- 124 ألف وثيقة تفضح تجنيد سياسيين لتعطيل عمل سيارات الأجرة فى أوروبا.. والمعارضة الفرنسية تهاجم ماكرون بسبب "صفقة سرية" مع الشركة كشف تحقيق استقصائي نشرته وسائل إعلام أمريكية وبريطانية، أمس الأحد، أن شركة "أوبر" للنقل "خرقت القانون" واستخدمت أساليب عنيفة لفرض نفسها لدى انطلاقها، فيما ندد نواب فرنسيون معارضون بتقارير عن "صفقة سرية" أبرمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عندما كان وزيراً في حكومة الرئيس فرانسوا هولاند، مع "أوبر"، معتبرين الأمر "سرقة للبلاد". وحصلت صحيفة "جارديان" البريطانية على نحو 124 ألف وثيقة، مؤرخة بين عامي 2013 و2017، وتشاركتها مع "الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين"، بما فيها رسائل إلكترونية ورسائل تعود إلى مديرين في "أوبر" آنذاك، إضافة إلى مذكّرات وفواتير. ونشرت وسائل إعلام، بما في ذلك صحيفتا "واشنطن بوست" الأمريكية و"لوموند" الفرنسية، وهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، أولى تقاريرها بشأن ما أُطلِقت عليه تسمية "وثائق أوبر". وكشفت الوثائق لأول مرة، كيف أن جهود الضغط والعلاقات العامة التي بلغت قيمتها 90 مليون دولار في السنة، جندت سياسيين لمساعدة الشركة في حملتها لتعطيل عمل سيارات الأجرة في أوروبا. وتُظهر الوثائق كيف كانت المفوضة الرقمية السابقة في الاتحاد الأوروبي، نيلي كروس، إحدى كبار المسؤولين في بروكسل، تجري محادثات للانضمام إلى أوبر قبل انتهاء فترة ولايتها، ثم ضغطت سراً لصالح الشركة، في انتهاك محتمل لقواعد أخلاقيات الاتحاد الأوروبي. وكتبت "جارديان" إن "الشركة خرقت القانون وخدعت الشرطة والمنظمين واستغلت العنف ضد السائقين وضغطت سراً على الحكومات في كل أنحاء العالم". وتشير التقارير الإعلامية خصوصا إلى رسائل وجهها ترافيس كالانيك، الذي كان آنذاك رئيساً للشركة التي تتخذ مدينة سان فرانسيسكو مقراً، عندما أعرب كوادر في الشركة عن قلق بشأن أخطار قد يتعرض لها السائقون، الذين كانت "أوبر" تشجعهم على المشاركة بمظاهرة في باريس. وعلق كالانيك آنذاك على تلك المخاوف، قائلاً: "أعتقد بأن الأمر يستحق ذلك. العنف يضمن النجاح". وأشارت "جارديان" إلى أن "أوبر" تبنت تكتيكات متشابهة في دول أوروبية مختلفة، بما في ذلك بلجيكا وهولندا وإسبانيا وإيطاليا، إذ عمدت إلى حشد سائقيها وتشجيعهم على تقديم شكاوى إلى الشرطة عندما كانوا يتعرضون لاعتداءات، وذلك من أجل الاستفادة من التغطية الإعلامية للحصول على تنازلات من السلطات. لكن ديفون سبورجن، الناطق باسم كالانيك، ذكر في بيان أرسله إلى الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، أن "كالانيك لم يقترح أبداً أن تستغل أوبر العنف على حساب سلامة السائقين". ونفى كل الاتهامات التي وردت في الصحف، بما في ذلك تلك بعرقلة العدالة، كما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. من جهتها، قالت جيل هازلبيكر، نائبة الرئيس المكلّفة الشؤون العامة في "أوبر" في بيان: "لم نُبرّر ولا نبحث عن أعذار لسلوكيات سابقة لا تتوافق مع قيمنا الحالية. نطلب من الجمهور أن يحكم علينا بناءً على ما فعلناه في السنوات الخمس الماضية وما سنفعله في السنوات المقبلة". في غضون ذلك، نشرت صحيفة "لوموند" تقريراً، استند إلى وثائق ورسائل نصية وشهود، أفاد بأن "أوبر" توصلت إلى "صفقة سرية" مع ماكرون، عندما كان وزيراً للاقتصاد بين عامَي 2014 و2016. وأشارت الصحيفة إلى اجتماعات عُقدت في مكتب الوزير، وعن تبادلات كثيرة (مواعيد ومكالمات ورسائل قصيرة) بين مجموعات "أوبر فرنسا" من جهة وماكرون ومستشاريه من جهة ثانية. وتحدثت عن مساعدة قدمتها وزارة الاقتصاد ل"أوبر"، بهدف تعزيز موقع الشركة في فرنسا، فيما كانت تُحاول الالتفاف على التنظيم الحكوميّ الصارم لقطاع النقل. وأبلغت "أوبر فرنسا" وكالة الصحافة الفرنسية، أن الاجتماعات مع ماكرون تمّت في إطار مهماته الوزارية العادية. كذلك أعلنت الرئاسة الفرنسية أن ماكرون كان آنذاك، بصفته وزيراً للاقتصاد، على اتصال "بطبيعة الحال" مع "كثير من الشركات المشاركة في التحول العميق الذي حصل على مدى تلك السنوات المذكورة في قطاع الخدمات، و(هو تحول) كان لا بد من تسهيله عبر فتح العوائق الإدارية والتنظيمية". لكنّ النائبة ماتيلد بانو، رئيسة التكتل البرلماني لحزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي، نددت على موقع "تويتر" بما اعتبرتها عملية "نهب للبلاد" عندما كان ماكرون "مستشاراً ووزيراً لفرانسوا هولاند". أما زعيم الحزب الشيوعي الفرنسي، فابيان روسيل، فاعتبر أن ما كُشف عنه يُبين "الدور النشط الذي أداه ماكرون، عندما كان وزيراً، لتسهيل تطور أوبر في فرنسا، ضد كل قواعدنا وحقوقنا الاجتماعية وحقوق عمالنا". ودعا النائب الشيوعي بيار داريفيل إلى فتح تحقيق برلماني في الأمر.