أشعل الضرر الذي لحق بصورة إسرائيل من جراء اتهامات بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة وردت في تقرير للأمم المتحدة معركة بين جماعات يمينية وأخرى يسارية مؤيدة لحرية التعبير في الدولة اليهودية. وتواجه جماعة إسرائيلية مدافعة عن حقوق الإنسان اتهامات بتقديم المساعدة في التحقيق الذي أجراه القاضي ريتشارد جولدستون في الحرب التي دارت العام الماضي وهناك دعوات لتحقيق يجريه الكنيست. وتعرضت نعومي شازان رئيسة صندوق إسرائيل الجديد الذي يدعم جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان لهجوم شديد من اليمينيين الذين اتهموها بمساعدة جولدستون وهو قاض يهودي من جنوب أفريقيا اتهم بأنه "خائن". وقالت شازان في مقابلة مع رويترز إنها ترى "عملية خطيرة للغاية" تجري في إسرائيل أصبحت خلالها جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان مثل الجماعة التي تترأسها هدفا لانتقادات متزايدة. وقالت شازان وهي عضو كنيست سابقة عن حزب ميرتس اليساري "الركائز الأساسية للمجتمع الديمقراطي تتعرض للهجوم ويجب أن نشعر بقلق شديد بسبب ذلك". ووجد تقرير جولدستون أدلة على جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل وحركة حماس أثناء الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استمر ثلاثة أسابيع وقتل فيه أكثر من 1300 فلسطيني و13 إسرائيليا. ولكن التقرير ألقى بمعظم اللوم على سلوك الدولة اليهودية في الحرب. ورفضت إسرائيل التقرير باعتباره منحازا وشن مؤيدوها هجوما شديدا على الجماعات اليسارية التي لعبت دورا في تقرير جولدستون. وقالت جماعة (إم تيرتزو) اليمينية في صحيفة ولافتات إعلانية إن أكثر من 90 في المئة من الإشارات السلبية إلى إسرائيل في تقرير الأممالمتحدة جاءت من جماعات حقوقية تدعمها المنظمة التي تديرها شازان. وندد نشطاء يساريون في إسرائيل والخارج انضمت إليهم منظمة هيومان رايتس ووتش (منظمة مراقبة حقوق الإنسان) ومقرها في نيويورك بانتقاد شازان والقبض على نشطاء يدافعون عن السلام في احتجاجات أخيرة باعتباره "تحد للديمقراطية". كما عززت حدة الانتقادات مخاوف أنصار التوصل إلى تسوية من خلال المفاوضات مع الفلسطينيين من أن الحكومات الإسرائيلية في المستقبل قد يتعين عليها الكفاح لتأمين التوصل إلى توافق بشأن مبادلة الأرض بالسلام. وهناك نقاش بين الإسرائيليين من اليمين واليسار منذ عقود تأييدا ومعارضة للانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة مقابل السلام. ولكن النقاش أصبح أكثر خطورة بعد أن أصبحت الأسئلة الآن حول شرعية انتقاد الحكومة. ونفى إيريز تدمر مدير جماعة إم تيرتزو وجود أي نية لتكميم أفواه المنتقدين ورد بأن "الذين يسعون لتقييد حرية التعبير هم جماعات معادية للصهيونية يعتقدون أنه يمكنهم انتقاد الجميع لكنهم هم أنفسهم محصنين ضد الانتقادات". ووصفت شازان اتهاماته بأنها "سخيفة" و"ضارة". وتقول إن جماعات حقوق الإنسان الإسرائيلية قدمت 15 في المئة فقط من محتوى تقرير جولدستون. ويرفض اليساريون الاتهامات بأنهم "معادون للصهيونية" قائلين إن معارضة اليمين للتوصل إلى سلام مع العرب هي التي تهدد "الحلم الصهيوني". وقالت شازان إن الهجوم الذي تتعرض له يأتي في إطار صراع بين الإسرائيليين الليبراليين وجناح يميني متنامي متدين ومؤيد للمستوطنين يعارض التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين على أساس مبادلة الأرض بالسلام. وقالت شازان "هذا الهجوم الذي أتعرض له شخصيا طريقة أخرى معقدة للغاية للحيلولة دون عمل ما كان ينبغي عمله منذ سنوات مضت.. إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل". ورفض البرلمان هذا الأسبوع طلبا للتحقيق مع صندوق إسرائيل الجديد وتجاهلت وسائل الإعلام الخلاف إلى حد كبير. ولكن الخلاف أثر على اليهود في الخارج الذين يقدمون الأموال. وبدأ تحقيق منفصل للبرلمان الإسرائيلي في تمويل الجماعات غير الحكومية ينظر إليه باعتباره يستهدف منظمات حقوق الإنسان بشكل خاص. وقالت شازان إنها ستصر على أن ينظر المحققون أيضا في تمويل الجماعات اليمينية. وفي غضون ذلك ألغت صحيفة جيروزالم بوست المقال الذي تنشره شازان مرة كل أسبوعين. وانتقدت شازان رفض الحكومة الإسرائيلية التعاون مع جولدستون وقالت إنه يتعين على إسرائيل أن تبدأ تحقيقا في حرب غزة مثلما بحثت نتائج حروب أخرى منذ عام 1973 . وقالت شازان "نحتاجه (التحقيق) ليس من أجل العالم فقط وإنما نحتاجه لأنفسنا. إذا لم يحدد المرء أخطاءه ويصححها فإنه سيكررها" وأضافت "المجتمعات الديمقراطية التي لا تراجع نفسها لا تستمر طويلا".