يعد دير سانت كاترين، أيقونة التسامح والوحدة الوطنية على أرض جنوبسيناء، ليس لكونه يحتوي على الكنيسة الكبرى والمسجد الفاطمي فقط، وإنما يتعايش داخله رهبان الدير مع مسلمي قبيلة الجبالية التي توارث أبنائها مهنة حماية الدير، ويحملون مفاتيح أبوابه، بجانب أنه يستقبل السائحين من مختلف العالم ومختلف الديانات، وشاهد على إقامة الطقوس الدينية المسحية، والصلوات الإسلامية. وقال اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء، إن لدير سانت كاترين قدسية خاصة، ويعد أثر تاريخي مصري عالمي، لكونه من المعالم السياحية الهامة عالميًا، سواء من الناحية الدينية أو على مستوى التراث الإنساني، وفيه يلتقي المسلم والمسيحي، ومعتنقي الأديان، والجميع يشعر فيه بروحانيات وقدسية غير عادية، تجعل السلام والمحبة تعم الجميع. وأوضح محافظ جنوبسيناء، في تصريح ل"الشروق"، أن الدير يضم كنيسة تجلي السيد المسيح، والتي تضم 9 كنائس صغيرة إحداهما الكنيسة المحترقة التي تكلم عندها الله مع النبي موسى، و10 كنائس أخرى، ومسجد فاطمي من القرن الثاني عشر الميلادي، وهذا دليل على قمة التسامح والتعايش الذي يعيشه الشعب المصري منذ قرون، ويضم الدير كنيسة الجماجم "عظام الموتى"، ومكتبة عالمية تضم كتبًا نادرة و6000 مخطوطًا، وأماكن لإقامة الرهبان، وقاعة للطعام، ومعصرة زيتون. وأكد أن لدير سانت كاترين مكانة وقدسية عالمية لدى الجميع؛ لذا يجري حمايته على أعلى مستوى، والاعتناء بالرهبان داخل الدير، من خلال تقديم الدعم لهم، خاصة أن علاقة رهبان الدير بأهالي سانت كاترين طيبة للغاية، فهم يحرصون على تبادل الزيارات والهدايا فيما بينهم، بجانب أن رهبان الدير يحرصون على مشاركة أهالي المدينة في المناسبات الدينية، ومن أهمها تنظيم إفطار الوحدة الوطنية خلال شهر رمضان المبارك، والذي يحضره قيادات من رجال الدين المسلمين والمسحيين، وعواقل ومشايخ بدو مدينة سانت كاترين. وعلى جانب آخر، قال سليمان الجبالي من قبيلة الجبالية الخاصة بحماية الدير، إن دير سانت كاترين يعد شاهدًا على الوحدة الوطنية ليس بين مسلمي وأقباط مصر فقط، بل بين البشر من مختلف الجنسيات والديانات، فهو يفتح أبوابه لاستقبال الجميع، ويعطي لكل زائر حرية ممارسة طقوسه الدينية الخاصة به، دون أي تدخل من أحد؛ لذا فهو يعطي نموذجًا يحتذى به في التسامح والتعايش، خاصة أن الرهبان يقومون بأداء الصلوات داخل الكنيسة، والمسلمين يؤدون الصلاء في المسجد داخل الدير، وقد يتفق موعد الأذان مع موعد أجراس الكنيسة في سمفونية للتسامح. وأكد "الجبالي"، أن دير سانت كاترين قائم على حالته منذ سنوات عدة، ولم يتأثر بعوامل التعرية، ولم تنقطع فيه الصلوات منذ القرن السادس الميلادي حتى اليوم، وذلك على الرغم من أن أغلب الأديرة حول العالم دمرت خلال الحروب العالمية "الأولى والثانية"، ويعد لك أكبر دليل على الأمن والاستقرار التي تنعم به مصر على مر العصور. وأوضح أن بدو قبيلة الجبالية المسلمين هم المسئولين عن حماية الدير منذ القدم، وهم حملة مفتاح باب الدير، ومازال رجال القبيلة يتناوبون على حمايته، وحماية ما يحتويه من كنوز ومقتنيات ثمينة، ويشهد التاريخ أن بدو قبيلة الجبالية كانوا أمناء على الدير، مشيرًا إلى توريث خدمة الدير من الأجداد إلى الأبناء. وأكد أن كلًا من بدو مدينة سانت كاترين، وكهنة ورهبان الدير يعملون على خدمة الدير والحفاظ عليه، لاستمرارية فتح أبوابه أمام الجميع دون النظر للديانة، مشيرًا إلى أنه الأمبرطور البيزنطي جستنيان الأول، أنشاء الدير لإيواء الرهبان الذين كانوا يعيشون في شبه جزيرة سيناء منذ القرن الرابع الميلادي، وبعد إنشائه مباشرًا جلب حراسا لحمايته بحكم تواجده في منطقة صحراوية، ثم استعان بعد ذلك ببدو المنطقة الممثلين بقبيلة الجبالية لحماية الدير.