هدية ترامب في عيد الميلاد، نيجيريا تكشف الأسلحة الأمريكية المستخدمة ضد "داعش"    مدرب مالي يهاجم التونسي هيثم قيراط حكم ال VAR بعد التعادل أمام المغرب في أمم إفريقيا    إنذار بحري.. الأرصاد تُحذر من اضطراب ملاحة البحر المتوسط    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    شاهد.. حريق هائل يلتهم أكشاك بمحيط محطة رمسيس| فيديو    دوي انفجارات قوية في العاصمة الأوكرانية بعد قصف روسي    صور من الظل إلى العلن.. الديمقراطيون يفضحون شبكة علاقات إبستين    بسبب الميراث| صراع دموي بين الأشقاء.. وتبادل فيديوهات العنف على مواقع التواصل    التعليم: واقعة التعدى على طالبة بمدرسة للتربية السمعية تعود لعام 2022    ابني بخير.. والد القارئ الصغير محمد القلاجي يطمئن الجمهور على حالته الصحية    الصحة العالمية تحذر: 800 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا بسبب تعاطي هذا المشروب    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    الرئيس والنائب ب"التذكية"، النتائج النهائي لانتخابات نادي الاتحاد السكندري    منع جلوس السيدات بجوار السائق في سيارات الأجرة والسرفيس بالبحيرة    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    شيكابالا: الشناوي لا يحتاج إثبات نفسه لأحد    فين الرجولة والشهامة؟ محمد موسى ينفعل على الهواء بسبب واقعة فتاة الميراث بالشرقية    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    بعد تداول فيديو على السوشيال ميديا.. ضبط سارق بطارية سيارة بالإسكندرية    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    أمم إفريقيا – مدرب مالي: كنا نستحق ركلة جزاء إضافية أمام المغرب    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    في هذا الموعد.. قوافل طبية مجانية في الجيزة لخدمة القرى والمناطق النائية    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    المغرب تتعادل مع مالي في أمم أفريقيا    الأردن يدين الانفجار الإرهابي في مسجد بحمص ويؤكد تضامنه الكامل مع سوريا    في احتفالية جامعة القاهرة.. التحالف الوطني يُطلق مسابقة «إنسان لأفضل متطوع»    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    خبيرة تكشف أبرز الأبراج المحظوظة عاطفيًا في 2026    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    السكك الحديدية تدفع بفرق الطوارئ لموقع حادث دهس قطار منوف لميكروباص    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لإعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    بدون حرمان، نظام غذائي مثالي لفقدان دائم للوزن    الشدة تكشف الرجال    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    إصابة مواطنين إثر انقلاب سيارة ربع نقل على صحراوى جنوب الأقصر    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي ومفتي الجمهورية ومحافظين السابقين وقائد الجيش الثاني الميداني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد العباسي    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الفيلم الوثائقي (السادات سيرة حية): السادات من وجهة نظر أمريكية
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 03 - 2010

فى برنامج الطبعة الأولى بقناة دريم لأحمد المسلمانى، عرض أمس الأول فيلم وثائقى يروى حياة الرئيس الراحل أنور السادات من وجهة نظر أمريكية، على لسان أصدقائه وأعدائه «اللدودين» كما وصفه مناحم بيجن.
يبدأ الفيلم بلقطة للرئيس السادات يقول فيها: «نحن أقدم أمة تاريخنا المدون يمتد 7 آلاف عام كانت لنا اقدم الحكومات ونحن نقر بذلك عندما تسير بشوارع القاهرة أو غيرها من المدن المصرية وتقف الجماهير على الجانبين وتهتف لك ما أدراك انهم صادقون هذا شىء تستشعره بقلبك.. بقلبك انا رجل من عامة الشعب واستشعر بذلك».
ويلتون وينن: عالم وصحفى، انه يتمتع بحس التوقيت المناسب ويفهم شعبه كما انه يبرع فى التعامل مع الساسة لكن فى الوقت ذاته يجب أن نعترف أنه زعيم فهو أول رئيس عربى نجح فى قيادة العالم العربى فى العصر الحديث.
