- التعاون في مجالى الثقافة والتعليم أحد الأركان الأساسية في العلاقات المصرية الألمانية - 5265 مصري حصلوا على منح دراسية وبحثية مختلفة من خلال الهيئة الألمانية للتبادل العلمي خلال عام 2021 - ألمانيا ستشارك بوفد كبير في مؤتمر المناخ " COP 27 " بشرم الشيخ في نوفمبر المقبل - معهد جوته يحرص على المشاركة بصورة منتظمة في معرض القاهرة الدولي للكتاب.. ويقدم المشورة للكوادر التعليمية والمدارس المصرية حول تعليم اللغة الألمانية - المعهد الألماني للآثار يتعاون مع القاهرة وشركاء دوليين في عشرات المشاريع البحثية التى تغطي جميع حقب التاريخ المصري - نأمل أن نشهد من جديد مشاركات ألمانية في "مهرجان القاهرة لموسيقى الچاز" و"بانوراما المهرجان السينمائي الأوروبي" - المشهد الثقافي والفني المصري يتسم بالثراء والتنوع .. والمصري محمد عبلة أول فنان تشكيلي عربي يحصل على وسام جوته أكد فيليكس هالا رئيس قسم الثقافة والتعليم في سفارة جمهورية ألمانيا الاتحادية بالقاهرة أن التعاون في مجالى الثقافة والتعليم يعد ركنا أساسيا في العلاقات بين مصر وألمانيا، مشيرا إلى شموله قطاعات عديدة مثل التعليم والفن والأثار، كاشفا عن ارتفاع عدد المتحدثين باللغة الألمانية في مصر من 260 ألف إلى 400 ألف شخص خلال 5 سنوات، موضحا أن الطلب على تعلم اللغة الألمانية لا يزال متزايدا. كما أشار هالا في حوار ل"الشروق" إلى حجم المنح الدراسية والتبادل الطلابي بين البلدين، مشيرا إلى أن الهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD) قدمت خلال العام الماضي 2021 منح دراسية وبحثية إلي 5265 مصري في إطار برامج مختلفة، فيما حصل 332 من الدراسين والخريجين والعلماء وأساتذة الجامعة الألمان على منح للقدوم إلى مصر. وإلى نص الحوار: • بداية يشغل تعزيز التعاون في المجال الثقافي مكانة محورية في العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا، فما هي أبرز المسارات والبرامج في هذا الإطار؟ يعد التعاون في مجالى الثقافة والتعليم أحد الأركان الركينة في العلاقات بين مصر وألمانيا، فالاهتمام المتبادل بهذا الشأن لم يفتر أبداً، إذ تعتبر مصر بكل ما تملكه من ثراء وتنوع بالنسبة للألمان مقصداً سياحياً محبباً، كما أنها بالنسبة لكثيرين موطئا للحنين، ويرجع ذلك من ناحية إلى طبيعتها وكرم أهلها، وأيضا لحضارتها الضاربة في القدم منذ آلاف السنين، فقصص التاريخ الفرعوني وآلهة قدماء المصريين وصور الأهرامات تكون مألوفة للألمان منذ الصغر، ما يثير شغفهم بزيارة موطن الحضارة الفرعونية ومشاهدتها. بالإضافة إلى ذلك، أشهد في مجال عملي يومياً مدى الاهتمام بألمانيا من خلال الفعاليات الثقافية التي يشارك فيها الجانب الألماني والتي تنفذ كافة تذاكرها عادة فالموسيقى والفنون التشكيلية والأدب الألماني تلقي اهتماما كبيرا في مصر. وكذلك الحال بالنسبة للتعليم حيث يوجد بمصر 7 مدارس ألمانية وهو ذات العدد الموجود في إسبانيا ما يجعل الدولتان تضمان أكبر عدد من المدارس الألمانية على مستوى العالم، فضلا عن وجود 27 مدرسة شريكة تشهد إقبالاً كبيراً من جانب المصريين. وعلى صعيد قطاع الأثار، يجمع مصر وألمانيا تقاليد عريقة وطيبة للتعاون والتنسيق، فالمعهد الألماني للآثار موجود في مصر منذ أكثر من مائة عام، ويتعاون حالياً مع المجلس الأعلى للآثار بمصر وبعض الشركاء الدوليين في عشرات المشاريع البحثية، التي تغطي كافة الحقب التاريخية في مصر امتدادا من عصر ما قبل التاريخ ووصولا إلى العصور الحديثة، فمصر تحوز تراثا ثقافيا من طراز فريد ولديها متاحف رائعة تجعلها شريكا يتمتع بأهمية خاصة لدي برلين فيما يتعلق بتعزيز التعاون الدولي بين المتاحف. • ما هو دور المعهد الثقافي الألماني (معهد جوته) في تعزيز التعاون بين البلدين؟ يعد معهد جوته ركناً محورياً في السياسة الثقافية والتعليمية الخارجية لألمانيا وهو معهد نشط للغاية في مصر بكافة فروعه، حيث يعمل على تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين بسلسلة واسعة من الفعاليات والأنشطة بدءً من دورات تعليم اللغة الألمانية المعلومة للكافة، ومروراً بالعديد من الحفلات الموسيقية والعروض السينمائية والمعارض وفعاليات التبادل الثقافي ووصولا إلى نشاطه في مجال المكتبات والمعلومات بما في ذلك "قاعة الابتكار" ومشروع التقارير الإخبارية الصوتية على الشبكة الدولية "ميكر كاست". كما يتعاون معهد جوته مع وزارة التربية والتعليم المصرية في تقديم المشورة للكوادر التعليمية والمدارس المصرية فيما يتعلق بالعملية التعليمية في مجال تعليم اللغة الألمانية كلغة أجنبية، وكذلك وبصفة عامة فيما يتعلق بوضع المناهج والاختبارات. • كيف يبدو المشهد فيما يتعلق بتبادل زيارات الوفود الرسمية والخبراء والفنانين في إطار المهرجانات والاحتفالات الفنية والثقافية؟ في الحقيقة أدت أزمة جائحة كورونا لتقلص شديد في أنشطة التبادل الثقافي المكثف بين مصر وألمانيا على مدار عامين، ولكن هذا العام يشهد حركة نشطة في مجال الزيارات المتبادلة، وقد تكلل مطلع هذا العام بزيارة وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، وسوف يتبع ذلك العديد من زيارات الوفود السياسية. كما ستشارك ألمانيا بوفد كبير في المؤتمر الدولي حول التغيرات المناخية " COP 27 " بمدينة شرم الشيخ في نوفمبر المقبل. أما المجال التعليمي والثقافي فسوف يشهد ازدهارا ليعاود نشاطه إلى المستوى الذي كان قائماً قبل الجائحة، فعلى سبيل المثال سيتم تنظيم مشاريع للتبادل الطلابي بين القاهرةوبرلين كما شهدت القاهرة هذا العام إقامة مسابقة فنية موسيقية شارك فيها طالبات وطلاب من المدراس الألمانية من عدة دول أفريقية وأوروبية وشرق أوسطية، ويحضرني الآن عرض أوبرا "كارمن" وهي إنتاج ألماني مصري مشترك في مكتبة الإسكندرية والحفل الموسيقى للعازفة الألمانية روزڤيتا ماير في مكتبة الإسكندرية، والحفلات الموسيقية للعازفات الألمانيات في مهرجان "فنون المرأة" بالقاهرة والأمسيات الفنية الألمانية بدار الأوبرا. كما تصدر عدد من شباب الفنانين المبدعين المصريين بؤرة الضوء في سلسلة حلقات مشروع "شباك الفن" لمعهد جوته، ويتضمن اسبوع الأفلام لمعهد جوته سلسلة من الأفلام الألمانية والمصرية يشهدها الجمهور المهتم بهذا الشأن. ونأمل أن نشهد مرة أخرى مشاركات من الجانب الألماني في "مهرجان القاهرة لموسيقى الچاز " و"بانوراما المهرجان السينمائي الأوروبي". • من اللافت للنظر أن هناك اهتماماً من الجانب الألماني بعناصر القوة الناعمة المصرية، سواء في مجال الفنون التشكيلية أو السينما أو المسرح، في هذا السياق أود أن أتطرق إلى تكريم برلين للمبدعين من بينهم مؤخرا الفنان المصري محمد عبله؟ يتسم المشهد الثقافي والفني المصري بالثراء والتنوع والتقاليد العريقة ، وكذلك الحيوية والعطاء من جانب الفنانين والمبدعين، وكما ذكرت سابقا فإن الاهتمام بالفنانين المصريين كبير في ألمانيا، ومنح الفنان المصري محمد عبلة "وسام جوته" هو أقرب مثال على ذلك، وهو يعتبر بذلك أول فنان تشكيلي عربي يحصل على هذا التكريم الكبير، وليس في مجال الرسم فحسب، بل وكذلك في مجالات الموسيقى والتصميم والأدب والسينما. • على الصعيد آخر يسعى شباب الدارسين المصريين إلى تعلم اللغة الألمانية لتحسين مهاراتهم، هل لديكم إحصائية بعدد دارسي اللغة الألمانية في مصر؟ لا يزال الطلب متزايداً على تعلم اللغة الألمانية، ففي غضون 5 سنوات فقط ارتفع عدد المتحدثين باللغة الألمانية في مصر من 260 ألف إلى 400 ألف شخص، و السبب الرئيسي في ذلك بالتأكيد هو ديناميكية سوق العمل و ثراء المشهد الجامعي في ألمانيا، وكذلك إلى السمعة الطيبة لنظام التعليم الألماني والاهتمام الثقافي المتبادل، وأخيرا وليس آخرا يرجع ذلك بطبيعة الحال إلى الجاهزية الشديدة والهمة التي يتمتع بها دارسو اللغة الألمانية في مصر. • ماذا عن حجم المنح الدراسية والتبادل الطلابي بين البلدين؟ تقدم الهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD) طائفة متنوعة من برامج دعم الدراسين، تتراوح ما بين منح شخصية فردية وآخرى لدعم برامج معينة، ففي عام 2021 تمكنا من خلال برامج الدعم المقدمة من الهيئة تقديم منح دراسية وبحثية لعدد 332 من الدراسين والخريجين والعلماء وأساتذة الجامعة الألمان للقدوم إلى مصر، ومن الناحية الأخرى تمكنا من خلال برامج الدعم المقدمة من الهيئة تقديم منح دراسية وبحثية لعدد 5265 مصري في إطار برامج مختلفة. ونظرا لوجود عدد كبير من آليات الدعم المختلفة ينصح بالاطلاع على صفحة فرع الهيئة الألمانية للتبادل العلمي بالقاهرة على الإنترنت أو صفحتها على الفيسبوك لمطالعة تلك المنح. • ماذا عن المشاركة في الفعاليات الثقافية كمعارض الكتاب، ورؤيتكم لدور حركة الترجمة في تشجيع التعاون الثقافي؟ يحرص معهد جوته على المشاركة بصورة منتظمة ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب. كما أن المعهد لديه برنامج لدعم ترجمة الكتب الألمانية إلى اللغة الأجنبية، ويقوم المعهد عبر هذا البرنامج بدعم دور النشر الأجنبية في نشر الأدب الألماني، في محاولة لاتاحة الفرصة بذلك للقراء ممن لا يعرفون اللغة الألمانية للاطلاع على أعمال الأدب الألماني المعاصر وكتب الأطفال والشباب والكتب العلمية والتخصصية الهامة، وقد قدم معهد جوته على مدار خمسين عاما منذ تأسيسه، الدعم المالي لنشر ما يقرب من 6 آلاف كتابا مصنفة بخمسة وأربعين لغة. • ما هي نصيحتكم لكل شاب يعتزم الدراسة في ألمانيا أو دخول سوق العمل الألمانية؟ لاشك أن معرفة اللغة مهمة للغاية، لكنني أنصح أيضا بالتحلي بالانفتاح الثقافي. وبالطبع فإنه من المفيد الاستعلام والاستشارة في بادئ الأمر، ففيما يتعلق بموضوع الدراسة يقدم فرع الهيئة الألمانية للتبادل العلمي بالقاهرة على صفحته على الإنترنت نصائح بشأن الدراسة، ويستقبل المهتمين في مواعيد محددة سلفا ويعقد جلسات استعلامية دورية لمجموعات بعينها أو عن طريق البريد الإلكتروني [email protected]. أما من يرغب في العمل في ألمانيا فإن عليه أن يستعلم أولا عن الفرص المتاحة، وصفحة الحكومة الألمانية على شبكة الإنترنت تقدم بيانات في هذا الشأن، وفي حالة توافر فرصة للعمل يتعين على الراغب للتقدم إجراء معادلة للمؤهل الدراسي سواء أكان المؤهل جامعيا أو مهنيا. • ماذا عن تجربة إقامتكم في مصر وأبرز الملامح التي تميزت بها مهنيا وثقافيا وإنسانيا أيضاً؟ لا زلت أتذكر بدقة المرة الأولى التي وصلت فيها إلى مصر في صيف عام 2021، خرجت من المطار متوجها إلى القاهرة وسرعان ما تملكنى الحماس والإعجاب بالطاقة والانفتاح التي يتحلى بها المصريون، وبالطقس الدافئ، أضواء المدينة، وبوجباتها الشعبية مثل الكشري والفلافل. ولا يزال يتملكني هذا الحماس، خصوصا كلما زرت مناطق أخري سواء في القاهرة أو الجيزة أو الأقصر أو أسوان أو قنا أو الإسكندرية أو بورسعيد وغيرها من المدن المصرية، فالحقيقة إن مصر ثرية بمعالمها المتألقة. وأينما ذهبت إلى مكان في مصر، لا ألقى سوى حفاوة الاستقبال من جانب المصريين. ولكن هناك مكان متميز جدا لم أزره بعد وهو واحة سيوة، والتي أعتزم زيارتها في القريب العاجل. • أخيراً، ما هي رسالتكم إلى كل الألمان أو الأجانب اللذين يعتزمون زيارة مصر قريبا؟ رسالتي إن مصر ليست "أم الدنيا" فحسب، ولكنها أرض تحتوي على قدرات إبداعية هائلة لم يتسن استخراجها بعد، يوجد هنا الكثير الذي يمكن اكتشافه!