين فى قاموس النيوليبرالية.
وكان تتويجا لما قالته مارجريت تاتشر لشعبها ما معناه: لا يوجد شىء اسمه نقابة أو عائلة أو مجتمع، بل يوجد فقط فرد مستقل مسئول عن نفسه، ولا توجد وسيلة لتغيير القلوب والنفوس إلا الاقتصاد.
فجأة وجد العالم نفسه فى داخل دوامة النيوليبرالية على أوسع نطاق عندما تبنى السياسيون المسئولون شعارات مؤيدة من مثل التفتيش عن المصلحة، أو عقلية الكلب الذى يأكل الكلب، أو أن الطمع صفة حميدة، أو أن الاستهلاك الفردى النهم يخدم المجتمع والاقتصاد، أو أن كلمات التضامن والتعاطف مع الآخرين هى كلمات من خارج العصر الذى نعيش. وبدأت البرلمانات والحكومات تبشر بمجىء الإنسان الجديد: إنسان الاقتصاد (HOMOECONOMICUS) بدلا من الإنسان الكائن العاقل.
بتساقط أو ضعف العلاقات الاجتماعية، علاقة بعد علاقة، وصعود الفردية المادية الاستهلاكية العبثية، كان طبيعيا أن يشعر إنسان العصر، وعلى الأخص شاباته وشبابه، المتطلعين إلى حياة رفقة إنسانية بشتى أشكالها الأسرية والاجتماعية والثقافية والروحية، أن يشعر بالوحدة الوجودية، بل وأن يتساءل إن كانت هذه الحياة تستحق أن تصان وأن يشقى الإنسان من أجلها.
لذا، لن تقف مشاعر الوحدة عند تلك الحدود، إذ شيئا فشيئا ستقود إلى أمراض نفسية وعقلية وجسدية بالغة الخطورة، وسنحاول الإشارة إلى أخطرها فى كتابات مستقبلية.
لكن دعنا نذكر أنفسنا بأن ليس المهم هو الوصف والتشخيص وحتى العلاجات للكثير من المحن التى يواجهها إنسان العصر. إنما المهم هو الإشارة إلى أسبابها الحضارية الخاطئة والنضال لمواجهة تلك الأسباب ودحر الذين من ورائها.
ستكون كارثة لو أننا أضعنا الوقت فى التشخيص وأهملنا الأسباب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.