نعيش خلال شهر رمضان المبارك نفحات إيمانية جليلة، وعلى مدار الشهر الكريم، تنشر «الشروق» سلسلة حلقات بعنوان قصص الحيوان في القرآن، كما ذكرها الكاتب أحمد بهجت في كتاب يحمل الاسم. قدم أحمد بهجت في هذا الكتاب تجربة فريدة من نوعها، حيث كتب قصص الحيوان ملتزما بنصها كما وردت في القرآن الكريم، ولكن على لسان الحيوان ذاته، حيث يروي كل حيوان قصته من وجهة نظره، وبناءا على طبعه العلمي الذي درسه بهجت. الحلقة الثانية.. غراب بني آدم يروي قصة أول سلاح قتل استخدمه قابيل لقتل هابيل كان قابيل لا يشبه هابيل، وكانت أقليما شقيقة قابيل لا تشبه ليوثا شقيقة هابيل، فكان قابيل أقسى من هابيل وكانت ليوثا أقل جمالا من أقليما، وكان المفترض أن يتزوج هابيل أقليما بينما يتزوج قابيل من ليوثا، ولكن رفض قابيل أن يتزوج الفتاة الأقل جمالا قائلا، أنا خير من هابيل، تماما كما فعل إبليس مع أبيه آدم. طلب قابيل من أبيه آدم أن يتزوج من أقليما لأنها كانت معه في بطن واحدة وهو أولى بها، ولكن رفض آدم لأنها شقيقته من بطن واحدة ولا تحل له، وبعدما أصرّ قابيل على موقفه، طلب آدم من ابنيه أن يقدما قربانا إلى الله عز وجل، ومن يتقبل الله تعالى منه قربانه كان على الحق، فتنحى آدم عن الفصل بين الشقيقين وترك ذلك لله. حمل هابيل أسمن كباشه ووضعه على الجبل وصلى لله تعالى أن يتقبل، وجاء قابيل بقمح لم يزل أخضر في سنابله ولم ينضج بعد، وقدم قربانه ومضى، ثم وقف الشقيقان بعيدا إلى أن هبطت من السماء نارا أكلت قربان هابيل، في إشارة إلى القبول، فصرخ هابيل بكلمة الحمد، بينما صرخ قابيل بكلمة القتل. ردد قابيل أكثر من مرة لشقيقه هابيل كلمة القتل، ولكن قال هابيل كما ورد في القرآن الكريم، ﴿ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ ۖ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾، وانصرف هابيل مع زوجته أقليما وعاشا أياما سعيدة إلى أن ظهرت عليها علامات الحمل، فهنا كانت نفس قابيل قد طوعت له قتل أخيه. عندما امتلأت السماء بدم الشفق في ذلك اليوم، تسلل قابيل وهو يشدد ضغطه على فك حمار عثر عليه في الغابة، وكان ذلك أول سلاح على الأرض وراح يمضي باحثا عن شقيقه، ووجده نائما فتحرك نحوه، وعندما فتح هابيل عينيه، هوت يد قابيل بفك الحمار على وجه هابيل، فانبثق الدم منه وملأ صدر قابيل، ثم عاد قابيل ليضرب شقيقه مرة أخرى، وفي الضربة الخامسة سكنت حركة هابيل تماما، فأدرك قابيل أن أخاه قد مات، وجلس واجما أمام ضحيته. حمل قابيل أخيه على ظهره وظل يسير به، لا يعلم ماذا يفعل بجثته، وكانت النسور تحوم حولهما، والوحوش تقبل على الرائحة، فخاف قابيل أن يضع أخيه أرضا فتلتهمه الوحوش، فظل يحمله على ظهره ويسير به، لا يعلم كيف يتصرف. قال الغراب، أمرني أحد الملائكة الكرام قائلا، أيها الغراب، إن الله تبارك وتعالى يبعثك لتري ابن آدم كيف يواري سوأة أخيه، فهبطت على الفور وأنا أحمل غراب قد مات في فمي، ووضعت الغراب الميت أمام قابيل، ثم حفرت الأرض بمنقاري وبمخالبي، وساويت أجنحة الغراب الميت إلى جواره، ورفعته بمنقاري ووضعته في لحده، ثم أهلت فوقه التراب. عندما رأى قابيل الغراب وهو يعلم كيف يدفن ذويه، في حين لم يعلم ذلك الانسان قال، "يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ".