وزير قطاع الأعمال: تطوير شامل لاستعادة ريادة "مصر للسياحة" مع تحديث وتحسين المنتجات والارتقاء بجودة الخدمات    غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الطيبة جنوبي لبنان    لافروف: منتدى الشراكة الروسية الإفريقية بحث التعاون بمجالات التجارة والطاقة والاستثمار    فوز طنطا والقناة والبترول والمالية والداخلية بدوري المحترفين    في الوقت الضائع.. إنبي يهزم طلائع الجيش بكأس الرابطة    بعد دفنها.. موعد عزاء الفنانة الراحلة سمية الألفي    وزيرتا التخطيط التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتفقدون تطوير كورنيش ومناطق إسنا التاريخية والسياحية    عن صناعة البيوت    المغرب يستهل مشواره في كأس أمم إفريقيا 2025 بطموح كسر الذكريات وبدعم التاريخ    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    أكاديمية الشرطة تنظم دورة تدريبية حول مكافحة شبكات تهريب المهاجرين    السفير صلاح حليمة: المنتدى الوزارى الروسى الأفريقى آلية مهمة لتعزيز الشراكة قبل قمة 2026    النائب العام يوافق على رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    8 أطفال شهداء لقمة العيش بحادث "أكتوبر".. إهمال الدولة يحوّل معصرة الفيوم إلى بيت عزاء جماعي    تشيلسي ينجو من فخ نيوكاسل يونايتد في الدوري الإنجليزي    المركز القومي يطلق مسابقة زكريا الحجاوي لدراسات الفنون الشعبية    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    مواجهات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في جنوب كردفان    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    وزير الصحة يتفقد مستشفى الخانكة للصحة النفسية ويوجه بسرعة الانتهاء من أعمال التطوير    انهيار مبنيين متضررين من قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    وزير الشباب من داخل ملتقى التوظيف بالمنيا: نطالب الشباب بالتفاعل لبناء الذات ولا وقت للكسل    ماذا جاء في وثائق إبستين عن ترامب؟    وزير الإسكان يختتم جولته اليوم بتفقد مشروع طريق محور سفنكس    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    اتحاد الكرة يحتفي ب أيمن منصور: أسرع هدف فى تاريخ أمم أفريقيا مصري    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    محمد عنتر: الزمالك "اختياري المفضل" دائما على حساب الأهلي.. والأندية الشعبية في خطر    الكويت تحتفل بالذكري الثانية لتولي الشيخ مشعل الأحمد مقاليد الحكم .    السيسي: 12 مليار دولار إجمالي الاستثمارات المصرية في إفريقيا    رئيس هيئة التأمين الصحي في زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    ضبط طن ونصف استربس دواجن وبسطرمة مجهولة المصدر بشبرا الخيمة    الدفاع الروسية: تحرير بلدتي فيسوكويه في مقاطعة سومي وسفيتلويه بدونيتسك    دار الإفتاء تعلن نتيجة رؤية هلال شهر رجب لعام 1447 هجريا بعد المغرب    عين شمس ضمن أفضل 21% من جامعات العالم في تصنيف Green Metric 2025    مستشار الرئيس للصحة: الوضع الوبائي مستقر تمامًا ولا يوجد خطر داهم على أطفالنا    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    إزالة 10حالات تعد وبناء مخالف في الغربية    البحوث الفلكية: نشهد غدا ظاهرة الانقلاب الشتوى وبعدها يبدأ النهار فى الازدياد    إنبي في مواجهة خارج التوقعات أمام طلائع الجيش بكأس عاصمة مصر    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    وزير الرى يتابع خطة إعداد وتأهيل قيادات الجيل الثاني لمنظومة المياه    أزهري يعلق علي مشاجرة الرجل الصعيدي مع سيدة المترو: أين هو احترام الكبير؟    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 20 ديسمبر| الأرصاد تحذر من أجواء شديدة البرودة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    الأنبا فيلوباتير يتفقد الاستعدادات النهائية لملتقى التوظيف بمقر جمعية الشبان    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    متحف القرآن الكريم بمكة المكرمة ُيقدم تجربة تفاعلية تحاكي نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقيدة الإلهية فى الإسلام
نشر في الشروق الجديد يوم 10 - 11 - 2021

لا مراء أن العقيدة فى الإله على رأس كل العقائد الدينية، وقد رأينا كيف أنها أدل على نصيب العقيدة الدينية من رقعة الفهم والوجدان، وكيف كان النظر فى صفات الله مجالا لتنافس أكبر العقول، سواء من أصحاب الفلسفة الفكرية، أو من دعاة وأصحاب الحكمة الدينية.
