أكد الدكتور على الخورى رئيس الاتحاد العربى للاقتصاد الرقمي، مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، على قوة ومتانة العلاقات التاريخية بين مصر والإمارات العربية المتحدة، مؤكدا أن مصر لها دور مميز فى قلب الأمة العربية، مشيرا إلى أن اهتمام الإمارات والعرب عموما يجب أن يصب فى دعم الاستقرار فى مصر، وأن تأخذ مصر دورها فى ريادة المشروعات التنموية العربية. وقال فى حوار ل الأهرام، للتعرف على ملامح الإستراتيجية العربية للاقتصاد الرقمي، والتى سيعرضها مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، أمام القمة العربية بتونس مارس المقبل، أن التحولات التى يشهدها العالم والمدعومة بالتطورات المتسارعة فى العلوم والتطبيقات التكنولوجية تمثل فرصاً حقيقية لتحقيق معدلات نمو فى كافة المجالات الاقتصادية العربية، وتعزيز قدرات الدول على الاستجابة للمتغيرات الاجتماعية وصولا لدعم الاستقرار السياسي. وقال أنه يجب على الدول إعادة النظر فى تعاملها مع الأطر الجديدة للاقتصاديات العالمية لتطوير منظوماتها وآليات عملها، حيث أن الطرق والأدوات التقليدية للتطوير لم تعد، ولن تؤدى لتحقيق اقتصاديات مستدامة على نفس المستوى والسرعة المطلوبة، لذلك تم إطلاق الإستراتيجية العربية للاقتصاد الرقمي، والتى تستهدف مضاعفة الناتج العربى الاجمالى من 2.5 تريليون دولار، إلى 5.5 تريليون دولار فى غضون 10 سنوات. وأوضح أن المنطقة العربية لديها فرصة كبيرة من خلال تفعيل العمل العربى المشترك، حيث يمكن من خلالها خلق فرص عمل هائلة، وتطوير المهارات وجذب الاستثمارات ورؤوس الأموال، ودعم أسواقها، وتمهيد الطريق أمام الاكتفاء الذاتي، والمساهمة بالإنتاج المعرفي، بشبكة إنتاجية ضخمة تقدر ب 450 مليون نسمة، هى حجم الموارد البشرية فى المنطقة العربية. وقال أن الاستراتيجية تستهدف ايضا رفع متوسط مساهمة الاقتصاد الرقمى فى الناتج العربى لتصل إلى 20%، موضحا أن توظيف التكنولوجيا فى الموازنات الحكومية سيسهم فى تحقيق وفر بنحو 50% ، ويمكن توجيهها لقطاعات أخرى كالصحة والتعليم بما يدعم الاقتصاد ويرفع معدلات النمو. وقال الخورى أن التحدى الأكبر لمنطقتنا العربية هو توفير فرص العمل حيث تشير الدراسات الدولية إلى ضرورة توفير 60 مليون وظيفة خلال العشر سنوات المقبلة، وهذا التحدى يتطلب ايجاد حلول مبتكرة لتوفير فرص العمل والتى يلعب الاقتصاد الرقمى دورا محوريا فيها، خاصة وأن 50% من الوظائف التقليدية الحالية ستندثر مع الثورة الصناعية القادمة. وأكد أن الاستراتيجية تركز على عدة محاور أهمها تعديل التشريعات العربية لدفع التجارة الالكترونية العربية، وكذلك تهيئة البنية التحتية التكنولوجية، حيث أن بعض الدول تعانى من ضعف البنية التكنولوجية، ، وأوضح أن الاستراتيجية اختارت 6 قطاعات للعمل على تنميتها هى الصحة والزراعة والتعليم والصناعة والتجارة والخدمات المالية. وأكد الخورى أن مساهمة القطاع الخاص فى الاقتصاد العربى مازالت متواضعة وتحتاج لتغيير بعض المفاهيم وتهيئة البيئة المناسبة لعمله، موضحا أنه فى الاقتصاديات المتقدمة قليلا من يرغب فى العمل بالقطاعات الحكومية، والكل يرغب فى العمل بالقطاع الخاص. وأكد أنه بالنسبة للحالة العربية، فإن القطاعات الحكومية تقوم بالجهد الأكبر فى الملفات التنموية، والقطاع الخاص ينتظر من الحكومى ما هى خطواته حتى يعمل فى اطارها، موضحا أن المنطقة العربية بها كفاءات وموارد طبيعية ومعرفية يمكن أن تقفز بمعدلات النمو إلى أرقام غير معقولة، والمعادلة بسيطة وهى الحاجة لمبادرات لمواجهة البطالة وتحديات الذكاء الاصطناعي. وأشار الخورى إلى أن هناك فجوة رقمية ليست فى تكنولوجيا المعلومات، ولكن لابد من تأهيل الكوادر البشرية، حيث أن توظيف التكنولوجيا بشكل صحيح وتوجيهه للقطاعات الحيوية مثل التعليم سيدعم الاقتصاد بشكل كبير، وأكد أنه اذا لم توظف التكنولوجيا بشكل صحيح سيضر بالمنطقة. ولفت إلى أن الاقتصاد الرقمى يهدم أسرع من الاقتصاد التقليدي، ويبنى بشكل أسرع مئات المرات، والاختيار هو كيفية البناء وأن نعمل من خلال العمل العربى المشترك، وليس العربى فقط، خاصة وأن الحواجز أزيلت بمجرد دخول الانترنت. وقال أن هناك دورا على مستوى الدول والمؤسسات والأفراد لإحداث التنمية فى عالمنا اليوم، فالحكومة يجب أن تعى أهمية هذا المجال وتوظيف الأدوات فى وضع سياسات وترجمة هذه السياسات إلى خطط تلامس الواقع الحقيقى وتعمل وفق منظومة عالمية لتطوير المجتمع. وأشار إلى أن هذا هو الاطار العام لإستراتيجية الاقتصاد الرقمى العربية، والتى ستعرض فى قمة تونس المقبلة، والتى تستهدف دعم الاقتصاد العربى والتحول الرقمي. ودعا إلى أهمية إعادة تعريف مفهوم سرية البيانات فى الدول العربية، لانطلاق القطاع الخاص وفتح المجال له للمشاركة فى المشروعات التنموية بالبلدان العربية. وضرب الخورى مثالا حول أهمية العمل المشترك، بوضع الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الثانية حيث أودت الحرب بالاقتصاديات والبنى التحتية إلى هاوية المستويات، ثم تجمعت هذه الدول وتكاتفت وعملت مع بعضها البعض، وعادت إلى نقطة الصفر وانطلقت منها وعملت بمفهوم المصالح المشتركة، وأصبحت اليوم تشكل إحدى أهم القوى الاقتصادية المحرّكة فى العالم، لذلك فإن التعاون العربى المشترك والاعتماد على الاقتصاد الرقمى سيدفع المنطقة للنمو ويزيد من تنافسية اقتصادياتها. وقال أن الاستقرار السياسى يتطلب الاستقرار الاجتماعى والاستقرار الاجتماعى لن يتأتى الا ببناء مقومات الاستقرار الاقتصادي، وضبط المعادلة هنا ليست بسهولة ترديدها، فالاقتصاد الْيَوْم لم يعد يعمل بنهج تعزيز مستويات النمو لمجرد رفع مستويات النمو، بل يعمل بنتائج مكوناته،كالتعليم والصحة والإنتاج المعرفى فى المجتمع، كلها عناصر تمثل القوى الدافعة لبناء الاقتصاديات المستدامة، وهو ما تسعى الإستراتيجية العربية للاقتصاد الرقمى لتحقيقه.