ابسا ايبان وزير الخارجية الإسرائيلى: إنه أحد مفاجآت تاريخ الشرق الأوسط له شخصية قوية ورؤية مستقلة على عكس صورة الزعيم الصورى المعتاد وأعتقد أن أغلب الإسرائيليين يتفقون معى فى أنه شخصية أكثر تأثيرا وخطرا من «ناصر».
هنرى كيسنجر: إنه وطنى مصرى صميم يهتم قطعا بالقضية العربية لكن لا يمكن أن أصفه بالتطرف بأى حال من الأحوال.
جيهان السادات: كزوجة كنت أفضل ألا يكون رئيسا حتى يمضى المزيد من الوقت معنا كزوج وأب.
سيدى الرئيس ماذا تود أن يكتب عنك بعد رحيلك.
السادات: أود أن يُكتب على قبرى: عاش من أجل السلام ومات من أجل المبادئ.
إيه. بى. سى
طوال 1000 عام لم يهتم الغرب ببناء علاقات ودية مع العرب فهم لم يكونوا ذوى أهمية أما فى السنة الأخيرة فقد صار ذلك موضوعا مهما يتساوى مع بناء العلاقات مع روسيا والصين يبلغ تعداد العرب نحو 100 مليون فى 20 دولة عربية بالرغم من عدم اتحادها أو هيمنة دولة بعينها فالأعلى مكانة هى «مصر» لأنها الأكثر تعدادا، لقد حالفنا الحظ فى أن رئيس «مصر» الحالى هو أنور السادات الذى طرد الروس من مصر وأكد استعداده للتفاوض بعكس «ناصر» وفتح بلده للاستثمار الأجنبى وقد أبدى إعجابه بوزير خارجيتنا «هنرى كيسنجر».
على مدار 4 أشهر قام مراسلنا بالشرق الأوسط «بيتر جينينجز» بتصوير تحركات السادات العامة وبعض تحركاته الخاصة سنقدم لك الآن الصورة التى رسمها «جينينجز» للرجل الأول فى العالم العربى.
فاصل
تولى أنور السادات «رئاسة مصر» بعد وفاة جمال عبدالناصر عام 1970 منذ توليه الرئاسة خاضت مصر وإسرائيل حربهما الرابعة وهناك تكهنات متشائمة بنشوب حرب خامسة.
تعود شعبية السادات إلى قراره بشن حرب أكتوبر 1973 أنه يحظى بحب جماهيرى هائل كثانى رئيس بارو ل«مصر» على تاريخنا الطويل إنه رجل له جوانب عديدة لكنه قبل أى شىء مصرى صميم كان وطنيا نشطا منذ طفولته انتهت الحرب العالمية الأولى فى عام مولد السادات، بريطانيا ساعدت مصر فى التخلص من الحكم العثمانى لكنها بقيت فى البلاد كسلطة شبه حاكمة واستمرت هيمنة الأجانب على أرض الفراعنة تحولت مقابر الملوك القدماء إلى ساحات تدريب للفرسان البريطانيين. جدة السادات «سردت عليه قصة «دنشواى» وهى قرية قريبة من قريته فى عام 1906 خرج جنود بريطانيون لصيد الحمام فاعترض أهالى القرية فالحمام كان مصدر طعام لهم وقتل جندى بريطانى أثناء المواجهة فعوقب عدد من الفلاحين.
يمتلك السادات مجموعة خاصة من تلك الصور لقطات لمحاكمة عاجلة وصور أكثر لعقوبات الجلد وشنق عدد من أهالى القرية ولم ينس السادات عواقب التصدى للبريطانيين.
منذ صغرى وأنا أدرك معنى الاحتلال الأجنبى وكذلك معنى الاستعمار وحقيقة العلاقة بيننا وبين البريطانيين فى مصر.
كان السادات مراهقا عندما انتقلت أسرته إلى القاهرة كان ملك البلاد غير مصرى بل ألبانى الأصل وكان أسلافه حكموا مصر فى عهد سابق.
