عكس جدل حاد تشهده مصر حول تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة، خلافاً ما يزال عميقا حول دورها في المجتمع وإمكانية توليها المناصب العليا. وكان المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة، قرر الأسبوع الماضي التغاضي عن قرار اتخذته الجمعية العمومية لهذه الهيئة القضائية، التي رفضت الغالبية العظمى من أعضائها الأسبوع الماضي تعيين المرأة قاضية في مجلس الدولة، الذي يضم المحكمة الإدارية والمحكمة الإدارية العليا. وقال الحسيني، إنه يستند في قراره عدم الالتزام بقرار الجمعية العمومية إلى أنه لا يمكن التصويت على أمور تخالف الدستور الذي يكفل المساواة التامة بين الرجل والمرأة، ولكنه واجه انتقادات عنيفة من زملائه الذين دعوا إلى عقد اجتماع عاجل لمواجهة قراره، بل أن بعضهم يفكر في اتخاذ إجراء قانوني لإقالته من منصبه. وأكدت المستشارة نهى الزيني، وهي واحدة من 42 قاضية في مصر وتعمل في هيئة النيابة الإدارية، إن منع المرأة من اعتلاء منصة المحاكم الإدارية "مناقض للدستور". وقالت الزيني إنها "مصدومة" من نتيجة الاقتراع الذي جرى في الجمعية العمومية لمجلس الدولية، رغم أنها تقر بأنه يعكس أزمة مجتمع لا يزال يرفض تولي المرأة مناصب المسؤولية العليا. واعتبرت الزيني، التي ذاع صيتها بعد أن كشفت عن تزوير انتخابي لصالح مرشح الحزب الوطني الحاكم في مكاتب اقتراع كانت تشرف عليها عام 2005، أن نتيجة هذا الاقتراع "تؤكد رفض المجتمع للتقدم الذي أحرزته المرأة وتسلب النساء حقوقهم". ورغم الإجراءات التي تتخذ من أجل ضمان المساواة بين المرأة والرجل، فإن النظرة العامة في المجتمع لا تزال تستبطن أن "المرأة مكانها المنزل". وقال محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق، الذي استقال من وظيفته العام الماضي احتجاجا على عدم استقلال القضاء، إن "الظروف الحالية ليست مواتية لكي تصبح المرأة قاضية"، مضيفاً "أنها مهنة صعبة ونحن نعمل في ظروف شاقة"، مشيرا إلى أن القضاة غير مسموح لهم بالعمل في أماكن إقامتهم باستثناء القاهرة والإسكندرية وحتى في الحالتين الأخيرتين لا يحق للقاضي أن يبقى في مكان واحد أكثر من خمس سنوات. ودانت منظمة هيومن رايتس ووتش قرار الجمعية العمومية لمجلس الدولة، ودعت الحكومة إلى إنهاء التمييز ضد المرأة في هذا المجال، معتبرة أن قرار رفض تعيينها "يعد إهانة لمصريات كثيرات مؤهلات تماما لأن يصبحن قاضيات". يذكر أنه حتى العام 2007، لم يكن هناك سوى قاضية واحدة في مصر، هي تهاني الجبالي التي تعمل في المحكمة الدستورية العليا، غير أنه في هذا العام تم تعيين 36 قاضية ثم عينت ست أخريات بعد ذلك.