كالمحارب الذي وجد نفسه في معركة لا يملك فيها أي سلاح للدفاع عن نفسه من ضربات العدو، هذا هو شعور مريض التصلب الجانبي الضموري – ALS، الذي يعد مرضًا فتاكًا أكثر بشاعة من السرطان، لأن سبب الإصابة به غير معروفة، بالإضافة إلى أنه ليس له علاج، فيتوفى معظم المرضى بعد مرور 5 سنوات فقط من تشخيصهم بالمرض اللعين. فتحت "الشروق" ملف مرض التصلب الجانبي الضموري في مصر، والذي يعد أشهر المصابين به هو لاعب الأهلي والزمالك السابق مؤمن زكريا، الذي لم يعلم أحد من جمهوره قبل ذلك ما هي طبيعة مرضه، وما هي أعراضه، وفي هذا الملف نناقش تفاصيل المرض الخطير مع المرضى والأطباء، خاصة بعد ظهور بصيص من الأمل في علاجه. واعتمدت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، دواءً جديدا منذ عدة أيام، قيل أن نتائجه واعدة في شفاء المرضى، فهل يوجد أمل في استيراد هذا الدواء سريعًا ومعالجة مرضى التصلب الجانبي الضموري قبل أن يحصد المرض اللعين المزيد من الأرواح؟ ما هو التصلب الجانبي الضموري؟ التصلب الجانبي الضموري المعروف علميًا باسم ALS، هو مرض مناعي يصيب الجهاز العصبي للإنسان، ويؤثر على الخلايا العصبية في المخ، ويُفقد المريض قدرته على التحكم في جميع عضلات الجسم، هذا بحسب ما ذكر في موقع مايو كلينك. يبدأ المريض بالشعور بالتصلب الجانبي الضموري من خلال أعراض بسيطة مثل ضعف الأطراف، أو تعثر في الحديث، ولكن سرعان ما يتطور المرض إلى أن يصعب على المريض التحرك، أو التحدث نهائيًا، أو حتى التنفس بشكل طبيعي، ويعتبر الأطباء هذا المرض فتاكًا لعدم وجود علاج فعال له حتى الآن. تختلف أعراض التصلب الجانبي الضموري من شخص لآخر، نظرًا لاختلاف الخلايا العصبية بين البشر، ولكن يوجد بعض الأعراض التي تتكرر مع المرضى، وهي: صعوبة التحرك حتى يتوقف المريض عن أداء مهامه اليومية، التعثر والسقوط كلما حاول المريض الوقوف أو المشي، وجود مشكلات في البلع، التثاؤب أو البكاء أو الضحك فجأة دون تحكم في عضلات الوجه، الإصابة بتشنج في العضلات، وفي النهاية عدم القدرة على التنفس إلا من خلال أجهزة التنفس الصناعي. ما يجعل اختراع دواء يعالج التصلب الجانبي الضموري صعبًا، هو عدم معرفة أسباب الإصابة به حتى الآن، فوفقًا للدراسات يصاب نسبة تتراوح بين 5 إلى 10% من الأشخاص بالمرض نتيجة لأسباب وراثية، ولكن لا يعرف الأطباء لماذا أصيبت بقية الحالات بهذا المرض الخطير، والنظرية الأكثر رواجًا عن أسباب الإصابة حتى الآن، هي توافر مجموعة من العوامل البيئية بجانب العوامل الوراثية، مثل التلوث البيئي مع وجود طفرات جينية معينة يحملها الشخص، ما يسببان سويًا إصابته بالتصلب الجانبي الضموري. بالرغم من أن الأكثر شيوعًا هو إصابة الأشخاص الذين يبلغون من العمر 40 عامًا فيما فوق بالمرض الخطير، إلا أن المرض طوّر خصائصه، فأصبح أكثر انتشارًا مع مرور السنوات، واتسعت نسبة المصابين به، حتى أصبح يصاب به الشباب في العشرينات من عمرهم. مضاعفات خطيرة تؤدي إلى الوفاة تؤدي مضاعفات التصلب الجانبي الضموري إلى الوفاة، لأنه يتسبب في ضمور العضلات اللازمة للتنفس، فيرتدي المصاب خلال نومه قناعًا يوضع على الفم أو الأنف أو كلاهما، كما يمكن أن يوضع على جهاز تنفس صناعي يسمى BiPAP، وهو الجهاز الذي تستخدمه معظم الحالات، للتغلب على أزمة انقطاع النفس خلال النوم. عندما تسوء الحالة يلجأ المرضى إلى الخضوع لثقب القصبة الهوائية، وهو ثقب يحدثه الأطباء من خلال الجراحة في مقدمة الرقبة، ليصل إلى القصبة الهوائية، ويساعد على انتفاخ وانكماش الرئة لمساعدة المريض على التنفس، ويعتبر الفشل التنفسي، هو السبب الأول والأساسي في معدلات الوفاة بين مرضى التصلب الجانبي الضموري. يعاني مرضى التصلب الجانبي الضموري أيضًا من تغير الصوت، ثم فقدان القدرة على الحديث نهائيًا، كما يفقد المريض قدرته على البلع مع مرور الوقت، وتقوم معظم الحالات بتركيب أنبوب تغذية للحصول على الطعام والشراب، فيتعرضون لخسارة الوزن بشكل كبير، يؤثر ذلك على صحتهم بالسلب، ما يزيد من خطورة المرض. يصعب تشخيص التصلب الجانبي الضموري مبكرًا، لأنه مرض مازال قيد البحث، ولكن ما يفعله الطبيب هو استبعاد إصابة المريض بالعديد من الأمراض، وإجراء رنين مغناطيسي، بجانب تحليل عينة من النخاع الشوكي للتأكد ما إذا كان المريض مصابًا بهذا المرض أم لا. بالرغم من اعتماد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لدوائين لعلاج مرض التصلب الجانبي الضموري، وهما أقراص ريلوزول، وحقن إدارافون، إلا أن هذه الأدوية لا تعالج المرض، ولكنها تزيد من احتمالية بقاء المريض على قيد الحياة لمدة عدة أشهر فقط، فقد أثبتت الدراسات أن المريض من المحتمل أن يزيد عمره من 3 إلى 6 أشهر عند تناول هذه الأدوية، مع الإصابة بآثارها الجانبية والتي على رأسها، اضطرابات الجهاز الهضمي، وضيق التنفس والدوخة. بجانب العلاج الدوائي، يخضع مرضى التصلب الجانبي الضموري للعديد من العلاجات الأخرى، مثل المداومة على جلسات العلاج الطبيعي، لمساعدة المريض على المشي، هذا بجانب الانتظام في جلسات التخاطب لعلاج مشكلة التعثر في الحديث، لتصبح كلمات المريض مفهومة بشكل أكبر لعائلته ومن حولته، وبالتأكيد يخضع المريض لجلسات علاج نفسي، لأن التوتر والخوف من الموت بسبب المرض، يؤدي إلى تدهور صحة المريض بشكل أكبر، وبالتالي وفاته في مدة أسرع من المتوقع. لا يوجد علاجات أثبتت فعاليتها في القضاء على مرض التصلب الجانبي الضموري – ALS نهائيًا حتى الآن، ولكن يحاول العلم يوميًا إيجاد حل لوقف هذا المرض الفتاك، قبل أن يحصد المزيد من الأرواح.