• أخفيت عشقي للطيران الحربي لعدم تقبل المجتمع • بعد التخرج فوجئت بمعظم اليمنيين فخورين ويباركون لي • يملؤني الفخر كوني أول فتاة يمنية تقود طائرة حربية • اليمن معاناته صعبة ويحتاج قيادة نزيهة وإبعاد الأحزاب عن الجيش من رحم الألم يخرج الأمل، هكذا رغم ما يعانيه اليمن من أوضاع اقتصادية ومجتمعية صعبة، خرجت رحمة الحوشبي، لتعطي دفعة أمل بأن المستقبل يمكن أن يسع للمرأة اليمنية، بعد الخطوة التاريخية التي حققتها كونها أول امرأة يمنية تقود طائرة حربية في تاريخ البلاد. رحمة هي ابنة ريف محافظة لحج الواقعة في جنوب اليمن، وهي شابة في العقد الثاني من عمرها، تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي بين مديريتي منطقتي الحوطة وتبن، استطاعت التغلب على واقعها وظروف بلدها الصعبة وانقطاع مخصصاتها المالية خلال فترة الدراسة بالإرادة والإصرار، حتى نالت مرادها، بتخرجها الأولى على الدفعة ال19 في كلية الطيران والدفاع الجوي في السودان، لتنال رتبة الملازم الأول في الطيران الحربي، خلال تكريم حضره رئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، في أكتوبر الماضي. وفي أول حوار لها، تواصلت "الشروق" مع الملازم أول رحمة الحوشبي، أول يمنية تقود طائرة حربية في تاريخ البلاد، للحديث عن رحلتها والتحدي حتى كتابة سطر جديد في تاريخ المرأة اليمنية في ظل أوضاع عامة صعبة. وإلى نص الحوار: • ما هي مشاعرك كونك أول امرأة يمنية تقود طائرة حربية؟ - طبعا مشاعر لا توصف، مزيج من مشاعر الفخر والفرح والانتصار في ظل الظروف التي تمر بها اليمن بسبب الحروب. • كيف وجدتي ردة الفعل العامة لكونك أول سيدة يمنية تعمل طيارا حربيا؟ - طبعا في البداية أخفيت عشقي لهذا المجال كوننا في مجتمع لا يتقبل المرأة في المجال العسكري، لهذا عندما درست هذا المجال لم أخبر به أحدا غير عائلتي والناس المقربون لي، وفي يوم تخرجي انتشر الخبر لكن رأيت معظم الشعب اليمني متقبل تخصصي ويبارك لي بكل فخر واعتزاز كوني أول فتاه في هذا المجال، وتقبل المجتمع لتخصصي زادني فخرا واعتزازا وفرحا كبيرا جدا. • لماذا فكرتي في مجال الطيران بالذات؟ - عشقي لهذا المجال جعلني أحلم به وأخوض الصعاب وأتحمل كل الشدائد التي مريت بها من بداية مسيرتي فيه، فأنا أعشق الطيران ولا استطيع أن أصف لك شعوري وأنا أحلق بالطائرة في كبد السماء، هذا الشعور جعلني صامدة أمام كل العقبات التي واجهتها. • ما الفرصة الذهبية التي شقت لكِ الطريق إلى هذا المجال الصعب جدا؟ - كنت أعمل ممرضة في المستشفيات الميدانية وبعدها التحقت بالجيش عن طريق الخدمات الطبية العسكرية خلال عملي، وكنت أعمل جاهدة للوصول لدراسة الطيران الحربي، ومع أنني حصلت على منحة لدارسة الطيران المدني؛ إلا أني أصريت على دراسة الطيران الحربي. • ما هي مشاعرك الأولى في أول مرة تحلِّقِين فيها في الجو؟ وأين كانت؟ - كانت مشاعري الأولى فرحة كبيرة بتحقيق حلمي وخاصة عندما قمت بأول طيران منفرد لي بعد التدريبات، وكان أسعد يوم لي بأني وصلت إلى كبد السماء، حقا لا أستطيع وصف هذا الشعور فهو شعور لا يُصف. • لكل نجاح مسؤولياته، كيف تحددين مسؤولياتك كونك أول امرأة يمنية تحقق هذا الإنجاز؟ - أحدد مسؤولياتي لنفسي أولا، وهي في الحفاظ على ما وصلت له اليوم في هذا المجال وأيضا تطوير نفسي وألا أرضخ للعقبات أو الصعوبات. • سلاح الجو اليمني معطل فكيف ستكملين مسيرتك؟ - اليمن يمتلك سلاحا جويا لكنه متوقف بفعل البند السابع الذي أقرته الأممالمتحدة منذ سنوات، والذي يفيد بحظر انتشار الأسلحة والمعدات الحربية لغير الجيش اليمني. يوجد في اليمن طيارون ينتظرون عودة السلاح الجوي مثلما أنا أنتظر عودته وسنكمل جميعا مشوارنا في هذا المجال، وبإذن الله ستنتهي الحرب ويعود السلاح الجوي وسيعود اليمن السعيد شامخا من جديد. • ما الصعوبات التي واجهتك منذ مراحل تعلمك الأولى وحتى التخرج في الجامعة السودانية العسكرية؟ - الصعوبات كانت متعلقة بالجانب اليمني بأنه لا توجد منح لهذا المجال الأمر الذي جعلني انتظر عدة سنوات حتى تحصلت على منحة الدراسة العسكرية في السودان. كان ضمن الصعوبات أيضا موافقة القيادة على هذه المنحة، بالإضافة لكوني فتاة تدور حولها التساؤلات عن كيف ستلتحق بمجال خاص بالرجال، بل كيف سأكون أول فتاه تلتحق بهذا المجال وكيف سيتقبلني المجتمع في هذا المجال. كانت كل هذه الأمور الصعبة وغيرها الكثير من الصعوبات التي واجهتها تغلبت عليها بالنجاح بفضل الله ثم بفضل دعاء والداي وإصراري ووقوف بعض قيادات في الجيش إلى جانبي واحترامهم لرغبتي. • كيف تغلبتي على لحظات اليأس خلال مشوارك؟ - تغلبت عليها بسبب عشقي للمجال وكانت رسالتي لنفسي في الأوقات الصعبة هي أنني تجاوزت الأصعب وأستطيع تجاوز هذا أيضا والوصول إلى أحلامي. • حدثينا عن دور الأسرة، والأشخاص الملهمين خلال مسيرتك - لا أنكر أن عائلتي كانت ولا زالت تخاف علي بسبب اختياري هذا المجال وبسبب الأوضاع التي يمر بها اليمن، ولكن كانت الداعم الكبير لي في مسيرتي ماديا ومعنويا وأنا أحبهم كثيرا. أما الأشخاص الملهمين حولي فكانوا قليلين جدا لقد وقفوا معي في الأوقات الصعبة، لن أنسى لهم هذا أشكرهم من أعماق قلبي. • الفكر القبلي لا يزال في اليمن فهل أثر ذلك عليك خلال رحلتك؟ - نعم الفكر القبلي لازال موجودا ولكني أخفيت التحاقي بهذا المجال حتى يوم التخرج، ثم انتشر الخبر ومع هذا تفاجأت بتقبل معظم المجتمع لي في هذا المجال. • ما الذي تحتاجه الفتيات اليمنيات حتى يصبحن ناجحات؟ - كل فتاة قوية وشجاعة في مجالها الذي تشعر بالانتماء إليه والمكان الذي تشعر برغبتها في الإبداع فيه بتحقيق النجاح الذي تحلمه، فقط تحتاج إلى دعم من الدولة واهتمام الجهات المعنية والباقي هي ستحققه. • برأيك هل تواجه المرأة اليمنية صعوبات خاصة في مجال التعليم؟ - المرأة اليمنية كافحت في جميع المجالات حتى أثبتت أنها جديرة بهذا الشيء رغم العادات والتقاليد ونظرة المجتمع لها فقد كسرت الصعب وتحدت العراقيل ووصلت إلى مبتغاها، لا أنكر أن هناك نساء في اليمن يعانين وتتواجد المرأة في مناطق ريفية لا تتقبلها في مجال التعليم كنوع من العيب أو الحرام والمرأة أولى ببيتها، وأشياء كثيرة بحكم العادات والتقاليد. أيضا تواجه المرأة صعوبات حتى لو كانت متعلمة، فمثلا أنا أواجه صعوبات في الاستمرار في إكمال دراستي في هذا المجال رغم النجاح الذي حققته، فهذا لم يشفع لي أمام الذين يحاربون المرأة. • باعتبارك إحدى الملهمات.. وجهي رسالة للفتيات اليمنيات - كل ما أستطيع قوله لهن هو أن يكافحن ويصمدن في درب تحقيق أحلامهن فالنجاح ليس بالشيء السهل ولكن يحتاج لقوه وإرادة وإصرار. • إلى أي مدى غيرت دراستك للحربية تفكيرك الداخلي كمرأة عربية؟ - إلى حد كبير جدا، وخاصة عن أهمية الجيش في استقامة الدولة وحمايتها بعيدا عما كانت الأحزاب السياسية تحاول إيصاله للمجتمع بشكل سيئ عن الجيش؛ الأمر الذي يؤدي إلى سقوط الجيش. • المرأة العربية غالبا ما ترضخ لواجبات الحياة الزوجية فهل سيؤثر ذلك مستقبلا على عملك؟ - صحيح أن المرأة العربية ترضخ لواجبات الحياة الزوجية لكن ليس جميع السيدات، وهذا الشيء بسبب ضغوطات المجتمع وعدم تفهم الزوج لهذا الشيء أو عدم تقبله لعمل المرأة فبعض الأزواج يرون أن المرأة مكانها في المطبخ. • ما الذي تتوقين لتحقيقه في المستقبل في مجالك؟ - هناك الكثير من الأحلام في هذا المجال ومنها أن أصبح معلم طيران على الطائرات المقاتلة. • أنت ابنة اليمن كيف تنظرين لمعاناته بشكل عام اليوم؟ - معاناة اليمن مؤلمة يحس بها من يعيش فيه، ويرى ثمن الحروب والقتال على السلطة. • برأيك ما الذي يحتاجه اليمن كي يعود لسابق مجده؟ - اليمن يحتاج إلى قيادة نزيهة وإبعاد الأحزاب السياسية عن المؤسستين الأمنية والعسكرية، وبناء جيش قومي انتماؤه للوطن وليس للأحزاب السياسية وإبعاد الفاسدين من مناصبهم وتعيين بدلا عنهم قيادة محايدة تنهض بالبلاد وإشراك المرأة في عملية الإصلاح إلى جانب الرجل. • كلمة أخيرة إلى فتيات العرب - كافحن للوصول إلى أحلامكن بما لا يخالف شرائع وقوانين الإسلام.