رئيس قناة السويس: 4.2 مليار دولار عائدات متوقعة في 2025    المشاط: الاستثمار في رأس المال البشري ليس إنفاقا.. وهناك بعد تنموي لكل جنيه يُوضع    وزير الصحة يشارك في حوار عن الثقافة والرياضة والهوية الوطنية    مجموعة مكسيم للاستثمار راعٍ بلاتيني للمؤتمر العالمي للسكان والصحة PHDC'25    تركيا تؤكد استعدادها إرسال قوات عسكرية إلى غزة «حال توفر الشروط اللازمة»    البرازيل: الرسوم الأمريكية على البن واللحوم والفواكه الاستوائية تبقى عند 40% رغم خفض ترامب لبعض الضرائب    جميع المتأهلين لدور ال16 في كأس العالم للناشئين وموعد المباريات    «الودية الثانية».. موعد مباراة منتخب مصر الثاني والجزائر    براءة أب متهم بتقييد ابنه بالجنازير لمنعه من تعاطي المواد المخدرة بأكتوبر    بسام راضي : افتتاح المتحف المصري الكبير .. وصف في روما ب «افتتاح القرن»    دولة التلاوة لمتسابق: كيف سيكون حالك لو كنت تقرأ على سيدنا النبى؟    اختتام المؤتمر العالمي للسكان.. وزير الصحة يعلن التوصيات ويحدد موعد النسخة الرابعة    كولومبيا توقع عقدًا لشراء 17 طائرة مقاتلة من طراز "جريبين" من شركة ساب السويدية    مجلس الوزراء يستعرض كيف تحولت تلال الفسطاط من بؤرة للمخلفات إلى واجهة حضارية    هل تشفي سورة الفاتحة من الأمراض؟.. داعية توضح| فيديو    أسامة ربيع: أكثر من 40 سفينة تعبر قناة السويس يوميًا    محافظ الجيزة يتفقد المسارات البديلة لمواقع أعمال مترو الهرم ويكلف بسرعة تجهيزها    أسباب الانزلاق إلى الإدمان ودوافع التعافي.. دراسة تكشف تأثير البيئة والصحة والضغوط المعيشية على مسار المدمنين في مصر    الأرصاد: تحسن في الطقس وارتفاع طفيف بدرجات الحرارة نهاية الأسبوع    (كن جميلًا ترَ الوجودَ جميلًا) موضوع خطبة الجمعة المقبلة    سلة - قبل مباراة الفريق الأول.. مرتبط الأهلي يفوز على سبورتنج ويتأهل لنهائي الدوري    رامي عيسي يحصد برونزية التايكوندو في دورة ألعاب التضامن الإسلامي 2025    مؤتمر جماهيري حاشد ل"الجبهة الوطنية " غدا بستاد القاهرة لدعم مرشحيه بانتخابات النواب    محافظ الدقهلية خلال احتفالية «المس حلمك»: نور البصيرة لا يُطفأ ومصر وطن يحتضن الجميع| فيديو    استشاري أمراض صدرية تحسم الجدل حول انتشار الفيروس المخلوي بين طلاب المدارس    تعديلات منتظرة في تشكيل شبيبة القبائل أمام الأهلي    رواتب تصل ل 45 ألف جنيه.. وظائف جديدة في محطة الضبعة النووية    عاجل خبير أمريكي: واشنطن مطالَبة بوقف تمويل الأطراف المتورطة في إبادة الفاشر    "رويترز": لبنان يعتزم تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي بشأن الجدار الحدودي الإسرائيلي    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    الليلة الكبيرة تنطلق في المنيا ضمن المرحلة السادسة لمسرح المواجهة والتجوال    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    موعد مباراة تونس ضد النمسا في كأس العالم تحت 17 عام    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    بيان رسمي.. تفسير جديد لاستبعاد معلول من ودية تونس والبرازيل    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    حسام حسن: هناك بعض الإيجابيات من الهزيمة أمام أوزبكستان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(أصوات) سليمان فياض.. نبوءة قديمة عن صراع الحضارات
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 01 - 2010

فى حياة الكُتّاب، نجد أعمالا، يرتبط بها اسم صاحبها، وتكون هى الأشهر، وعندما يكتبون عن الواحد منهم يقولون «صاحب كذا»، وغالبا تكون هذه المسألة مزعجة نوعا ما للبعض، لأنه ربما أنتج أعمالا أخرى مهمة، ولم تأخذ حظها فى التلقى مثل كتابه الأشهر، ولكن قليلين منهم يبوحون بهذا الانزعاج.
