انتقد تقرير صدر حديثا من معهد كارنيجى للسلام الدولى سياسة الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، معتبرا أنها تنطوى على الكثير من الإشكاليات، وليست ناجحة على الإطلاق، وطارحا ثلاثة سيناريوهات لمستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. وقال التقرير: لقد وصلنا إلى وضع صعب، فأفضل ما تستطيع إدارة أوباما القيام به هو ترتيب محادثات غير مباشرة من خلال دبلوماسية مكوكية فعالة، بحيث ينقل المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط جورج ميتشيل الرسائل بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى، وهو ما يعود بالساعة الدبلوماسية 20 عاما. وشدد على أنه على الإدارة الأمريكية أن تقرر إلى أى مدى ستصعد من المواجهة مع الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو بعد إعلان خطتها لبناء 1600 وحدة استيطانية جديدة فى مدينة القدسالمحتلة خلال زيارة جوزيف بايدين نائب الرئيس الأمريكى إلى إسرائيل منتصف الشهر الحالى. وذهب إلى أنه من الصعب أن «تفى الحكومة الإسرائيلية، أو بالأحرى أى حكومة إسرائيلية، بالمطالب الأمريكية بوقف الاستيطان فى القدسالشرقية». وبناء عليه، وضع التقرير ثلاثة سيناريوهات للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وهى: أن تشهد برودا وتدهورا مؤقتا، أو أن يتراجع أوباما عن موقفه الضاغط على إسرائيل، وهو ما سيلحق ضررا كبيرا بسمعة إدارته فى الشرق الأوسط، بل وفى جميع أنحاء العالم. أما السيناريو الأخير، وهو الأقل توقعا، فهو أن تصعد إدارة أوباما من لهجتها الحادة، ما قد يكون له تداعيات سياسية سلبية على الداخل الإسرائيلى بما يزعزع استقرار حكومة نتنياهو الائتلافية. وأضاف التقرير أنه: «من البداية ثمة فتور بين إدارة أوباما والحكومة الإسرائيلية، فالإسرائيليون يشعرون أن أوباما لا يظهر اهتماما كافيا بمخاوفهم، إذ لم يزر بلدهم، ولم يتحدث إليهم مباشرة، ويحاول إقناع حكومة نتنياهو بتجميد الاستيطان والمضى قدما فى المحادثات مع الفلسطينيين.. يشعرون أنه يبذل الكثير من الجهد للتقارب مع العالم الإسلامى، والفلسطينيين خاصة.. للأسف، فى هذه المرحلة ينظر الإسرائيليون إلى الإدارة الأمريكية بدون قدر كبير من الثقة والاحترام». ورأى أنه «فى ظل عدم اهتمام الحكومة الإسرائيلية بإجراء محادثات جادة مع الفلسطينيين، والضعف السياسى الاستثنائى الذى تمر به القيادة الفلسطينية، فمن الصعب توقع حدوث انفراجة قريبا»، متفقا مع ما خلص إليه تقرير كارنيجى من اهتزاز سياسة أوباما فى ملف الصراع الإسرائيلى الفلسطينى، قال الكاتب والمحلل السياسى الفلسطينى الدكتور أنطوان شلحت: «حتى الآن هذا التقييم صحيح؛ لأن إدارة أوباما بدأت فى ممارسة قدر كبير من الضغوط على حكومة نتنياهو لتجميد الاستيطان تماما، تم تراجعت عن موقفها بشكل كبير، ما فتح شهية نتنياهو للتمادى فى بناء المستوطنات». وشدد د. شلحت فى تصريحات ل«الشروق» عبر الهاتف على أن «القراءة الدقيقة للأحداث تبين أن نتنياهو نجح فى لى ذراع الرئيس الأمريكى فى قضية المستوطنات». غير أنه لفت إلى أن «ضغوط أوباما على نتنياهو كانت فى حدها الأدنى نظرا لانشغال إدارته بقضايا داخلية، منها نظام الرعاية الصحية وتداعيات الأزمة المالية العالمية، وأتوقع أن نكون على أعتاب مرحلة جديدة بعد تحرر الإدارة نسبيا من المشكلات المحلية، لكن ليس بوسع أحد التنبؤ بملامح المرحلة المقبلة».