كانت «القلة» هى سيدة الاحتفال الذى أقامه طلاب الفرقة السادسة بكلية طب قصر العينى، احتفالا بآخر يوم امتحانات فى الكلية، وهو اليوم الذى كان بمثابة «التخرج» لهم حتى قبل إعلان النتيجة. حشد الطلبة كميات من القلل والأزيرة والبلاليص، وكتبوا عليها أسماء المواد الدراسية مع عبارات مثل «باى باى القصر العينى». ووسط حالة عارمة من الفرحة وصدمة عدم تصديق الموقف، اكتست أرض الكلية بقطع الفخار المتكسرة والمتناثرة فى كل مكان، حيث احتفل الطلاب على أنغام الأغانى الشعبية من الطبل والرقص ب«الصاجات» من جهة، وبالألعاب النارية والزينة و«الطراطير» من جهة أخرى. «مش مصدق»، بهذه الكلمة وصف كريم حمدى مشاعره فى هذا اليوم، «وكفارة» كانت الكلمة الأكثر ترديدا على السنة الطلاب فى تهانيهم لبعضهم البعض، والباطنة هى المواد الأكثر صعوبة بالنسبة إلى معظم الطلاب، لكن كل شىء يهون مع انتهاء المعاناة، التى وصفها محمد قنديل بأنها معاناة 8 سنين ونصف، كانت أصعب لحظة عندما رسب فى الفرقة الثالثة. حرص قنديل على إرسال رسالة شكر وعرفان للدكتور حسين خيرى، أستاذ الجراحة فى الكلية، حيث اعتبر إنسانيته وشفافيته فى التعامل مع الطلاب وتفهمه لمشاكلهم فضلا عن كونه أستاذا مرموقا هو سر حب واحترام الطلاب له، وشاركه الرأى تونى عبدالمسيح، الذى يتراوح ترتيبه على الدفعة ما بين ال60 وال70، «د. خيرى بيعمل كل حاجة فى مصلحة الطلاب ومش هانسى الراجل العظيم دا طول عمرى». يريد تونى أن يتخصص فى مجال الجراحة بعد تعيينه معيدا فى الكلية، فى حين يفضل قنديل التخصصات الجديدة مثل فحوصات التشخيص والأشعة والتحاليل، وتأمل حليمة الطالبة الإماراتية أن تتخصص فى مجال الأطفال. ووصفت يوم التخرج «من النهاردة ما فيش دروس خصوصية تانى»، أما عبير الطالبة المنتقبة حرصت على الحديث عن بعض المضايقات التى تعرضت لها على مدار ستة أعوام فى الكلية بسبب النقاب، وخصوصا فى الآونة الأخيرة، «حرب النقاب مخطط بدأ منذ عدة سنوات، لكنه اشتد هذا العام بعد حملة شيخ الأزهر ووزير التعليم العالى الشرسة ضده، وما خفى كان أعظم». «الدادات» وعمال المدرجات أيضا شاركوا الطلاب احتفالهم، واستمتعوا بموسم «لم حلاوة التخرج» من الطلاب فى هذا الوقت من كل عام، كما حرص عدد من أساتذة الكلية مشاركة الطلاب فى احتفالهم والتقاط الصور الفوتوغرافية معهم. وتعالت أصوات الطلاب «المدينجية»، أى سكان المدينة الجامعية، لتشق سماء الجامعة وهى تغنى: «ياكى ياكى.. دفعتنا ملاكى، وشوفوا دفعتنا شوفوا شوفوا، الورد بيدارى كسوفه»، فيما احتفل طلاب الإخوان المسلمين بهذا اليوم على طريقتهم الخاصة من خلال ترديد الآذان وآيات القرآن الكريم والأناشيد الدينية، فى حين انقلب ملعب الكلية من مجرد ساحة تجمهر فيها الطلاب لالتقاط الصور والغناء والرقص، إلى «فرح ابن العمدة» بعد ارتفاع أصوات مكبرات الصوت لتفسح المجال أمام عدد كبير من الأغانى الشعبية والأغانى الراقصة. كانت لحظة الذروة عندما قرر بعض الطلاب إحراق الكتب التى ضايقتهم، مثل كتاب الطب المجتمعى، وقام بعض الطلاب بركله ودهسه بأقدامهم، وأجمع عدد كبير من الطلاب على نيتهم لقضاء أطول وقت ممكن فى الكلية لتجميع أكبر قدر ممكن من الذكريات والصور، قبل توديعها والعودة إليها فى العام المقبل، ولكن ليس بصفتهم طلابا، بل «دكاترة امتياز».