بعد حديث الرئيس.. مربو المواشي يتحدثون ل«الشروق» عن مشروع تحسين السلالات وتحديات الإنتاج

في عام 2017، اضطر حسنين محمد، للتخلي عن تربية الأبقار بمزرعته الكائنة في طريق مصر إسكندرية الصحراوي، بعد أن أثر هبوط أسعار المواشي في ذلك الوقت على هامش ربحه من تربية الأبقار وبيعها.
ومع حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاحه مشروع مستقبل مصر في مايو الماضي عن تحسين سلالات المواشي، تجدد الأمل عند "حسنين" في إحياء مشروعه القديم، حيث يتمنى أن يتم الاهتمام به على مستوى جميع محافظات الجمهورية.
الرئيس السيسي، قال أثناء الاحتفال: "عندي حلم عاوز أطلبه من وزير الزراعة على الهواء كدا، حجم رؤوس الماشية اللي يمتلكها الفلاح المصري حوالي 2 مليون رأس، وبقول للمصريين (...) اللي عنده رأس ماشية غير مطورة بتآكل نفس الأكل اللي بيآكله الماشية المستوردة التي تم تطويرها، لكن المطورة تنتج لحم حوالي 7 كيلو في اليوم، وغير المطورة حوالي 1.5 كيلو، وال2 مليون رأس ماشية لو اتغيروا وأخدناهم وأدينا للفلاحين النوع اللي بيزيد، ال2 مليون دول هيدوني كتير جدا، والراس اللي كانت بتعمل ألف جنيه تعمل 5 آلاف جنيه، ولو عاوزين نغير حياة الناس لازم نعمل ده".
يعمل حسنين في تحسين سلالات المواشي منذ أكثر من 10 سنوات، بدأ مشروعه بعشر بقرات، وما لبث أن صار أكثر من 100 بقرة، لكن مع غياب الدعم والتمويل توقف مشروع المواشي.
طريقة التهجين التي كان يتبعها حسنين، هي إحدى طرق تحسين سلالات الماشية في مصر التي يتبعها كبار وصغار المربين.
التهجين والانتخاب وسيلتان لزيادة إنتاجية الماشية من اللحوم والألبان، وبحسب حسنين فإن المعدل الطبيعي لإنتاجية السلالة المحلية كيلو وربع جرام في اليوم الواحد، أما السلالات المهجنة تبلغ كيلو و700 جرام من اللحوم في اليوم أيضا.
ويقول ل "الشروق": "هناك نصف كيلو زيادة من اللحوم في اليوم، في خلال 100 يوم يصبح النصف كيلو 50 كيلو زيادة، وهذه الزيادة بالطبع تترجم إلى مبالغ مالية ومكاسب للمربي".
أسلوب التهجين هو الأفضل
أسلوب التهجين الذي يعمل به حسنين، ينصح به خبراء التناسل وتحسين السلالات، إذ يؤكد الدكتور بهاء سليم أستاذ فسيولوجيا التناسل بمركز بحوث الصحراء، أن إنتاج سلالات أجنبية وسط الظروف البيئية المحلية قد يفشل نظرا لعدم ملائمة الظروف البيئية المحلية لهذه السلالات، مشيرا إلى أنه يجب أقلمة هذه السلالات للظروف البيئية المغايرة لها وهذا يستلزم جهدا ووقتا كبيرا.
وتوجه سليم بالنصح للمربيين، قائلا: "أفضل حل هو استخدام أسلوب الخلط بين السلالات المحلية والأجنبية، إذ أن الناتج يحمل في تركيبه نصف العوامل الوراثية من الأب المحلي مما يمكنه من تحمل الظروف البيئية، وكذلك النصف الآخر من الأب الأجنبي الذي يعطيه صفة الإنتاج الجيد سواء لبن أو لحم".
وأضاف: "من الأفضل أن يتم استيراد سائل منوي من الخارج واتباع طرق التلقيح الاصطناعي بدلا من التلقيح الطبيعي نظرا لصعوبة استيراد الطلائق من الخارج وصعوبة رعايتها تحت الظروف المحلية".
تحسين السلالات حلا للتغيرات المناخية
وأوضح مؤمن صلاح، صاحب مزرعة إنتاج حيواني بالريف الأوروبي ل"الشروق"، أنه بدأ العمل في مجال تحسين السلالات الحيوانية منذ 5 سنوات، مشيرا إلى أن ما دفعه لخوض هذا المجال هو تغير درجات الحرارة، ففكر في إنتاج سلالات من الأبقار تستطيع التأقلم مع الارتفاع المستمر في درجات الحرارة.
