«صلبان وقلوب وتيجان» الأقصر تتزين بزعف النخيل احتفالاً بأحد الشعانين    صندوق النقد يتوقع ارتفاع حجم الناتج المحلى لمصر إلى 32 تريليون جنيه 2028    محافظ الجيزة يوجه معدات وفرق النظافة لرفع المخلفات بالبراجيل    وزير خارجية إسرائيل: سنؤجل عملية رفح إذا جرى التوصل لاتفاق بشأن المحتجزين    خبير: التصريحات الأمريكية متناقضة وضبابية منذ السابع من أكتوبر    إدخال 4000 شاحنة مساعدات لغزة من معبر رفح منذ أول أبريل    "لو تحدثت هتشتعل النيران".. مشادة كلامية بين محمد صلاح وكلوب    لمكافحة الفساد.. ختام فعاليات ورش عمل سفراء ضد الفساد بجنوب سيناء    30 أبريل.. أولى جلسات محاكمة المتهم بالشروع في قتل طالب بالنزهة    ياسمين عز تُعلق على شائعة طلاق أحمد السقا وزوجته: هو أنا لو اتكلمت عن الحوامل أبقى حامل؟!    حزب "المصريين" يُكرم هيئة الإسعاف في البحر الأحمر لجهودهم الاستثنائية    خبير ل الحياة اليوم: موقف مصر اليوم من القضية الفلسطينية أقوى من أى دولة    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    ناهد السباعي: عالجنا السحر في «محارب» كما جاء في القرآن (فيديو)    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    رامي جمال يتخطى 600 ألف مشاهد ويتصدر المركز الثاني في قائمة تريند "يوتيوب" بأغنية "بيكلموني"    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    أحمد حسام ميدو يكشف أسماء الداعمين للزمالك لحل أزمة إيقاف القيد    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    مدير «تحلية مياه العريش»: المحطة ستنتج 300 ألف متر مكعب يوميا    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قطاع الأمن الاقتصادي يواصل حملات ضبط المخالفات والظواهر السلبية المؤثرة على مرافق مترو الأنفاق والسكة الحديد    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    تعليم الإسكندرية تستقبل وفد المنظمة الأوروبية للتدريب    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    إزالة 5 محلات ورفع إشغالات ب 3 مدن في أسوان    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تنجو أسماك القرش من الانقراض هذه المرة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 12 - 11 - 2021

في مرسى علم، كانت المرة الأولى التي جرب فيها "هيثم عبيد" الغوص مع أسماك القرش ليشعر بالرهبة، توقف على مسافة بعيدة وهو يتأمل السمكة المفترسة التي طالما سمع عنها أساطير مخيفة .
مع الوقت، تحولت مشاعر الغواص إلى انبهار وإعجاب، رافق عشرات السائحين الذين أتوا من أنحاء العالم لمشاهدة القروش في مصر، اطمئن لكونها كائنات مسالمة طالما لم يهاجمها أح]. يقول: "أشعر بالغضب كلما فكرت أنه يتم صيد ملايين القروش وإهدار قيمتهم البيئية والاقتصادية من أجل طبق حساء".
قبل ألف عام في الصين، ابتكر أحد الأشخاص وصفة "حساء زعانف أسماك القرش"، وضع الزعانف في إناء الطهي وأضاف بعض التوابل ليصنع طبقاً أصبح فيما بعد من أغلى أنواع الطعام.
من أجل طبق الحساء ولأسباب أخرى، أصبح العالم يقتل أكثر من 100 مليون سمكة قرش سنويا وفقا للتقديرات الأخيرة، سواء بصيدها والانتفاع بمكوناتها، أو بقطع زعانفها وإلقائها في المياه مجددا لتنزف حتى الموت.
حين تُذكر سمكة القرش قد تقفز إلى مخيلتك صورة لكائن مفترس بجسد عملاق وترتبط رائحة الخوف بتخيل قدرتها على الفتك، لكن حين تعلم كيف يلاحقها الموت بطرق مختلفة ستتعاطف معها .
منذ 450 مليون سنة، ظهرت أسماك القرش لأول مرة ولاحقا تم تصنيفها لتنتمي إلى طائفة الأسماك الغضروفية، مرت السنوات و اكتشف العلماء أنواع مختلفة ليعرف العالم الآن نحو 520 نوعا، ولا زال يكتشف المزيد.
في الخمسين عاماً الأخيرة، زاد استهداف أسماك القرش والشفنين وكانت النتيجة انخفاض أعدادها بنسبة 70% وتهديد ثلاثة أرباعها بالانقراض، فكيف وصلنا إلى هذه النقطة؟

لماذا يصطاد العالم أسماك القرش ؟
في الأساس، ترتكز تجارة أسماك القرش إلى جانبين، الأول لحوم الأسماك وقيمتها الاقتصادية ضئيلة للغاية مقارنة بالجانب الأكثر أهمية وهو الزعانف، ففي الوقت الذي تصل فيه تكلفة كيلو الزعانف 100 دولار أمريكي تكون قيمة كيلو لحم القرش 0.1 دولار فقط.

