«الدراسة في موعدها».. 22 تنبيهًا من «التعليم» قبل انطلاق العام الدراسي الجديد (صور)    جبران: قانون العمل الجديد يراعي حقوق وواجبات أصحاب العمل والعمال    رسميًا.. 11 فرصة عمل في الأردن بمجالات الرخام والبلاستيك (رابط التقديم)    البنك المركزي المصري يستضيف وفدًا رفيع المستوى من نظيره العراقي    انطلاق أولى فعاليات مبادرة «كن مستعدًا» بمركز التطوير المهني بجامعة المنيا    نتنياهو منتقدا الاحتجاجات: دعوات إنهاء حرب غزة لن تعيد المحتجزين    رئيس الوزراء الباكستاني يوجه حكومته بالإشراف على عمليات الإغاثة بعد الفيضانات العارمة    أوامر ملكية: إعفاء مسؤولين في السعودية    ماستانتونو عن انضمامه إلى ريال مدريد: "حلم الطفولة تحقق"    الزمالك يعلن تجديد عقد لاعبه لمدة 5 مواسم    ليس سانشو.. روما يسعى للتعاقد مع نجم مانشستر يونايتد    الأهلي يضم عزة الفولي لتدعيم فريق الكرة النسائية    ضعف الثقافة المرورية.. خبير يكشف أهم أسباب حوادث الطرق    غرق شاب أثناء السباحة في مياه الترعة بأسوان    نقيب السينمائيين يرثي مدير التصوير تيمور تيمور برسالة وداع حزينة    صلاح عبد العاطي: إسرائيل مشروع استعماري يهدد الأمن القومي العربي والدولي    خالد الجندى: مخالفة قواعد المرور حرام شرعًا    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 وأجندة الإجازات الرسمية    جولة مفاجئة لوكيل صحة بني سويف لمتابعة مستوى الخدمة بمستشفى الحميات    وكيل صحة الشرقية ورئيس جامعة الزقازيق يبحثان سبل تعزيز التعاون المشترك    7 أسباب تجعلك تشتهي المخللات فجأة.. خطر على صحتك    الأمن يقترب أكثر من المواطنين.. تدشين قسم شرطة زهراء أكتوبر 2| صور    قرار جديد من التموين بشأن عدادات المياه: حظر التركيب إلا بشروط    بعد تراجعه.. هل تستطيع مصر استعادة مستويات انتاج الغاز بحلول 2027؟    اعتذار خاص للوالد.. فتوح يطلب الغفران من جماهير الزمالك برسالة مؤثرة    وصلة هزار بين أحمد وعمرو سعد على هامش حفله بالساحل الشمالي (فيديو)    محافظ الجيزة يطمئن على الحالة الصحية لشهاب عبد العزيز بطل واقعة فتاة المنيب    إصابة 6 أشخاص فى انقلاب ميكروباص بطريق "الإسماعيلية- الزقازيق" الزراعى    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    مانشستر يونايتد يدرس التحرك لضم آدم وارتون    جوان ألفينا يبدأ مشواره مع الزمالك بأداء واعد أمام المقاولون العرب    رئيس الأركان الإسرائيلي: نُقرّ اليوم خطة المرحلة التالية من الحرب    صحة الوادى الجديد: انتظام العمل فى المرحلة الثالثة من مبادرة "100 يوم صحة"    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    ربان مصري يدخل موسوعة جينيس بأطول غطسة تحت المياه لمريض بالشلل الرباعي    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    محافظ كفر الشيخ يدشن مبادرة لزراعة الأشجار المثمرة ضمن مبادرة 100 مليون شجرة    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    اللواء محمد إبراهيم الدويري: أوهام «إسرائيل الكبرى» لن تتحقق وتصريحات نتنياهو تدق ناقوس الخطر عربياً    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    حقيقة انتقال هاكان للدوري السعودي    في 3 خطوات بس.. للاستمتاع بحلوى تشيز كيك الفراولة على البارد بطريقة بسيطة    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    مصرع شخص وإصابة 24 آخرين إثر انحراف قطار عن مساره في شرق باكستان    أسعار الفراخ بأسواق مطروح الأحد 17-8-2025.. الكيلو ب 70 جنيها    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    فتنة إسرائيلية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    رويترز: سماع دوي انفجارات قرب محطة للكهرباء في العاصمة اليمنية صنعاء    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار ضد التيار حول عقوبة الإعدام
نشر في الشروق الجديد يوم 20 - 02 - 2010

أصدرت محكمة النقض حكمها بقبول الطعن المقدم من محمود عيسوى المحكوم عليه بالإعدام شنقا فى قضية مقتل الفتاتين هبة العقاد ونادين خالد، وقضت بإلغاء حكم الإعدام وإعادة محاكمته أمام دائرة جديدة. وبصرف النظر عما سينتهى إليه الأمر، فإن المتهم رغم وضعه الصعب كإنسان يعيش تحت احتمال الإعدام يظل أوفر حظا من غيره، ليس فقط لأن طعنه قُبل ولكن لأنه كان لديه الحق أصلا فى أن يتقدم بطعن إلى محكمة النقض..وهو ما لا ينطبق على العشرات الذين حكم عليهم ونُفذ فيهم حكم الإعدام بواسطة محاكم الطوارئ و لا على محمد جايز صباح وأسامة عبد الغنى النخلاوى ويونس محمد أبو جرير الذين ينتظرون حكم الإعدام بعد ما أدانتهم محكمة أمن الدولة العليا (طوارىء) بالقيام بتفجيرات طابا فى أكتوبر 2004، التى راح ضحيتها نحو 34 شخصا، الأمر الذى أدانته بشدة منظمة العفو الدولية، ليس فقط بسبب مناهضتها المبدئية لعقوبة الإعدام، ولكن لما وصفته بالمحاكمات «بالغة الجور» التى أدينوا من خلالها، ولأن الأحكام استندت فى أساسها إلى اعترافات تم انتزاعها تحت وطأة التعذيب الشديد.
