الدكتور حسين عبد الباسط قائماً بعمل عميد كلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال بجنوب الوادي    "القاصد" يرأس لجنة اختيار الوظائف القيادية بجامعة المنوفية    وزيرا خارجيتي السعودية والأردن يبحثان تطورات الأوضاع في غزة    تأجيل مباحثات "الممر الإنساني" بين سوريا وإسرائيل برعاية أمريكية    «حماس» تشيد بدور مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية    وزارة الشباب والرياضة: عقوبات رابطة الأندية ضد جماهير الزمالك "قوية"    أحمد مجدي: لدي مستحقات متأخرة في غزل المحلة وقد ألجأ للشكوى    منتخب مصر تحت 20 سنة لكرة القدم ينهي تدريباته استعدادًا لملاقاة المغرب    النيابة تأمر بحبس 5 متهمين اقتحموا مستشفى دكرنس    الحماية المدنية بالغربية تسيطر على حريق هائل نشب بسيارة بالمحلة الكبرى    بعد تتويجه بجائزة الدولة التشجيعية 2025 في التصوير.. إسلام الريحاني ل«البوابة نيوز»: لحظة الفوز مؤثرة وشهادة تقدير لسنوات من البحث والتجريب    عاجل| قمة ألاسكا.. "تمرين استماع" بين ترامب وبوتين وسط تعقيدات الحرب الأوكرانية    نتنياهو: لا اتفاقات جزئية.. وهدفنا نصر حاسم فى الحرب بغزة    ثلاث تغييرات في تشكيل الأهلي ضد فاركو بالجولة الثانية من الدوري    مورينيو يقود فنربخشة لاجتياز فينورد قبل مواجهة بنفيكا لحسم مقعد الدوري من أبطال أوروبا    نيوكاسل يعلن الصفقة الثالثة    أمين عمر حكما لبيراميدز والإسماعيلي.. والغندور للطلائع والمصري    كيف تعرض نتنياهو لموضوع إسرائيل الكبرى في حواره مع قناة i24 العبرية؟    المئات يتظاهرون ضد حظر السباحة في نهر شبريه في برلين    على طريقة "اللي على راسه بطحة"، صورة مفاجأة تهز سارة خليفة أثناء التحقيقات معها    محافظ الجيزة يعلن اليوم المرحلة الثانية لتنسيق القبول بالثانوية العامة 2025    بسبب إنشاءات المترو.. كسر خط صرف صحي في الإسكندرية    6 بنوك تتصدر ترتيب المتعاملين الرئيسيين بالبورصة خلال جلسة منتصف الأسبوع    بعد المطعم والكافيه، تامر حسني يستعد لافتتاح مشروعه الخاص الجديد    إبراهيم عيسى يٌشكك في نزاهة انتخابات مجلس الشيوخ: مسرحية (فيديو)    طريقة عمل شاورما اللحم فى البيت، أحلى وأوفر من الجاهزة    الصحة تشيد بالأطقم الطبية بمستشفيات الشرقية لنجاحها فى إجراء عمليات معقدة    محافظ سوهاج يتفقد سير العمل بمستشفى سوهاج التعليمي    نجم الزمالك السابق: مباراة مودرن جرس إنذار للأهلي.. وبصمات فيريرا واضحة مع الأبيض    الآن بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 13 أغسطس 2025    سعر الذهب اليوم الأربعاء 13 أغسطس محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    البنك العربي الأفريقي الدولي يرفع حدود استخدام البطاقات الائتمانية والعملات الأجنبية للسفر والشراء    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    "الإسكان": منصة إلكترونية/لطلبات مواطني الإيجار القديم    حبس 5 متهمين اقتحموا العناية المركزة بمستشفى دكرنس واعتدوا على الأطباء    متلبسًا بأسلحة نارية وحشيش.. ضبط