أقرت لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي يوم الخميس قرارا يعتمد عبارة الإبادة لوصف المجازر التي لحقت بالأرمن في ظل السلطنة العثمانية ما دفع تركيا على الفور إلى استدعاء سفيرها في واشنطن للتشاور. وعلى الرغم من معارضة البيت الأبيض وأنقرة للتصويت، تبنى 22 من أصل 23 عضوا في اللجنة القرار الرمزي الذي يمهد لطرح القرار للتصويت أمام المجلس بأكمله. ويدعو القرار الذي ليست له صفة القانون الرئيس الأمريكي إلى استخدام كلمة "الإبادة" لوصف "التصفية المنهجية والمتعمدة لمليون ونصف مليون أرمني" في عهد السلطنة العثمانية بين 1915 و1923. وردت تركيا التي حذرت من العواقب الخطيرة لمثل هذا القرار على العلاقات الثنائية بإدانته واستدعاء سفيرها. وأعلن بيان حكومي في أنقرة مساء الخميس "إننا ندين هذا القرار الذي يتهم الأمة التركية بجريمة لم ترتكبها", واضاف: "على أثر هذا التطور، تم استدعاء نامق تان سفيرنا في واشنطن إلى أنقرة للتشاور". وقال الرئيس التركي عبدالله جول تعليقا على القرار إنه: "ليست له أي قيمة في نظر الشعب التركي", وأضاف أن: "تركيا ليست مسئولة عن العواقب السلبية التي يمكن أن تنجم عنه في مختلف المجالات". وقبيل التصويت، حثت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب على عدم التصويت على القرار لما سيكون له من أثر على مسيرة المصالحة بين تركيا وأرمينيا. وقالت هيلاري للصحفيين في كوستا ريكا: "لا نعتقد أن الكونجرس بأكمله سيتخذ موقفا أو عليه أن يتخذ موقفا بشأن القرار". وأدانت الولاياتالمتحدة على الدوام المجازر التي تعرض لها الأرمن بين 1915 و1918 لكنها تجنبت استخدام عبارة "الإبادة" لوصف ذلك حرصا على عدم توتير علاقاتها مع تركيا العضو في حلف شمال الأطلنطي والحليف الرئيسي في الشرق الأوسط. وقال مايك هامر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في بيان إن هيلاري اتصلت يوم الأربعاء بهاورد بيرمان رئيس لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب لمحاولة إقناعه بعدم التصويت على القرار. وقال فيليب كراولي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية للصحفيين إن الولاياتالمتحدة ملتزمة "باعتراف عادل وصريح بالوقائع المرتبطة بالأحداث التاريخية لعام 1915", ولكنه قال بشأن القرار، "نحن قلقون بشأن تاثيره المحتمل على العلاقات مع الدول المعنية". وضاعفت أنقرة الضغوط لمنع دون تمرير القرار. واتصل الرئيس التركي عبد الله جول مساء الأربعاء بنظيره الأمريكي باراك أوباما لبحث هذه المسألة، فيما حض وزير خارجيته احمد داود اوغلو النواب الأمريكيين على رفض القرار. وتدعم واشنطن بقوة عملية تطبيع العلاقات بين تركيا وأرمينيا بعد عقود من العداوة، ووقع البلدان في أكتوبر اتفاقا لإقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود. وتوعد أوباما خلال حملته الانتخابية بأنه سيعترف بالمجازر التي تعرض لها الأرمن باعتبارها إبادة لكنه أثار استياء الأرمن الأمريكيين عندما اغفل استخدام العبارة في رسالة بمناسبة إحياء ذكرى الضحايا العام الماضي. يذكر أن الأرمن مارسوا ضغوطا من اجل اعتبار المجازر وعمليات الترحيل التي تعرضوا لها بين 1915 و1917 إبادة، حيث أدت بحسبهم إلى مقتل أكثر من مليون ونصف مليون في صفوفهم, غير أن تركيا تعترف يمقتل 300 إلى 500 ألف فحسب، لا بسبب حملة تصفية، بل بسبب ما قالت إنها الفوضى التي سادت في السنوات الأخيرة من حياة الإمبراطورية العثمانية. وترفض تركيا قطعا مفهوم الإبادة الذي أقرته فرنسا وكندا والبرلمان الأوروبي. ويشار إلى أن تركيا كانت قد استدعت سفيرها في واشنطن في 2007 عندما وافقت اللجنة البرلمانية عينها على قرار مماثل. وفي ذلك الوقت حال الرئيس جورج بوش دون طرح النص للتصويت على كامل الكونجرس.