الكتابة الحقيقية لا تخلو من مزجها بأبعاد الخيال أحرص على السرد الجذاب والمشوق مع التطور المنطقى للأحداث تنسج شخصيات أعمالها الروائية من تفاصيل ثرية، تكتب بصدق وتعتبر السرد المشوق أساسا لا غنى عنه، الكاتبة والروائية شيرين سامى، صاحبة الإبداعات المتنوعة والتى تهتم بتطوير ملكاتها الإبداعية وتقديم ألوان أدبية مختلفة، جاء آخرها «ابتسم لأكون أقوى» الصادرة عن دار الشروق، حيث تميل لكونها رواية لأدب الناشئة. تنحاز نصوص شيرين سامى إلى فكرة التمرد على القيود والخروج من المساحات الآمنة، وهو ما تؤكده فى حوار مع جريدة الشروق، تكشف فيه أيضا عن مصادر إلهامها فى صياغة وبلورة أعمالها المختلفة، مؤكدة على أن رسم شخصياتها مسألة شديدة الأهمية بالنسبة لها. من الصيدلة إلى الأدب.. حدثينا عن بداياتك فى عالم الكتابة والأدب؟ كنت فى عمر الناشئة عندما اكتشفت أن الكتابة هى أفضل طريقة للتعبير عن نفسى، وأنها أصبحت بالنسبة لى مكانا آمنا أعكس من خلاله أفكارى وأعبر عن مشاعرى. ولكن مرحلة احترافى للكتابة، بدأت تحديدا مع ظهور المدونات على السوشيال ميديا، حينها أنشأت مدونة «حدودتة مصرية» ثم مدونة أخرى ثم نشرت أول مجموعة قصصية فى 2012 بتشجيع من المدونين حينها، نظرا لأن المدونات كان لها صدى واسع، وكان هذا العام هو عام الثورة وكان المصريون جميعا يتمتعون بإيمان حقيقى بتحقيق الأحلام، وأنها ما زالت قابلة للتنفيذ. من أين جاءت لك فكرة «ابتسم لأكون أقوى»؟ الفكرة تحديدا تملكتنى بعد متابعة برامج المسابقات، لاحظت دائما ما يكون هناك نموذج غير مؤهل وغير موهوب ولكنه حاضر بقوة بجميع البرامج وإدارة البرامج تسمح له بالتقديم رغم أن ظهوره بهذا الشكل قد يقلل منه، ومن هنا فكرت كثيرا ما السر وراء هذه الفقرة بدون موهبة حقيقية ولكنها استطاعت أن تصل إلى المسرح. عندما شرعت فى كتاب «ابتسم لأكون أقوى» كنت أفكر فى تقديم لون أدبى مختلف، فكرت فى كتابتها قبل كورونا تحديدا أواخر 2019 وحضرت وقتها ورشة فى كتابة أدب اليافعين للاطلاع على النقاط الأساسية والفروق بينها وبين كتابة الرواية، ثم كتبت مجموعة قصصية أيضا للأطفال ما زالت معى لم تنشر بعد، ولكنى فضلت الانتهاء من الرواية أولا. فى رأيك أين نقف فيما يخص أدب الأطفال والناشئة.. هل الأعمال الصادرة تحت هذا التصنيف كافية؟ الأعمال الموجهة لهذه الفئة العمرية «قليلة»، وتسليط الضوء عليها «بسيط»، وأرى أن الناس يتعاملون مع هذه النوعية من الكتابات بدرجة من الاستخفاف ويبدون غير مهتمين أن يقبل أولادهم على حب القراءة، لذلك دائما يفضلون الرياضة والمذاكرة عن قراءة الكتب فى هذه السن. لذلك من الضرورى توعية الأهالى بأهمية هذا النوع من الأدب حتى ينعكس ذلك على الأجيال الأصغر سنا ويتجهوا لهذا النوع من الأدب، وانتشار هذه الكتب على مستوى النوادى والمدارس سيساعد كثيرا هذه الفئة العمرية للوصل إلى الكتب بالسهولة وزيادة الإقبال على القراءة. فى روايتى الحجرات وقيد الفراشة.. كيف تعمقتِ فى وصف وسرد أحاسيس المرأة التى تشعر بها فى علاقتها مع الطرف الآخر؟ بالفعل هما أكثر روايتين يتكلمان عن مشاعر المرأة وبهم عامل مشترك وهو فكرة «التمرد على القيود» والخروج من المكان الآمن، أنا عادة أهتم كثيرا بفهم النفس وفهم الشخصيات ومشغولة دائما بالبشر وماذا يشعرون، وذلك لكى أستطيع التعبير عنهم وعن مشاكلهم بشكل حقيقى. «المرأة» دائما تشغلنى خلال كتاباتى ورغم أن التعبير عن مشاكل المرأة قد يكون مكررا ولكن دائما يكون هناك طريقة تناول للأفكار تعطيها بريقا مختلفا ومتميزا. (من ذاق عرف.. وكتاب بنكهة مصر.. وأبتسم لأكون أقوى)، كيف تحرصين على انتقاء عناوين أعمالك؟ العنوان يختار العمل دائما، ولا يوجد قاعدة ثابتة فى اختيار العناوين، العنوان فى النهاية يفرض نفسه على الكاتب بشكل ما. على سبيل المثال، «أبتسم لأكون أقوى» جملة تتكرر فى الرواية وشعرت أنها أكثر جملة مناسبة فى الرواية وذات صلة بالأحداث، ورغم كونها مباشرة إلى حد كبير ولكنى فضلت ذلك لأنها مناسبة لهذه الفئة العمرية من اختيار عنوان به بعض من التورية أو الغموض أو الرمزية. هل تفضلين المزج بين الواقع والخيال سواء فى الشخصيات أو الأحداث؟ أعتقد أن الكاتب يمزج فى اختيار شخصياته بين الواقع والخيال، الكاتب ينسج شخصيات الرواية من تفاصيل مختلفة وغالبا يكون لها أصل من الواقع، فالكتابة لابد أن تكون حقيقة ولكى تكون حقيقية يجب أن تكون لها صلة فى الواقع، ولو اعتمدنا على الخيال فقط سينقطع التواصل بين القارئ والشخصيات. حقيقة الكتابة هى أننا نكتب بصدق شديد، ومن الضرورى أن ننتقى الشخصيات والتفاصيل من الواقع مع تغليفها بالخيال. من وجهة نظرك.. كيف ينجح الكاتب فى الحفاظ على الإيقاع المشوق فى سرد الأحداث؟ أنا عادة أبدأ بكتابة مسودة أولى للعمل دون التركيز على الإيقاع، ولكن فى مرحلة المراجعات أحرص على أن يكون السرد جذابا ومشوقا وأن لا يسبب لى أى نوع من الملل، وأن يكون هناك تطور منطقى فى الأحداث وأن التعبيرات المستخدمة تكون حديثة وغير مكررة وبعيدة عن التعبيرات المستهلكة، فيجب على الكاتب أن يحرص على أن تكون الفكرة مكتوبة بشكل جديد ومختلف وأن يكون الإيقاع سريعا، لذلك أنا أفضل أن تكون رواياتى ليست طويلة. لا أميل إلى السرد الطويل، وتعلمت ذلك بعد تجربتى فى الرواية الأولى فتعلمت أن أكتب ما أريد إيصاله وتكون الكتابة بحجم الحدث دون مط أو حشو. شخصيات أعمالك يحملون جوانب إنسانية.. حدثينا عن ذلك؟ أهم شىء فى كتابة الرواية هو «كتابة الشخصيات»، دائما تكون الأفكار جاهزة وهناك خريطة كاملة عنها ولكنى أنتظر حتى تحضر الشخصية وتتمكن منى تماما. رسم الشخصيات مهم جدا بالنسبة لى، ولابد أن أشعر بالتوحد معها حتى لو الشخصيات مختلفة عنى فلابد أن أتقمصها وهذا متعب للغاية ولكنه فى الحقيقة ممتع وهو ما يعطى للرواية سمة الاختلاف والتميز. «الشخصية» هى بطلة الرواية والعنصر الأساسى والجذاب بها وهى العنصر الذى ينقذ الرواية فى أغلب الأوقات، حتى لو فكرة الرواية غير جيدة بالقدر الكافى أو فكرتها مكررة، لو الشخصية مكتوبة بشكل جيد القارئ سيظل يتذكر الرواية للأبد. «الشخصيات فى الرواية تحمل جوانب إنسانية» ومن المهم أن يكون الكاتب متعاطفا مع الشخصيات ولا يصدر أحكاما حتى يصبح كاتبا حقيقيا ولا يفقد مصداقيته، لأن الكاتب الحقيقى لا يصدر أحكاما ولكنه يتعاطف مع الجميع حتى المذنبين. ولابد أن الكاتب ينتبه جيدا للجوانب الخفية والدوافع لأى شخصية. هل تفضلين لونا أدبيا سواء الرواية أو القصة أكثر من غيره؟ أنا أفضل «الرواية»، فالرواية هى «العالم» بالنسبة لى أحب أن أعيش تفاصيلها وأتفاعل مع أبطالها وأحداثها. وماذا عن قادم أعمالك؟ أخوض حاليا تجربة «الترجمة» وسيصدر قريبا لى تجربة مترجمة للكاتبة الأمريكية المشهورة كولين هوفر، تجربة الترجمة كانت تجربة «رائعة»، وأعمال حاليا على رواية لليافعين أيضا ستصدر قريبا، كما أعمل منذ فترة على رواية جديدة.