لم تكن الزعانف واللحوم مطالب البشر الوحيدة من أجساد أسماك القرش، بل استخدموا جلودها وغضاريفها وكبدها أيضاً، فالعديد من بلدان آسيا وأوقيانوسيا تتناول جلود القرش بعد غليها في الماء وإزالة قشورها، وتُستخدم الغضاريف في صناعة الأغذية أحيانا ويشيع دخولها في صناعة منتجات صيدلانية، كما يتم استخلاص الزيوت من الكبد لتدخل في عدد من الصناعات وفقا لمنظمة "الفاو".


أسماك القرش على قمة السلسلة الغذائية
تتبع الكائنات البحرية نظاما دقيقاً في الحصول على الطعام ويمكن تصنيفها حسب موقعها في مستويات السلسلة الغذائية أو ما يسمى ب"الهرم الغذائي"، لذا فكل نوع يتغذى على الأسماك التي تقع في المستوى الذي يليه في هذا الهرم.
تقع أسماك القرش على قمة السلسلة الغذائية وفقاً للدكتور محمود الحنفي أستاذ البيئة البحرية بجامعة قناة السويس، فيقول: " وجود القروش مؤشر مهم لصحة البيئة البحرية، ودورها افتراس الأسماك الضعيفة وراثيا أو المريضة وبالتالي تحفظ التوازن في المستويات الغذائية الأقل منها من حيث الأعداد والأنواع كما تعزز نقاء القوة الجينية للأسماك الموجودة، لذا مع النقص المتزايد لها يزيد عدد الأسماك التي تليها في الهرم ويحدث خلل في السلسلة الغذائية كلها لأن كل مستوى غذائي له حجم ودور معين، وبالتالي يتضرر التنوع البيولوجي وتتأثر كفاءة عمل النظام البيئي".
لماذا يصعب "استعادة أنواع أسماك القرش"؟
بالتوازي مع تهديد أسماك القرش بالانقراض تصبح مهمة "استعادة الأنواع" معقدة وشديدة الصعوبة، لأن هذه الأسماك تحتاج إلى عشرات السنوات لتتجدد .
يقول حنفي: "تتكاثر القروش ببطء وخصوبتها منخفضة، أي أنها تنتج عدد صغير من الأبناء لا يزيد عددهم عن عشرات وهذا رقم ضئيل مقارنة بأن هناك أسماك قد تنتج مليون بيضة، لذا فمجتمع القروش له قدرة محدودة على التجدد ويستهلك فترة طويلة للتعافي واستعادة أعداده وأنواعه".
وأضاف أن القروش تتكاثر بطريقتين حسب نوعها، منها أسماك نسميها "البيوضة الولودة" وهي تضع البيض في رحمها وتحتفظ به لعدة أشهر حتى يفقس داخلها ثم تلد، والنوع الآخر تضع البيض خارجها في الماء مباشرة، وهناك أنواع من أسماك القرش تعيش عشرات السنين وأنواع أخرى قد تعيش لأقل من خمس سنوات ".
سمكة القرش "منتج سياحي"
ويرى أستاذ البيئة البحرية إن صيد القروش في مصر يمثل خسارة اقتصادية كبيرة وليست بيئية فقط، فسمكة القرش منتج سياحي يأتي الغواصون من العالم لمشاهدته ويجلب لمصر آلاف الدولارات في السنة، مضيفا: "السمكة الواحدة لو عاشت عشرين سنة قد تصل قيمتها الاقتصادية في السياحة إلى 4 مليون دولار، لكن لو تم اصطيادها تتراوح قيمتها بين 150 و300 دولار، المفارقة واضحة".
يحذر حنفي أيضاً من خطورة تناول لحوم أسماك القرش لاحتوائها على نسب كبيرة من الزئبق وهو معدن ثقيل يؤدي تناول كميات كبيرة منه إلى أمراض مستعصية، في المقابل، تمنع بلاد كثيرة تناول لحوم القرش وتسمح بلاد أخرى ببعض الأسماك الصغيرة التي تحتوي على مستويات أقل من الزئبق.
في سياق آخر، يؤذي الصيد الجائر القروش بطريقة غير مباشرة أيضاً، إذ يحصد عدد كبير من الأسماك التي تمثل غذاء للقروش ويتركها جائعة، كما تسبب إلقاء مخلفات مطابخ السفن في المياه أو إلقاء طعام للقروش في تغير سلوكها وجعلها أكثر عصبية، وهذا أحد أسباب حوادث مهاجمة أسماك قرش للإنسان.
نصف القروش في مصر اختفت
الدكتور مصطفى فودة، مستشار وزيرة البيئة للتنوع البيولوجي، قال إن مصر بها حوالي 50 نوع من أسماك القرش تتراوح أطوالها من عشرين سنتيمترا إلى خمسة أمتار، لكن في السنوات الأخيرة اختفى نصفها تقريباً بسبب عدة عوامل مثل الصيد الجائر والتدخلات البشرية والتلوث وتغير المناخ.
وأضاف أن هناك عدة قوانين واتفاقيات تحظر الإضرار بأسماك القرش، لكن في الواقع يحدث صيد للقروش بنسبة كبيرة بمخالفة القوانين.
وقال: "في مصر أي شخص يتم ضبطه وبحوزته زعانف أسماك قرش يتم إحالته للقانون بموجب قانون البيئة المعدل سنة 2009.. نحتاج أيضا لرصد مستمر لتواجد أسماك القروش وألا يتم استخدام الشباك الكبيرة في المناطق المحتمل تواجدها فيهم".