الكاتب الكبير سليمان فياض من الذين باحوا، وراح يفضفض مع القارئ، واتكأ فى رغبته هذه على طلب الناقد الدكتور محمد بدوى فى أن يكتب فياض شهادته عن روايته القصيرة البديعة «أصوات» لنشرها بمجلة «فصول»، فقال «كان عمنا يحيى حقى يضيق نفسا بأسئلة الصحفيين، وكتابات النقاد عن روايته القصيرة «قنديل أم هاشم»، يضيق بإلحاحهم المستمر على هذه الرواية ويقول لأصدقائه: لدى أعمال قصصية أخرى لا يقل مستواها وقيمتها عن القنديل. فلم التوقف عندها. وكأننى لم أكتب سواها؟» ويكمل سليمان «الضيق نفسه عانيته، وأعانيه، منذ صدور روايتى أصوات، قبل تسع وثلاثين عاما، فلى أعمال قصصية أخرى، تالية لأصوات، لا تقل عنها شأنا وقيمة»، إلى أن استسلم للأمر الواقع، مبررا الأمر بأن الرواية تتعرض لموضوع جدلى وهو صدام الحضارات، وتفجر قضية مهمة، وهى مسألة «الختان» الذى كان وقتها غير مطروح على ساحة النقاش.
رواية «أصوات»، التى أصدرتها دار الشروق لتكون من أوائل مطبوعات العام الجديد لها قصة حقيقية، ففى 1958، كان سليمان فياض فى زيارة لصديق بإحدى قرى الدلتا، وعلى ارتياح الزائر لأهل القرية، ورقيهم فى التعامل فيما بينهم، كانت صدمته كبيرة فيهم بسبب الحكاية التى تناقلوها عن الزائرة الأجنبية الآتية للقرية مع زوجها المهاجر منذ زمن، والتى احتجزتها النساء وأجرين لها عملية الختان على طريقتهن، بحجة أنها قد تكون فتنة لرجال الناحية. تلك الحادثة التى فسرها الكاتب بأنها شكل من أشكال الحد، الذى أقامته النساء ثأرا لأنفسهن من التقاليد التى حكمت عليهن بالختان، واقتطاع جزء من حقهن فى الحياة، فقرر أن يتناولها فى رواية، وظلت بداخله إلى أن أرسله يوسف السباعى ضمن أحد الوفود الأدبية المصرية إلى ألمانيا وكان ذلك فى 1970، وهناك، بدأ سليمان فى كتابة روايته، ورغم أنه كان متوجسا من فكرة التعرض إلى شخصية سيدة أجنبية، فإن الكتابة جاءت بيسر، وأنجز الرواية فى ثمانى جلسات. كان يذهب فى العاشرة من صباح كل جمعة إلى أحد الكازينوهات، وتستمر الجلسة إلى الخامسة عصرا، ثم يراجع ما كتبه يوم السبت، ويقضى الأيام الخمسة الباقية من الأسبوع فى تحضير الفصل المقبل، وهكذا حتى انتهت الرواية فى مسودة من مائة صفحة، هى النسخة المكتوبة الوحيدة من «أصوات»، يحتفظ بها «المجاور» إلى اليوم، يقول: «تبدو لى، كلما تصفحتها، وكأنها كتبت فى جلسة واحدة، أو أنها، كما يقولون، ولدت فى طلقة واحدة، فلم يكن بها من تصويبات التعديل، سوى نحو خمس وعشرين كلمة».