تاجر مخدرات في طوخ    إخماد حريق نشب في محول كهرباء تابع لترام الإسكندرية    الزراعة: حملات مكثفة على أسواق اللحوم والدواجن والأسماك بالمحافظات    ترامب يهاجم رئيس "جولدمان ساكس": "توقعاتهم كانت خاطئة"    محافظ المنيا يقرر تخفيض مجموع القبول بالصف الأول الثانوي العام والفني للعام الدراسي 2025 / 2026    بداية أسبوع من التخبط المادي.. برج الجدي اليوم 13 أغسطس    4 أبراج «بيحسّوا بالحاجة قبل ما تحصل».. موهوبون في التنبؤ ويقرأون ما بين السطور    نقاش محتدم لكن يمكنك إنقاذ الموقف.. حظ برج القوس اليوم 13 أغسطس    سوق مولد العذراء مريم بدير درنكة.. بهجة شعبية تتجدد منذ آلاف السنين    أكرم القصاص: مصر أكبر طرف يدعم القضية الفلسطينية وتقوم بدور الوسيط بتوازن كبير    محافظ القليوبية يكرم 3 سائقي لودر لإنقاذ مصنع أحذية من حريق بالخانكة    للمرة الأولى.. كليات الطب البشري وحاسبات ضمن تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للنظام القديم «ضوابط الالتحاق»    مصدر بهيئة قناة السويس ببورسعيد ينفي ما تم تداوله حول إغلاق كوبري النصر العائم    وكيل صحة شمال سيناء يعقد اجتماعا لمتابعة خطة تطوير الخدمات الطبية    نقابة العلوم الصحية: تكليف خريجي المعاهد خطوة لتعزيز المساواة    ما حكم ربط الحروف الأولى للأسماء بالرزق؟.. أمين الفتوى يجيب    أيهما أفضل لصحة القلب والهضم: الموز أم التمر؟    حكم الوضوء لمريض السلس البولى ومن يعاني عذرا دائما؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    حزب الوعي: زيارة الرئيس الأوغندي لمصر يعكس الإرادة السياسية لقيادتي البلدين    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    جامعة الإسماعيلية الجديدة الأهلية تكرم المشاركين في ملتقى القادة الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جمال الغيطانى: اندثار
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 02 - 2010

أخيرا.. لا يفصلهم عنها إلا الباب الموصد منذ قرون سحيقة، أختام بادية، غبرة القدم، وتوقع صامت يسرى من قطعة الخشب المنحوتة بدقة، المستوية، الناعمة، المرتكزة إلى نقبين، الأول أسفل والثانى أعلى.
يتقدم الأستاذ منحنيا فى الممر المؤدى، أوشك على انتهاء. ببطء وبأيد مدربة تم حفره، بتأن، على مهل، الأبصار كلها تتجه إلى الباب.
لحظة فاصلة يتوق إليها كل من يعمل مثله، لحظة نادرة، قد لا تتكرر وربما لا يعرفها معظم الباحثين، لحظة جرى تمهيد لها، عمل دؤوب، وأيام صعبة فى هذه المنطقة النائية، الموغلة فى الرمال إلى الغرب، لم يكن الاستدلال إليها سهلا بدون جهود سابقة لباحثين أمضوا سنوات فى المنطقة ولم يصلوا إلى شىء.
كل الدلائل تشير إلى أنه سيلقاها وجها لوجه بمجرد فتح هذا الباب ونزع غطاء التابوت، سيقع بصره على القناع الذى يغطى الوجه الملفوف فى الكتان المحكم والقناع الدال، المؤشر على ما كان يوما، نظراته تصل ما انقطع منذ توالى القرون والحقب بعد أداء الكهنة طقوس فتح الفم، منذ أن لمس كبيرهم الفم بعلامة الحياة سنخ قبل أن تدوى الصيحة «انهض إنك لست بميت».
هل خوطبت الأثنى بعبارات مماثلة؟
بأى إيقاع كان النطق؟ أى روائح كانت تعبق الفراغ قبل إغلاقه؟
هل ستنفذ إلى حواسه بقاياها؟
ربما يشم عتاقتها الآن بعد اكتمال الفتح وسفور الموقع عن آخر مكنونه؟
نهاية وشيكة لعمل دؤوب استمر سنوات من عمره وتمهيد لا يمكن الإلمام به ممن سبقوه، إنه يحاول جاهدا إقصاء الخواطر والرؤى والتداعيات التى يثيرها الموقف حتى يفرغ ويصفو تماما للحظة المواجهة، الرؤية الكشف، لا يجد لفظا محددا يمكنه أن يستكين إليه وأن يدل على حاله.
فى الصباح راجع كل ما تم. نقوش الباب «نسخت وصورت، كذلك المتون المقدسة على جانبى الممر، منها أيقن ما ينتظره وراء الباب.
كل الدلائل تؤكد أنه لم يفتح، لم يعبث بالمحتوى منذ إغلاقه ذلك اليوم البعيد، يصعب تسميته أو تحديده من موقع اللحظة الآنية.
لا يدرى.. هل سيجد حبلا مجدولا يوثق مصراعى الباب موثقا بخرطوش يحمل اسمها. تماما مثل ذلك الحبل الذى تطلع إليه كارتر مدركا أنه أمام الخطوة المؤدية. لكن ثمة فرق، الحبل الذى رآه الإنجليزى ومساعدوه مده وعقده وختمه كبار الكهنة الذين نقلوا محتويات مقبرة توت عنخ آمون خشية سرقتها بعد اضطراب الأحوال وسريان انتهاك المقدسات، وإقلاق مراقد الداخلين، لهذا كانت المحتويات مكدسة على عجل، بدون ترتيب يليق بوريث عرش الإله حورس، أى أن المرقد قد تم فضه مرة بعد إغلاقه، لكنه هنا أمام باب لم يفتح قط. يحول بين رقدتها وفراغ الممر المؤدى إلى الخارج.
«نفرت».
إنها الجميلة، من أميرات البيت الكبير، إنها الآتية من بعيد كما يقول أحد ألقابها؟ ألهذا اختارت هذا الموضع المنعزل؟، يكاد يلفظ الوصف الذى صاغه هو.
لم يقرأه فى ألقابها أو توقيعاتها. أتى به هو ليقينه أنه ملائم متوافق معها، لكم يبدو مرقدها منعزلا، منيع العتبات، جمع بمفردها، فليؤجل ما يتوارد عليه إلى لحيظات سيغمض خلالها عينيه ويستعيد ما يمر به الآن، عندئذ ربما يبصر ما لا يراه، ما لا يطلع عليه وربما تبزغ فكرة لا تواتيه فى حينه.
أنتبه
تطلع، فلن تفض أختام لم يقربها أحد قبلك مرتين، تبصر، لولا المصادفة التى أوحت إليك بمفتتح الطريق المؤدى إلى الناحية لأمضيت عمرك ولذهبت بدون معرفة تلك اللحيظات.
يرفع المصباح، ضوء هادئ، بارد، لا يثير الحرارة، مناسب للأماكن المغلقة، يثبت يده عند نقطة محددة، يتقدم مساعده خطوة، إنه خلفه تماما، يتناول المصباح حتى يتفرغ أستاذه لمعالجة الباب برفق وتأن وحذر.
يطرق الباب، يصغى، الطرقات هذه المرة مختلفة، تسبق الفتح مباشرة. يوحى الصوت بالفراغ المؤطر، يمكنه أن يتصور ملامح القناع الذى يغطى المومياء الملفوفة بالكتان، لطول ما أمعن التفكير وانشغل بها، كأنه قابلها وتطلع إليها، تحدث وسمع منها.
سبعة أيام استمر تنظيف ما حول الباب بفرشاة ناعمة، تم الكشف عن الحدود التى سيتم التعامل معها، ينحنى، يتحسس الحد الغائر، يشفق على الخشب العتيق الذى لم يمسه بشر منذ ثلاثة آلاف وخمسمائة عام وبضع سنين من مقدمة الأداة المصنوعة من الصلب الحاد.
