«للقلب مرسى أخير» رواية محورها الغربة بمعناها الشامل للأوطان والنفوس صالون إحسان عبدالقدوس حقق نجاحا كبيرا.. واستضفت خلاله شخصيات رفيعة مبادرة «كاتبان وكتاب» أخذت منى مجهودا كبيرا وحققت نجاحا غير متوقع الموهبة نصف الإبداع وممارسة الكتابة مثل الرياضة رحلة عامرة من عالم الطب إلى عالم الأدب خاضتها الروائية والطبيبة رشا سمير صاحبة الأعمال التى تمتاز بقدر كبير من الانتصار إلى المرأة بخلاف انحيازها الواضح إلى معالجة الأبعاد التاريخية فى أعمالها المتنوعة حيث صدر لها مجموعة من الإبداعات فى مجال القصص القصيرة والرواية ومن بينها: «جوارى العشق»، و«سألقاك هناك»، و«معبدالحب»، و«بنات فى حكايات». تسعى الروائية رشا سمير دائما إلى تحريك «المبادرات الثقافية»، والتى تحاول من خلالها جاهدة إلى الارتقاء بالمشهد الثقافى والإبداعى، وتشكيل حلقة وصل بين مختلف أجيال المثقفين والمبدعين. من الطب إلى الأدب.. كيف كانت كواليس هذه الرحلة؟ إنها رحلة طويلة بدأت بحلم مزدوج هو أن أصبح روائية وطبيبة فى الوقت نفسه إلى واقع أفتخر به كلما نظرت خلفى لأستعيد هذا المشوار.. مشوارى فى الأدب بدأ بخواطر وانتهى بروايات هى الآن على قوائم الأكثر مبيعا، لم أندم يوما على اختيارى الأدب رفيقا لخطواتى، ولا لاختيارى طب الأسنان ليصبح مهنة أتقنها وأقدرها حتى دفعنى حبى لها للحصول على الماجستير وما زلت أمارس الطب حتى اليوم ولو عاد بى الزمان لاخترت طب الأسنان من جديد. لكن مع الكتابة تديرين صالون «إحسان عبدالقدوس الثقافى».. لماذا تلك الخطوة؟ بدايتى مع صالون إحسان بدأت من تكليف سعدت به من أبنائه محمد وأحمد عبدالقدوس بعد أن كتبت عن والدهما كثيرا، وبدأت بصفتى أول امرأة روائية تتولى إدارة الصالون، مما اعتبرته على رغم من المجهود المبذول فيه خطوة مهمة فى مسيرتى الأدبية لأننى تربيت على روايات إحسان واقتديت به، والحمد لله بشهادة أبنائه استطعت أن أحقق نجاحا كبيرا للصالون كما قمت باستضافة شخصيات سياسية وفنية وأدبية مهمة واستطعت فى وقت قصير أن أجتذب جمهورا كبيرا ومتابعين للصالون. وماذا عن مبادرة «كاتبان وكتاب».. وكيف تم الإعداد لها؟ إنها فكرة بدأت بفترة الحظر التى تعرضنا لها جميعا بسبب جائحة الكورونا ووجودنا فى المنزل بعيدا عن الندوات واللقاءات، توقف صالون إحسان بسبب وباء الكورونا فقررت أن أنقل شغفى بنشر الثقافة إلى لقاءات عبر المسافات على صفحتى الشخصية، ولأننى قارئة نهمة ومن المؤمنين بأن الأدب العربى يجب أن يكون جسرا متينا للتواصل بين البلدان العربية. قررت أن أقوم باستضافة أحد الكتاب العرب بعد قراءة أغلب أعماله باستفاضة ومناقشته فيها فى محاولة لتعريف القارئ بأعمال لها قيمة مختلفة، فوجئت بنجاح المبادرة، بشباب وكبار يتابعونها، والأهم متابعة كل الأشقاء من الوطن العربى، وسعدت جدا بموافقة كتاب كبار هم أصدقاء وزملاء بالترحيب بالمشاركة أمامى مثل حبيب السالمى، واسينى الأعرج، نجوى بركات، هدى بركات، ليلى الأطرش، محمد المنسى قنديل، جان دوست، جبور الدويهى، هشام مطر، سعود السنعوسى، بدرية البشر وغيرهم من الكتاب. المبادرة تأخذ منى مجهودا كبيرا فى التحضير ولكنها دون شك تسعدنى لأنها حققت نجاحا لم أكن أتوقعه. «جوارى العشق» حكاية أربعة أجيال من الإناث فى أربعة أزمنة مغايرة.. هل يمكن اعتبارها رواية تاريخية؟ بالقطع هى رواية تاريخية، وتناول العصر المملوكى فى رواية كانت بادرتى ثم ظهرت روايات من بعدى تدور فى نفس الحقبة التاريخية، وهو ما يدعونى للفخر لأننى كنت أول من نبش فى تلك الفترة الزاخرة بالأحداث برواية عن المرأة. و«جوارى العشق» من الروايات التى جعلت اسمى يلمع فى دنيا الرواية وارتبط بها قرائى.. وهى بالقطع رواية تاريخية تتناول تاريخ مصر فى ثلاث حقب تاريخية، أولها المملوكى ثم تحولات فترة السبعينيات وأخيرا ما بعد ثورة يناير ومفهوم الجارية فى تلك العصور، أعترف أن تلك الرواية كانت وستظل عنوان «رشا سمير» ارتبط اسمى بها وأحدثت حالة من الجدل الذى أسعدنى. «الغربة والحنين والترحال» معانٍ بارزة فى أحدث روايتك «للقلب مرسى أخير».. حدثينا عن ذلك؟ «للقلب مرسى أخير» رواية محورها الغربة، ليس فقط غربة الأوطان وإنما غربة النفوس.. فالاغتراب ليس بالداعى أن يكون اغترابا فى أرض بعيدة لا نمتلك جواز سفرها نتيجة الترحال، بل هو أحيانا اغتراب داخل الأسرة الواحدة وداخل النفس.. اغتراب فى المشاعر ينتج عن المعارك الكثيرة التى يعيشها البشر، معارك نخسر بعضها ونكسب البعض الآخر وتبقى معركة واحدة أخيرة، هى معركة القلوب. هل تعمدت الانتصار للمرأة لشعورك بأنها لم تصل إلى حقوقها حتى الآن؟ هذا صحيح بلا شك، على الرغم من كل الانتصارات التى حققتها المرأة المصرية إلا أنها بالفعل لم تصل إلى المكانة التى تستحقها ولم تنل حقوقا كافية لتنقلها من خانة القهر إلى خانة التمكين. وهو ما يدعونى دائما فى كتاباتى إلى طرح القضايا النسوية سواء فى بعض الروايات أو فى المقالات. ما رأيك فى المشهد الثقافى المصرى؟ هناك زخم محمود ومذموم فى نفس الوقت مما أربك المشهد الثقافى، والدليل على ما أقول هو معرض الكتاب الذى يضج بدور النشر والكُتب، بل أن هناك نصوصا لا نراها إلا فى المعرض ودور نشر لا وجود لها إلا فى تلك الفترة المزدحمة بالشراء. كما أن هناك أيضا نوعا من الالتباس بين الغث والثمين، والفارق للأسف لم يعد يدركه الكثيرون وهذا بالمناسبة موجود فى كل دول العالم.. المشهد يحتاج إلى مراجعة وعدم السماح بالمزيد من دور النشر إلا لو كانت تلك الدور قادرة على احترام الكاتب والقارئ معا. يقينى دائما أن الأدب الجيد يبقى.. فكل ما هو جيد يطفو فوق السطح ولو بعد حين. هل معدلات القراءة فى تراجع أم زيادة وانتشار؟ أرى أن معدلات القراءة فى تزايد طبعا وهو شىء يبعث على التفاؤل وخصوصا من قبل مجموعات الكتب ونوادى الكتب التى انتشرت مؤخرا إلا أن هناك بعض تلك الجروبات التى حولت الموضوع إلى بيزنس وهو ما جعلهم يدفعون بعناوين فارغة وجذب القارئ لقراءتها فقط من باب الترويج وليس المحتوى. من وجهة نظرى أن المعيار لا يجب أن يكون كم كتابا قرأت ولكن يجب أن يكون كم كتابا «جيدا» قرأت؟. هل هناك مهارات واجب توافرها فى الكاتب من وجهة نظرك؟ وجهة نظرى أن نصف الإبداع موهبة، ومعظم الأدباء الذين بدأوا يكتبون من سن صغيرة لمعوا وتركوا عناوين مهمة وراءهم.. والنصف الآخر هو كيف يعمل الكاتب على نفسه للارتقاء بلغته وأسلوبه وأفكاره وهذا لا يتم إلا من خلال شيئين، أولهما، «القراءة» فهى تثقل الموهبة وهى نصيحتى لكل من يبدأ مشواره الأدبى. والشىء الآخر هو ممارسة الكتابة، فالكتابة مثل الرياضة تحتاج إلى ممارسة لإتقانها.. وهى بالمناسبة كانت نصيحة الكاتب الشهير إرنست همنجواى لتلاميذه. هل يمكن أن تخبرينا عن قادم أعمالك؟ أكتب عملا روائيا منذ حوالى عامين، لم أنتهِ منه بعد ولا أتعجل ذلك إلا أن القراء يشعرون أننى تأخرت عليهم منذ آخر إصدار لى (للقلب مرسى أخير).. كلى أمل أن يكون القادم لائقا بمحبة القراء وتوقعاتهم.