كان فاروق ابن الملك فؤاد يدرس بإحدى المدارس بإنجلترا وكانت بريطانيا تدعم حكم فؤاد. بعد وفاة الملك عاد فاروق ليتولى العرش. المصريون لا يحبون زعمائءهم دائما لكنهم فى الغالب يحترمونهم، ويهابونهم. أحيانا أذكر أننى فى ذلك اليوم وقفت فى الشارع من 9 صباحا وحتى الثانية ظهرا فى انتظار وصوله حتى ألقى نظرة على ملكنا الجديد وكان محبوبا للغاية وقتها لكنه فى رأى السادات لم يستمر محبوبا لوقت طويل واصلت الحكومة البريطانية ضغطها على فاروق تماما مثل أبيه لم يكن هناك مستقبل أمام الشباب أمثال السادات لم يكن البلد ملكنا كان هناك ما أسميه «مجتمع النصف فى المائة» بمعنى أن نصف فى المائة من المجتمع يملك كل شىء و99.5% لا يملكون شيئا قط.
فى الصف الثانوى شارك السادات فى المظاهرات ضد البريطانيين وفصل مرتين قبل تخرجه لكن إحدى علاقاته ب«بريطانيا» كانت ذات منفعة فى عام 1936 قامت الأكاديمية العسكرية التى تبدو اليوم مثلما كانت تبدو وقتها بفتح أبوابها لشباب الطبقات الدنيا وتقدم السادات وكان والده يعمل لدى طبيب بالجيش البريطانى.
كان أبى يعمل كاتبا، فطلب منه توصية ستجدون فى سجلى أننى تقدمت إلى الكلية العسكرية بتوصية من ضابط بريطانى.
حتما كانت التوصية الوحيدة من قبل أى ضابط بريطانى لك.
أنت محق تماما لابد أنهم نادمون عليها الآن.
تم قبول السادات وكذلك شاب وطنى آخر متحمس هو جمال عبدالناصر كانت خطوة عملاقة إلى الأمام نحو تكوين جيش مصرى مدرب لا يستمد قيادته من الطبقات العليا أو عن طريق الوساطة هنا صار ناصر والسادات صديقين واكتشفا اهتماماتهما المشتركة كانا يريان الجيش كوسيلة لخلع الملك وطرد البريطانيين. عقب تخرجهما بفترة وجيزة اندلعت الحرب العالمية الثانية واشتبكت بريطانيا مع ألمانيا وإيطاليا فى شمال أفريقيا ورأى السادات أن الحرب فرصة تعجل بهزيمة بريطانيا وخروجها من مصر، وهكذا قرر التعاون مع الألمان.
السادات: لدينا قول مأثور هو: «عدو عدوى هو صديق» حاولنا الاتصال بالألمان وإبلاغهم بأننا نطالب باستقلالنا التام وإذا طلبوا أن نقاتل فى صفهم مقابل ذلك الاستقلال فنحن مستعدون لكن البريطانيين كشفوا أمر السادات فتم فصله من الجيش والزج به فى السجن.
السادات: عندما تنظر إلى الماضى برؤية تاريخية
فقد هرب السادات من السجن واختفى وسط زحام القاهرة عاش كهارب وانضم مع ناصر إلى منظمة ثورية سرية وعاد إلى السجن وبعد عامين اتهم بالتآمر لاغتيال سياسى يدعى أمين عثمان.
كنت مذنبا اليس كذلك؟
فى الحقيقة.. إلى حد ما قمت بتدريب أولئك الشباب من الطلبة تلك كانت التهمة الرئيسية الموجهة لى وهى تدريبهم على استعمال القنابل اليدوية والمسدسات وأنا دربتهم فعلا، أجل دربتهم.
وتمت تبرئة السادات بعد محاكمة أحدثت ضجة وفى عام 1952 كانت أيام الملك صارت معدودة كانت بريطانيا وقتها تحتل قناة السويس فقط لكن الاعتراض على ذلك أخذ يتصاعد.
