رحلت الفنانة التشكيلية جاذبية سري، أمس الخميس عن عمر ناهز 96 عاما، بعدما قدمت رحلة ثرية ومسيرة فنية حافلة تعكس عالم مليئ بالحركة والألوان والانطلاق، حيث وصلت إلى العالمية بإبداعاتها في لوحات التصوير الاجتماعي. واحتفظت سري ببصمة خاصة ورؤية فريدة، جسدتها في أعمالها الفنية التي عكست البيئة المصرية الأصيلة، عبر مزيج إبداعي وفني بين عناصر النيل والسماء والأرض والصحراء، ضمن منجزات فنية متكاملة لم تفقد بسيط الأشياء والأشكال. تعد سري، إحدى المبدعات في مصر في التاريخ المعاصر في رحلة الفن التشكيلي، حيث أجادت استخدام أسلوب مستحدث من الفن التشكيلي يتميز بالتفرد في المحتوى والشكل. وُلدت سري، في 11 أكتوبر 1925 في حي بولاق، وعملت كمدرسة تربية فنية في مدارس المعلمات العليا، ومن ثم مدرسة في مدارس الثانوية الفنية، وكذلك مدرسة في المعهد الخاص بالمنيل والمعهد الفرنسي بالقصر العيني ثم أستاذة تصوير بكلية التربية الفنية جامعة حلوان. ♦ حزن عارم سادت حالة من الحزن الشديد في الوسط التشكيلي المصري، اثر رحيل الفنانة التشكيلية الكبيرة جاذبية سري، حيث نعاها أحمد عز العرب رسام ومصمم كتب، قائلا: «الفنانة جاذبية سرى (1925 - 2021) أقامت في حياتها 74 معرض خاص بلوحاتها في مصر والخارج وتنتشر اعمالها بين مقتنيات متاحف بلاد عدة». وأضاف: «شكلت جاذبية مع انجى افلاطون وتحية حليم مثلث ابداع فني يتناول الحياة الواقعية للبسطاء من الفئات الشعبية واسعة الانتشار في الريف والمدن وسعت كل فنانة منهن الى التعبير بأسلوبها الخاص عن ملامح وطموحات أبناء الشعب». ومن جانبه، نعى الدكتور خالد سرور، رئيس قطاع الفنون التشكيلية، الفنانة الكبيرة قائلا: بالنيابة عن جميع العاملين بالقطاع بأحر التعازي للأسرة التشكيلية ولأسرة الفنانة القديرة جاذبية سرى. وقال الناقد والفنان التشكيلي صلاح بيصار، «عن عمر يناهز 96 عاما رحلت الفنانة الكبيرة والأستاذة والرائدة جاذبية سرى، صاحبة لوحات التصوير الاجتماعى من (أم عنتر) و(أم رتيبة)، مع لوحتها الطيارة الى اقتناها متحف (المتروبوليتان) بأمريكا». ♦ الوصول للعالمية تعتبر جاذبية سري، أول الفنانات المصريات التي تم عرض أعمالها في متحف «المتروبوليتان» أحد أكبر المتاحف العالمية المخصصة في الفن، ومن أشهر لوحات سري، لوحة «الطيارة» التي تظهر طفلة تمسك بطائرة ورقية توشك أن تطير معها، وقد بلغت أهمية تلك اللوحة أن يشتريها متحف المتروبوليتان. ونظرا إلى تفردها الكبير وإبداعاتها المتميزة، فقد وقع اختيار العديد من المتاحف الكبرى في أمريكا وفرنسا لعرض لوحاتها في معارض متخصصة، وقد حصلت سري على العديد من منح الزمالة من جامعات مختلفة حول العالم من ضمنها جامعة لندن. ♦ أعمالها تعد لوحة «نشر الغسيل» من أهم أعمالها، ومن أشهر لوحات الفنانة جاذبية سرّي طوال تاريخها مع التشكيل: «الحياة على النيل»، «مرحلة المدينة»، «مرحلة الصحراء»، «مرحلة البحر». نجحت سري من خلال لوحاتها تجسيد البشر الذين عاشوا في بيوتهم، مع تجسُّد ملامحهم على هذه البيوت، من خلال الاستخدام الدقيق لمساحة اللون، والخطوط. تضم لوحات جاذبية سري ثراء وتنوع فني، كما أن لوحتها «المرأة والرجل» تأتي على خلفية تجريدية من السطح بالأزرق الصافي يمتزج بالأخضر الزرعي. ذكرت جاذبية سري، أن لوحتها الخاصة ب«الأم» تلخص مسيرتها الإبداعية بكثافة تعبيرية، فهي المرأة بطول اللوحة وأمامها أربعة أطفال، مع وجود مساحة من الأحمر الناري، وهذا تعبير رمزي عن الأم (الوطن) الأبناء. عبرت سري عن الثورة، السد العالي، النكسة، الانتصار، ونجحت في التواصل مع مشكلات وأحداث مجتمعها وقضاياه، فتقوم برسم، ومتابعة البسطاء وأصحاب الفكر، بشكل متوازن وسط وعي مسبق بأهمية الدور الذي تلعبه الألوان الفانتازية المثيرة . ♦ المناصب وجاذبية سري هي عضو نقابة الفنانين التشكيليين منذ إنشائها عام 1979؛ وعضو جمعية محبي الفنون الجميلة بالقاهرة؛ وعضو جماعة الحفارين المصريين بالقاهرة؛ وعضو جماعة الكتاب والفنانين؛ وعضو جمعية فناني وكالة الغوري بالقاهرة؛ وعضو لجنة الفنون التشكيلية سابقًا بالمجلس الأعلى للثقافة. ♦ المعارض أقامت الراحلة جاذبية سري ما يزيد عن سبعين معرضًا فنيًا لرسوماتها في العالم العربي وأوروبا والولايات المتحدة. شاركت سري في العديد من المعارض الخاصة والجماعية منها: متحف الفن الحديث عام 1953؛ وأتيلية القاهرة عام 1959؛ ومتحف المانسترلي 1962؛ وصالون الفنون الجميلة عام 1965؛ وقاعة المعهد الثقافي الألماني (جوته) عام 1970؛ وجاليري لاباليت بلو بباريس عام 1970؛ وجاليرى مركز الفنون بمونتريال كندا عام 1973؛ وقاعة جماعة الفن الحديث ببرلين الغربية عام 1976؛ وجاليري الأكاديمية المصرية بروما عام 1980؛ وجاليري سلطان بالكويتعام 1984؛ وجاليري مشربية بالقاهرة عام 1989؛ وقاعة إخناتون (1) بمجمع الفنون بوزارة الثقافة بالقاهرة عام 1994. ♦ الجوائز نالت العديد من الجوائز والأوسمة منها جائزة روما للتصويرعام 1952؛ والجائزة الشرقية (التصوير بالزيت – القسم المصري) بينالي فينسيا عام 1956؛ والجائزة الثانية في الحفر في بينالي الإسكندرية عام 1959؛ والجائزة الشرقية لمسابقة الإنتاج الفني عام 1975؛ وجائزة الدولة التشجيعية في الفنون من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الا جتماعية عام 1970؛ ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1970؛ وجائزة الدولة التقديرية في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة عام 1999.