يدس سن الآلة العريض، الحاد، يدفعه متأنيا، متمهلا، محاولا ألا يتسرب انفعاله إلى ثبات يده وضمة أصابعه، إنه مستغرق، متمكن الآن، يدفع ضاغطا المقبض. مقاومة يسيرة، يقدر أن السن عبر إلى فراغ، قدر من أصداء الطرقات متانة وسمك الباب، لكنه مفاجأة الآن بالسهولة التى غاص بها مقدم النصل فى الحد الفاصل بين الجدار والخشب، ينتصب واقفا، يضغط مقدمة الأداة من أعلى، المقاومة تحتاج ضغطا أشد لكنه ينفذ إلى الفراغ عينه الذى قدره بأسفل.
هل يبدأ الآن؟
وراء الحاجز يساعده باذلا طاقة تستعصى على الإدراك، يقف تماما محدقا إلى الأمام، يلتفت إلى مساعده، سيسدد هو الضوء إلى الداخل حتى تكتمل الرؤية.
يرفع المصباح، يصبح بمحاذاة كتفه، يتراجع الباب تحت ضغطة يده بيسر. فراغ يتسع له، لا يمكن أى شخص خلفه من النظر عبر كتفه، ينتظم مساعدوه ومعاونوه من عمال متخصصين خلفه على امتداد الممر، لكنه عند هذا الحد بمفرده، توقف الباب عن التراجع مفسحا لفراغ يستوعب بالكاد.
من يصل إلى هنا لابد أن يكون وحيدا، فردا، مفردا، إنه فى مواجهة فراغ، لم يحرك المصباح بعد حتى يمكنه الرؤية، مازال واقفا عند حدود العتمة، تنفذ الرائحة المعتقة، الكامنة إلى أنفه، إلى صدره، يعرف خطورة الهواء المقيم واحتواءه على ما يسبب الهلكة لكن بعد حين مقدر، لكنه لا يعبأ، إنه فى مواجهة لحظة فاصلة، إنه على وشك أن يرى، أن يقف على ما طال كمونه ولم يتبق إلا الإسفار.
شيئا فشيئا يغيب عنه ما يحيطه، يتجه تماما إلى ما ينتظر دخوله دائرة إبصاره، كأنه يقف داخل فراغ خاص به، يتحرك فيه، هو فقط لا غير، يعرف مثل هذا الحال، الرغبة فى تأجيل اللحظة الدانية التى سيتحقق فيها المأمول، لكنه الآن مأخوذ، مستغرق، متجه إلى ما ينتظره، إلى رؤية ما تنبأ به، ما جمع من أجله الأدلة، ما بذل صوبه الجهد والوقت وتوقع المأمول.
يرفع المصباح إلى نقطة يمكن للضوء أن يتقدمه ليكشف له الفراغ وما يحوى لا يدرى كيف تبدو ملامحه الآن، لا يراه أحد من المواجهة إلا سموها وجلالها وحضورها الماثل فى مواجهته.
ليس قناعا ما يبدو له، ليس تابوتا مغلقا، ليست العين التى ترى للراحل المسافر معالم الوجود، إنما هو فى مواجهتها تماما، ترقد أمامه، مفتوحة العينين، جهيرة النظر، جلية البصر، تحدق صوبه مرتدية كامل ثيابها، منسدل شعرها، أصابع يديها مغطاة بأصابع ذهبية، كل منها يحيطه خاتم سيدنو فيما بعد ليحدد النوع والشكل وطبيعة الشكل، إنه فى مواجهتها، يدركها بالكلية.
فراشها بيضاوى، طبقات من كتان أبيض شفاف، يحيطها، يفيض منه بقدر، كأنها على وشك أن تهم، أن تشب، أن تبادر، لكنها لا تفعل.
الإقدام منه هو، يتجه بجماعة إليها، بكل ما استوعبه من شوارد وتفاصيل، إنه مدرك تماما، واع لفرادة الحالة، لم يقرأ ولم يسمع ولم يصف من سبقوه حالة كهذه.
