دهون على الكبد.. أو الكبد الدهنى تعبير عادة ما يطلقه طبيب الأمراض الباطنية بعد توقيع الكشف الطبى على مريضه.. فهل هذا بالفعل مرض؟ لا يعد هذا بالفعل تشخيصا لمرض إنما توصيف لحالة الكبد حينما تصل نسبة الدهون فى خلاياه إلى أكثر من خمسة بالمائة من وزنه نتيجة عدد من العوامل تتعلق أهمها بالعادات الغذائية للإنسان. العادات الغذائية مثل الإفراط فى تناول الطعام مع الميل للخمول وقلة الحركة وسوء التغذية كلها عادات ينشأ عنها سوء التغذية وتشحم خلايا الكبد. الإصابة بمرض السكر تقود إلى تشحم الكبد. المشروبات الكحولية. قصور عمل الغدة الدرقية. كعرض جانبى لبعض الأدوية وأهمها أقراص منع الحمل. التهابات الكبد الفيروسية. زيادة نسبة الدهون فى الدم غالبا بسبب غذائى (الدهون الثلاثية). الحميات الغذائية ومنها النظام الغذائى الكيماوى. الكبد الدهنى غالبا ما يتم اكتشافه وتشخيصه بالمصادفة إذ إنه يبدأ دائما دونما أعراض ظاهرة وإن بدت فإنها لا تخرج عن حدود الشكوى من فتور الهمة والإرهاق بلا سبب واضح أو جهد بذل ،وربما ألم فى الربع العلوى الأيمن من البطن أو أسفل عظام الصدر فى الجهد اليمنى. تتابع مراحل تشحم الكبد لتبدأ بالمرحلة الأولى وفيها يبدأ محتوى الدهون فى خلايا وأنسجة الكبد فى الأزدياد تدريجيا فى صورة خلايا دهنية متناثرة لا تؤثر بشكل أو آخر على عمل خلايا الكبد. المرحلة الثانية تبدأ بتفاعلات التهابية فى خلايا الكبد معها ترتفع نسبة الانزيمات الكبدية، أما المرحلة الثالثة فتلك التى تحمل الخطر الحقيقى عندما تبدأ خلايا الكبد فى التليف. فى المقابل يقسم تشحم الكبد إلى نوعين وفقا لسبب نشأته: الأول تشحم الكبد الكحولى الناشئ عن الإسراف فى تناول الكحوليات والثانى يطلق عليه اللا كحولى. تشحم الكبد فى مرحلته الأولى والثانية لا يشى بأعراض هامة إنما أعراض قد يراه الإنسان طبيعية فلا يلقى إليها بالًا. المرحلة الأخطر هى مرحلة تليف خلايا الكبد وأنسجته الأمر الذى لا رجعة فيه ولا أمل فى شفائه إلا فى حالة زرع الكبد بعد مراجعة حالة المريض لتقسيم نتائج العملية وإبداء الرأى فى ضرورة إجرائها من عدمه. إهمال تشحم الكبد قد ينتهى إلى مشكلات تتعدى الكبد إلى أعضاء هامة وحيوية كالقلب والمخ. فمن يعانون من تشحم الكبد غير الكحولى هم أكثر عرضة لجلطات القلب والدماغ. تشحم الكبد اللا كحولى ليس مرضا للكبار فقط إنما يمكن أيضا أن يصيب الأطفال نتيجة لسوء التغذية؛ حيث يفتقد طعامهم التنوع فيأتى بنسبة عالية من السكريات والأطعمة المقلية، بينما تنحسر نسبة الخضراوات والفواكه الطازجة والحبوب الكاملة. يستقبل الكبد الدهون من الطعام عبر عملية الامتصاص من الأمعاء فى الأحوال الطبيعية تتكسر تلك الدهون فى الكبد لتستخدم فى عمليات الطاقة المختلفة ويخزن الباقى فى أنسجة مختلفة، وفى الكبد أيضا فى صورة دهون ثلاثية. تلك الدهون الثلاثية تأتى من مصادر مختلفة إلى جانب دهون الكبد: كالبروتينات والسكريات حينما تزيد البروتينات والسكريات عن حاجة الجسم فإنها تتحول إلى دهون ثلاثية تترسب فى خلايا وأنسجة الجسم ومنها الكبد. تزايد الدهون الثلاثية فى الأنسجة والدم يرفع من نسب احتمالية إصابة الإنسان بأمراض الشرايين التاجية وشرايين الدماغ الأمر الذى يمهد لأمراض أكثر خطورة ومضاعفات قاسية. علاج تراكم الدهون الثلاثية فى الدم والأنسجة أمر يحسم احتمالات خطر كثيرة؛ لذا يجب تحديد السبب وراء ارتفاع نسبتها وعلاجه بحزم إلى جانب الأدوية يظل اتباع نظام غذائى ملائم وممارسة الرياضة البدنية باستمرار والوقوف على وزن صحى والتخلى عن الوزن الزائد هو حجر الزاوية فى العلاج والوقاية من أخطار الكبد الدهنى. يرتبط تشحم الكبد اللا كحولى بحقائق قد تثير الدهشة أثبتها العلم وأشارت إليها أبحاث هامة علمية منها: أن الكافيين قد يحمى ويقى من الإصابة بالكبد الدهنى. أيضا أن الدهون الثلاثية قد تستجيب بالانحسار من الدم مع تناول منتجات فول الصويا والتوفو والزبادى من منتجات الألبان. الكبد الدهنى لا يحتاج لأدوية لعلاجه فى المراحل الأولى إنما حجر الزاوية فى العلاج والوقاية يكمن فى حمية غذائية مدروسة: نظام غذائى متوازن فقير فى الدهون المشبعة والسكريات والنشويات مع انقاص الوزن بشكل صحى يتلائم وعمر الإنسان وجهده إلى جانب ضرورة ممارسة الرياضة البدنية فى صور بسيطة مستمرة وملتزمة. خطر الكبد الدهنى يتوقف عند الالتفات لتشخيصه مبكرا ويعتمد فى الأساس على ما تأكل وما تنتهج من أسلوب غذائى حياتى.