أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية اليوم الثلاثاء، عن اختراق تاريخي في الاندماج النووي، في إطار المساعي العالمية للبحث عن مصدر للطاقة النظيفة غير المحدودة ووضع حد للاعتماد على الوقود الأحفوري. وكشف مختبر لورانس ليفرمور الوطني بولاية كاليفورنيا الأمريكية، اليوم، عن نجاح تجربة أجراها هذا الشهر في إنتاج طاقة من الاندماج أكبر من طاقة الليزر المستخدمة في دفعه. ووصفت وزارة الطاقة الأمريكية، تحقيق الإشعال الاندماجي بأنه "اختراق علمي كبير" من شأنه أن يؤدي إلى تطورات في الدفاع الوطني ومستقبل الطاقة النظيفة. وفيما وصف مدير مختبر لورانس ليفرمور، كيم بوديل، هذه الخطوة الثورية بأنها "أحد أهم التحديات العلمية التي واجهتها الإنسانية على الإطلاق". ويعمل العلماء منذ عقود على تطوير الاندماج النووي، الذي وصفه مؤيدوه بأنه مصدر نظيف ووفير وآمن للطاقة يمكن أن يسمح للبشرية في نهاية المطاف بإنهاء اعتمادها على الوقود الأحفوري الذي يعد السبب في أزمة المناخ العالمية. ماذا حدث؟ قال المختبر الأمريكي، إن فريقًا في منشأة الإشعال الوطنية (NIF) أجرى أول تجربة اندماج محكومة في التاريخ في 5 ديسمبر الجاري، وحقق ما يُعرف باسم "التعادل العلمي للطاقة". ويجمع الاندماج بين ذرتين من الهيدروجين خفيفتين -الهيدروجين أبسط العناصر-لتكوين ذرة هيليوم أثقل؛ ما يطلق كمية كبيرة من الطاقة في هذه العملية. وهذه هي العملية التي تحدث داخل النجوم، بما في ذلك الشمس. ويختلف ذلك عما هو يحدث حاليًا في محطات الطاقة النووية حول العالم، فهذه المحطات تستخدم ما يُعرف بالانشطار أي شق نواة ذرة ثقيلة؛ لإنتاج الطاقة. ويمكن إثارة تفاعلات الاندماج النووي عن طريق تسخين الهيدروجين إلى درجات حرارة قصوى داخل أجهزة متخصصة. واستخدم الباحثون في منشأة الإشعال الوطنية الأمريكية، 192 ليزرا فائق القوة موجهة جميعها إلى كبسولة بحجم أصغر من حبة البازلاء، مملوءة بالهيدروجين. وأوضح المستشار العلمي للبيت الأبيض أراتي برابهاكار، هذه العملية قائلا: "لقد أطلقوا مجموعة من الليزر على حبيبة من الوقود وتم إطلاق المزيد من الطاقة من الاشتعال الاندماجي أكثر من طاقة الليزر". مثل الانشطار، يكون الاندماج خاليًا من الكربون أثناء التشغيل، ولكنه يتميز عنه بالعديد من المزايا؛ فهو لا يشكل خطرًا بحدوث كارثة نووية وينتج نفايات مشعة أقل بكثير. وقالت وزيرة الطاقة الأمريكية جينيفر جرانهولم، إن ما حدث إنجاز تاريخي للباحثين في منشأة الإشعال الوطنية، الذين كرسوا حياتهم المهنية لرؤية اشتعال الاندماج حقيقة واقعة، مضيفة أن هذا الإنجاز سيؤدي بلا شك إلى المزيد من الاكتشافات. ورغم ما حققه المختبر الأمريكي من اختراق علمي، لكن ما يزال هناك طريق طويل قبل أن يصبح الاندماج قابلا للتطبيق على نطاق صناعي. وأوضحت الوزير الأمريكية، أن هذه التقنية لن تكون جاهزة للاستخدام قبل مرور عقد من الزمان، مضيفة: نحن فقط في البداية، إذا تمكنا من تطوير طاقة الاندماج، فيمكننا استخدامها لإنتاج الكهرباء النظيفة، ووقود النقل، والطاقة، والصناعات الثقيلة، وغير ذلك الكثير. وذكر المختبر الأمريكي، أنه ما تزال هناك حاجة إلى العديد من التطورات العلمية والتكنولوجية المتقدمة لتحقيق ذلك بشكل بسيط وبأسعار معقولة لتزويد المنازل والشركات بالطاقة. وقال بوديل، في المؤتمر الصحفي: "هناك عقبات كبيرة للغاية، ليس فقط في العلوم ولكن في التكنولوجيا"، فيما ذكرت الوزيرة، أن "بضعة عقود من البحث حول التقنيات الأساسية يمكن أن تضعنا في وضع يسمح لنا ببناء محطة طاقة". وتوجد مشاريع أخرى للاندماج النووي قيد التطوير في مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك المشروع الدولي الكبير المعروف باسم ITER والذي هو قيد الإنشاء حاليًا في فرنسا. وبدلا من الليزر، سيستخدم مشروع ITER تقنية تُعرف باسم الحبس المغناطيسي، تحتوي على كتلة دوامة من اندماج بلازما الهيدروجين داخل حجرة ضخمة على شكل كعكة دائرية.