ولا نحتاج إلى التذكير بأن عقوبة الإعدام تنفرد عن غيرها من العقوبات فى كونها نهائية لا رجعة فيها إذا ما ثبت مثلا فى وقت لاحق على التنفيذ وجود خطأ ما أو لو ظهرت فيما بعد أدلة جديدة قد تبرئ المتهم. وفى ظل الانتشار الواسع للتعذيب واستخراج الاعترافات تحت شتى صنوف الإكراه وغيرها من ألوان الانتهاكات لحقوق المتهمين، وفى ظل التزايد المطرد فى إصدار أحكام بالإعدام لا يجب أن تمنعنا بشاعة الجريمة جنائية كانت أو إرهابية عن التساؤل: كيف يا ترى تم الحصول على «سيد الأدلة»؟
فمن المثير للقلق أن أحكام الإعدام تحظى بشكل عام بتأييد شعبى ملحوظ.. وقد تابعت مشاركات القراء فى «منتدى الشروق» حول موضوع إعدام المغتصب علنا، وأزعجنى (وإن لم يفاجئنى للأسف) التأييد الكاسح للفكرة وأن الأغلبية العظمى من المشاركين ترى فى الإعدام العلنى حلا جذريا لجريمة الاغتصاب، بل لمشكلة الجريمة فى مصر بشكل عام. الفكرة مرعبة وفاشلة أيضا. أولا ليس هناك أية أدلة على جدوى عقوبة الإعدام كرادع للجريمة. وثانيا فإن الإعدام العلنى، وهو قمة العنف الجسدى و الرمزى، لن ينتج عنه ردع فوق العادة كما يتصور المتحمسون، وإنما بالعكس سوف يؤدى إلى تعميم العنف واعتياده عن طريق الرفع الهائل لسقف ما هو مقبول وطبيعى وملائم لحياة يومية عادية. ولو أصبح مشهد الجثث المعلقة وسط المدينة اعتياديا نكون قد وفرنا على مجرمى وقتلة المستقبل شوطا كبيرا، وساعدناهم على تخطى العقبة الأصعب فى سبيلهم إلى الاحتراف وذلك عن طريق نزع رهبة الموت، بل والقتل من نفوسهم.
ظنى أن المتحمسين للتوسع فى استخدام عقوبة الإعدام سواء علنيا أو غير ذلك كحل جذرى وسحرى لمشاكل الجريمة والإرهاب غير مقدرين تماما لخطورة ما ينادون به، بل أذهب أبعد من ذلك لأقول إن آراءهم قد لا تكون معبرة تماما عما يعتقدونه هم أنفسهم، ليس لأنهم منافقون مثلا ولكن لأن مشاعرهم فى الأغلب أكثر تركيبا مما يمكن أن تترجمه لحظات انفعال سببها التأثر بجريمة ما. أود أن أذكِّر هنا بالصدمة الشديدة التى سببها مشهد الإعدام العلنى لصدام حسين وردود الفعل الغاضبة والمصدومة والتى لم تقتصر على مؤيديه والمعجبين به، وإنما شارك فيها من كانوا يتمنون له هذا المصير وأكثر. ولأن هذا المشهد جمعنا وجها لوجه فى لحظة قسوة فريدة مع معنى الإعدام، ففى اعتقادى أن ردود الفعل كانت تعبر عن رأى ربما كامن فى الإعدام أكثر مما كانت تعبر عن رأى فى صدام حسين.
عقوبة الإعدام والموقف منها مسألة لا تتعلق فقط بحقوق الإنسان أو بعلم الجريمة، وإنما هى الآن قضية ذات أهمية سياسية تصنف الدول على أساسها على الساحة الدولية. وتقوم منظمة العفو الدولية بتصنيف دورى للدول تبعا لموقفها من عقوبة الإعدام، وحسب آخر الإحصاءات فإن نحو ثلثى دول العالم قد أوقفت العمل بهذه العقوبة سواء بإلغائها قانونا أو بتعليق تطبيقها، والأخير يعد حلا عمليا مقبولا فى حالة الدول التى لا تريد التطرق إلى مناقشة مبدأ الإعدام. ومن الدول العربية التى قامت بتعليق العقوبة الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا.
ستكسب مصر كثيرا، على الأقل على المستوى الدولى لو قامت بتعليق العمل بعقوبة الإعدام. قد يكون الأمر أصعب على المستوى الشعبى، ورجائى هنا للمتحمسين أن يفكروا مرة أخرى. أعتقد أن غالبيتنا تعتقد فى المثل الشعبى «يا ما فى الحبس مظاليم». يجب إذا ألا نغض الطرف عن إمكانية وجود مظاليم فى طابور الإعدام، وإن كان هناك أصغر احتمال لوجود مظلوم واحد فقط معرض لهذه العقوبة فهو سبب كافٍ للتوقف الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.