نعيش خلال شهر رمضان المبارك نفحات إيمانية جليلة، وما أطيب أن نتحدث عن أنبياء الله تعالى، حيث تروي "الشروق" قصص الأنبياء في سلسلة تُنشر على مدار الشهر الكريم، كما وردت في كتاب يحمل نفس الاسم للإمام الحافظ ابن كثير. الحلقة الثالثة.. من أكل من الشجرة أولا آدم أم حواء وهل غواهما إبليس أم الحية؟ "فَوَسْوَسَ لَهُمَا 0لشَّيْطَٰنُ لِيُبْدِىَ لَهُمَا مَا وُورِىَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ 0لشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ 0لْخَٰالِدِينَ". يقول شعبة عن أبي الضحاك، سمعت أبو هريرة يقول، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، شجرة الخلد، وقد أقسم الشيطان لسيدنا آدم عليه السلام أنه إذا أكل من الشجرة التي نهاه الله تعالى عن الاقتراب منها، فسيكون له ملك لا يبلى يخلد فيه". أكلت حواء من الشجرة قبل سيدنا آدم عليه السلام، ثم شجعته على الأكل منها، وقيل في كتاب التوراة التي بأيدي أهل الكتاب، أن "الذي دل حواء على الأكل من الشجرة هي الحية، وكانت من أحسن الأشكال وأعظمها، فأكلت حواء عن قول الحية، وأطعمت آدم عليه السلام"، وليس في هذه الرواية ذكر لإبليس، في حين أنها توضح أنهما "عندما أكلا من الشجرة انفتحت أعينهما، وعلما أنهما عريانان، فوصلا من ورق التين وعملا مآزر". وقال ابن أبي حاتم عن قتادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "إن الله خلق آدم رجلا طويلا كثير شعر الرأس، كأنه نخلة سحوق، فلما ذاق الشجرة سقط عنه لباسه، فأول ما بدا منه عورته، فلما نظر إلى عورته، جعل يشتد في الجنة، فأخذت شعره شجرة فنازعها، فناداه الرحمن عز وجل، يا آدم مني تفر؟ فلما سمع كلام الرحمن، قال يارب لا، ولكن على استحياء". اعترف آدم وحواء بذنبهما إلى الله تعالى، وذلك كما ورد في القرآن الكريم، "قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ"، ففي هذا الحديث تذلل وخضوع واستكانة وافتقار إلى الله تعالى، وكان أمر الله هو أن يهبطوا منها جميعا آدم وحواء وإبليس، وقيل في روايات أخرى، آدم وحواء والحية في حال كونهم متعادين متحاربين. قد يستشهد لذكر الحية مع آدم وحواء بما ثبت في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقتل الحيات قائلا، "ما سالمناهن منذ حاربناهن"، وكذلك في قول الله تعالى "قال اهبطا منها بعضكم لبعض عدو"، مما يعني أن آدم وحواء كانا عدوين للحية، حيث نزل آدم عليه السلام إلى الأرض وتبعته حواء ثم الحية. روى الحافظ ابن عساكر عن مجاهد قال، "أمر الله ملكين أن يخرجا آدم وحواء من جواره، فنزع جبريل التاج عن رأسه، وحل ميكائيل الإكليل عن جبينه، وتعلق به غصن، فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة، فنكس رأسه يقول، العفو العفو، فقال الله: أفرارا مني؟ قال: بل حياء منك يا سيدي". قال الأوزاعي عن حسان، مكث آدم في الجنة 100 عام، وفي رواية أخرى قيل 60 عاما، وبكى على الجنة 70 عاما، وعلى خطيئته 70 عاما، وعلى ولده حين قتل 40 عاما. روى الحسن وابن أبي حاتم أن "آدم هبط إلى الأرض في الهند، بينما هبطت حواء في جدة، في حين هبط إبليس بدستميان من البصرة على أميال، وأهبطت الحية بأصبهان"، وقال السدي "نزل آدم من الجنة إلى الأرض بالهند، ونزل معه الحجر الأسود، وبقبضة من ورق الجنة، فبثه في الهند فنبتت شجرة الطيب هناك". اقرأ أيضا: قصص الأنبياء (2).. كيف خلق الله تعالى حواء لتؤنس سيدنا آدم في الجنة؟