كشفت مصادر سياسية عراقية رفيعة ل«الشروق» عن وجود ضغوط من أعلى المستويات فى الإدارة الأمريكية على السلطات العراقية من أجل إعادة تيار من البعثيين للسلطة، وتحدثت المصادر أن تلك الضغوط جاءت فى سياق «أوامر أمريكية» تلقاها عادل عبدالمهدى أحد نائبى الرئيس العراقى أثناء زيارته الأسبوع الماضى لواشنطن. وهو ما جعل عبدالمهدى يتوجه إلى طهران فور عودته وفق ما أسماه مصدر من مجلس الرئاسة العراقية أكد ل«الشروق» أنه «توجه إلى طهران للاستئذان فى التخلى عن الموقف الذى دفع هيئة العدالة والمسألة المشكوك فى صلاحيتها دستوريا والتى دعمتها طهران فى اجتثاث 522 مرشحا ينتمون إلى 15 كيانا سياسيا لصالح كيانات أخرى تدعمها طهران». وأكد المصدر أن نائب الرئيس الأمريكى جوزيف بايدن الذى يتوجه إلى العراق اليوم أصدر هو الآخر «أوامر» للاجتماع بقادة العملية السياسية فى العراق لتأمين المرور السياسى للتيار البعثى، مشيرا إلى أن بايدن سيحسم هذه المسألة برمتها قبل ان يغادر العراق، على أنه سيؤكد على إجراء الانتخابات العراقية فى موعدها المقرر فى وقت لاحق من شهر مارس المقبل. الاتصالات أيضا مع المشمولين بقرار الهيئة لم تتوقف وهو ما أكده ل«الشروق» رئيس كتلة جبهة التوافق فى البرلمان العراقى ظافر العانى الذى أكد فى حديث ل«الشروق» من بغداد أن الجانب الأمريكى تواصل مع زعيم ائتلاف العراقية، النائب صالح المطلك أحد أبرز الشخصيات السياسية التى شملها القرار، مشيرا إلى أن تلك الاتصالات أفرزت نوعا من الحراك على صعيد تفكيك الأزمة. ومن جانبه، أكد الدكتور صالح المطلك فى تصريحات خاصة ل«الشروق» أن تلك الضغوط لم تأت فقط من الجانب الأمريكى، لإنهاء الأزمة التى قال إنها «لم تنفرج بعد بكل كامل ولكنها فى طريقها للانتهاء»، مضيفا: «أعتقد أن هناك الكثير من الضغوط الدولية من كل اتجاه. كذلك تضغط الأممالمتحدة، والاتحاد الأوروبى، وجميعهم يدركون أن أحد التداعيات الكارثية التى سيؤدى إليها هذا المسلسل العبثى هو فقدان العملية السياسية شرعيتها بالمطلق، والعودة إلى سيناريو الفوضى السياسية من جديد، الذى يبدأ من إلغاء الاستحقاق الانتخابى وينتهى إلى ما لا ما نهاية له». وكان الرئيس العراقى جلال الطلبانى قد أدلى بتصريحات بشأن حزب البعث العراقى أمس الأول شكلت بحسب سياسيين عراقيين منعطفا جديدا، فالمحكمة الاتحادية وبحسب كتاب رسمى من رئاسة الجمهورية ستحقق فى شرعية هيئة العدالة مسألة «اجتثات البعث»، ما يعنى إلغاء قرارها بشأن حظر انتخابات 522 مرشحا ينتمون إلى 15 كيانا سياسيا عراقيا فى مقدمتهم ائتلاف العراقية. واتفق المطلك على أن هذا تراجع نجم عن الضغوط التى حاصرت الطالبانى، «فالقضية ضخمة، ولا يمكن ابتلاعها بسهولة، ونحن كنا واثقين من البداية أنهم يعملون على جر الشارع العراقى إلى ساحة المعلب الطائفى وقضايا جانبيه للتفرغ لترتيب الأوراق على النحو الذى يروق لهم، لكننا تمكنا بصمودنا من إغلاق المنافذ عليهم، فلم يجدوا مخرجا غير التراجع، وحتى الآن مازالوا يطلبون منا أن نعطيهم الفرصة وأن نقدم بعض التنازلات لكن لن نمكنهم من ذلك». على جانب آخر، تبدو طهران وقد خسرت واحدة من أكبر الجولات السياسية فى العراق لها على حد قول المطلك فهى «كانت وراء كل هذه الأزمة التى افتعلتها، وأصبحت قلقة بشأن حلفائها السياسيين، الذين خسروا الشارع العراقى منذ فترة والذى أصبح أكثر تعاطفا معنا، واصبح هؤلاء الحلفاء يشعرون بالإحباط جراء نتيجة ما قاموا به من فعل».