* أشعر بوجود حالة تربص لمسلسل «الضاحك الباكى».. ولم أندم على اختيارى العودة للإخراج بمسلسل سيرة ذاتية * كونت فريقا لجمع المعلومات والتحقق من صحتها حتى لا نقع فى فخ الأخطاء التاريخية * فردوس عبدالحميد إحدى عمالقة التمثيل فى مصر.. ووجودها إضافة قوية لأى عمل * عابوا علىَّ سنى الكبير ونسوا 50 عاما من العطاء والنجاحات.. وأطالب بمن يشكك فى قدراتى على تطوير أدواتى أن يختبرنى * تفهمت انفعال محمد الغيطى على أحد المنتقدين.. وهناك فرق بين النقد والشتيمة * طلبت من عمرو عبدالجليل أن يكون نفسه لأن روح السخرية التى يتمتع بها قريبة الشبة جدا من نجيب الريحانى * رغم حزنى الشديد من التطاول الذى أتعرض له.. لكنى سعيد أن عودتى أثارت جدلا ودفعت الناس للقراءة والبحث عن بطل أحدث مسلسلاتى رغم حملات الهجوم الشرسة التى يتعرض لها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، عقب عرض أولى حلقات مسلسله الجديد «الضاحك الباكى»، والتى تطورت لمحاولة هدم تاريخه الفنى الكبير، ومشواره الممتلئ بكثير من النجاحات والتألق، الذى استمر لأكثر من نصف قرن، إلا أن المخرج محمد فاضل فى لقائه مع «الشروق» للحديث عن أحدث أعماله الدرامية، وعودته للإخراج بعد غياب، كان فى غاية الهدوء، واثقا من نفسه كعادته، متقبلا لكل الأسئلة بصدر رحب، لم ينفعل، ولم يرفض الإجابة على أى سؤال مهما كانت جرأته، فكانت فرصة ان نطرح عليه كل ما أثير عبر مواقع التواصل الاجتماعى، عنه وعن زوجته الفنانة فردوس عبدالحميد إحدى بطلات «الضاحك الباكى» وعن مستوى سيناريو المسلسل الذى شهد عودته للإخراج الدرامى بعد غياب دام عشرة أعوام تقريبا. وكانت البداية حينما رحبت به فى زمن مواقع التواصل الاجتماعى، لأن أحدث مسلسلاته «الضاحك الباكى» يعد أول مسلسل له فى هذا الزمن، الذى تحول فيه الجمهور إلى نقاد لا يرحمون، وتحولت حساباتهم على هذه المواقع لمنصات محاكمة وانتقادات لاذعة لأى عمل فنى لا يحظى على إعجابهم، ففاجأنى بقوله: بعد ما قرأت من هجوم وتطاول عليّ، وعلى صناع مسلسلى، تمنيت ألا أعيش زمن السوشيال ميديا، هذا العالم الغريب، الذى يتيح لرواده الحق أن يهينوا الأشخاص بدون وعى وبدون أى حسابات لقامات كبيرة، وبلا أى مسئولية أو ضمير، وأن يستهينوا باعمال بذل فيها أصحابها كل جهدهم، ووقتهم، كى يخرج بأفضل صورة ممكنة، وأن يطلقوا سهامهم بشكل غريب، دون إدراك نتائج ما يفعلون، حتى لو كانت النتيجة مأساوية. * هل هذا يعنى أنك تأثرت بشكل كبير بحملات الهجوم الذى تعرضت لها عبر هذه المواقع؟ لم أتأثر، خاصة أننى أعلم ماذا أفعل، وأدرك حقيقة علاقتى القوية والطيبة بالجمهور الحقيقى، الذى يعيش على أرض الواقع بعيدا عن هذا العالم الإفتراضى، هذا الجمهور الذى لم أخذله يوما طوال 50 عاما من العمل، وكنت أسعى دوما لتقديم أعمال تحترم عقله ومشاعره، لكنى حزين على ما وصلنا إليه من أخلاق، ومن استغلال البعض لهذا العالم كى يبثوا سمومهم، فأنا أشعر أن هناك حالة تربص بالمسلسل منذ الحلقة الأولى، بل وقبل عرضها، فهل يعقل أن يحدث هذا الهجوم الضارى، بعد عرض الحلقة الاولى ويستمر فى الحلقات التالية بدون أى مبرر قوى، وبدون أن يمهلوا أنفسهم الوقت كى يشاهدوا المسلسل المكون من 30 حلقة، فهذا لا يعنى بالنسبة لى سوى أمر واحد، ان ما حدث هى حملات مغرضة، ومدفوعة الأجر، يقف وراءها أناس يخشون عودة الكبار للدراما التليفزيونية من جديد. * ألا ترى أن التلويح بفكرة أن حملات النقد مدفوعة الأجر قد تثير غضب البعض خاصة هؤلاء الذين كانت لهم تعليقات وآراء نقدية على الحلقات الأولى للمسلسل؟ فى البداية لابد أن نتفق على شىء فى غاية الأهمية، أن هناك فارقا شاسعا بين النقد والشتيمة، فأنا مع النقد قلبا وقالبا، ولا يضيق صدرى أبدا بالنقد الموضوعى المبنى على أساس، لكن حينما يتحول النقد إلى شتيمة، وتطاولا بغرض النيل من شخصى، وأجد أن هناك من يشير بالنقد لكبر سنى أنا أو الفنانة فردوس عبدالحميد ويعتبر أن العمر تهمة تطارد صاحبه، فهذا ليس نقدا، بل تطاولا مغرضا بلا شك. * لكن ما ردك حول ادعاء البعض أن كبر السن قد يجعلك بعيدا عن لغة هذا الزمن، خاصة بعد التطور الكبير الذى شهدته صناعة الدراما التليفزيونية خلال العشرة أعوام التى ابتعدت فيها عن الإخراج التليفزيونى؟ ادعاء مضحك، فهؤلاء افترضوا اننى كنت أجلس على «القهوة» احتسى شايا وألعب طاولة طوال العشرة أعوام الماضية، وتركت الفن، ثم عدت عليه، وهذا غير حقيقى بالمرة، فطوال العشرة أعوام الماضية، كنت أدرس، وأتابع كل ما هو جديد، بل وأدرس مادة الإخراج فى أكثر من ورشة تدريب، وعلاقتى بمديرين التصوير الشباب مستمرة، واستعنت بأحدهم فى هذا المسلسل، كما استعنت بهندس ديكور شاب أيضا، وعموما، أود أن أعلن لهؤلاء أننى مستعد للخضوع للاختبار، فليمتحنونى ويقيمون اذا كنت مواكبا للزمن أم لا، حقيقى أن حزين، أن يصل التجاوز لحد العمر، وكأنه عيب، وأنا لست الوحيد الذى يعمل وهو كبير فى السن، فالمخرج الراحل صلاح أبوصيف ظل يعمل حتى آخر يوم فى عمره، فلقد رحل عن عالمنا فى عمر ال81، وكان لديه سيناريو يحضر له، ومثل هذه التجاوزات تدفعنى للاقتناع أن من يقف وراءها أناس يهمهم بالمقام الأول ألا يعود الكبار، لأننا لن نقبل تلك الممارسات المنتشرة فى الأعمال الدرامية، فلن نقبل سوى بالعمل بالطريقة الصحيحة، أن يكون لدينا سيناريو مكتوب بالكامل، وأن نختار الممثل المناسب للدور بالتشاور مع جهة الإنتاج، وألا نخضع لسطوة بعض النجوم. * لكن ألا تتفق مع الغاضبين الذين لم يتقبلوا فكرة أن تؤدى الفنانة القديرة فردوس عبدالحميد دور أم لرضيع فى هذه المرحلة العمرية؟ أتقبل وجهة النظر والغضب إذا كان لهذا الأمر أى تأثير درامى، لكن الموضوع برمته لم يستغرق سوى حلقة واحدة، وجزءا صغير من الحلقة الثانية، وسرعان ما كبر الأطفال وأصبحوا شبابا، ثم أننا لم نستعن برضيع، فلم يتعد الأمر سوى الاستماع لبكاء طفل، وانتهى الأمر عند هذا، ودخلنا فى عالم الأم التى تعانى الحاجة مع أبنائها الكبار. * ولكن ما ردك حول الادعاء أنك تصر على الاستعانة بزوجتك الفنانة فردوس عبدالحميد حتى لو لم يكن الدور مناسبا لها؟ ادعاء باطل، ولترجعوا لقائمة أعمالى، وتحسبوا كم عمل أخرجت، وكم عمل شاركت فيه فردوس، ومن يروج لهذه الفكرة، ناقدا للأسف، لا هم له سوى الهجوم علىّ ليل نهار، وكأنه لم ينس يوما أننى طردته من إحدى استوديوهات التصوير لأنه كان يعطل العمل، لكن الحق يقال إن فردوس عبدالحميد تعد واحدة من عمالقة التمثيل فى مصر، قدمت الكثير من الأعمال الناجحة، وشاركت فى بطولة عملين من إخراج المخرج محمد سامى، وتشارك حاليا فى بطولة مسلسل «حرب الجبالى» مع المخرج محمد أسامة، وتعاقدت على الاشتراك فى بطولة مسلسل «عملة نادرة» مع نيللى كريم الذى يذاع فى موسم رمضان المقبل، فهل كل هؤلاء يجاملونها، وللعلم فأنا أتمنى أن تشارك فردوس فى كل عمل أقوم بإخراجه فهى إضافة قوية، وتزيد العمل الفنى. * لماذا شعر كثيرون بأن فردوس عبدالحميد لم تكن فى طبيعتها الفنية، وتفتقد للمرونة اللازمة بخلاف أعمالها السابقة؟ لطبيعة الدور الذى تلعبه، فنحن أمام أم قد يصنفها البعض بأنها أم قاسية القلب، تميل بمشاعرها لأحد الأبناء ضد آخر، وهى شخصية غاية فى الصعوبة، وتحتاج من مؤديها أن تكون مشاعره مضطربة، ومتناقضة، فنحن أمام امرأة كانت تعيش حياة رغدة سعيدة، وفجأة مات زوجها وانقلبت الحياة على رأسها، وبعد أن كانت تعيش بالقصور، أصبحت تسكن بالبدروم، وتتحمل مسئولية الإنفاق على أربعة أبناء، منهم ابن يعانى من إعاقة ذهنية، وآخر لديه حلم أن يكون «وكيل نيابة» واضطرت أن تضعط على ابنها نجيب كى يساهم فى الإنفاق على المنزل. * من الانتقادات التى وجهت للمسلسل أيضا اختيار باقى ابطال العمل، فهناك من رأى أن عمرو عبدالجليل لم يكن مناسبا لكبر سنه، كما أن الممثل الذى لعب دور شقيقه الأكبر كان يبدو عليه أنه يصغره بسنوات كثيرة، فما تعليقك؟ أولا من وجهة نظرى فالفنان عمرو عبدالجليل أكثر ممثل مناسب لأداء دور نجيب الريحانى، وكان من الممكن الاستعانة بوسائل تكنولوجية حديثة، وبماكياج متطور لإخفاء تجاعيد الوجه فى هذه المرحلة، لكن للأسف الميزانية لم تسمح لنا بذلك، فمن الأمور التى ضغطت علينا أثناء عملنا كانت الميزانية، ففوجئت أن ميزانية المسلسل الذى يذاع خارج الموسم الرمضانى، قليلة مقارنة بمسلسلات رمضان، واضطررت التعامل وفقا لهذه الميزانية الأمر الذى أثر على أشياء كثيرة، منها الماكياج والجرافيك والديكورات، والمسارح، حيث فوجئنا أن وزارة الثقافة تطلب مننا مبلغا وقدره 150 ألف جنيه مقابل 8 ساعات لتصوير بعض المشاهد فى مسارح الدولة، وهو أمر مكلف للغاية، واضطررنا لبناء أماكن بديلة، وقمنا بإلغاء فكرة التصوير خارج مصر، رغم أن نجيب سافر الشام وعاش بالبرازيل لمدة عام، توفيرا للنفقات، وأشياء كثيرة من هذا القبيل. * هل صحيح أن عمرو عبدالجليل تغلب عليك كمخرج بتمسكه بنمط أدائه، وإفيهاته التى اعتاد الجمهور عليه منه فى أعماله السابقة وهو يؤدى دور نجيب الريحاني؟. أعتبر من الذين اكتشفوا الفنان عمرو عبدالجليل، فأنا الذى قدمته بالدراما التليفزيونية عام 1990، حينما أسندت له أحد ادوار البطولة فى مسلسل «ما يزال النيل يجرى» وادرك حجم موهبته، وفى هذا العمل نفذ عمرو عبدالجليل تعليماتى كما ينبغى، فانا من طلبت منه ألا يتخلى عن روح السخرية التى يتمتع بها، فهى شبيهة للغاية بنفس روح السخرية التى كان يتمتع بها الريحانى فى حياته الشخصية، فهو ساخر بطبيعته، وكان يستعين على الظروف الحياتية الصعبة بالسخرية منها، وفى خطابة الاخير نعى نفسه وكتب «مات نجيب الريحانى اللى مكانشى بيعجبه العجب ولا الصيام فى رجب» هكذا كان نجيب، وعليه فأداء عمرو مناسب جدا للشخصية. * ما ردك على من يدعى أنه لو كان لديك سيناريو آخر غير السيناريو الذى كتبه محمد الغيطى لاختلف الأمر، فى إشارة لضعف مستوى السيناريو الحالي؟ الحق يقال إن من وجهة نظرى السيناريو الذى كتبه محمد الغيطى جيد جدا، ومتماسك، وأعجبت به منذ الوهلة الأولى لقراءته، وهذه وجهة نظر نابعة من رجل تعاون مع كبار مؤلفى الدراما، فالورق رائع، واستلمته كاملا قبل بدء التصوير، وقمت بعمل بروفات استغرقت شهرين كاملين، وكونت فريق للمعلومات لتدقيق وتصحيح كل المعلومات التاريخية التى تضمنها بالعمل حتى لا نقع فى فخ الأخطاء التاريخية، وكانت هناك دراسة كاملة ووافية لكل تفاصيل المسلسل من موديلات الملابس والسيارات، وشكل الحنطور، ووقتها اين كانت تتوافر الكهرباء، وكيف يتم إنارة المسارح وهكذا. * كيف تعاطيت مع انفعال محمد الغيطى العنيف مع المنتقدين للمسلسل وتطاوله عليهم؟ تفهمت رد فعل الغيطى تماما، فكما قلت إن هناك فارقا شاسعا بين النقد والشتيمة، وانفعال محمد الغيطى سببه هو سخرية البعض من المعلومات التى جاءت بالمسلسل، خاصة فيما يتعلق بحادث اغتيال بطرس غالى، وهم لا يدركون حجم تدقيق المعلومات الذى قمنا به، ولدينا أدلة وبراهين على صحة كل المعلومات التى ذكرها العمل، وتفهمت أيضا حالة الغضب التى أبداها من هجوم إحدى الفنانات المعتزلات على المسلسل، والتى اعتادت الهجوم على زملائها بشكل غريب وغير مقبول، فنحن نتحدث عن مسلسل لم يذع منه سوى القليل وما تزال هناك أحداث كثيرة، وتصاعد درامى فى الحلقات القادمة. * من العيوب التى رصدها البعض بالمسلسل بطء إيقاعه، كما أن «قفلة» الحلقة غريبة، حيث يفاجأ المشاهد بانتهاء الحلقة دون مبرر درامى؟ أولا بطء الإيقاع مقصود، فنحن نقدم عملا دراميا تدور أحداثه قبل مائة عام، وخالى من الأكشن، كما أن هذا هو إيقاع العصر فى ذلك الوقت، والحلقات الأولى تمهد للشخصية وتستعرض المأساة التى يعيشها البطل قبل انغماسه فى عالم الفن والأضواء، ومن خلال المسلسل نرصد التاريخ الفنى والاجتماعى فى مصر، حيث يتعدى العمل كونه لسيرة ذاتية، ليكون أقرب لمسلسل تاريخى يرصد فترة مهمة من تاريخ مصر، أما «قفلة الحلقة» فأنا متفق تماما مع هذا الرأى، فلقد اعتدت فى جميع أعمالى السابقة ان مدة الحلقة الواحدة 40 دقيقة، لكن مع تغير العصر، أصبحت مدة الحلقة 26 دقيقة فقط، وعليه مطلوب منى أن استخدم السكينة لعمل قطع بعد الدقيقة ال26، وهو أمر اضطررت إليه، رغم يقينى أن «قفلات» الحلقات تحتاج لمخرج شاطر، وطالما قدمتها فى أعمالى السابقة، لكن العصر اختلف. * هل ندمت على اختيارك العودة للإخراج من خلال مسلسل سيرة ذاتية بما يحمله من مشاكل كثيرة نابعة من المستوى غير المرضى لمسلسلات السير الذاتية السابقة؟ بالعكس أنا سعيد للغاية بالعودة من خلال هذا المسلسل، لأنه صعب، و«مش» أى مخرج يستطيع إخراجه، وغير صحيح ما يدعيه البعض أن مسلسل «الضاحك الباكى» أقل قوة وتأثيرا من أعمالى السابقة، بدليل حالة الجدل الكبيرة الذى أثاره منذ الحلقة الأولى، فرغم حزنى على تحول النقد فى بعض الاحيان لتطاول، لكن فى نفس الوقت، فرودو الأفعال الكبيرة تعنى نسب مشاهدة كبيرة، وهناك كثيرون دفعهم المسلسل للقراءة والبحث عن حياة نجيب الريحانى، وهو أحد أهم أدوار المسلسلات التليفزيونية التى تدفع المشاهد للمناقسة والتحاور، وأنا مستعد لمناقشة أى شىء متعلق بالمسلسل، فهذا واجب عليّ. * بعيدا عن الانتقادات أود أن أعلم كيف كان رد فعلك وأنت تخطو داخل لوكيشن التصوير بعد غياب كل هذه الاعوام؟ الغريب أننى لم أشعر بأى شىء غير عادى، وكأننى تركت «اللوكيشن» بالأمس، وكأننى لم أتوقف يوما عن العمل، وربما لأننى قمت بعمل بروفات وتحضير لأكثر من شهرين، وجلست مع الناس قبل أن نصل للاستوديو، فكان كل شىء جاهزا، ودخلت اللوكيشن وأن أعلم كل صغيرة وكبيرة به، وتعاملت بشكل عادى تماما.