السبب الآخر الذي دفع صلاح، إلى العمل في تحسين السلالات هو توفير سلالات أكثر إنتاجية، تسمن بشكل جيد، ومعدل نموها مرتفع، لأنها ستسهم في توفير الألبان واللحوم بشكل أفضل من غيرها.
يقول صلاح ل"الشروق": "الأبقار التي قمنا بتحسين سلالتها أكثر قوة من الأبقار العادية، فلدي زبائن كثيرة من الصعيد والأرياف أصبحت تشتري بقر من السلالات الجديدة، وذلك لأنها تتحمل درجة الحرارة العالية الموجودة حاليا في صعيد مصر، كما أن معدل نموها مرتفع عن غيرها".
وأكد صلاح أنه يعمل فقط في سلالات البراون والسيمنتال، في حين أنه يبتعد عن سلالة الهولوشتاين لأنها تحتاج إلى مناخ أكثر استقرارا ورعاية كبيرة، كما أن تسمينها غير جيد، والذكور في هذه السلالة غير مرغوب في شراءها، لأن معدل نموها منخفض.
وعن مميزات سلالات البراون والسيمنتال قال صلاح: "هذه السلالات تنتج عجولا قوية التحمل، وتسمن بسرعة، فالعجل يسمن 1.5 كيلو أو 1.7 كيلو في اليوم الواحد، فجميع سلالات البقر تأكل نفس الطعام، ولهذا نبحث عن الجودة، عن من يسمن بشكل أسرع وإنتاجيته أكبر".
لدى صلاح قطيع من البقر المحسن سلالته يتكون من 50 رأس، بينما لديه 200 رأس من الخلايط، وعن الفارق بينهما أوضح أن السلالات أفضل من الخلايط لأن إنتاجها أحلى في اللبن، فنسبة دسم لبن أبقار السلالات تعادل دسم اللبن الجاموسي، بالإضافة إلى أن إنتاج الذكور والإناث أفضل كثيرا من الخلايط.
التحديات تواجه مجال تحسين السلالات
أكد صلاح، أن أكبر مشكلة تواجه سوق تحسين السلالات حاليا هي ارتفاع أسعار الأعلاف، ما يجعل الزبائن التي كانت تشتري 5 و10 بقرات، تحصل على بقرة واحدة فقط أو 2 حتى يستطع المربي تربيتهم وتوفير الطعام لهم.
ويقول صلاح: "البقرة تأكل في اليوم 15 كيلو علف، أي 170 جنيها للبقرة الواحدة يوميا، فالمربي الذي لديه 50 بقرة، سيدفع 8000 جنيه علف فقط في اليوم الواحد، ليصبح المبلغ 255 ألف جنيه طعام فقط للبقر في الشهر الواحد، هذا بجانب أموال الأمصال والأدوية التي تحصل عليها البقر لمنعها من الإصابة بالأمراض".
وأضاف: "لكي أستمر في تحسين السلالات، أشتري العجول المستوردة من الخارج، وأصبح سعر البقرة العشر التي تبلغ من العمر 7 أشهر 60 ألف جنيه، وهذا مبلغ كبير، لأنها تأكل لديّ علف غال الثمن لمدة شهرين قبل أن تعطي أي إنتاج، هذا بجانب مصاريف التلقيح الصناعي الذي كان سعره 200 جنيه في السابق، وأصبح الآن يتراوح ثمنه بين 500 إلى 700 جنيه".
وأوضح أن ارتفاع الأسعار المستمر سيشكل عقبة كبيرة أمام سوق تحسين السلالات، مشيرا إلى أن من لديه 50 رأسا، قلل عدد الماشية إلى 30 رأسا، لكي يستطيع رعايتها، وفي المقابل قلت عمليات الشراء لعدم توفير مال كاف للأعلاف، ما قد يجعل الكثيرين يغلقون تجارتهم.
واختتم صلاح حديثه مع "الشروق" متمنيا دعم الدولة المصرية لأصحاب المواشي ومن يعملون في تحسين السلالات، موضحا أن هدف الجميع واحد وهو تعزيز الأمن الغذائي المصري خلال فترة وجيزة خاصة في ظل التغيرات المناخية التي نعيشها حاليا.