سامية سامي تم تفويج 180 حافلة سياحية تقل قرابة 7500 حاج خلال الفترة من 11 إلى 17 يونيو الجاري    مسؤول إسرائيلي: إيران تستخدم صواريخ متطورة نسبة اعتراضها لا تتجاوز 65%    الأهلي يعقّد حظوظه في المونديال بعد السقوط أمام بالميراس بثنائية    السيطرة على حريق شقة سكنية في بولاق الدكرور    رئيس الوزراء الصربي: وجودنا في جامعة القاهرة فرصة لتبادل الرؤى والاطلاع على أحدث الأبحاث العلمية    غرفة القاهرة تستعد لتوسيع نطاق خدماتها المميكنة لمنتسبيها    مياه الأقصر تنظم تدريبا العاملين بمياه الشرب بالطود    بعد موافقة النواب.. تعرف على تعديلات مشروع قانون الإيجار القديم    ليفركوزن يفاوض ليفربول لضم مدافعه    مصر تفوز على البحرين وتتأهل للدور الرئيسي ببطولة العالم للشباب لكرة اليد    البيت الأبيض: ترامب سيقرر ما إذا كان سيهاجم إيران خلال أسبوعين    بالأسماء.. 4 مصابين في حادث انقلاب سيارة بطريق رأس غارب - الزعفرانة    وزير الثقافة ومحافظ القليوبية يتفقدان أعمال تطوير قصر ثقافة بنها    مدبولي يبحث موقف توفير الاحتياجات المالية ل «الشراء الموحد» لتوفير الأدوية والمستلزمات (تفاصيل)    تبادل أسرى بين أوكرانيا وروسيا بموجب اتفاقات إسطنبول    خالد الجندى: الكلب مخلوق له حرمة والخلاف حول نجاسته لا يبرر إيذائه    6 أسباب تجعل التفاح فاكهة فعالة ل إنقاص الوزن    قرارات عاجلة من محافظ أسيوط بشأن حريق مخزن الزيوت المستعملة    قيادات تموين الأقصر يقودون حملات للتفتيش على أسطوانات البوتاجاز.. صور    بنسبة 96,5%، الوادي الجديد تتصدر المحافظات بمبادرة سحب الأدوية منتهية الصلاحية من الأسواق    ضبط المتهمين باختطاف شخص بسبب تجارة العملة    شبكة برازيلية تختار ياسين بونو العربى الوحيد بتشكيل أولى جولات المونديال    مينا مسعود ضيف معكم منى الشاذلي..اليوم    ملك أحمد زاهر تطمئن الجمهور على حالتها الصحية: "بقيت أحسن"    برنامج "مصر جميلة" لقصور الثقافة يختتم فعالياته بمدينة أبوسمبل.. صور    قبل مواجهة بالميراس.. تعرف على انتصارات الأهلي بالمونديال    رئيسا روسيا والصين: لا حل عسكرياً لبرنامج إيران النووي    وراثي أو مكتسب- دليلك لعلاج فقر الدم    نائب رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجلس الوطني للسياحة الصحية    السجن المشدد 15 عاما لعاطل يروج المخدرات في الإسكندرية: 500 طربة حشيش في حقيبتين    لهذا السبب..محافظ الدقهلية يستقبل وفدًا رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي    إسرائيل تقر باستمرار قدرة إيران على إطلاق الصواريخ    محافظ القاهرة: أعلى قيمة لساعة انتظار السيارات 10 جنيهات    الصحة": نستهدف المشاركة في مبادرة الاتحاد الأفريقي لتوفير 60% من احتياجات القارة من اللقاحات البشرية مُصنعة محليًا بحلول عام 2040    الرقابة النووية: نرصد الإشعاع عالميا ومصر على اتصال دائم بالوكالة الذرية    موعد التقديم وسن القبول في رياض الأطفال وأولى ابتدائي بالأزهر 2025    هل هناك مؤشرات إشعاعية علي مصر؟.. رئيس الرقابة النووية يجيب    انطلاق تصوير فيلم "إذما" بطولة أحمد داود وسلمى أبو ضيف (صور)    مسابقة لتعيين أكثر من 4 آلاف معلم مساعد مادة الدراسات الاجتماعية    