الرئيس السيسي: مشاكل الدول لا تنتهي.. وأقول للشباب: غيروا للأفضل وحسنوا أدائكم    «رئيس الوزراء»: 859 شكوى تلقتها وزارة النقل من الموطنين خلال سبتمر    وزير العمل: استمرار الاختبارات للمتقدمين للعمل في لبنان بقطاع المطاحن    محافظ أسيوط: تنسيق «مصري– إيطالي» لدعم التنمية الريفية بالمحافظة    أسعار الخضروات اليوم الأربعاء 8 أكتوبر في سوق العبور للجملة    البورصة المصرية تستهل 8 أكتوبر بتباين كافة المؤشرات    هجوم دموي على قافلة عسكرية باكستانية قرب الحدود الأفغانية يسفر عن مقتل 11 جنديًا    بن جفير يقتحم الأقصى مجددًا وسط توتر أمني في عيد العرش اليهودي    توجيه رئاسي بإطلاق اسم الدكتور أحمد عمر هاشم على مسجد وطريق ومحطة قطار    استعدادا لاستضافة الألعاب الإفريقية| اجتماع تحضيري بين وزير الرياضة مع "الأنوكا" و"الأوكسا"    بعثة رجال يد الأهلي تغادر إلى المغرب للمشاركة ببطولة إفريقيا    بحوزتهم طن مخدرات.. مصرع 5 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق النار مع الشرطة    سفير بولندا: سعداء بفوز العناني برئاسة اليونسكو ونعتبره خبيرا عالميا    ليلى أحمد زاهر تخطف الأنظار بإطلالة كاجوال من سيارتها    محافظ الدقهلية يثني على الجهود المبذولة بمستشفى الصدر وأداء الأطقم الطبية والعاملين بها .    قافلة «حياة كريمة» تقدم خدماتها الطبية بالمجان للمواطنين بقرية صندفا ببني مزار    بوتين: الجيش الروسي سيطر على نحو 5 آلاف كيلومتر إضافية في أوكرانيا خلال 2025    إدخال 16 شاحنة نقل مياه و5 سيارات إسعاف إماراتية من معبر رفح إلى غزة    8 أكتوبر 2025.. الدولار يستقر أمام الجنيه عند أدنى مستوياته خلال 16 شهرا    الصحة: تنفيذ 348 مشروعًا لتطوير المستشفيات ب 27 محافظة    الدنماركي جيس ثورب مديراً فنياً للأهلي.. والإعلان خلال ساعات    اليوم.. الأهلي يعود للتدريبات استعدادا لمواجهة أيجل البوروندي    رئيس هيئة الشراء الموحد يبحث مع مستشار الرئيس للصحة الموقف التنفيذي لمشروع «المخازن الاستراتيجية»    الأرصاد: اليوم أمطار خفيفة إلى متوسطة على بعض المناطق    السيسي يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على أحد المساجد والطريق بين القاهرة الجديدة والأوسطي    مديرة مدرسة تثير الغضب، رفضت دخول طالبة إلى فصلها وأجبرتها على نظام البكالوريا (فيديو)    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بالطريق الحر بالقليوبية    ميناء دمياط يستقبل 30 سفينة متنوعة اليوم    الزعيم والعلامة.. الرئيس السيسى يوجه بإطلاق اسم أحمد عمر هاشم على أحد مساجد الزقازيق    وفاة الكوميديان الكوري جونج سي هيوب عن عمر يناهز 41 عامًا    ميكانيكية «الضوء» على خشبة المسرح    عروض فنية وندوات ثقافية.. احتفالات متنوعة نظمها قطاع المسرح في ذكرى النصر    داوني جونيور وتوم هولاند يروجان لشركتهما التجارية في إعلان جديد (فيديو)    في ذكرى رحيله، شادي عبد السلام عبقري السينما المصرية الذي سبقه الزمن ورفض أن يساوم على التاريخ    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في محافظة الأقصر    جامعة حلوان تعلن نتائج جائزة التميز الداخلي وتكرم الكليات الفائزة    من داخل الطائرة الانتحارية    دراسة تحذر: تناول علبة مشروبات غازية يوميًا يرفع خطر