الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا.. اعرف الشروط والتخصصات    وزير التعليم يتفقد مدارس الحوامدية: تقديم كافة سبل الدعم للمعلمين والطلاب    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    غدا آخر موعد للتقديم.. وظائف شاغرة في جامعة أسيوط    استقرار نسبى فى أسعار الخضروات والفاكهة بأسواق دمياط اليوم الثلاثاء 13-5-2025    سعر الدينار الكويتى اليوم الثلاثاء 13- 5- 2025 فى منتصف التعاملات    رئيس الوزراء يفتتح توسعات "هيات إيجيبت للمنتجات الصحية" باستثمار 60 مليون دولار    المشاط: نتطلع إلى إتاحة المزيد من الأدوات التمويلية للقطاع الخاص المحلي والأجنبي في مصر    إزالة 3 تعديات على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة ضمن الموجة 26 بالشرقية    البترول تبدأ استقبال مستندات تعويض المتضررين من طلمبات البنزين المعطلة بحد أقصى 2000 جنيه    الرئيس الأمريكى يصل قصر اليمامة لعقد مباحثات مع ولى العهد السعودى    وزير الخزانة الأمريكى: نتطلع لزيادة الاستثمارات السعودية..وتفاهمات مثمرة مع الصين    ماسك ووزيرى التجارة والخزانة الأمريكيين يشاركون بمنتدى استثمار بالسعودية    كييف تعلن إسقاط 10 طائرات مسيرة روسية خلال الليل    5 شهداء ومصابون جراء عدوان الاحتلال بأنحاء متفرقة في قطاع غزة    عبد العاطي ونظيره التركي يناقشان التطورات في غزة وليبيا    قدم وسلة ويد "رجال وسيدات".. الأهلى يصارع على 3 جبهات اليوم    المصرى لا يعرف الهزيمة فى 5 مواجهات أمام فاركو قبل صدام اليوم    رئيس الاتحاد البرازيلي: تلقيت تعليقات من اللاعبين بشأن أنشيلوتي    اليوم.. الأهلي يواجه الزمالك في أولى مباريات نصف نهائي دوري سوبر السلة    المعمل الجنائى يعاين موقع حريق مصنع أثاث القطامية    مصرع شخص وإصابة 6 آخرين فى انقلاب سيارة ربع نقل بالشلاتين جنوب البحر الأحمر    مقتل 3 عناصر جنائية وضبط آخرين فى مواجهات أمنية    الداخلية: ضبط 546 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    شريف ليلة.. أبرز مشاركات الفنان الراحل السينمائية والدرامية    أمينة خليل تنشر صورة جديدة قبل حفل افتتاح مهرجان كان    مصر تسترد 25 قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية    بعد إقرار قانون الفتوى.. دار الإفتاء تطلق برنامجًا تدريبيًا للصحفيين لتعزيز التغطية المهنية للقضايا الدينية والإفتائية    بالفيديو.. الأعلى للآثار يكشف تفاصيل تسلم مصر 25 قطعة أثرية نادرة من نيويورك    قريبًا.. كريم محمود عبد العزيز يروج لمسلسله الجديد "مملكة الحرير"    وكيل مديرية الصحة يُجري زيارة ميدانية لمستشفى جهينة المركزي    الصحة: إنقاذ سائحين من روسيا والسعودية بتدخلات قلبية دقيقة بمستشفى العجوزة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    مدير عمل بني سويف يسلم عقود توظيف لشباب في مجال الزراعة بالأردن    وزير الري يتابع موقف الأنشطة التدريبية الإقليمية بالمركز الإفريقي للمياه والتكيف المناخي (PACWA)    20 مصابًا في تصادم مروع بين أتوبيس وسيارة نقل ثقيل بالشرقية    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة سيراميكا في الدوري    ارتفاع أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)    صبحي خليل يكشف أسباب تألقه في أدوار الشر وممثله المفضل ورسالة محمد رمضان له    إرشادات دقيقة لأداء مناسك الحج والعمرة كما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم    وزارة الصحة تحذر: تغيرات في سلوك الطفل قد تشير إلى اضطرابات نفسية    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    عيد ظهور العذراء مريم في فاتيما.. ذكرى روحية خالدة    كان يتلقى علاجه.. استشهاد الصحفي حسن إصليح في قصف الاحتلال لمستشفى ناصر ب خان يونس    بيان هام من محامية بوسي شلبي بشأن اتهامات خوض الأعراض: إنذار قانوني    حبس عصابة «حمادة وتوتو» بالسيدة زينب    غيابات مؤثرة بصفوف الأهلي أمام سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    مستشفى سوهاج العام يوفر أحدث المناظير لعلاج حصوات المسالك البولية للأطفال    انفجار أسطوانة غاز السبب.. تفاصيل إصابة أم وطفليها في حريق منزل بكرداسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    علي صالح موسى: تجاوب عربي مع مقترح دعم خطة الاحتياجات التنموية في اليمن    اليوم| محاكمة 73 متهمًا في قضية خلية اللجان النوعية بالتجمع    يلا كورة يكشف.. التفاصيل المالية في عقد ريفيرو مع الأهلي    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة إفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية.    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حراس المعبد!
