تصاعدت حدة الغضب واليأس الجمعة في هايتي التي تعيش يوما آخر وسط الفوضى بعد ثلاثة أيام على زلزال يرجح انه أدى إلى مقتل 50 ألف قتيل، حيث لم تصل المساعدات الدولية إلا لماما نظرا إلى عقبات لوجستية. وفي مقبرة العاصمة الهايتية، انهمكت شاحنات في إفراغ عشرات الجثث في مقبرة جماعية قامت السلطات بحفرها، وذلك على مرأى من السكان الذين أحجموا عن إقامة صلاة عن أرواح الضحايا. وقال رئيس الوزراء جان ماكس بيليريف بعد ظهر الجمعة انه تم انتشال أكثر من 15 ألف جثة من تحت الأنقاض منذ وقوع الزلزال الثلاثاء. من جهته، أفاد وزير الصحة العامة أن أكثر من خمسين ألف شخص قتلوا وأصيب 250 ألفا آخرون جراء الزلزال، لافتا إلى مليون ونصف مليون مشرد. وتتطابق هذه التقديرات مع ما أدلى به الصليب الأحمر الذي تحدث بدوره عن نحو خمسين ألف قتيل. وقدرت الأممالمتحدة أن 300 ألف شخص باتوا بلا مأوى في العاصمة وحدها، التي تضم 2.8 ملايين نسمة، حيث دمرت 10% من المساكن. ويقطن 3.5 ملايين شخص في المنطقة التي تعرضت لأسوأ الأضرار نتيجة الزلزال، أي بور أو برانس وضواحيها، بحسب المصدر نفسه. ويجوب الهايتيون الناجون شوارع العاصمة بور أو برانس وسط الأنقاض والعنف وروائح الجثث التي أمست لا تحتمل بسبب الحر الاستوائي الذي يسود الجزيرة. وجاهد متطوعو الإغاثة الذين يفتقرون إلى التنظيم والمعدات والتدريب في البحث عن الناجين وانتشالهم، مع تضاؤل الأمل بالعثور على أحياء. وتمتم جان رالد روشيه (30 عاما) بأسى "ستموتان، ستموتان" وهو يزيل بما تيسر له من أدوات ركام متجر دفنت تحته امرأتان كان يمكن سماع أنينهما الواهي. ووجهت الأممالمتحدة نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي لجمع 562 مليون دولار من اجل هايتي. لكن التطمينات الصادرة من العالم اجمع لا تكفي لتهدئة خواطر السكان. وقال كاسانا جان شيلوف، وهو ميكانيكي خسر ابنته في الكارثة، "العالم يخدعنا. ثمة ملايين من الدولارات تصل لكننا لا نرى شيئا. ثمة على رأس الدولة مجموعة من الأصدقاء تتقاسم هذا المال". وانتشر مظليو الكتيبة 82 في الجيش الأمريكي الجمعة على مدرج مطار بور أو برانس وبدءوا نقل معدات الإغاثة الثقيلة. وأعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الجمعة أنها ستتوجه السبت إلى هايتي للاطلاع من كثب على عمليات الإغاثة لضحايا الزلزال وتقديم مساعدة مادية ولقاء رئيس هايتي رينيه بريفال. من جهته، قال راجيف شاه مدير الوكالة الأمريكية للمساعدة في التنمية (يو إس إيد) أن السلطات الأمريكية خصصت 48 مليون دولار لتامين مواد غذائية لمليوني منكوب على مدى أشهر عدة. وكلفت الولاياتالمتحدة رسميا تشغيل مطار بور أو برانس بموجب اتفاق وقعته مع حكومة هايتي. وكان مسئول في القوات الجوية الأمريكية أعلن أن القوات الأمريكية سترسل في موعد أقصاه الأحد إلى هايتي مستشفى عسكريا ونحو أربعين طبيبا عسكريا لتقديم مساعدة طبية عاجلة إلى ضحايا الزلزال. كذلك قررت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية منح اللجوء المؤقت لمواطني هايتي الذين كانوا موجودين داخل أراضيها في 12 يناير، أي يوم وقوع الزلزال الذي دمر العاصمة الهايتية. وفي باريس، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن فرنسا قررت تقديم مساعدات غذائية إلى سكان هايتي بقيمة مليوني يورو. ويضاف دمار البنى المحلية ومشكلات النهب إلى العوائق اللوجستية. فبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الذي قرر إرسال مساعدات طارئة لمليوني منكوب أعلن الجمعة أن مخازنه في بور أو برانس تعرضت "للنهب". غير أن وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس أعلن أن الظروف الأمنية "ما زالت مقبولة" بالرغم من المعلومات حول عمليات نهب وإطلاق نار. ووصلت حاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس كارل فينسن إلى المنطقة الجمعة بحسب قائد العمليات البحرية في سلاح البحرية الأمريكي الجنرال جاري رافهيد. وتتمتع السفينة بنظام لتكرير المياه وعشرات الأسرة الطبية وثلاث غرف جراحة، وستتحول إلى مركز عائم لرحلات المروحيات وهو إجراء ضروري للتخفيف من الضغط على المطار. وعلى الأرض تواظب فرق من المسعفين وفدوا من الولاياتالمتحدة، فرنسا، جمهورية الدومينيكان، وفنزويلا على البحث عن ناجين تحت الأنقاض. فتحت أنقاض فندق مونتانا في بور أو برانس أنقذ مسعفون فرنسيون الخميس سبعة أمريكيين وهايتية واحدة فيما انتشل المسعفون الأمريكيون فرنسية. وأعلنت منظمة الأممالمتحدة للثقافة والتربية والعلوم (يونسكو) الجمعة لوكالة الأنباء الفرنسية أن موظفيها ال14 العاملين في هايتي سالمون جميعا. ويشكل الأمن احد الهواجس الأساسية لدى فرق الإغاثة. وقال المسئول عن عمليات الدفاع المدني الهايتي دلفين أنتونيو رودريجز أن هناك عمليات نهب ومسلحون، فهذه بلاد فقيرة جدا والناس يائسون". وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتصل الجمعة هاتفيا برئيس هايتي ليعرب له عن تضامنه التام معه ويعده بتقديم الدعم لحكومة وشعبهايتي، سواء من خلال المساعدات المباشرة أو إعادة الإعمار على المدى البعيد، كما أفاد بيان للرئاسة الأمريكية. وبشأن جهود إعادة الأعمار، أعلن رئيس البنك الدولي روبرت زوليك انه سيستحدث صندوقا لإعادة الإعمار من اجل هايتي بهدف تنسيق جهود المانحين على أساس ثنائي أو متعدد الأطراف. وكان البنك أعلن عن مساعدة عاجلة بقيمة مئة مليون دولار للبلد المنكوب.