اعتمد فياض فى روايته على طريقة الشهادات، فتبدأ الحكاية من عند مأمور القسم الذى يحكى عن برقية جاءته من باريس، أرسلها شخص لا يعرفه، يطلب منه أن يساعده فى البحث عن أهله، أو من بقى منهم على قيد الحياة، حيث هاجر هذا الشخص من قريته «الدراويش» وصار من أغنياء باريس، ورأى أن الوقت حان لزيارة بلده ورؤية الأهل، برفقة زوجته الفرنسية. يهتم المأمور بالأمر، لدرجة أنه لا يكلف أحدا بالبحث عن أهل المهاجر، بل إنه يبحث بنفسه إلى أن يجدهم، ثم يتسلم مهمة الحكى، «محمد بن المنسى»، الذى يخبرنا عما شاهده وهو جالس يلعب «الدومينو» عندما جاء عامل التلغراف، حاملا برقية إلى «أحمد بن مصطفى البحيرى» شقيق الغائب الموشك على العودة، والذى أرسل لأهله مبلغ ألفى جنيه، لبناء منزل يليق بزوجته الباريسية، ولكنهم وجدوا أن المبلغ لن يكفى، فما كان منهم إلا إجراء بعض «التوضيبات» على منزل العائلة، وتجهيز غرفة لإقامة «حامد» وزوجته. وهكذا يجلس كل شخص من الأبطال على كرسى الراوى قليلا فيما عدا الشخصية المحورية، وهى تلك السيدة التى أحال قرب قدومها القرية إلى شىء مختلف، فارتدت السيدات أزهى ما لديهن، وتم التنبيه على الأطفال بعدم التبول فى الشوارع، وخرجت القرية لاستقبالها فى مشهد مهيب، ثم تطغى الغرائز الإنسانية على التقاليد والأعراف، فيشتهيها أخو زوجها، وتشعر امرأته بالأمر بوضوح، فتثار غيرتها، هى وباقى نساء القرية، فينتهزون فرصة أنها أصبحت وحدها بعد أن تركها زوجها بين أهله لزيارة أصدقائه فى القاهرة، ويهمسون لبعضهم البعض، ثم ينتقل الهمس لأذن حماتها، بأن هذه «الخواجاية» كأهلها، لم يتم ختانها، مما يجعلها أكثر سخونة من باقى النساء، ويخشون منها على الرجال، فيستفردن بها، وهى فى حالة بهجة، يكتفنها، ويخلعن عنها ملابسها، وتخرج إحداهن الموسى، وتجزر به الزائد عنها، فيتدفق الدم منها، يجلبن البن لكتم الجرح فلا يجدى، فينهلن عليه بتراب الفرن، فيتخضب بالدماء، ويتحول إلى طين، ترتاع حماتها، وتطرد النساء، وتحاول إفاقتها، ولكن هيهات.. لأنها ماتت.
الطبعة التى أصدرتها دار الشروق ضمت إلى جانب «أصوات» مجموعة من القراءات النقدية التى استقبلت الرواية عبر عدة أعوام أغلبها ركز على فكرة صدام الحضارات، نقرأ هذا فى عناوين هذه المقالات بوضوح، «إشكالية الأنا والآخر.. قراءة دلالية فى رواية أصوات» لمحمد بدوى، «أحلام الغرب» لمحمد كامل الخطيب، «ماذا يحدث للأدب العربى فى الغرب» لريشار جاكمون، «صورة الآخر فى الرواية العربى» لجورج الطرابيشى، بينما اكتفى الدكتور جابر عصفور فى مقاله بعنوان الرواية الذى اعتبره دالا بالشكل الكافى على ما تريد توصيله «أصوات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.