كان عام 1952 عاما تاريخيا ففى يوم 25 يناير حاصر جنود بريطانيون مخفرا مصريا بمدينة الإسماعيلية وأمروا رجال الشرطة بالتخلى عن أسلحتهم ومغادرة النطاق البريطانى ورفض المصريون فدمر الحصن وقتل أكثر من 50 مصريا فى اليوم التالى بالقاهرة خرجت الجماهير للثأر وجد ناصر والسادات فى «السبت الاسود» الشعور الجماهيرى المطلوب لضمان نجاحهما وتم تحديد يوم الثورة فى يوليو أى بعد 6 أشهر فى اليوم الذى قرر فيه ناصر توجيه ضربته كان الملازم السادات يؤدى عمله العسكرى فى سيناء فأمره ناصر بالعودة إلى القاهرة وعند وصوله إلى المحطة حدث سوء تفاهم غريب.
وقال السادات: لم يأت جمال لاستقبالى على غير عادته فظننت أنه ما من شىء سيحدث اليوم أو غدا أو بعد غد فقررت الذهاب إلى السينما الصيفية والاستمتاع بمشاهدة أحد الأفلام ثم لقاء «جمال» فى الصباح التالى.
لكن بدأ الانقلاب أثناء وجود «السادات» فى السينما ولكنه سرعان ما لحق بزملائه وصار له دور رئيسى حيث قال السادات «ذهبت إلى رئيس الوزراء وسلمته الإنذار كانت صدمة هائلة لأنه حتى تلك اللحظة لم يكن يعلم أننا سنطيح بالملك، وسألنى «هل تملكون القوة الكافية؟»، قلت له: أجل، فقال لى اذهب وسلمه للملك فعليه مغادرة البلاد قبل السادسة مساء».
وخشى الضباط من أن يؤخذ صغر سنهم ضدهم ولأجل حمايتهم عين رجل كبير هو اللواء محمد نجيب ليكون الزعيم أمام الجماهير وظل السادات فى الخلف ولم يكن لنجيب أى سلطة بينما كان ناصر هو صانع القرار.
وتراجع السادات إلى الظل طوال حكم ناصر ولم يظهر بوضوح حتى تلك الليلة فى ديسمبر 1969. فمخاوف ناصر تجاه وفاته واستمرار سياسته جعلته يعين السادات نائبا له.
قال السادات: «ناصر قال لى يجب أن تكمل ما نريده إذا مت ولا يجب أن يهان هذا البلد ثانية».
هل اعتبرتها إشارة بأنه يرغب فى توليك الرئاسة من بعده؟
السادات: هذا صحيح لأنه لم يقل ذلك من قبل.
وكان أنور السادات رجلا وطنيا ولكن من فئة الفلاحين تلك الطبقة الفقيرة التى تتمركز فى دلتا النيل ووطنيته لها جذورها فى طبقة الفلاحين المصريين، فحتى أفقرهم يعتز بتاريخ وطنه. وبقدر ما تعتبر مصر دولة عصرية بقدر ما هناك أشياء مازالت كما هى منذ قرون: مواصلاتها وأدواتها وأسلوب معيشتها.
وعندما ولد السادات عام 1918 كانت قريته ميت أبوالكوم تبدو كما تبدو اليوم وعمل الأب اضطره للسفر للسودان فعاش السادات مع جدته وكانوا فقراء فى بلد يأتى فيه الأثرياء فى المرتبة الثانية بعد الأجانب، وكان السادات واحدا من ضمن 12 أخا وأختا ومنذ قرون عجزت أسرته وأهالى قريته عن التخلص من الفقر المدقع، ولم يخرج السادات من قريته حتى يوم نقل والده إلى القاهرة وسرعان ما اكتشف أن حياة المدينة مختلفة.
السادات: كنت فى منتهى البؤس عندما تركت قريتى وجئت للمدينة بدأت أدرك معنى الفقر بدأت أدرك معنى الطبقية، شعرت ببؤس شديد.
ولم يتغلب السادات أبدا على بغضه للمدينة والقيود التى تفرضها.
