شركات زيت الطعام توقف المبيعات مؤقتا وترفع سعر طن «السائب» 2000 جنيه    تأثير طفيف لتداعيات حرب إيران وإسرائيل على السياحة المصرية    البورصة المصرية.. تذبذب محدود في المؤشر الرئيسي وسط ترقب تصريحات ترامب وتطورات الحرب    غارات إسرائيلية تستهدف عدة مواقع شرق العاصمة الإيرانية طهران    موسكو تحذر من كارثة وشيكة في إيران (تفاصيل)    الأهلي يبحث عن انتصاره الأول أمام بالميراس في مونديال الأندية    رسميًا.. برشلونة يضم جارسيا إلى 2031 بعد دفع قيمة الشرط الجزائي    شاهد يروي لحظات الرعب في حادث انهيار عقار السيدة زينب: حاولنا إنقاذ الضحايا بأيدينا    بعد بيعه لعفش منزله.. شريف خيرالله يشكو من قلة العمل: «الموهبة قاعد من غير شغل»    انفراجة مالية.. توقعات برج الجوزاء في النصف الثاني من يونيو 2025    ميراث الدم | عامل يقتل شقيقه في قنا والمحكمة تعاقبه بالمؤبد    الأعلى للإعلام: استدعاء الممثليين القانونين لعدد من القنوات الفضائية بسبب مخالفة الضوابط والمعايير    ب290 دينار شهريا.. بدء اختبارات المتقدمين للعمل بمهنة «تربية الدواجن» في الأردن (تفاصيل)    المخرجة سارة وفيق تكشف عن مشاريع درامية في مرحلة الفكرة مع تامر حسني    بالأسماء.. موعد الاختبارات التحريرية المركزية للمسابقة العالمية ال 32 لحفظ القرآن الكريم    «صحة الغربية» تفتتح عيادة متخصصة لجراحات مناظير الركبة والكتف بمستشفى طنطا العام    تقديم خدمات طيبة علاجية مجانية ل 189 مريضا من الأولى بالرعاية بالشرقية    حماة الوطن: الحزب منفتح على التحالف مع الأحزاب الأخرى في الانتخابات    أمازون تستعد لإنتاج مسلسل يتناول حياة سيدنا يوسف في مصر    قصور الثقافة تواصل برنامج مصر جميلة لتنمية المواهب بمدينة أبو سمبل    «بينهم سيدة».. تأييد السجن 3 سنوات لمتهمين بحيازة المخدرات في بني مزار بالمنيا    ما حكم الصلاة الجهرية بالقراءات الشاذة؟.. الإفتاء تجيب    خبيرة الطاقة: «الساعة الذهبية قبل مغرب الجمعة» طاقة روحانية سامية    إزالة 3 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في الشرقية    احتراق مقر الموساد إثر ضربة إيرانية.. ما حقيقة الفيديو المتداول؟    حكم ضمان ما تلف فى يد الوكيل من أمانة.. دار الإفتاء تجيب    السجن 7 سنوات لبلطجي في قنا سرق طفلان تحت تهديد السلاح    ضبط 4 طن لحوم ودجاج مجهول المصدر ومنتهي الصلاحية بالشرقية    حبس معلمة 4 أيام بتهمة محاولة تسريب امتحان ثانوية عامة بالشرقية    سفير إيران: إذا ثبت لدينا تورط واشنطن بالحرب فسنبدأ بالرد عليها    شركة VXI الأمريكية للتعهيد تستهدف زيادة استثماراتها بمصر إلى 135 مليون دولار    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأربعاء    "تأجيل مفاجئ لصفقات الزمالك".. الغندور يكشف التفاصيل    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    بهاء وهيكل.. ذكريات لها تاريخ!    «أبرزهم بيرسي تاو».. شوبير يؤكد مفاوضات الزمالك مع ثلاثي أهلاوي    شوبير يكشف حقيقة مفاوضات نادٍ أمريكي مع مهاجم الأهلي وسام أبوعلي    هيئة الرقابة النووية: مصر آمنة إشعاعيًا.. ولا مؤشرات لأي خطر نووي    رسميًّا.. ضوابط جديدة للمدارس الخاصة والدولية بشأن توزيع الكتب    إدراج 27 جامعة مصرية ضمن أفضل الجامعات العالمية ضمن تصنيف «U.S. News» ل2025–2026    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    بعد الموافقة النهائية من «الإسكان».. تفاصيل عقود الإيجارات القديمة التي تطبق عليها التعديلات    ضبط 14 مركزا لعلاج الإدمان بدون ترخيص    طلاب تجارة عين شمس يحصدون منحة "إيفل" الفرنسية للتميز الأكاديمي    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    سفير إيران لدى الأمم المتحدة: سنرد على أى عدوان إسرائيلى دون ضبط للنفس    الطقس اليوم.. مائل للحرارة نهارا وشبورة كثيفة صباحا والعظمى بالقاهرة 33    طقس اليوم الأربعاء.. انخفاض جديد في درجات الحرارة بالقاهرة    سعر الدولار اليوم الأربعاء 18-6-2025 أمام الجنيه المصرى فى بداية التعاملات    طريقة عمل الحجازية، أسهل تحلية إسكندرانية وبأقل التكاليف    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    كاد يكلف صنداونز هدفا.. تطبيق قانون ال8 ثوان لأول مرة بكأس العالم للأندية (صورة)    مقاومة متواصلة ضد الاحتلال .. القسام تدمر ناقلتي جند وسرايا القدس تسقط طائرة مسيرة    الكشف المبكر ضروري لتفادي التليف.. ما علامات الكبد الدهني؟    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبطال إيطاليا الأفارقة
نشر في الشروق الجديد يوم 02 - 02 - 2010

تشير أعمال الشغب التى قام بها المهاجرون الأفارقة مؤخرا فى روزارنو فى جنوب إيطاليا إلى أن هؤلاء المهاجرين يقفون وحدهم فى مواجهة المافيا.
عندما كنت مراهقا هنا، كان الأطفال يطلقون النار على رءوس الكلاب. وكانت هذه وسيلتهم للحصول على الثقة فى النفس تتم بواسطة البندقية والتنفيس عن الغضب فى مخلوق آخر. والآن، يبدو أن البشر أصبحوا يُستخدَمون كأهداف لهذه الممارسة.
وخلال هذا الشهر، قام المهاجرون الأفارقة بأعمال شغب فى روزارنو فى جنوب إيطاليا، بسبب تعرض مهاجر واحد على الأقل لإطلاق النار بواسطة بندقية هواء. وقد جرى تصوير أعمال الشغب هذه باعتبارها اشتباكات بين المهاجرين والإيطاليين. لكنها كانت فى الواقع بمثابة تمرد ضد ندرانجيتا، المافيا المسيطرة فى كالابريا. ولعل من ينفى هذا الدافع أو يقلل من أهميته لا يكون على دراية بهذه المناطق، حيث تخضع جميع الأمور والوظائف والأجور والسكن للمنظمات الإجرامية.
وكان حادث روزارنو الانتفاضة الثانية من نوعها ضد الجريمة المنظمة فى إيطاليا خلال الأعوام الأخيرة. وكانت المواجهة الأولى فى كاستيل فولتورنو، وهى مدينة تقع بالقرب من نابولى، عندما قام قتلة محترفون من مافيا كامورا المحلية بقتل ستة أفارقة. وبالرغم من أن الهدف من المذبحة كان ترهيب المهاجرين، إلا أن النتيجة كانت إثارة غضبهم.
وفى كاستيل فولتورنو يعمل المهاجرون فى التشييد، بينما يجمعون ثمار البرتقال فى روزارنو. لكن المافيا تسيطر على الأنشطة الاقتصادية جميعها فى المنطقتين. وكان الأفارقة وحدهم هم من توافرت لديهم الشجاعة للتمرد عليها.
ويدرك أى مهاجر يهبط إلى الأراضى الفرنسية أو البريطانية أن عليه الالتزام بالقانون، لكنه يعلم أيضا أنه سوف يتمتع بحقوق فعلية وملموسة. غير أن الوضع ليس كذلك فى إيطاليا، لأن البيروقراطية والفساد يجعلان الأمر يبدو كما لو أن الضمانات الوحيدة المتاحة هى المحظورات وحكم المافيا، وفى ظلهما لا توجد أى حقوق. وتترك عصابات المافيا الأفارقة يعيشون ويعملون فى المناطق التى تسيطر عليها لأنها تتربح منهم. وبينما تقوم عصابات المافيا باستغلالهم، فإنها أيضا تعطيهم مساحة للعيش غير الآدمى فى المناطق المهجورة خارج المدن، وتمنع الشرطة من الإفراط فى عمليات فحص أوضاعهم أو ترحيلهم إلى بلادهم.