الإصابة بمرض كبدي خطير ب60%    وحدة أورام العيون بقصر العيني تقدم خدمات تشخيص وعلاج متكاملة بالمجان    «الاعتماد والرقابة» تستقبل وفدًا لبنانيًا للاطلاع على التجربة المصرية في تطبيق التأمين الشامل    سمير عمر: مصر تقود جهود الوساطة منذ أوسلو وترحب بالدور القطري والتركي والأمريكي    زحام من المرشحين على أسبقية تقديم أوراق انتخابات مجلس النواب بالأقصر    توقف قطار بسبب مشاجرة بين عائلتين في دشنا بقنا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    تزوجت بقصد الإنجاب عبر الحقن المجهرى دون جماع والطلاق بعده.. ما حكم الدين    صافرة مصرية تدير أولمبيك اسفي المغربي الملعب التونسي في الكونفيدرالية    بعد "الصمود"، إسرائيل تستعد لاعتراض "أسطول الضمير" قبل وصوله إلى غزة الليلة    «كنت أسير خلفه».. كيف بشر نبي الله الراحل أحمد عمر هاشم بمستقبله    ترحيل عصام صاصا وآخرين لقسم شرطة دار السلام بعد إخلاء سبيلهم    اعرف اسعار الدواجن اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    ابنة أحمد راتب: أشهد الله أنك يا حبيبي تركت في الدنيا ابنة راضية عنك    نائب رئيس الزمالك: «مفيش فلوس نسفر الفرق.. ووصلنا لمرحلة الجمود»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    افتتاح أول نادي للفتيات بالرزيقات قبلي بالأقصر.. خطوة جديدة نحو تمكين المرأة في الصعيد    «تعابين متعرفش تمسكها».. 3 أبراج بارعة في الكذب    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    عاجل- قوائم تبادل الأسرى تكشف أسماء بارزة.. ومصر تكثف تحركاتها لضمان نجاح اتفاق خطة ترامب وتهدئة الأوضاع في غزة    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الذكاء الاصطناعى والسؤال الأخلاقى
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 02 - 2023

نشرت صحيفة الخليج الإماراتية مقالا للكاتبة عائشة عبدالله تريم تقول فيه إن الاختراعات العصرية لها بدايات تاريخية تمكننا من دراستها، بينما الذكاء الاصطناعى لا نملك له سابقة تاريخية لتصور ما سيكون عليه شكله مستقبلا، وكيف سيؤثر على البشرية. كل ذلك يضعنا أمام عدة تساؤلات أخلاقية منها؛ ما مدى حيادية ومصداقية المعلومات الصادرة من تطبيقات الذكاء الاصطناعى؟ وهل يمكن اعتبار هذه التكنولوجيا مقياسا لإصدار أحكام أخلاقية؟.. نعرض من المقال ما يلى.
لقد استهل هذا العام رحلته بمفهوم تقنى جديد يبدو أنه سرعان ما سيصبح أمرا محتوما فى واقعنا. كثيرا ما كنا نعاين فكرة الذكاء الاصطناعى والشكل الذى يمكن أن يصبح عليه، وتوقفنا كثيرا عند الأسباب النظرية وراء هذا الابتكار والتحولات التى ستطرأ عليه عند الاندماج فى نواحٍ مختلفة من الحياة البشرية. ولا يزال ثمة الكثير من النقاشات والحوارات على هامش المؤتمرات بغية إلقاء الضوء على الاصطلاحات التقنية والاستخدامات العملية للذكاء الاصطناعى. وعلى الرغم من أن المناقشات لا تزال جارية على قدم وساق، إلا أن المعنيين بمخرجات الذكاء الاصطناعى ظنوا أن لديهم ما يكفى من الوقت للتمكن منها قبل مواجهة قوتها الهائلة. ولكن شعر العالم بالصدمة من جراء سرعة ظهور برامج مثل «تشات جى بى تى» التى تسللت إلى حياتنا وصارت مفروضة علينا بسبب التفوق المطلق لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعى.
يصف «تشات جى بى تى»، وهو اختصار لكلمات إنجليزية تعنى «محولات الدردشة التوليدية المدربة مسبقا»، وظيفته على أنه أداة تحسّن الأنماط الحوارية اللغوية. ببساطة، هو روبوت دردشة يشبه المتحدث البشرى، وتتطور براعته اللغوية عن طريق نقل تعلمه من خلال الحوارات المستمرة التى يجريها مع مستخدميه. بإمكان هذا البرنامج المتاح مجانا للاستخدام الكتابة عن أى موضوع تطلبه منه، وله القدرة على تجسيد أية صورة تتخيلها، ويمكنه تشفير أى برنامج ترغب فيه. يعتمد البرنامج على قاعدة بياناته الهائلة من المعلومات التى يطورها ويحدثها بناء على التجارب والأخطاء خلال تفاعله مع الذين هم أسياده، فى الوقت الراهن، البشر. من النادر أن تشهد البشرية اختراعا يمتلك القدرة على تغيير القواعد المعروفة والتسبب فى هزات من شأنها تغيير العالم بالشكل الذى نعرفه، ولا شك أن التعرف للمرة الأولى على «تشات جى بى تى» والدخول فى محادثة معه يعدّ من تلك اللحظات التاريخية التى تشعر فيها أنك ترى العالم الذى تعيش فيه الآن وقد انطلق فى رحلته نحو النهاية.
• • •
عادة ما نستطيع دراسة تطور الاختراعات والاستجابة البشرية لها فى صفحات التاريخ، لكن بالنسبة للذكاء الاصطناعى لا نملك سابقة تاريخية مشابهة لتصوّر كيف سيصبح شكله مستقبلا. يمكننا أن نتخيل أن تأثيره لن يقل قوة عما فعلته الثورة الصناعية بديناميكية العالم، فإذا عدنا إلى الوراء ونظرنا إلى تأثير الثورة الصناعية وكيف استطاعت أن تغير وجه الحياة، فسندرك أن الاختراعات الضخمة التى استطاعت جعل الإنتاج آليا ومضبوطا وفق وتيرة سريعة الإنتاج دفعت بعقارب ساعات الحياة إلى الأمام وأدت إلى شراهة الاستهلاك وخلّفت تأثيرا كبيرا على كافة مناحى الحياة البشرية ابتداءً من الاقتصاد العالمى إلى المفاهيم الأساسية للحياة اليومية، ولم يعد العالم كما كان عليه مرة أخرى. لعبت الثورة الصناعية دورا فى توزيع الثروة، ما دفع إلى تنامى الطبقة الوسطى، وأضاف للقوى العاملة تلك الساعات الطويلة من العمل الممل المتكرر والمنهك.
مهدت الثورة الصناعية أيضا الطريق أمام حدوث عملية التمدين جراء هجرة العديد من المزارعين إلى المدن وتخليهم عن الأعمال الحرفية والزراعية، وهذا التحول بحد ذاته ساهم سريعا فى تحويل القرى إلى مدن صاخبة. كما نشأ مفهوم أخلاقيات العمل المرتبطة بالصناعة وتلخصت فى عبارات على غرار.. العمل خير أساسى للإنسان والشخص الذى لا يعمل يعانى، وأصبح الكسل وأوقات الفراغ من الأمور التى تثير الاستياء إلى درجة ترك هذا الأمر تأثيرا على الحياة الأسرية. كما ظهرت أيضا انقسامات طبقية عن طريق فصل المجتمعات عن بعضها على أساس الدخل. هنا ألقى الضوء على الأثر السلبى للثورة الصناعية من منطلق أن تأثيرها الإيجابى واضح للعيان، وساعدت الاختراعات حينذاك فى تطوير العالم، وإحداث راحة كبيرة بشكل لا يمكن إنكاره. لكن مع أى ابتكار مستقبلى جديد علينا أن نضع السلبية الناتجة عنه نصب أعيننا.
