الراويات والحكايات جزء أصيل من ثقافتنا، ويجلس الجميع أمام المقاهي يستمعون لحكايات أبوزيد الهلالي والزير سالم، وكان الأطفال يجتمعون لكي يسمعون قصص الجدة في الدار. وفي رمضان تجتمع الأسر حول الحكايات الدرامية وأمام الفوازير، الحكاية تجذب الكثيرين، لذلك نقدم في سلسلة مكتوبة خلال شهر رمضان الكريم مجموعة من الحكايات التي تتعلق بالحضارة المصرية القديمة وتحديداً عن تفاصيل الحياة اليومية. الحكاية الأولى.. من الطقوس الشهيرة قبل بداية شهر رمضان صناعة الزينة التي يتم تعليقها في الشوارع والمنازل، وأحيانا في البيئة الريفية كانت الأمهات والأطفال يستخدمون النشا لصناعة مادة لاصقة لتشكيل أوراق الزينة ولصقها ببعضها البعض، ويعود استخدام مادة النشا إلى المصري القديم، الذي وظف الكثير من موارد الطبيعة لصناعة المواد اللاصقة في حياتهم اليومية. وفي كتاب "المواد والصناعات عند قدماء المصريين"، تأليف ألفريد لوكاس، وترجمة دكتور زكي إسكندر، وإصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب، يتحدث لوكاس عن تفاصيل المواد في حياة المصري القديم، وفي الفصل الأول ذكر مادة النشاء، وقال: "النشاء المصنوع من أفخرأنواع دقيق الحنطة -القمح- ممزوجاً بالماء المغلي كان يستعمل في صناعة ورق البردي، ولكننا نعلم أنه لا يلزم في عمل صفائح البردي الصغير ماد لا صقة، إذ أن عصارة النبات نفسه تقوم بالعملية، ولكن كان لصق الصفائح الصغيرة بعضها ببعض فمن المحتمل أن يكون النشا استخدم لهذا الغرض". ومن المواد الطبيعية الأخرى التي استخدمت في اللصق داخل الصناعات المصرية القديمة، شمع العسل، حيث كان يستعمل في التصوير وفي طلاء التصاوير، وكان يستخدم في التحنيط وبناء السفل وصنع تماثيل، واستخدم في وقت متأخر جداً في الحضارة في تغطية سطح لوحات الكتابة، وإحكام سد أغطية الأواني في المنزل، إذ وجدت 5 أوان مرمرية سداداتها مثبتة بهذه الوسيلة في مقبرة توت عنخ آمون، كما وجد شمع العسل أيضاً على عدة أغطية من المرمر في نفس المقبرة، ولم يعثر على أوانيها، كما وجد شمع لعسل مستخدماً في تبيت أسنان صوانية في مواضعها بمنجل صغير من الأسرة ال18. كما كان يستخدم ملح الطعام "كلوريد الصوديوم"، في صناعة الطبقة الرابطة في الجسم الداخلي للُب القيشاني، ويقصد به ما صنع من مسحوق الكوارتز المزجج أو الأشياء السيليكة المزججة ويتكون من لب داخلي مكسو بطلية تزجيج قوية ويرجع تاريخه من عصر ما قبل الأسرات إلى العهد المتأخر ويوجد منه ألوان مختلفة، ويوجد في متحف سان برناردينو في كاليفورنيا بالولايات المتحدةالأمريكية مجموعة من التمائم المصنوعة من القيشاني المزجج التي عثر عليها داخل تابوت خشبي ترجع إلى العصر المتأخر بحسب ما ورد في كتاب الألوان في مصر الفرعونية. وترجح بعض الأدلة الأخرى التي ذكرها لوكاس إلى توظيف زلال البيض كمواد لاصقة في صناعات مختلفة في حياة المصري القديم، ولكن هناك شكوك نحو ذلك لأنه من الصعب التأكد من المادة نظراً لتعرض التحف والآثار الفرعونية إلى ملايين من عوامل التعرية ومرور آلاف السنين عليها.