لا يجب أن نجعل المستهلك يدفع ثمن الأزمة العالمية. هكذا بشكل واضح بدأ طارق توفيق رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات جازما بأن فاتورة الأزمة يجب ألا يدفعها لا المستهلك ولا صاحب المصنع ولا صاحب المزرعة وعلى الحكومة أن تتحمل مسئوليتها. وأكد أن الغرفة كانت تقف فى الصف نفسه مع مزارعى الألبان وتؤمن بعدالة مطلبهم الذى يتمثل فى الحصول على دعم يمكنهم من المحافظة على مزارعهم وعلى الثروة الحيوانية وذلك بعد إغراق السوق المحلية بكميات كبيرة من اللبن البودرة المستورد والذى تقل أسعاره بتأثير الأزمة العالمية وحالة الركود التى ضربت الأسواق الدولية إلى مستويات متدنية. ومن جانب آخر ضمان مد مصانع الصناعات الغذائية باحتياجاتها من الألبان التى تعد مواد خامًا أساسية لهذه المصانع بأسعار معقولة تسمح لها بإنتاج سلع غذائية فى متناول المستهلكين. وأشار إلى أنه بعد التوصل إلى اتفاق بين مزارعى الألبان وأصحاب المصانع وبموافقة رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة وأمين أباظة وزير الزراعة على تقديم 90 مليون جنيه دعما للمزارعين خلال 3 أشهر على أن يلتزم المزارعون بمد المصانع بالألبان بسعر 210 قروش للكيلو وإغلاق ملف الإغراق وعدولهم عن المطالبة بفرض رسوم حمائية على اللبن المستورد. فوجئنا بنقض هذا الاتفاق من الجميع، كما يقول توفيق، بأن عدلت الحكومة عن اتفاقها ورفضت تقديم الدعم للمزراعين الذين هم بدورهم رجعوا مرة أخرى عن اتفاقهم وطالبوا بفرض رسوم وقاية على اللبن المجفف المستورد من الخارج بنسبه 100% ولم يلتزموا بسعر التوريد المتفق عليه فى حين أن الفلاح الصغير يبيع لبنه بسعر 170 قرشا بدون حتى أن يشكو. ويحذر رئيس الغرفة من السير فى إجراءات فرض رسوم على اللبن المستورد لافتا إلى أن هذا الإجراء من شأنه رفع أسعار كل منتجات الألبان فى الوقت الذى كانت الغرفة قد أعلنت منذ أول فبراير على أن أصحاب المصانع وافقوا طواعية على تخفيض منتجاتهم فى السوق بنسب تتراوح ما بين 5% إلى 29%. إلا أن فرض رسم سوف يغير تلك الأوضاع تماما. وأوضح أن اللبن المجفف الوارد من الخارج يتم استخدامه فى إنتاج الشيكولاتة والآيس كريم والمخبوزات والبسكويت والكريم شانتيه وأغذية الأطفال والجبن المطبوخ والمثلثات والعجائن. وقال إن رفع أسعار هذه المنتجات معناه أن أطفالا كثيرين سوف يحرمون من شرب كوب لبن أو تناول قطعة جبن أو حلويات. وأشار إلى أن مصر استوردت 60 ألف طن عام 2007 وزاد هذا الكم إلى 69 ألف طن العام الماضى وذلك لتعويض النقص فى اللبن الطبيعى المورد إلى مصانع السلع الغذائية، خصوصا فى شهور الصيف، حيث تقل الكميات الموردة بسبب تراجع معدلات إدرار الأبقار، وتصل نسبة الانخفاض فى توريد اللبن الحليب المحلى فى فصل الصيف إلى نسبة 50% من احتياجات المصانع. وقال إن اللبن المجفف المستورد يعادل 11% من الإنتاج المحلى، وأكد أن اللبن الطازج لا يستخدم إلا فى إنتاج الألبان المبسترة والزبادى وبعض أنواع الجبن فقط بينما يعتمد إنتاج كل الأنواع الأخرى على اللبن المجفف. وقال إن مصر تنتج حليبا طازجا فى حدود 5 ملايين