كشفت وزارة المالية أمس الأول أن هناك توجها لاستخدام ال4 مليارات جنيه المخصصة للعلاوة الاجتماعية فى الاستثمار فى البنية الأساسية بهدف دفع معدلات التشغيل. يتوقع الموظفون فى القطاعين العام والخاص زيادة رواتبهم بنسبة 10%، كعلاوة اجتماعية، كل عام، إلا أنهم قد لا يحصلون عليها العام المالى المقبل الذى يبدأ فى يونيو، رغم الأزمة، لخلق مزيد من فرص العمل لتنشيط الاقتصاد (على حد تعبير الحكومة). حيث تتجه الحكومة لتحويل مخصصات العلاوة البالغة نحو 4 مليارات جنيه لتمويل مشروعات البنية التحتية، بعد أن اعتبر يوسف بطرس غالى فى تصريحات له أن «كل مليار جنيه يتم إنفاقها تخلق فى المقابل 100 ألف فرصة عمل»، وهو ما يعنى أن أموال العلاوة ستضيف 400 ألف فرصة عمل. ونقل الموقع الرسمى للحزب الوطنى الديمقراطى عن غالى قوله إن «هناك آراء ترى أنه إذا تم توجيه هذه المبالغ إلى مشروعات البنية الأساسية فإنها سوف تولد فرص عمل». ويعتبر جودة عبد الخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، هذا الاتجاه لعدم صرف العلاوة الاجتماعية فى العام الحالى تحميلا للفقراء بعبء الأزمة الاقتصادية. «ففى ظل تضخم ما زال يزيد على 10%، وفى إطار تفاهة الحد الأدنى للأجور، تعد العلاوة الاجتماعية هى الوسيلة الوحيدة لمساعدة الفقراء فى مواجهة الأزمة». ويقول عبد الخالق إن التوجه لتحويل الأموال من العلاوة الاجتماعية إلى البنية الأساسية يعكس تحيزا لصالح الأغنياء، المستفيدين بدرجة أكبر من كثير من مشرعات البنية التحتية (تحويل الطريق بين القاهرة والإسكندرية لطريق دولى حر يعتبر نموذجا فى رأيه). ورغم أن هناك بنودا فى الإنفاق على البنية التحتية يستفيد منها الفقراء مثل تحسين خدمات الصرف وتطوير القرى، إلا أن النسبة مختلة لصالح الأغنياء، كما يقول عبدالخالق: «ففى خطة موازنة 2008/2009 مثلا تم تخصيص 300 مليون جنيه لدعم تنمية الصعيد كله، مقابل 2000 مليون لدعم المصدرين، مع الوعد بمضاعفتها فى الخطة الجديدة». بينما ترى عالية ممدوح أن الأسعار من المتوقع أن تتراجع ليصل معدل التضخم إلى 6.8% بنهاية 2009، وبالتالى فإن العبء سيتم تخفيفه عن المواطنين مقابل السنة السابقة، وفى النهاية «لازم حاجة تشيل حاجة». وتقول نهال المغربل، أستاذ اقتصاد بجامعة القاهرة، إنه من المؤكد أن توجه الأموال، التى كانت مخصصة للعلاوة الاجتماعية إلى مشروعات البنية الأساسية يعد أفضل، «فربما يؤدى صرف العلاوة إلى زيادة معدل التضخم». ومن المنتظر أن تتضمن الموازنة الجديدة أيضا، وفقا لغالى، استمرار برنامج الإنعاش الاقتصادى بقيمة 12مليار جنيه «حيث سيتم إنفاق ثمانية مليارات جنيه فى مشروعات البنية الأساسية وأربعة مليارات لدعم الصادرات والتنمية الصناعية والإنفاق بصفة عامة». وشدد الوزير على أن الهدف الرئيسى من هذا البرنامج هو زيادة فرص العمل والتشغيل. بينما تقول مصادر بالسوق إن حزمة الإنقاذ بقيمة 15 مليار جنيه، التى أعلنت عنها الحكومة للتنفيذ فى العام المالى الحالى لم تجد طريقها للنور حتى الآن. «قالوا إنها ستصرف قبل يونيو لكن لا شىء حدث حتى الآن» على حد تعبير عالية ممدوح. وتحاول الحكومة توجيه الاستثمارات للبنية الأساسية لتعويض تراجع معدلات النمو الاقتصادى، التى يقدرها بنك الاستثمار بلتون، فى حسابات أولية له، بأقل من 3% العام المقبل بحسب ما أعلنه وزير المالية. (بحساب أن ال109 مليارات عجزا تشكل 8.4% من الناتج المحلى الإجمالى المتوقع فى 2009/2010). وتنزل حسابات بلتون بمعدل النمو المتوقع العام المالى المقبل إلى 2.4%. وترى المغربل أن توجيه هذه الأموال إلى مشروعات البنية الأساسية خيار مناسب فى التوقيت الحالى، خاصة أن هذه المشروعات تستوعب عمالة من الفئات الأكثر تضررا فى أوقات الأزمات، وهى أفضل من الإنفاق على مشروعات صناعية «تحتاج إلى وقت أطول لإظهار مردود إيجابى». لكن المغربل اشترطت حتى تحقق هذه السياسة الهدف المرجو منها أن يتم تخصيص نحو50% من التكلفة المرصودة لهذه المشروعات لبند الأجور، حتى يستفيد منها أكبر عدد ممكن من الفئات المحتاجة، وأن ترتبط الفرص التى سيتم توفيرها للعمل بتدريب العمالة حتى تكون قد استفادت على المدى الطويل. وكشفت أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء هذا الأسبوع أن الربع الأخير من 2008 قد شهد انضمام 88 ألف شخص لصفوف العاطلين ليرتفع معدل البطالة إلى 8.8% فى مؤشر رسمى جديد على تأثر التوظيف بفعل تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد المحلى. إلا أن جودة عبد الخالق يرى أن التوجه للبنية التحتية ليس حلا مناسبا لأزمة العمالة «فالبنية التحتية ليست مصنعا، وبالتالى هى لا تخلق فرص عمل دائمة»، ويقول إن مثل هذه الفرص تخلقها مشروعات إنتاجية صناعية أو زراعية تولد طاقة إنتاجية مستمرة فى الاقتصاد. وستعول الحكومة فى استثمارات البنية الأساسية المخططة على الاقتراض من الداخل وإصدار أذون خزانة لتمويل هذا الإنفاق مما يعنى أن العجز سيقفز (تصل توقعات المالية به فى الموازنة الجديدة إلى 8.4%). ويبدو أن الحكومة لن تلجأ إلى رفع الأسعار كما فعلت عندما زادت العلاوة الاجتماعية فى مايو 2008 ورفعت وقتها أسعار السولار والبنزين وأسعار الطاقة للمشروعات كثيفة الطاقة بالمناطق الحرة. فقد أكد وزير المالية أن الرئيس مبارك أصدر توجيهاته بعدم وجود أى أعباء إضافية على الاقتصاد القومى لأنه لا يتحمل أعباء فى هذه المرحلة سواء زيادات فى الأسعار أو فى الضرائب.