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 07 - 2022

مرت منذ أيام قليلة، الذكرى السبعون لثورة يوليو 1952، وكالعادة فى هذه المناسبة، يرتفع صوت الخلاف والجدل بين فريقين، الأول يهاجم وينتقد قائدها جمال عبدالناصر، ويحمله مسئولية تأميم ومصادرة وتجفيف منابع السياسة فى مصر، والثانى يدافع بقوة عما يراه حملات منظمة وممنهجة ومعدة سلفا للانقضاض والانتقاص والتقليل والتشهير بالزعيم الراحل، الذى أعاد للبلاد حريتها ودورها، ووضعها على خارطة الدول المؤثرة إقليميا ودوليا.
هذا العام كان مختلفا إلى حد كبير، حيث لم تحدث حملات ممنهجة أو منظمة ضد الرئيس ناصر، أو حتى كتابات نقدية لافتة لعصره وسياساته وقراراته، باستثناء قلة من التعليقات الساخرة على وسائل التواصل الاجتماعى من الأعمال السينمائية التى تناولت تلك المرحلة.. لكن رغم هذا الهدوء اللافت، فإن «سدنة» التجربة الناصرية وشيوخها ودراويشها، لم يتحملوا دعابات جيل الفضاء الإلكترونى الشاب، واختلقوا معارك وهمية للدفاع عن الزعيم الراحل، فى حين أنهم لا يتوانون فى كل وقت عن توجيه أقسى عبارات النقد والتجريح للرؤساء الآخرين الذين تسلموا السلطة بعده، بل واتهام بعضهم بالخيانة!!
القضية الأهم والأخطر، والتى تعتبر «بيت الداء» المزمن فى الجسد السياسى المصرى، هى محاولة البعض بلا غضاضة «تقديس الرئيس»، بشكل يصبح مجرد نقد مواقفه وقراراته أو حتى تقييم سياساته، أشبه ب«الكفر البواح» الذى يجب معاقبة صاحبه عليه بلا رحمة، بل إن البعض لم يكتفوا بهذا فقط، بل جعلوا من أنفسهم حراسا لما يتصورون أنه «معبد الرئيس» الذى لا ينبغى لأحد الاقتراب منه بأى شكل من الأشكال، ومن يجرؤ على فعل ذلك، عليه تحمل العواقب التى تكون فى أغلب الأحيان «غير آمنة».
فعبدالناصر.. لا يمكن أبدا تجاهل الدور الذى لعبه فى تاريخ مصر الحديث، أو الافتئات على تجربته فى الحكم، التى حقق فيها الاستقلال الوطنى للبلاد وقرارها، ونفذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية هائلة حققت العدالة بين أبناء الشعب، وقللت من الفروق بين مختلف الطبقات، وأتاحت للفقراء سبل العيش الكريم، عبر الحصول على حقوقهم المشروعة فى التعليم والتوظيف والخدمات الصحية.
ليس هذا فقط، بل إن مصر شهدت فى عهده نهضة زراعية وصناعية غير مسبوقة، ومشروعات عملاقة مثل السد العالى، الذى لا يزال يشكل حصانة مهمة للبلاد من العطش وقت الأزمات المائية الطاحنة، كما تضاعف دورها السياسى فى المنطقة والعالم، وتعاظم تأثير قوتها الناعمة فى محيطها العربى.
هذه حقائق لا يستطيع أحد تجاهلها أو القفز عليها، وإنجازات عظيمة لا يمكن إنكارها، لكن فى الوقت نفسه، كانت هناك أخطاء هائلة لتجربة ناصر فى الحكم، لا نزال نعانى منها رغم مرور سبعين عاما على ثورة يوليو، أهمها تأسيس جمهورية الخوف وسيادة الحكم الفردى ومصادرة السياسة وتجريمها، وتجاهل رأى الشعب فى مختلف القضايا، ووأد قواعد الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة، وتأميم الإعلام وتكميم الأفواه والضيق بالرأى الآخر المعارض ومعاقبته فى كثير من الأحيان، وغياب قواعد المحاسبة والشفافية بشكل دائم، وإسناد المناصب لأهل الثقة لا الخبرة.
هذه القواعد التى رسختها دولة يوليو، لا تزال بعض آثارها حاضرة فى المشهد حتى اليوم، بل ومتحكمة فى تفاصيله كلها، وكأنها إرث ينبغى علينا الحفاظ عليه وعدم التفريط فيه أو حتى نقده، رغم أنه ثبت للجميع، عدم صلاحيته لبناء دولة قوية حديثة قادرة على مواجهة العواصف والأزمات والتحديات التى تعترض طريقها.
لذلك، لا عجب فى أنه كلما اشتدت قسوة ومرارة الظروف المعيشية والاقتصادية الضاغطة على أعصاب المواطنين هذه الأيام، يتذكر البعض الأسس والقواعد السياسية التى رسختها جمهورية يوليو 52، والقائمة على تجاهل وتهميش دور الشعب، وعدم أخذ رأيه ومصالحه فى الاعتبار عند اتخاذ القرار، والتى لا تزال حاضرة بقوة حتى الآن.
على أى حال، ينبغى على الجميع الاقتناع بأن الرئيس أى رئيس ليس «قدس الأقداس»، ونقد سياساته وتقييم عصره ليس «ذنبا عظيما»، طالما كان ذلك يحدث بلا تجاوز، وفى إطار من الاحترام والموضوعية والالتزام بالقانون، كما أن الرد على آراء المخالفين أو المعارضين، لا ينبغى أن يكون بالتشكيك فى انتمائهم الوطنى، وإنما عن طريق مواجهة الرأى بالرأى الآخر، حتى لا نواصل بناء معابد لأشخاص وحراستها، ثم نفاجأ بسقوطها بلا مقدمات!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.