ماذا قالت جيهان عندما عرضت عليها الزواج؟
السادات: وافقت على الفور. وافقت على الرغم من فارق السن بيننا.
كنت لا تقاوم؟
فضحك السادات: كثيرا.
جيهان: كنت معجبة به كثيرا بسبب ولائه الكبير لوطنه.
السادات: الأمور الإدارية لا تروق لى وهذا شىء فى دمى وكنت أقول لناصر بوسعى مساعدتك لكنى لا أريد أن أكون وزيرا أو ما شابه وبوسعى أن أساعدك من أى موقع آخر.
وبسبب عدم ظهور السادات كأحد المقربين إلى ناصر ظن الكثيرون أنه قليل التأثير، وكانت تسود إدارة ناصر صراعات مستمرة على السلطة، لكن الرجل الريفى أدرك كيف يهرب من ذلك وعاد السادات إلى وظيفته القديمة كصحفى ووضع كتابا عن الثورة ونعرف الآن أن اتصاله بناصر لم ينقطع أبدا.
السادات: عندما كان الآخرون غير متفقين معه كانوا يعلنون ذلك على الملأ، أما أنا فكنت أختلف معه لكننا كنا نتناقش إما فى منزله أو فى منزلى وكنا نتحاور بمنتهى الجرأة.
كان ناصر يبهر وأحيانا يخيف العالم، أما أسلوب السادات مختلف وأكثر فاعلية فى رأى البعض.
وليام بولك: كان عبدالناصر أشبه بنجم فى العالم العربى وصورته مازالت نموذجا للطريقة الأمثل للتقدم، أما الرئيس السادات أكثر هدوءا فهو أشبه بالوالد أنه مثال للفلاح المصرى الصميم.
عمل السادات على خدمة ناصر بولاء وكثيرا ما كان يمثله كمتحدث بالعواصم الأجنبية.
مايلز كوبيلند security advisor to pres.naser:
بالرغم من خبرة السادات وكثرت سفرياته الواسعة فهو ينجذب دائما إلى قريته وهنا فقط يستطيع خلع بدلته وأربطة عنقه الفرنسية ليرتدى الجلابية الشعبية وهو يسكن فى أكبر بيوت القرية وحتى بعد أن صار رئيسا لم يحاول تغيير الجانب المقابل من الشارع وهو مازال منذ القدم، هو هنا ليس رئيسا لمصر بقدر ما هو كبير القرية أو الفتى الذى نجح وهنا يستمع السادات إلى مشكلات أهل القرية، بالاضافة إلى نصائحهم بخصوص الاعتناء بصحته، وهو يستمتع بدور كبير العائلة هنا ولمصر بشكل عام وهو يتواصل مع أهالى القرية بسهولة.
ولم يكن السادات يزور القرية دون أن يمر على شخص أكبر سنا معلمه الذى حفظه القرآن فى صغره. وقال السادات هنا انه سيتقاعد عام 1976 لكن الكثيرين لا يصدقون ذلك، والسياسة تسرى فى دمه ولا يعتقد معارضوه أنه سيتنازل عن السلطة بسهولة ويؤكد مؤيدوه أنه لن يستطيع إدارة ظهره لمشاكل مصر، وأيا كان الأمر فهو مقنع فى حديثه عن أعباء السلطة.
السادات الريفى الوطنى تولى السلطة بشكل مفاجئ وبدا ظهوره كزعيم عربى بارز يوم وفاة ناصر عام 1970.
السادات: وظننا فى وقت من الأوقات أن ذلك الرجل لن يموت أبدا ولأننا كنا فى حالة فوضى وإذلال ولأننا كنا نتألم، وحملنا ناصر جميع أعبائنا، وكانت صدمة كبيرة لى صدمة كبيرة للغاية، ولم أستطيع الصمود فى ذلك اليوم.