طن فى السنة ولا يتعدى نصيب المزارع الحديثة من هذا الكم من الإنتاج سوى 350 ألف طن ولا يزيد عددها على 250 مزرعة والكميات المتبقية يتم إنتاجها من وحدات غير صحية منتشرة فى منطقة الدلتا مؤكدا على أن 85% مما يتم إنتاجه غير مبستر «حليب سريح». لا أحد يدفع فاتورة غيره وبشكل قاطع يؤكد محمد شكرى عضو مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية أن رعاية قطاع من القطاعات يجب ألا يكون على حساب قطاع آخر، رافضا أن يدفع قطاع الصناعات الغذائية فاتورة دعم مزارع الألبان. وقال إن فرض رسوم حمائية على اللبن المستورد من شأنه ليس فقط رفع أسعار منتجات غذائية كثيرة ولكن أيضا معناه أن تخسر مصر أسواقا خارجية لهذه الصادرات بعد أن كان قد وصل حجمها إلى ما لا يزيد على 8 مليارات جنيه. وقال يكفى ما لحق بهذه الصادرات من تراجع أخيرا حيث انخفضت بنسه 30% فى الشهرين الماضيين مقارنة بنفس الشهرين من العام الماضى. وأوضح أن هناك تداعيات أخرى وهى أن ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية فى السوق المحلية معناه إغراق كميات كبيرة من السلع المماثلة الواردة من الدول العربية والتى انخفضت أسعارها أخيرا بفعل الأزمة وهى تدخل معفاة من الجمارك طبقا للمنطقة الحرة العربية. وهذا يعنى أن المنتجات المصرية سوف تضرب فى الداخل والخارج فى آن واحد. نصحونا بطولة البال فأجلنا الوقفات الاحتجاجية.. عبدالقادر الحراكى رئيس جمعية منتجى الألبان تبدو عنده الصورة مغايرة تماما فهو لا يرى أن هناك تخوفا حقيقيا من فرض رسوم على اللبن المستورد فيقول إن هناك مغالطة يحاول أصحاب المصانع إيقاعنا فيها وهى أن هناك ارتفاعا فى أسعار السلع الغذائية لابد سيحدث بسبب هذه الرسوم ولكن الحقيقة أنهم يحاولون الاستفادة من الدعم الذى تقدمه الدول الأوروبية لمزارعيها والذى يصل إلى 50% ويضعون الفرق فى جيوبهم على حد قول الحراكى والدليل أنهم عندما كانوا يحصلون على اللبن قبل الأزمة العالمية بسعر 300 قرش للكيلو كانوا يبيعون اللبن المبستر فى السوق المحلية بأسعار 5 و6 جنيهات وعندما انخفضت أسعار اللبن المستورد وأصبح 170 قرشا ظلوا يبيعونه بنفس السعر. وقال إنه بحسبة الحكومة فإن قطعة الشيكولاتة التى تباع ب2 جنيه سوف تزداد بمقدار 10 قروش فى حالة فرض رسم وليس أكثر من ذلك. وإذا كانوا يقولون أنهم خفضوا أسعارهم بالفعل فى الشهر الماضى فمعنى ذلك أن كل ما سيحدث أن الأسعار ستعود إلى ما كانت عليه قبل التخفيض. وقال إننا كل ما نطالب به هو حماية قطاع الألبان أما عن طريق الدعم أو عن طريق فرض رسوم على اللبن المستورد. وقال أن وزراة التجارة تطلب منا شروطا تعجيزية فكيف لنا أن نصل إلى أسعار اللبن المستورد فى أسواق أوروبا وأمريكا وسويسرا ونيوزيلاند خلال أعوام 2006 و2007 و2008 والأشهر الأولى من العام الحالى. وحجم الواردات إلى مصر منه خلال الأعوام نفسها مشيرا إلى أن هذا يحتاج إلى شهور لتجميعه. وقال إن المسئولين نصحونا بتأجيل الوقفات الأحتجاجية التى كنا قد قررنا القيام بها أملا فى الوصول إلى حل للأزمة، وقبلنا التأجيل ونتمنى ألا نضطر إليها. وقال إن موعدنا بعد غد الخميس لتقديم شكوى لوزارة التجارة لفرض رسوم لحمايتنا بعد أن تراجعت الحكومة عن دعمنا فى حين تقدم دعما للقطن. وتساءل هو الأكل أهم ولا اللبس؟ إمساك العصا من منتصفها على عبدالغفار رئيس جهاز مكافحة الدعم والإغراق بوزارة التجارة والذى عقد اجتماعات مشتركة مع أصحاب المزارع يؤكد أن شكاوى أى قطاع من القطاعات الإنتاجية لا يتم فحصها إلا بعد أن تستوفى جميع الشروط التى نص عليها القانون من حيث التأكد من أن مقدم الشكوى يمثل ذلك القطاع أو تلك الصناعة، وأن تكون الشكوى متضمنة الأضرار التى لحقت بذلك القطاع من حيث تراجع المبيعات أو نقص الأرباح أو تسريح العمالة مع تقديم بيانات توضح ما إذا كانت السلعة المستوردة تباع فى أسواقها المحلية فى الخارج بأقل من أسعارها فى حالة شكاوى الإغراق أو أن تكون هناك زيادة مفاجئة فى حجم الواردات منه فى حالات المطالبة بفرض رسوم وقاية. وقال إن أصحاب مزارع الألبان كانوا قد طلبوا فرض رسم حماية يعادل 100% من سعر السلعة إلا أنه فى الغالب عند تقديم الشكوى رسميا يوم الخميس (بعد غد) فسوف يقللون النسبة حتى لا تؤثر على قطاع الصناعات الغذائية. أى سيمسكون العصا من منتصفها, كما يقول عبدالغفار. وكانت غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات قد تقدمت بمشروع لبرنامج تفصيلى لدعم حكومى مالى وفنى لقطاع الألبان إلى كل من وزراء الزراعة والتجارة والمالية. ويهدف البرنامج المقترح وهو ما أسمته أهداف 2020 إلى تحول جذرى لقطاع الألبان من الاعتماد بنسبه 80% على لبن «السريح» الذى ينتج فى وحدات صغيرة وغير صحية منشرة فى منطقة الدلتا إلى الاعتماد على اللبن النظيف المنتج فى المزارع الحديثة. وهذا سوف يدفع إلى إنتاج كبير لهذه المزارع الحديثة وهو ما يجعلها تنتج بأسعار منخفضة، على حد ما جاء فى البرنامج. وبذلك سوف يتم التحول تدريجيا من مصانع بير السلم غير الرسمية إلى مصانع رسمية. واقترحت الغرفة أن يتم تحقيق هذه الأهداف عبر دعم فنى ومالى من الحكومه قدرته ب2 مليار جنيه على 4 سنوات بواقع 900 مليون جنيه للدعم المالى و1100 مليون جنيه للدعم الفنى خلال السنوات الأربع. واقترحت الغرفة أن يتم تقديم جنيه لكل كيلو لبن فى السنة الأولى من البرنامج على أن ينخفض الدعم بواقع 25 جنيها للكيلو سنويا على مدى السنوات الأربع. وطبقا للبرنامج يقوم صندوق دعم الصادرات بالإشراف عليه. وتوقعت الغرفة أن يؤدى ذلك إلى انخفاض سعر اللبن المعقم بحوالى جنيه للكيلو مع زيادة متوقعة فى إنتاجيته بما يعادل 15% سنويا نتيجة لتشغيل الطاقات المعطلة للمزارع إلى جانب زيادة متوقعة فى الاستثمارات تقدر ب5% من الطاقة الحالية. أما على جانب الدعم الفنى بالغرفة فتقترح تقديم دعم بواقع 10000 جنيه عن كل بقرة إلى جانب دعم التجهيزات الفنية للمزارع بما لا يتعدى 5 ملايين جنيه لكل مزرعة بشرط أن تكون هذه المزارع تضم ما بين 50 و1000 رأس وأن تكون مزرعة أفراد أو شركة أو تعاونية وأن يكون لديها نظام صحى معتمد. وهذا يتيح فرصة لزيادة إنتاج الألبان بمعدل 30% فى عام 2010 وزيادة فى دخل الأسر الريفية من 25% إلى 30% سنويا.