في فعاليات اليوم الأول لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، نظم مركز أبو ظبي للغة العربية، ندوة عن أحدث إصدارات المركز، وهو كتاب "رحلات علي باي العباسي إلى مصر والحجاز وفلسطينودمشق"، يتناول هذا الكتاب مذكرات الرحالة الإسباني «دومينجو باديا إي ليبليش» الذي انتحل شخصية «علي باي العباسي» مُدَّعِياً أنه من أحفاد العباسيين الهاربين إلى أوروبا بعد سقوط دولتهم. بدأ رحلاته من المغرب حتى الشرق العربي في مرحلة من أخطر مراحل المنطقة سياسياً مع نهايات القرن الثامن عشر وبدايات القرن التاسع عشر؛ الفترة التي شهدت المدّ البريطاني الفرنسي على المنطقة للسيطرة على طريق التجارة مع الهند وشرق آسيا. هذه المذكرات والرحلات لم يلتفت إليها سوى القليل من العرب رغم ترجمتها ونشرها في عدد من اللغات الحية مثل الفرنسية والإنجليزية والألمانية. ويشمل هذا الكتاب وصف رحلة علي باي إلى المدن والمجتمعات التي مر بها من شمال أفريقيا إلى الإسكندريةوالقاهرة، ثم رحلته إلى الحجاز وأدائه مناسك الحج، مع وصف دقيق لمكة والكعبة المشرفة، والشخصيات التي التقاها في الحجاز، ثم عودته إلى القاهرة والرحيل منها باتجاه الشام، ماراً بشمال سيناء ومدن وقرى فلسطين حتى وصوله إلى أورشليم (القدس)، ليواصل رحلته منها إلى دمشق، مع وصف دقيق لنشاط سكان تلك البلاد في مجال التجارة، والعناصر المختلفة المكونة لمجتمعاتها السكانية. وأدار الندوة الدكتور شوكت المصري، أستاذ النقد بأكاديمية الفنون، وحل الدكتور طلعت شاهين، مترجم الكتاب ضيفا عليها. وفي البداية، تحدث الدكتور شوكت المصري، بأن الترجمة لا تتوقف على أنها نقل لنص من لغة لأخرى، بل تفوق ذلك بأنها رؤية ومشروع لدى المترجم، ينقل من خلاله ثقافة شعب ومكوناته الفكرية والإنسانية؛ لذا يتطلب لدى المترجم أن يحتفظ بأمانة علمية في مهمته لترجمة الأعمال. وقال الدكتور طلعت شاهين، إن مشروع ترجمة الكتاب، بدأ بحكاية طريقة، عندما دخلت مكتبة في مدريد، ومع قراءاتي للعنوان ،اعتقدت أنه مترجم من العربية، فكلمة " باي" توازي كلمة " بك"،؛ لكن عندما بدأت القراءة به وجدت أن المؤلف إسباني، واخترع شخصية ووضع لها تاريخا كاملا، جابت المغرب العربي والحجاز ومصر وفلسطين. وهو شخصية غير عادية، فهو ملم بالطب والفلك. وأشاد شاهين بالكتاب ومؤلفه، ووصفه أنه بمفرده قدّم عملا يوازي موسوعة " وصف مصر" التي سجلتها كتيبة كاملة من العلماء المرافقين لنابليون في حملته على مصر. وأشار شاهين، بأن هناك اعتقاد خاطيء بأن مهمة ترجمة " أدب الرحلات" بسيطة وسهلة، فالحقيقة أنها تستوجب جهدا كبيرا من المترجم، فلابد أن يكون ملما بعدد من العلوم المختلفة، فأثناء ترجمتي للكتاب، وجدتني أبحث في كثير من المراجع من الطب للجغرافيا والاجتماع والأنثروبولجي. وعن سؤاله عن الاعتماد على أدب الرحلات كمصدر للتاريخ، أجاب شاهين بأن أدب الرحلات قد يكون عنصرا مساعدا لفهم التاريخ ، ورؤيته من زاويا متعددة؛ لكن الاكتفاء به فقط ليس بالأمر الصحيح. يُذكر أن الدورة 54 من معرض القاهرة الدولي للكتاب تأتي تحت شعار: على "اسم مصر- معًا: نقرأ.. نفكر.. نبدع"، وتُقام في الفترة من 25 يناير حتى 6 فبراير المقبل، وذلك بمركز مصر للمعارض الدولية، وتحل عليها المملكة الأردنية الهاشمية ضيف شرف، وتم اختيار الكاتب صلاح جاهين ليكون شخصية المعرض هذا العام، والكاتب كامل كيلاني شخصية معرض كتاب الأطفال، يشارك فيها 1047 ناشرًا مصريًا وعربيًا وأجنبيًا، من 53 دولة، من بينها دول جديدة مثل المجر والدومينيكان، بالإضافة إلى فعاليات ثقافية تضم لقاءات مع مبدعين وكتاب ومفكرين وفنانين ورموز وقامات مصرية عربية وعالمية، لتعزيز دور الثقافة في بناء المستقبل الذي نتطلع إليه.