وقد رأينا أن مذهب أرسطو قائم على أن الإله كائن أزلى، مطلق الكمال، لا أول له ولا آخر، ولا عمل له ولا إرادة، ولا يناسب الإله فى مذهبه أن يبتدئ العمل فى زمان، لأنه أبدى سرمدى لا يطرأ عليه طارئ أو يستجد عليه جديد يدعوه إلى عمل.
والسؤال: هل استطاع أرسطو بتجريده الفلسفى أن يسمو بالكمال الأعلى فوق مرتبته التى يستلهمها المسلم من عقيدة الإسلام؟
يأتى الجواب بالنفى اليقينى، فإن الله فى الإسلام إله صمد، لا أول به ولا آخر، وله المثل الأعلى. فليس كمثله شىء، وهو سبحانه محيط بكل شىء.
وفلسفة الدين هنا اصح من فلسفة الفلاسفة إذا قيست بالمقياس الفلسفى الصحيح..
فصفات الإله التى تعددت فى عقيدة الإسلام، زادت فنفت النقائص التى لا تجوز نسبتها إلى الله... فإيمان المسلم بأن الله عليم قدير فعال لما يريد كريم رحيم، ينزه الإله عن نقائص الجهل والجحد والغشم التى وقع فيها المتفلسفون. فالله تعالى الكامل المنزه عن جميع النقائص، قادر بمقتضى قدرته أن يعمل ويخلق ويريد لخلقه ما يشاء، ومقتضى عمله وخلقه أنه منزه عن تلك «العزلة السعيدة» التى توهمها أرسطو مخطئًا فى التجريد والتنزيه.
الإله عند أرسطو لا يعقل إلاَّ ذاته، ولا يعقل ما دونها، ولا إرادة له لأن الإرادة فى رأيه طلب والله كمال لا يطلب شيئًا.. ولا شىء فى عقيدة الإسلام عن هذا الطلب الذى توهمه أرسطو وبنى عليه، فإنما أمره سبحانه إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون..
« وَإِذَا قَضَى أَمْرا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ » ( البقرة 117)
« إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ » ( آل عمران 47)
« إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ » (النحل 40)
« سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ » ( مريم 35)
وعند أرسطو أن الإله لا يعقل ما دون ذاته، ويجله عن علم الكليات والجزيئات لأنه يحسبها أى أرسطو من علم العقول البشرية!
ولكن الله فى عقيدة الإسلام عالم الغيب والشهادة..
« وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ » (يونس 61)
« وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ » (يس79)
« وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ » (المؤمنون17)
« وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا َ» (الأعراف89)
« أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ » (الأعراف 54)
« عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ » (فاطر38)
وهو سبحانه وتعالى مريد وفعال لما يريد..
« إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ » (هود107)
وقد قال اليهود الذين عاصروا بدايات الإسلام فى المدينة بعد الهجرة قالوا قولا إدًّا، وكان ذلك بمناسبة خاصة تتعلق بالزكاة والصدقات فى أقوال بعض المفسرين، ولكن العبرة هى بعموم النص لا بخصوص السبب أو المناسبة.
قال القرآن الحكيم ردًّا عليهم: « مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ » ( المائدة 117 ).
ولا يفوت أن «عموم النص» واضح.
وقد أشار القرآن الكريم إلى خلاف بين الأديان المتعددة، فجاء فيه فى سورة الحج:
« إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد » (الحج 17)
وأشار إلى الدهريين فجاء فى سورة الأنعام.. « وَقَالُواْ إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ » ( الأنعام 29 ).
وجاء بسورة الجاثية..
« وَقَالُوا مَا هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلا الدَّهْرُ وَمَا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ » (الجاثية 24).
