قالت رهام مرسى المحللة المالية ومديرة الأبحاث فى مركز سينرجيز للدراسات الدولية إن الإسراع بعملية التحول الرقمى يعد الضامن الاساسى لاستدامة النمو الاقتصادى على المدى البعيد مع ضرورة مشاركة القطاع الخاص فى المشروعات المتعلقة بالبنية المعلوماتية. أضافت ل«مال وأعمال الشروق» أن مصر ما زالت على اول الطريق على الرغم من تسجيل تقدّم ملحوظ فى السنوات القليلة الماضية، وهذا يظهر بشكل واضح فى المؤشرات الدولية، مثلا جاءت مصر فى المرتبة ال92 من 121 دولة فى مؤشر جاهزية الشبكات لعام 2019، وجاءت فى المرتبة ال56 من 172 دولة فى مؤشر جاهزية الحكومة للذكاء الاصطناعى، مما يشير إلى استمرار وجود مجال كبير للتحسن ورفع جاهزية البنية التحتية الرقمية فى مصر. أوضحت أنه يمكن تحقيق النمو الاقتصادى عن طريق زيادة مدخلات الإنتاج مثل اكتشاف حقل غاز جديد أو زراعة أرض لم تكن مزروعة من قبل أو الزيادة الطبيعية فى حجم القوى العاملة، ولكن هذا الجانب غير مستدام وغير مضمون على المدى البعيد لضمان معدلات نمو مرتفعة. «زيادة الإنتاجية أى تسريع عملية الإنتاج بدون إضافة «مواد خام» جديدة، مثل تدريب العمالة لتصبح أكثر مهارة أو التحول لقطاعات ذات القيمة المضافة العالية، يضمن نموا اقتصاديا مستداما. هنا يأتى التحول الرقمى، حيث يساعد فى إحداث نقلة نوعية فى «إنتاجية» جميع الأنشطة الاقتصادية» قالت مرسى، موضحة ان التحول الرقمى يضع حجر الأساس للنمو المستدام على المدى البعيد لضمان حق الأجيال القادمة فى التنمية. «يصعب إلى حد كبير قياس الإنتاجية على مستوى الاقتصاد الكلى، وفى الوقت الحالى يوجد فقر نسبى فى بيانات تأثير الرقمنة على الإنتاجية، ولكن معدلات النمو الحقيقى للاقتصاد على مدار السنوات الماضية حتى خلال صدمة عالمية مثل وباء كوفيد19 تشير بشكل كبير إلى وجود صمود اقتصادى كبير قد يكون هذا بسبب التحرك الكبير فى عمليات التحول الرقمى» تبعا لرهام. وأضافت انه فيما يخص مشاركات الحكومة فى رقمنة الاقتصاد المصرى أن مشروعات التحول الرقمى هى بالأساس مشروعات عملاقة لا تقل اهمية عن مشروعات النقل أو مدينة العلمين أو مشروع المليون ونصف فدان ولهذا يجب تنسيقها فى إطار وطنى وتماشيًا مع الأولويات التنموية لمصر، بالمشاركة بين الحكومة و القطاع الخاص. وأضافت أن التحول الرقمى أصبح واقعًا على مستوى العالم إذا لم نسارع فى تبنيه سنتخلف عن ركب النمو والتنمية كما أن مشروعات التحول الرقمى تمتلك ما يسمى العوامل الخارجية الإيجابية (Positive Externalities) أى نتائج غير مقصودة بالضرورة ولكنها إيجابية بطبيعتها، أبرز هذه العوامل هى إتاحة البيانات، فيمكن حينها استخدام تلك البيانات (الناتجة عن أى مشروع تحول رقمي) فى عملية صنع القرار لتحسين الكفاءة أو تطوير المنظومة. أيضًا من بين العوامل الخارجية الإيجابية للتحول الرقمى هى الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد حيث تقلل من فرص الفساد من المنبع وتدعم كفاءة وشفافية الإنتاج أو العمل بشكل عام. ولهذا فى العموم يجب دعم القطاعات ذات العوامل الخارجية الإيجابية لأنها توفر أفضل عائد للاستثمار على المدى الطويل ومن أكبر تلك القطاعات التعليم والصحة. وعقبت أن تفكير الشركات الخاصة يتخطى النظر البنية التحتية للتكنولوجيا والاتصالات بمفهومها الحسى أو العملى، حيث يشمل أيضًا الموارد البشرية ومدى جاهزية العمالة المصرية للتعامل مع التكنولوجيا والتحول الرقمى. كما يشمل الجانب القانونى والإجرائى ومدى قدرة القوانين على استيعاب التطورات التكنولوجية والتكيف معها ودعمها أو عرقلة العمل فيها. وهنا يتحول المنظور إلى حد ما من «البنية التحتية للتكنولوجيا والاتصالات» إلى «الاقتصاد الرقمى أو المعرفى» وهو مفهوم أشمل يرغب القطاع الخاص فى الوصول إليه. وتمتلك مصر فرصا هائلة لجذب شركات تكنولوجية عملاقة إذا تم تبن مفهوم الاقتصاد الرقمى فى شكله الأوسع. مثال للتوضيح، يمكن للشركات العملاقة مثل أمازون دعم تطوير البنية التحتية للاتصالات والمعلومات فى مصر ولكنها لن تستطيع تغير القوانين أو وضع القوانين المطلوبة أو غرس مهارات التكنولوجيا الحديثة منذ الطفولة فى العمالة المصرية. واختتمت حديثها قائلة إنه فى الوقت الحالى الاقتصاد المصرى من الاقتصادات الأسرع نموًا، وهذا بحسب بيانات صندوق النقد الدولى الذى أشار إلى أن مصر جاءت من ضمن الاقتصادات النامية التى استطاعت الحفاظ على معدلات نمو إيجابية خلال فترة الوباء. ولكن ومع دخول العالم مرحلة التعافى ستشتد المنافسة على مستوى المنطقة وعلى مستوى الدول ذات مستوى الدخل المماثل لمصر، وهنا يجب التركيز على استخدام مسرعات التنمية مثل التحول الرقمى وتوظيف البيانات واستخدام العلوم والتكنولوجيا والابتكار ودعم الشراكات العالمية والمحلية ودعم القطاعات ذات الميزة التنافسية فى مصر أبرزها قطاع السياحة. هذا كله بالطبع مع ضمان الحماية الاجتماعية والتنمية الشاملة لجميع فئات المجتمع.