اعتبرت صحيفة "جارديان" البريطانية، أن التسريب الأخير لأكثر من 100 وثيقة دفاع أمريكية سرية يمكن أن يكون مجرد "بداية خيط" لمجموعة من المواد التي بدأ تداولها قبل فترة طويلة من ملاحظتها على نطاق واسع. وقالت الصحيفة، في تقرير لها أمس الاثنين، إن الكشف عن مواد سرية للغاية يمثل بالفعل أسوأ خرق للأمن القومي لواشنطن منذ سنوات عديدة، بما في ذلك تفاصيل حول افتقار أوكرانيا للذخيرة، وطرق جمع المعلومات الاستخبارية الأمريكية المستخدمة ضد روسيا، والأدلة المحرجة التي تشير إلى تجسس الولاياتالمتحدة على حلفاء مقربين مثل أوكرانيا وكوريا الجنوبية وإسرائيل. ويشير المحللون إلى أن الضرر اللاحق بالولاياتالمتحدة قد يزداد سوءا. وأوضح التقرير، أن موقع الصحافة الاستقصائية "بيلنجكات" تعقب التسريبات وصولا إلى سلسلة من القنوات التي تستخدمها مجتمعات مختلفة على الإنترنت، تتضمن في الغالب مراهقين ذوي اهتمامات مختلفة تتنوع بين المعدات العسكرية والموسيقى وألعاب الفيديو، وجميعهم يستخدمون تطبيق "ديسكورد". وأبلغ عدد من مستخدمي تطبيق "ديسكورد" موقع "بيلنجكات"، بأن المصدر الرئيسي للتسريب كان خادماً يستخدمه 20 شخصا فقط، يحمل أسماء مختلفة، أبرزها "Thug Shaker Central"، أنشأه متابعو نجم يوتيوب يسمى "Oxide"، ينشر فيديوهات عن الأسلحة والأدوات العسكرية الأخرى. وقالت تلك المصادر، إن أول تسريبات هذا الخادم يعود إلى أكتوبر الماضي، ويتضمن وثائق أكثر بكثير من الوثائق التي سلط عليها الضوء حتى الآن. ولم تنتشر الوثائق خارج خادم "Thug Shaker Central" حتى أواخر فبراير الماضي، عندما بدأ أحد مستخدمي قناة "bear vs pig" (الدب مقابل الخنزير)، وهو مراهق يحمل اسم لوكا، في نشر 107 وثائق مصورة على خادم يستخدم على نطاق أوسع ويحمل اسم "WowMao"، ويستخدمه عشاق نجم يوتيوب فلبيني يعيش في بريطانيا ويشتهر بنشر الفيديوهات التي تتناول في الغالب التاريخ الأوروبي والآسيوي. وأخبر مؤسس خادم "Thug Shaker Central"، الذي حذف منذ الكشف عن التسريبات، وأيضاً اثنان من مستخدميه السابقين، موقع بيلنجكات، بأن الملفات المنشورة على خادم "WowMao"، ليست إلا "بداية الخيط" مقارنة بكمية الوثائق التي حملت في الأصل. بدوره، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي: "لا نعرف ما الذي يوجد هناك. لا نعرف من المسئول عن هذا، ولا نعرف ما إذا كان لديهم أكثر مما يعتزمون نشره"، مضيفا: "نراقب الوضع بأفضل ما نستطيع". وأضاف كيربي، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن أُبلغ بهذه التسريبات أواخر الأسبوع الماضي وتم إطلاعه على التطورات، مؤكدا أنه يجري التشاور مع حلفاء واشنطن. وتكشف إحدى الوثائق، المؤرخة في 23 فبراير الماضي، بالتفصيل كيف سيتم استنفاد أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية "إس- 300" من الحقبة السوفيتية بحلول 2 مايو المقبل إذا استمر معدل الاستخدام الحالي، ومن غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا قد غيرت منذ ذلك الحين معدل استخدام صواريخ "إس- 300"، أو ما إذا تم تجديد المخزونات، أو ما إذا كانت تعتمد الآن بشكل أكبر على أنظمة أخرى مضادة للطائرات. بدورها، نفت أوكرانيا، أمس الاثنين، تقريرا مفاده أنها اضطرت لتعديل بعض الخطط العسكرية قبل هجوم مضاد طال انتظاره بسبب التسريبات. وقال مساعد الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك، إن خطط كييف الإستراتيجية لم تتغير، لكن التكتيكات المحددة كانت دائما عرضة للتغيير. من جهته، أكد مصدر دفاعي بريطاني أن الوثائق التي تزعم أن طائرة مقاتلة روسية كادت أن تسقط طائرة استطلاع بريطانية قبالة ساحل شبه جزيرة القرم في سبتمبر الماضي "تحتوي على معلومات غير دقيقة ولا تعكس ما حدث في المجال الجوي الدولي فوق البحر الأسود". وأشارت الوثيقة الاستخباراتية المسربة إلى "شبه إسقاط طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني فوق البحر الأسود". وكان وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، قد كشف عن هذا الحادث للبرلمان البريطاني في أكتوبر الماضي، قائلا إن بريطانيا لا تعتبر القضية تصعيدا متعمدا، لكنها كانت بسبب عطل فني، متهما موسكو ب"التصرف بتهور".