ويكون المهاجرون على استعداد مؤقتا للقبول بأجور زهيدة، وساعات عمل مماثلة لساعات عمل العبيد، وأحوال معيشة قاسية. ذلك أنهم قد قدموا كل ما يملكون، وخاطروا بكل ما لديهم، لمجرد المجىء إلى إيطاليا. لكنهم قد جاءوا كى يصنعوا حياة أفضل لأنفسهم ومن ثم لن يدعوا أحدا يحرمهم من إمكانية هذه الحياة.
ويرفض بعض الإيطاليين أيضا حكم المافيا، لكن هؤلاء لديهم الحرية والوسيلة لترك مناطق مثل روزارنو، مما يجعلهم هم أنفسهم مهاجرين. غير أن الأفارقة ليس بمقدورهم ذلك بالطبع. إنما عليهم الوقوف فى مواجهة هذه الجماعات. وهم يدركون أن عليهم العمل بشكل جماعي، لأن هذه هى الطريقة الوحيدة لحماية أنفسهم، وإلا سوف ينتهى بهم الأمر مقتولين، وهو ما يحدث أحيانا حتى للعمال المهاجرين الأوروبيين. ويُعد من قبيل الخطأ أن نعتبر مرتكبى أعمال الشغب فى روزارنو مجرمين، حيث إن أعمال الشغب هذه لم تكن تستهدف الاعتداء على القانون، بل التمتع بحكم القانون.
لا شك أنه يوجد مجرمون أفارقة، مثل أفراد المافيا الأفارقة الذين يعقدون الصفقات مع عصابات المافيا الإيطالية. ذلك أنه عن طريق غرب إفريقيا، تأتى كميات متزايدة من الكوكايين من أمريكا الجنوبية. وتتمتع المنظمات الإجرامية الأفريقية بقوة كبيرة، لكن العمال الأفارقة الفقراء ليسوا رجال هذه المنظمات.
ويجب على الدولة الإيطالية إدانة العنف المرتبط بأعمال الشغب. غير أنها إذا تعاملت مع المهاجرين باعتبارهم مجرمين، فإنها سوف تدفع بهم إلى المافيا. وفى أعقاب أحداث الشغب فى روزارنو، نقلت الحكومة ألف مهاجر إلى معسكرات الاعتقال، بزعم الحفاظ على سلامتهم، ودمرت المعسكرات البدائية التى كان يعيش بها الكثيرون منهم. ولعل هذا النوع من رد الفعل هو ما سيشجع هؤلاء المهاجرين على اعتبار المنظمات الإجرامية الإفريقية مصدر حماية ضروريا بالنسبة إليهم.
وإلى الآن، تقاوم أغلبية المهاجرين ذلك؛ فقد جاءوا إلى إيطاليا من أجل التمتع بحياة وظروف عمل أفضل، لا ليصبحوا من الغوغاء. ولو كان قد تم تنظيم الأفارقة فى روزارنو وفقا لأسس إجرامية، فإنهم كانوا سيجدون طريقة للتفاوض مع مافيا كالابريا؛ وكانوا سيستطيعون الحصول على حياة وظروف عمل أفضل؛ وما كانوا سيحتاجون إلى القيام بأعمال شغب.
لقد نسيت إيطاليا كيف عومل مهاجروها فى الولايات المتحدة، وكيف كان التمييز الذى عانوا منه هو السبب الأساسى فى تأصل المافيا هناك. وكان من الصعب للغاية على العديد من المهاجرين الإيطاليين الذين افتقروا إلى الشعور بالحماية من أى طرف آخر أن يتجنبوا الوقوع فى براثن الغوغاء. ويكفى أن نتذكر جو بتروزينو ضابط الشرطة الإيطالى المولد فى مدينة نيويورك الذى قُتل فى 1909 لأنه تحدى المافيا كى ندرك الثمن الذى دفعه الإيطاليون الأمناء.
يأتى المهاجرون إلى إيطاليا لأداء أعمال لا يرغب الإيطاليون فى القيام بها. لكنهم مع ذلك بدأوا فى الدفاع عن الحقوق التى يحجم الإيطاليون عن الدفاع عنها، بفعل الخوف أو عدم الاكتراث أو التراخى. وأقول لأولئك المهاجرين الأفارقة: لا ترحلوا لا تتركونا وحدنا فى مواجهة عصابات المافيا.
Guardian Syndication Services


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.