(لن أفارق أبدا)... معرض فني يشارك فيه سبعة فنانين تشكيليين فلسطينيين بأعمال فنية شكلت جزءا من حكايتهم الشخصية التي لا يريدون مفارقتها أبدا لتروي جانبا من الحكاية الفلسطينية بطريقة إنسانية. وكتب الفنان جاك برسيكان - في تقديمه في افتتاح المعرض مساء الأربعاء في قصر رام الله الثقافي - "هذه الأشياء أو الأعمال التي أبى الفنان أن يفارقها تحتل فضاء ماديا من حياة الفنانين وهي ملتصقة بتجربتهم المعيشية ... تمثل حاويات لقصص تحكي التاريخ ونماذج ترسم الخريطة الثقافية". ويضيف "أنها الحكايات الشخصية لهؤلاء الفنانين الحقيقة والسبب في عدم مقدرتهم على أن يفصلوا المكان عن أعمالهم الفنية من وجهة منظورهم ورؤيتهم عن المنفى والأمل والإذلال والمد والفشل والأحلام للناس المجردين خارج المكان". وتعددت لوحات الفنانين السبعة بين الرسم والتصوير وأفلام الفيديو والنحت في أعمال لكل منها حكايتها الخاصة في حياة الفنان والتي تروي في بعض جوانبها جزءا من الذاكرة الفلسطينية الجماعية. واختارت الفنانة التشكيلية فيرا تماري ذلك الجزء من حياة عائلتها في حي العجمي في مدينة يافا الساحلية قبل حرب عام 1948 وحولت صورة فوتوغرافية لوالدتها التي كانت تقف فيها على شرفة منزل عائلتها قبل "عام النكبة" إلى مجسم من الصلصال يجسد نفس الصورة. وقالت فيرا "أردت إعادة الروح إلى المكان والزمان الذي أخذت فيه الصورة باستخدام الصلصال والتي هي جزء لا يتجزأ من الماضي الجميل الذي عاشته أسرتي في يافا". وأضافت تشير إلى مجموعة من الأوراق يجري عرضها على شاشة إلى جانب المجسم الذي تظهر فيه الأم على شرفة المنزل وإلى جانبها مجموعة من الأزهار "هذه الأوراق كتبت عليها والدتي بالفرنسية كل الأغراض التي كانت تريد شراءها تحضيرا لعرسها وأسماء المحلات التي سوف تشتريها منها". وتريد فيرا أن تنقل إلى زوار المعرض "من خلال العمل الذي تربطني به علاقة عاطفية خاصة لأنه يمثل أمي، كان في فلسطين حياة وحياة جميلة ومتقدمة قبل عام ثمانية وأربعين". ويبدو أن الفنان أسد عزي قد استغنى بصعوبة لبعض الوقت عن لوحته الفنية (موناليزا الجليل) التي تمثل صورة لسيدة يغطى جزءا منها ستارا أحمرا كي تعرض في المعرض. وكتب عزي يصف لوحته "هذه اللوحة الزيتية هي بورتريه لوجود أمي الروحي لقد رسمتها قبل ثلاثين عاما وحملتها معي في كل مرة غيرت فيها مكان سكني... مرافقة هذه اللوحة لي زادتني قوة مع مرور الأيام وهي في كل مرة تطالب بمكانها فوق سريري". ويضيف "أسميتها موناليزا الجليل لقد أصبحت ملجأي ووقت راحتي لم نفترق يوما ولم تبعدنا المسافات أبدا...قلت ما في وسعي ولن أبوح أكثر". وترفض الفنانة جمانة عبود الكشف عن طبيعة تلك اللوحات التي تظهر صورة لها في المعرض وهي تلقي بها في نار يرتفع لهبها يظن الناظر إليها أنها جانب من إحدى المظاهرات التي كان يشعل فيها الفلسطينيون إطارات السيارات لإغلاق الشوارع. تقول عبود "لقد أحرقت في هذه النار ثلاث لوحات رسمتها ولكن لم يراها أحد ولن أقول ما كان بها لأنها شخصية جدا وفكرت أنني بالتخلص منها بهذه الطريقة احتفظ بها إلى الأبد". ويشارك في المعرض الذي يستمر حتى 18 فبراير بالإضافة إلى الفنانين السابق ذكرهم كل من أيرين انسطاس ونبيل عناني وخالد حوراني وتيسير بركات.