واجه السادات العديد من المشكلات كرئيس التى كانت قائمة فى الثورة، وكانت بريطانيا قد وقعت اتفاقا على الرحيل من مصر لكن مازالت هناك قوات أجنبية بالأراضى المصرية. وكانت اسرائيل تحت سيناء منذ حرب يونيو 1967، وأدرك السادات أنه عليه التصدى للاحتلال الاسرائيلى، لكنه اهتم بداية بتوطيد مكانته محليا، وكان قد مكث فى الظل 18 عاما وما كان أغلب المصريين يعرفون الكثير عنه، والذين ظنوا انهم يعرفونه اعتقدوا ان التحكم فيه أمر سهل.
السادات: أنا رجل صبور للغاية فأنا ريفى وصبور لكنى لا أتخلى عن هدفى أبدا أنا صبور للغاية لكننى فى النهاية أحقق هدفى.
تظاهر السادات بتشجيع من حاولوا استغلاله، وأعلن فى خطابه الأول أنه لا يستطيع تحمل الأعباء بمفرده وأنه سيواصل مسيرة ناصر.
بيتر مانسفيلد auther of Nasser' s biography : المصريون يعشقون النكات السياسية وإحدى نكاتى المفضلة ظهرت بعد وفاة ناصر وتولى السادات السلطة وهى أن السادات خرج فى سيارة الرئاسة مع نفس السائق الذى عمل فى عهد ناصر.. ووصلا إلى تقاطع طرق فتوقفت السيارة ولم يعرف السائق أى اتجاه يسلك، فالتفت للرئيس السادات وسأله، فكر السادات لوهلة وقال أى اتجاه كان يسلكه عبدالناصر؟ قال السائق: اتجاه اليسار، فقال السادات: حسنا، أعط إشارة لليسار واتجه يمينا.
ويلتون وين أستاذ وصحفى: بعد توطيد سلطته محليا واجه السادات قضية الاحتلال الاسرائيلى بوصفه زعيما سياسيا وأعتقد أن اللحظة الأكثر خطورة كانت عام 1972 أو العام الذى أسماه هو عام القرار. لكنه فشل فى اتخاذ القرار وفى ذلك الوقت الطلبة كانوا ساخطين عليه وانتشرت عنه النكات بأنحاء الشرق الأوسط وكان البشر يسخرون منه، وكان الاقتصاد سيئا ولم يكن هناك أمل فى التحسن والأسوأ من ذلك كانت مبادراته الدبلوماسية قد فشلت تماما، وشعر أنه لا يحظى بتأييد من الولايات المتحدة بخصوص انسحاب اسرائيل من سيناء، وكان بكل تأكيد وصل لطريق مسدود.
السادات: عدم قدرتى على إنجاز ذلك لم يكن خطئى، وكنت قد اتفقت مع الزعماء الروس على كمية الأسلحة التى كانت ستصلنى قبل نهاية العام ووافقوا لكنهم لم يفوا بوعدهم، فقدت الكثير من شعبيتى لكن بالرغم من ذلك شعرت كما كنت أشعر دائما بأننى أحظى بثقة رجل الشارع ثم تبلور كل شىء فى شهر يوليو 1972 عندما اتخذت قرارا بطرد الخبراء الروس.
وقوبل قرار السادات بطرد الروس بحفاوة كبيرة من المصريين، وكان يأمل بأن طرد الروس سيدفع نيكسون للضغط على إسرائيل من أجل الانسحاب، واختار لإحدى مبادراته قناة غير تقليدية نجمة السينما السابقة والدبلوماسية وقتها «شيرلى تيمبل بلاك» والتى كانت فى زيارة للقاهرة وكان السادات معجبا بها ودعاها لتناول الشاى.
شيمون شامير أستاذ بجامعة تل أبيب: فى كل عام منذ 1971 يتخذ السادات قرارا سياسيا جريئا ومبتكرا وناجحا وفى مايو 1971 وبضربة واحدة تخلص من الكتلة الرئيسية الناصرية، وفى يوليو 1972 قام بطرد الروس، وفى أكتوبر 1973 شن حربا على إسرائيل نجحت فى إنهاء حالة اللاحرب واللا سلم القائمة. والتى كانت قد أصبحت لا تطاق وتدريجيا نجحت تلك القرارات فى تغيير الانطباع عنه.