إنها مكتملة، مكملة فى مواجهته، حاضرة، يتجه إلى الوجه، حاضر غائب، على وشك التبسم، لا يمكنه الإمساك بملامح محددة، غير أن تناسق الملامح مما أذهله، سنوات طويلة يتفحص الرسوم الجدارية. والملامح البادية عبر أوراق البردى والحلى والصناديق الصغيرة، وقطع الأثاث التى سلمت من عبث الأيدى، لكنه لم ير مثلها، لم تقع عينه على شبيه لها.
لم ير شبيها أو قرينا لها لأنها الحالة الأولى من نوعها، ليس تحنيط ما يرى، لا يمت الجسد إلى المألوف من المومياوات المحنطة التى تخفى ملامحها بالكتان، والأربطة.
إنه فى مواجهتها، هى.. المحدقة إليه بعينين توشكان على تتبعه إذا حاد عن موقعه، لا يدرى أى تصرف يجب أن يبدر عنه، ماذا عليه أن يتبع؟
هل ينحنى؟
هل يتقدم؟
هل يحدق فى اتجاه ملامحها أم يحاول الإحاطة بالمفردات الباقية، باقة الورد التى تبث عطرها المحفوظ، الكامن، ليس بوسعه إلا أن يثبت الضوء، لا يمكنه إلا التملى، أن ينهل مما أتيح له قبل أن يشاركه غريب حتى لو كان من أقرب المقربين.
ضجعتها قيام مستمر، شروع فى نهوض، وملامحها حاوية لبدء ابتسامة وتأهب لسؤال ولواح أسى ما. ربما لحظة الانتقال من حال إلى حال.
حضورها تمهيد لحضور لم يسفر عن ملامحه بعد، لذلك تطول وقفته وكأنه يتوقع قيامها، أو صدور ضحكة عنها، أو النطق بلغة لم يسمع إيقاعها قط.
شعرها مصفف، مسدل حول وجهها الذى يمكن وصفه بالدائرى أو الاستطالة، شفتاها منفرجتان إلى حد لا يمكن ملاحظته إلا رغم أنها متجهة إلى الأمام، لكنها تدنو من التفاتة محسوبة.
إلى يمين
إلى شمال؟
لا يمكنه التحديد. لا يقين ممكنا عدا أنها أمامه، وثيرة الرقدة، مشعة البهاء القادم من عمق سحيق، ينتبه إلى استيعابه لها مع ثبات نظره، مع توجهه صوب وجهها، لكنه رأى صدرها الناهض.
استدارة النهدين، الزهور موضعها فوق البطن، تخفى خموص البطن وانخساف السرة.
يوثق ملامحها فى ذاكرته، ما عدا تلك اللحظة الممتدة تكرار، يستقر الضوء، تشع عيناها صوبه، يوشك لكنه يحجم، عند لحظة معينة يدرك أن ثمة أمرا يجرى.
متى بالضبط
ربما لحيظة امتزاج نظراتها بنظره، تلاقى البصرين، تداخلهما.
مؤكد..
يتغير لون الوجه الأصفر المائل إلى حمرة، يخبو ضوء المصباح الذى يعرفه، يحل ضوء آخر يجهل مصدره، لا يقدر على تحديد رؤيته، يميل إلى الأمام لكنه لا يتحرك.
من صفرة مشربة بحمرة إلى قتامة لا يمكنه تحديدها أو معرفتها أو منع اكتمالها، غضون تظهر، جفاف يحل، يتسرب التناسق، والنظر المنبعث من عينيها، وتمتزج ملامحها، يمد يده لكنها لا تتحرك، يبسط أصابعه لكنها لا تشير، يهم بالنطق غير أن اللفظ لا يخرج، لا يسمع أحد استنجاده وغواثه لإيقاف اكتمال الفناء، تحولها إلى رماد يتهاوى بسرعة كلما أطال التحديق، حتى الكتان الأبيض الحاوى..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.