فكانت فكرة الله فى الإسلام هى الفكرة المتممة لأفكار كثيرة موزعة فى هذه العقائد الدينية وفى المذاهب الفلسفية التى تدور عليها. ولهذا بلغت المثل الأعلى فى صفات الذات الإلهية، وتضمنت تصحيحًا للضمائر وتصحيحًا للعقول فى تقرير ما ينبغى لكمال الله، بقسطاس الإيمان وقسطاس النظر والقياس.
ومجمل ما يقال فيما أبدى الأستاذ العقاد، عن عقيدة الذات الإلهية التى جاء بها الإسلام أن الذات الإلهية غاية ما يتصوره العقل البشرى من الكمال فى أشرف الصفات.
وقد قال أفلاطون قديمًا إن الزمان محاكاة للأبد، وفى ذلك أسباب لأن الزمان مخلوق والأبد غير مخلوق.
فبقاء المخلوقات بقاء فى الزمن..
وبقاء الخالق سبحانه بقاء أبدى سرمدى لا يحده ماضٍ أو حاضر او مستقبل..
فالله تعالى هو « الْحَيِّ الَّذِى لا يَمُوتُ » (الفرقان58)
« وَهُوَ الَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ » (المؤمنون80)
« كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ » (القصص88)
« كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ » (الرحمن26، 27).
* * *
بداهة لم تكن رؤى أرسطو أو أستاذه أفلاطون موجهة ضد الإسلام، فقد عاشا قبل قرون من نزوله، ولكن الأستاذ العقاد يريدنا أن نعرف كيف نسجت الأباطيل لدى السابقين عن عقيدة الإله، لنرى المساحة الهائلة التى قطعها الإسلام لرد هذه العقيدة إلى السواء.
لا شك فيما يقول الأستاذ العقاد أن البيئة التى عاش فيها «الفيلسوفان»، كانت منبتة الصلة عن التنزيه الفلسفى الذى حاولاه، والذى يكاد يكون خيالا جامحًا بالنسبة إلى العقائد الإلهية التى كانت فاشية آنذاك بين الكهان والمتعبدين من أبناء اليونان.
كانت صورة «جوبيتر» رب الأرباب عندهم، أقرب إلى صورة الشيطان منها إلى صورة الأرباب المنزهين. كان حقودًا لدودًا مشغولا بشهوات الطعام والغرام لا يبالى إلاَّ بما يعينه على حفظ سلطانه والتمادى فى طغيانه.
وكنت أحب أن أعرض لك ما أورده الأستاذ العقاد عن غضبات أو شطحات من جعلوه ربًّا للأرباب، لولا أن المقام يضيق هنا عن هذا الاستطراد. وإن لزم أن أبدى أن الأستاذ العقاد عرج من أرباب اليونان، إلى الهند القديمة التى طويت هياكلها ومعابدها على طوائف من الأرباب منها ما يلحق بالحيوان وعناصر الطبيعة، ومنها ما يلحق بالأوثان والأنصاب، وكثير منها يتطلب من سدنته أن يتقربوا إليه بالبغاء المقدس أو ما يسمى بالكاما سوترا فى الأساطير الهندية وسفك الدماء.. وأن هذه الأرباب المتعددة آلف فى الهند القديمة إلى الثالوث المقدس: «براهما» و«فشنو» و«سيفا»، وزادوا على ذلك أن جعلوا لكل إله قرينًا يسمونه «الشاكتى» أو الزوجة أو الصاحبة، وينسبون إليها الشرور التى لا يحبون نسبتها إلى الإله الذى صاغوه!
وليس يخفى أن هذه الأرباب لا تبتعد عن صور الشياطين والعفاريت والأرواح الخبيثة المعهودة فى أقدم الديانات، وحينما أرادوا فى الهند القديمة الارتفاع فى معارج التنزيه والتجريد، بلغوا صورتين مختلفتين، إحداهما صورة «الكارما Karma»، والصورة الأخرى «النرفانا Nirvana»، وكلتا الصورتين من المعانى الذهنية التى لا توصف بها الذات الإلهية.
Email:[email protected]
www.ragai2009.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.