ويؤكد السادات أن فشله الدبلوماسى أجبره على خوض الحرب.
السادات: كنا أعددنا لعملية محدودة ولم يكن هدفى السيطرة على الأراضى فقط بل أردت أن أثبت للعالم أجمع أن أسطورة إسرائيل الأمنية ستنهار وأننا سنعبر القناة ونستولى على خط بارليف وتلك كانت أهدافى.
السادات: كنت بغرفة العمليات وتسلمت التقارير الواحد تلو الآخر عن نقاط قوة خط بارليف وهى تنهار وبعد مرور 4 ساعات بالضبط وأى فى الساعة السادسة بدا أن توازن إسرائيل اختل تماما، وفى تلك اللحظة قلت لرجالى بغرفة العمليات: تهانئى لقد اختل توزان إسرائيل.
بعد حرب أكتوبر صار السادات زعيما عالميا لا يستهان به وحضر الرئيس نيكسون لزيارته وأصبح السادات مفتاح الحرب أو السلم وبدأ هنرى كسنجر يدق بابه، والسادات يثق فى كسنجر، وخطوات تسوية قضية الشرق الأوسط تسير ببطء لكن كيسنجر لايزال بجعبته الكثير.
هنرى كيسنجر: تربط بيننا علاقة ودودة أساسها الصراحة المتبادلة وهو يشرح لى تحفظاته وأنا أعرض عليه الحلول الممكنة وبالطبع من صميم عملى أن أشرح له وجهة النظر الإسرائيلية.
أبا إيبان وزير الخارجية الإسرائيلى: السؤال المهم هو إذا كان يريد انسحاب إسرائيل فهل يدرك أن هناك ثمنا سياسيا وبديلا عن الخيار العسكرى؟، بمعنى آخر هل يمكنه التخلى عن فكرة التدخل العسكرى وليس فقط السلام وليس فقط فيما يريده من إسرائيل بل وما تريده إسرائيل منه هذا هو الاختبار الحقيقى لأن الانسحاب لن يتم دون سلام أو خطوة نحو السلام.
مناحم بيجن برلمانى إسرائيلى: السادات عدو لدود لإسرائيل هذه أيضا حقيقة أنه ليس بأحمق لكنه عدو.
كانت إحدى نتائج حرب أكتوبر هى تفاوض هنرى كسنجر على انسحاب إسرائيل من جزء صغير من سيناء، وبعد انتهاء الحرب بعام ذهبنا مع السادات إلى سيناء برفقة السادات.
سيدى الرئيس بصراحة الكثير من الغربيين ينظرون لسيناء ويقولون إنها مجرد صحراء ألا يوجد سبيل للتوصل لحل وسط هنا فى سيناء؟ يوفر لإسرائيل الأمن ويرد لكم كبرياءكم؟
السادات: هذه مسألة مهمة وهذا المنطق ليس سليما وإذا كانت هذه مجرد رمال وإذا كان الوطن رمالا وأتربة أو مستنقعا أو أيا كان فهو لا يزال الوطن لا أعرف إذا كان المواطن الأمريكى سيوافق على قدوم أحد إلى الصحراء الغربية أقصد أى صحارى عندكم، ليستولى بالقوة على رقعة من تلك الصحراء ويبدأ بإملاء الشروط هذا هو الوضع هنا.
كيف تقنع الإسرائيليين الذين يبعدون عنك 17 كم ويجلسون على حدود وطنك بأنك لن تهاجمهم بعد استردادك لسيناء؟
السادات: وكيف تقنعنى من جهة أخرى أنهم لن يهاجموننى إنه نفس الشىء.
طوال الأسابيع الخمسة التى أمضيناها مع السادات ظلت قضية الحرب والسلام تحديا مستمرا طارده إلى قريته، وحضر لزيارته مندوب من قبل البابا ودار حوار حول التسامح الدينى.
أما استيطان القدس فهى قضية تهم العرب ويريد السادات من البابا الضغط على إسرائيل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.