فى مقابلة حديثة أجريت مع سام ألتمان، الرئيس التنفيذى لشركة أوبن إيه آ، التى تقف وراء تطوير «تشات جى بى بى»، قال إن أفضل سيناريو ل«تشات جى بى تى» مذهل بشكل لا يمكن تصديقه، إلا أن أسوأ أمر قاله هو ستكون «إطفاء الأنوار لنا جميعا»، وهو اعتراف قاتم وكئيب كان من الممكن اقتباسه مباشرة من رواية فرانكشتاين لمارى شيلى. لا بدّ من النظر فى التداعيات الناشئة عن مثل هذا البرنامج على جميع مستويات الحياة البشرية، لأنه سيترك تأثيرا كبيرا على الاقتصاد وسيلقى بعواقبه الوخيمة على مشهد التوظيف بالنسبة لعدد كبير من السكان فى العالم، فلا شك أن هذا البرنامج الذى يمكنه محاكاة الحوار البشرى سيلغى معظم الوظائف التى تتطلب تفاعلا بشريا.
• • •
سيترك «تشات جى بى تى» تأثيراته على الجهود الإبداعية، إذ يمكنه تأليف أى شىء من نصوص الأفلام إلى الأشعار، وتجسيد أى فكرة بالرسم. فكلما زاد تطور هذا البرنامج، أصبح من الصعب التمييز بين عمل يقوم به إنسان وعمل آخر آلى مشابه، ما يضعنا أمام مأزق يتعلق بالأصالة وحقوق الملكية الفكرية. لقد استطاعت البشرية خلال رحلة تقدمها أن تصمم وتبتكر آلات تساعدها على التخلص من استخدام اليدين فى العمل، إلا أنها الآن نجدها تخرج ببرامج تهدف إلى التخلص من استخدام العقل، ذلك الشىء الوحيد الذى ميز الله به البشر والذى لا يمكن لأى مخلوق آخر على هذا الكوكب أن يضاهيه. لقد بنينا الآلات ونقوم الآن بتدريبها على كيفية إنهائنا، إذ نلقنها عبر الذكاء الاصطناعى لتجريدنا من وظائفنا، والانغماس فى الطريقة التى نعلم بها أجيالنا المستقبلية، وفى النهاية.. من يدرى ماذا تحمل لنا النهايات؟ لكن ما تعلمناه من التطورات هو أن البقاء للأنسب والأصلح دائما.
يتحرك عالمنا اليوم بشكل أكبر على المحتوى الذى يفوق بتأثيره أكبر مصادر الطاقة، وعندما يحدث إنتاج هذا المحتوى بأيادٍ غير بشرية لا نتحكم فيها، يظل السؤال الأخلاقى مطروحا، إذ إن تطبيقات الذكاء الاصطناعى تحصل على المعلومات عبر تغذيتها بأيادٍ بشرية، ولا شك أن تلك المعلومات تخضع لبعض التحيزات، بالتالى: هل سيكون ذلك صحيحا من الناحية السياسية؟ هل يأخذ فى الاعتبار جميع المخاوف المتعلقة بثقافة اليقظة اليوم؟ ما هو الجانب السياسى والاجتماعى الذى قد يميل نحوه ولماذا؟
انتاب هذه الكاتبة فضول بما قد يقوله الذكاء الاصطناعى فأجريت مقابلة مع روبوت تشات جى بى بى وطرحت عليه أسئلة تدور حول موضوع هذه المقالة بشكل أساسى. سألت طفل الذكاء الاصطناعى إذا كان بإمكانه التصرف بشكل أخلاقى. كانت إجابته: أنظمة الذكاء الاصطناعى ليست قادرة على التصرف بطريقة أخلاقية أو غير أخلاقية من تلقاء نفسها، لأنها لا تملك القدرة على إصدار أحكام أخلاقية.
دماغ بلا قلب ولا روح يتحدّث ونتحدّث معه.. هل يمكن أن يصبح هذا المقياس الذى يوجّه مستقبلنا؟ هل سيكون هذا أسوأ سيناريو لألتمان؟
كان سؤالى الأخير: هل خدعت إنسانا من قبل؟ «ظهرت إشارة سريعة تقول: حدث خطأ. إذا استمرت هذه المشكلة، فيرجى الاتصال بنا من خلال مركز المساعدة الخاص بنا على (help.openai.com)».
حسنا إذا.. إليكم النظام العالمى الجديد، ها نحن نأمل بأن نرى جانبه الأفضل فقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.