الخطيب ل«الشروق»: تعمدت عدم ظهور مشاهد النضال فى الفيلم للتركيز على فترة اعتقال «كبوجى» هناك حبل سرى يربط بين السجناء الفلسطينيين الستة وبين «المطران» دافع المخرج السورى باسل الخطيب عن فيلمه «المطران»، محاولا رفع تهمة «الملل» عنه، الذى طاردته عقب عرض الفيلم بمسابقه «نور الشريف للفيلم العربى» بمهرجان الإسكندرية السينمائى، وذلك بعد أن شعر كثيرون ممن شاهدوا الفيلم، بخيبة أمل كبيرة، حيث ظنوا فى البداية أنهم بصدد مشاهدة عمل ملحمى، يحكى نضال المطران الثائر «إيلاريون كبوجى» السورى الأصل، تلك الشخصية العربية التاريخية المهمة، التى كانت حلما طالما راود الفنان الراحل فاروق الفيشاوى لتجسيد دوره، خاصة أنه صاحب دور نضالى مشهود فى سبيل استعادة الشعب الفلسطينى حريته، وحقوقه الإنسانية المشروعة، والتى انتهت رحلته، بمحاكمته التاريخية من قبل سلطات الاحتلال، وتعذيبه فى المعتقل وغيرها من تفاصيل. لكن خلا الفيلم تماما من أى مشهد نضالى من المشاهد العديدة فى حياة «المطران»، واكتفى مخرجه باسل الخطيب، بالحكى، حيث ظل «المطران» والذى لعب دوره الفنان رشيد عساف، طوال الفيلم يحكى عن فترة طفولته، وكيف كان شاهدا حيا على نكبة فلسطين، ثم النكسة، وما بعدها من مآسٍ. ويستمر «الحكى» فى فترة اعتقاله، تارة والمطران يخطب فى محاكمته، وتارة أخرى وهو يناجى الله، وهكذا تسير الحياة بالفيلم، الذى تضمن مشاهد معدودة تجمع بين البطل وشخصيات أخرى، لكن المساحة الاكبر تكون ل«المطران»، ومونولوج طويل ومستمر لمؤدى الشخصية رشيد عساف، لقرابة الساعة ونصف الساعة هى زمن الفيلم. وفى تصريحات خاصة ل«الشروق» عقب عرض الفيلم، أكد باسل الخطيب أنه تعمد اخفاء مشاهد النضال، ومبرره فى هذا، التركيز على فترة اعتقال المطران الثائر «إيلاريون كبوجى»، وترك فترة نضاله ضد الاحتلال الإسرائيلى لتقدم فى أفلام أخرى. وقال «الخطيب»: صحيح أننا كفنانين نتعامل أكثر بالصورة والكادرات، لكن فى رأيى أن الكلمة أيضا سلاح فعال، ولديها القدرة على عمل تأثير معين عند الجمهور، وعليه عندما تعمدت الا أظهر مشاهد نضال «كبوجى»، وأن أفرد المساحة له كى نسمعه كيف كان يفكر، وكيف كان يرى الامور من حوله، وكيف كان يتعامل مع الاحتلال، كنت ادرك أهمية ما افعل، ولم تنتابنى أى مشاعر خوف ولو للحظة، بل لم أتصور أن الكلام الكثير بالفيلم قد يصيب المشاهد بأى لحظة ملل، والتجربة العملية اثبتت صحة وجهة نظرى، فمع عرض الفيلم بمهرجان «الإسكندرية السينمائى» شعرت ان الجمهور اندمج مع القصة». وتابع «الخطيب»: حياة المطران غنية للغاية، وبحاجة لعشرة أفلام على الأقل، وفى فيلمنا اخترنا التركيز على حالته فى فترة السجن، والحالة الإنسانية الصعبة التى كان يعيش فيها، وتسليط الضوء على حالته الروحية والدينية، ووجدنا أن التركيز على الدور النضالى والعسكرى له، سوف يذهب بالفيلم لسكة أخرى لم تكن هدفنا. وعن ربط البعض لفترة اعتقال «المطران» وواقعة هروب الأسرى الفلسطينيين الستة، أو ما عرف بواقعة «المعلقة» التى هزت العالم كله، قال باسل الخطيب: هناك خيط سرى، أو حبل سرى يجمع بين المطران «كبوجى»، وهؤلاء السجناء، فالعدو واحد، وكذلك المصير، والمطران الذى بدأ نضاله ضد الاحتلال منذ النكبة وصولا لما فعله السجناء الفلسطينيون، يؤكد استمرارية النضال، وأنا لست من هؤلاء المتشائمين، الذين يرون أنه لا يوجد «فائدة» من وراء هذا النضال، بل كل ما يحدث يؤكد ان هناك أملا، وما فعله السجناء الستة له أثر عظيم جدا، وإن كان لم يكتب لهروبهم بالنهاية أن يتوجوا بالحرية الكاملة، لكنهم أكدوا على أن ما زال هناك أمل. وأشار مخرج «المطران» إلى أنه لم يرَ غير الفنان رشيد عساف فى لعب هذا الدور، مشددا على انه كان اختياره الأول والوحيد. وعن سبب حماسه لتقديم فيلم سينمائى عن «كبوجى» خاصة أنه قدم العام الماضى مسلسل «حارس القدس» الذى حكى فيه سيرة «المطران» فى 30 حلقة، وتم عرضه بالموسم الرمضانى، وكان بطولة رشيد عساف ايضا الذى لعب دوره فى مرحلة الكبر، بينما أدى دوره فى مرحلة الشباب الممثل إيهاب شعبان وفى مرحلة الطفولة الممثل الصغير ربيع جان. صرح باسل الخطيب، بأنه بعد وفاة المطران كبوجى عام 2017، خطط منذ البداية ان يحكى سيرته فى نسختين إحداهما تليفزيونية، واخرى سينمائية، بسيناريوهين منفصلين، وذلك ايمانا واعترافا منه، بدور هذا الرجل الذى حطم كل الحواجز ليقول كلمة الحق، وكى يعرف الأجيال القادمة حقيقته، وكيف أنه نموذج عظيما يحتذى به. وأشار إلى أنه بعد انتهاء مهرجان «الإسكندرية السينمائى» وعقب عودته إلى سوريا، سوف يتم طرح الفيلم تجاريا بدور العرض السينمائى.