نيلز كلاجر، المتحدث باسم مبادرة "أوقفوا تجارة زعانف أسماك القرش"، يرى أن دول الاتحاد الأوروبي لا زال يحدث فيها نسب مرتفعة من صيد أسماك القرش، بالرغم من الحظر الرسمي لقطع الزعانف في عام 2013.
المبادرة تم تأسيسها العام الماضي من قبل مواطنين في الاتحاد الأوروبي للمطالبة بإنهاء تجارة زعانف سمك القرش، فيقول كلاجر: "بالرغم من تجريم اصطياد أسماك القرش لقطع زعانفها على متن السفن وإلقائها في البحر مجددا، إلا أن هذه التجارة لا تزال موجودة لأن الصيد مستمر وأصبح هناك سوق لبيع لحوم القرش كما يتم الاتجار في الزعانف بعيداً عن الأعين.. لندع الزعانف في مكانها الطبيعي".
تهديدات أخرى
استطاعت أسماك القرش النجاة من عدد من الانقراضات الجماعية وفقاً ل "ديفيد كامبل" مؤسس مبادرة مارين بيو العالمية لحفظ الأحياء البحرية عام 1998، لكن في الانقراض الجماعي الطباشيري الباليوجيني قبل 66 مليون سنة ، انقرض حوالي 90 ٪ من أسماك القرش في المحيطات المفتوحة، والآن في رأيه تواجه أسماك القرش خطر الانقراض الجماعي مجددا .
يقول : "الأمر لا يقتصر على الصيد الجائر كتهديد مباشر، هناك تهديدات إضافية كثيرة لم يتم فهمها بشكل كامل مثل تغير المناخ وخريطة توزيع المفترسات الأخرى التي تتأثر بالصيد البشري، كما توصل بحث بريطاني إلى وجود شظايا بلاستيكية في المسالك الهضمية ل 67٪ من أسماك القرش التي تمت دراستها، نعلم أن البلاستيك قد يحمل السموم ومسببات الأمراض لكن تأثيره المحتمل على أسماك القرش في هذه المرحلة غير معروف".
وأضاف أن مناطق حضانة أسماك القرش المهمة مثل أشجار المانغروف ومصبات الأنهار تعرضت للخطر أيضاً بسبب الأنشطة البشرية بما فيها الصيد وتغير المناخ.
الحاجة إلى جهود مشتركة
وقال ليفيز كفاجي، منسق النظم الأيكولوجية والتنوع الحيوي ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة في أفريقيا، إن صيد القروش يسبب خلل بيئي قد تنتج عنه نتائج كارثية، كما أن أسماك القرش تنمو ببطء وتنضج متأخرًا وتنتج عددًا قليلاً جدًا من النسل، لذا فإن الصيد المفرط سيؤدي إلى القضاء عليها على المدى المتوسط أو الطويل.
وتابع أن الحفاظ على أسماك القرش يحتاج إلى التعاون بين الدول لأنه لن يكون مجديا أن تعمل كل دولة بمفردها، متابعاً أن برنامج الأمم المتحدة للبيئة يدعو من خلال اتفاقية الأنواع المهاجرة إلى التعاون الدولي لمعالجة الاستغلال المفرط لأسماك القرش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.