طالب المستشار محمد الفقي، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، مجلس النواب بضرورة التدخل تشريعياً للنزول بسن الأطفال في العقوبات إلى ما هو أقل من 15 سنة، ليتم السماح بتوقيع عقوبات كالسجن المشدد والمؤبد للمتورطين من تلك الفئة في جرائم قتل. ولا يجيز قانون الطفل الحكم بالإعدام ولا بالسجن المؤبد ولا بالسجن المشدد على المتهم الذي لم يجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة وقت ارتكاب الجريمة. وفي حال ارتكاب الطفل الذي تجاوزت سنه خمس عشرة سنة جريمة عقوبتها الإعدام أو السجن المؤبد أو السجن المشدد يحكم عليه بالسجن، وإذا كانت الجريمة عقوبتها السجن يحكم عليه بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر. وقال الفقي في تصريحات ل«الشروق» إن التطورات التي يشهدها العالم أجمع على مستوى التطور التكنولوجي والمعرفي، جعلتنا أمام فئة من الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 15 سنة يعون ويدركون طبيعة الأشياء ويفرقون بين الخطأ والصواب، في ظروف مختلفة تماماً عن تلك التي عاصرت إقرار تلك النصوص القانونية التي تغل يد المحاكم عن توقيع عقوبات السجن المؤبد والسجن المشدد على تلك الفئة من الأطفال. وقرر النائب العام المستشار حمادة الصاوي، اليوم الخميس، إحالة فتاة إلى محكمة الجنايات، وإحالة طفلٍ متهمٍ -لم يتجاوز سنُّه خمس عشرة سنة- إلى محكمة الطفل المختصة، لمعاقبتها عما أُسند إليهما من ارتكابهما جريمة قتل والدة المتهمة عمدًا مع سبق الإصرار. وأكد النائب العام في بيان له، أن المتهمين بيتا النية وعقدا العزم على قتلها؛ حتى لا تفضح أمر علاقتهما الآثمة التي أحاطت بها، فقتلاها بعصًا خشبية مُثبَّت فيها مسامير، ومطرقةٍ وماءٍ مغلًى وسكينٍ وكأسٍ زجاجيّةٍ مكسورة. وحول تلك القضية، أكد الفقي أننا أمام ذلك التخطيط للجريمة وطريقة تنفيذها والأدوات المستخدمة فيها، يستحيل أن نكون أمام طفل بالمعنى الذي يقصده القانون بشأن حظر توقيع عقوبة الإعدام والمؤبد عليهم. وأكد الفقي، أن الواقع المصري بات خلال الفترة الأخيرة يشهد العديد من جرائم القتل المتهم فيها أطفال من تلك الفئة، ومن ثم فلابد من تغليظ العقوبات حتى يتحقق الردع العام والخاص بشأنها. وأشار الفقي، إلى أن المشرع حال أخذه بالتوصيات المرتبطة بالنزول بسن عقوبات السجن المشدد والمؤبد لتلك الفئة، يمكنه أن يحتفظ لها ببعض الاستثناءات كتخصيص مراكز تأهيل وإصلاح خاصة لتنفيذ تلك العقوبات بالنسبة لهم بعيدا عن سجون كبار السن، مع الاستمرار في حظر توقيع عقوبة الإعدام عليهم. وتابع: « أتصور أن هذا المقترح يمكن تنفيذه خاصة في ظل تبني الدولة لإصلاحات ملحوظة في سياق السياسة العقابية، والتي عكستها التعديلات الأخيرة التي أدخلت على قانون تنظيم السجون لتحويل السجون إلى مراكز إصلاح وتأهيل، وبالتالي فتخصيص مركز تأهيل وإصلاح خاص لتلك الفئة لن تجد بشأن وزارة الداخلية أية معوقات». وتجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة أكدت في بيان إحالة مشرفة عمال بورسعيك، أن نجلتها المتهمةُ مكنت الطفلَ المتهم من دخول البيت خِلسةً أثناء نوم والدتها المجني عليها، فظفرا بها وقتلاها، ثم سرقا هاتفها المحمول وحاولا إخفاء آثار الجريمة. و أقامت النيابة العامة الدليل قِبَل المتهميْن من إقراراتهما التفصيلية بكيفية تخطيطهما للجريمة وارتكابها، والمحاكاة التصويرية التي أجرياها أمام النيابة العامة لذلك، وكذا مما ثبت من شهادة عددٍ من الشهود، وما أسفرت عنه تحريات الشرطة وشهد به مُجريها في التحقيقات، وما أسفر عنه الفحص الفني للملابس المعثور عليها بمسرح الواقعة الخاصة بالمتهم؛ من تطابق البصمة الوراثية للدماء الملطخة بها مع مثيلتها الخاصة بالمجني عليها. بالإضافة إلى ما تبيّن من فحص هواتف المتهميْن وهاتف المجني عليها الذي استخدمته المتهمة يوم الواقعة؛ من وجود محادثات بين المتهميْن منها ما سُجِّل صوتيًّا وأقر به المتهمان، والتي دلت صراحة على اتفاقهما على ارتكاب الجريمة، كما ضبطت النيابة العامة بإرشاد الطفل المتهم الأدوات التي استخدمها والمتهمة في ارتكاب الجريمة، وقد أيّد تقرير مصلحة الطب الشرعي في نتيجته وبيان أسباب وكيفية وفاة المجني عليها الصورةَ النهائيةَ التي انتهت إليها التحقيقات.