وسط أوضاع مأساوية بالغة السوء, بدأ مواطنون يائسون في هايتي في إقامة استحكامات باستخدام الجثث والحجارة في طرق العاصمة بورت أوبرينس للمطالبة بتسريع جهود الإغاثة . بعد أن قتل زلزال مدمر بقوة سبع درجات علي مقياس ريختر يوم الثلاثاء الماضي عشرات الآلاف وخلف أعدادا لا تحصي بلا مأوي.كما ظهرت أعمال للسلب والنهب في المدينة, وذلك في الوقت الذي بدأت فيه المساعدات الدولية تتدفق لمحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. وأفادت الأنباء الواردة من العاصمة بورت أوبرينس أمس بأن عشرات الآلاف من مواطني هايتي مازالوا يبذلون جهودا يائسة للبحث عن الغذاء والماء, وأيضا عن أقاربهم الذين مازالوا مفقودين تحت الأنقاض. وأكد شاؤول شوارتز, وهو مصور لمجلة تايم الأمريكية, أنه رأي استحكامين اثنين علي الأقل بالحجارة وجثث قتلي الزلزال علي الطرق في وسط المدينة, وقال لوكالة رويترز: لقد بدأوا سد الطرق بالجثث.. المشهد قبيح.. وهم غاضبون لعدم وصول أي معونة إليهم. كما اجتاح المواطنون محال السوبر ماركت المحطمة في منطقة دلماس بالعاصمة, وخرجوا منها وهم يحملون الأجهزة الكهربائية وأكياس الأرز دون أن يعترضهم أحد, بينما أفرغ آخرون عبوات البنزين من خزانات الوقود المحطمة. وقال مانويل ديهوك, الذي يمتلك مصنعا للبلاط: جميع رجال الشرطة مشغولون في إنقاذ ودفن عائلاتهم.. وليس لديهم الوقت لحراسة الشوارع! وحتي يوم أمس لم تظهر إشارات علي عمليات إنقاذ منظمة للمحاصرين تحت الأنقاض أو انتشال الجثث, كما أن أطباء هايتي, وهي أفقر دول نصف الكرة الغربي, ليس لديهم المعدات اللازمة لعلاج المصابين. وأقيمت خيام مؤقتة في كل مكان, واقترب مواطنون من هايتي في مخيم إيواء غير رسمي من صحفي وهم يصرخون مطالبين بالماء, وقالت فاليراي لويس, التي نظمت أحد المخيمات موجهة حديثها إلي الصحفيين: الرجاء أن تفعلوا أي شيء بإمكانكم.. فهؤلاء الناس ليس لديهم ماء أو غذاء أو دواء, ولا يساعدهم أحد. ولاتزال الجثث متناثرة في أنحاء المدينة, ويغطي الناس أنوفهم بقماش لتجنب الرائحة الكريهة. وأعلن إجزافيه كاستيلانوس مدير الاتحاد الدولي للصليب الأحمر في الأمريكتين من مقره في بنما, أن ما بين40 و50 ألف شخص لقوا حتفهم, وأصيب وتشرد ثلاثة ملايين, أي ثلث عدد سكان هايتي, في الزلزال, بينما كانت معلومات سابقة قد ذكرت أن عدد القتلي يصل إلي مائة ألف. وصرح رينيه ريفال رئيس هايتي بأن7000 من قتلي زلزال الثلاثاء دفنوا بالفعل, وقال للصحفيين في المطار في أثناء مرافقته ليونيل فيرنانديز رئيس جمهورية الدومينيكان أول رئيس دولة أجنبية يزور هايتي بعد الزلزال المدمر: لقد دفنا بالفعل7000 في مقبرة جماعية. وحذر عمال الإغاثة من أن عدد القتلي سيرتفع كثيرا إذا لم يحصل عشرات الآلاف من الهايتيين المصابين, وكثير منهم كسرت عظامهم أو أصيبوا بنزيف دم حاد, علي الإسعافات الأولية خلال24 ساعة أو نحو ذلك. وأشارت الأممالمتحدة أمس إلي أن المجموعة الدولية تعهدت حتي الآن بتقديم مساعدات بقيمة268.5 مليون دولار لضحايا الزلزال, وتحدثت عن أن10% من مباني العاصمة تعرض للدمار, بينما تشرد300 ألف من سكانها. وفي ظل تدفق المساعدات أعلنت واشنطن أن مراقبين جويين أمريكيين سيتولون تشغيل مطار بورت أوبرينس علي مدي الساعات الأربع والعشرين لاستقبال هذه المساعدات بسبب الخسائر التي لحقت بالمرفأ. وكان البيت الأبيض قد أعلن أمس الأول أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما اتفق مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي علي تنسيق المساعدات الدولية لضحايا الزلزال, سواء الفورية أو علي المدي الطويل. وفي باريس أعلن قصر الإليزيه أن أوباما وساركوزي اتفقا مع البرازيل وكندا ودول أخري معنية مباشرة, علي العمل معا بدون تأخير من أجل الإعداد لمؤتمر دولي لإعادة إعمار وتنمية هايتي. كما حثت فرنسا أمس دول نادي باريس علي إسقاط الديون عن هايتي لمساعدتها في مواجهة آثار الزلزال المدمر. علي صعيد آخر واصلت العواصم في العالم أمس محاولاتها للحصول علي أنباء عن رعاياها المفقودين في الزلزال, حيث تبين أن هناك نحو190 من موظفي الأممالمتحدة لا يزالون في عداد المفقودين بعد مقتل36 من موظيفها علي الأقل, بينما أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية مقتل واحدة من دبلوماسييها في الزلزال لتصبح بذلك أول أمريكية تتأكد وفاتها. وفي جوهانسبرج أعرب جان برتران أريستيد رئيس هايتي السابق من منفاه في جنوب إفريقيا أنه مستعد للعودة لمساعدة بلاده عقب الزلزال, وقال للصحفيين وهو يذرف الدموع: فيما يتعلق بي إنني مستعد لأن أسافر اليوم أو غدا أو في أي وقت لأنضم إلي شعب هايتي لأشاركهم في معاناتهم وإعادة بناء البلاد وإخراجه من الفقر بكرامة. وكان أريستيد, وهو قس كاثوليكي سابق, أول رئيس منتخب في هايتي عام1990 بعد عقود من الديكتاتورية, لكن الجيش أطاح به بعد أشهر قليلة, ثم أصبح رئيسا مرة أخري في عام2000 لكنه نفي بعد أربع سنوات وسط أعمال عنف متزايدة في البلاد.