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    ضبط 7 قضايا مخدرات وتنفيذ 818 حكمًا قضائيًا خلال حملات أمنية بأسوان ودمياط    شيخ الأزهر لوفد طلابي من جامعتي جورج واشنطن والأمريكيَّة بالقاهرة: العلم بلا إطار أخلاقي خطر على الإنسانية.. وما يحدث في غزة فضح الصَّمت العالمي    محافظ أسيوط يفتتح وحدة طب الأسرة بمدينة ناصر بتكلفة 5 ملايين جنيه – صور    محمد الشناوي: نحلم بالفوز أمام بالميراس وتصدي ميسي لحظة فارقة.. والظروف الآن في صالحنا    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    عماد الدين حسين عن استهداف تل أبيب: إيران ترد مباشرة على عدوان واضح    وزير الاستثمار: تأهيل شركة "جسور" كشريك فعال لزيادة الصادرات إلى أفريقيا    الدفاع الجوي الروسي يسقط 81 طائرة أوكرانية مسيرة    سالزبورج النمساوي يفوز على باتشوكا المكسيكي في كأس العالم للأندية    مؤتمر أبيل فيريرا عن استخدام محدود ل باولينيو ضد الأهلي.. وتعلم تطويع الطقس    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    سماوي: مهرجان جرش في موعده وشعلته لن تنطفئ    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تستطيع الولايات المتحدة مواجهة تحديات الكوكبة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 06 - 01 - 2010

قد يبدو التساؤل المطروح غريبا فى عالم استقر فيه الاعتقاد أن السيد المسود فى عصر العولمة الذى نعيشه هو الولايات المتحدة، وأن الأمركة والعولمة صنوان لا يفترقان.
قد يكون من الصحيح أن الولايات المتحدة قد مارست من التصرفات ما يجعل العولمة تتبع مسارات من اختيارها، واتخذت كل ما بيدها من قوى وإمكانات لتسد الطريق أمام مسارات بديلة تتصاعد بها صيحات تعلو حينا لتخفت بعد ذلك مستسلمة لما يبدو ألا مفر منه.
إلا أن هذا لا يعنى أن العولمة قد تبلورت معالمها بصورة قابلة للاستمرار فى المستقبل المنظور بالمواصفات التى تبدت لنا منها حتى الآن.. ولا يعنى أن الاختيار الأمريكى سيظل فرضا تمليه القدرات التى استولت عليها الولايات المتحدة، وأن غياب قوة أو قوى موازية لها فى القدرة سيطلق لها الحبل على الغارب، لتحقق مكاسب على طول الخط. بل إنه لا يعنى أن الخيارات الأمريكية، رغم أنها بنيت على دراسات متعددة الجوانب ومتعمقة الجذور، سوف تؤمّن للولايات المتحدة مكاسب على طول الخط.
بل إننى أزعم أن الوضع الحالى الذى وجدت فيه الولايات المتحدة نفسها فيه على قمة نظام عالمى مستجد، هو محصلة عوامل أسهمت بنفسها فى صنع بعضها، وعمدت إلى تطويع البعض الآخر لصالحها، ولو على حساب الخروج عن المسار الذى كانت تمليه عليه ظروفها، وهو ما أدى إلى فجوات بدأت تتسع لتخرج شيئا فشيئا عن سيطرتها.
ومرجع ذلك إلى أن الكوكبة التى تمخضت عن العولمة بالصورة التى تتبدى لنا، هى ظاهرة موضوعية ستظل بعض الوقت فى طور التكوين.
وإذا صح ما ذهبنا إليه فى المقال السابق من انتهاء مقولة نهاية التاريخ التى تذرعت بها الولايات المتحدة لتملى اختياراتها على العالم، فإن المرحلة المقبلة ستشهد بدايات تاريخ جديد يصنع مستقبلا مازالت معالمه طوع إرادات البشر جميعا.
وبحكم أن الكوكبة تشمل كوكب الأرض بأكمله فإنها بالضرورة تتجاوز الحدود الوطنية لأى قطر أو تجمع إقليمى أيا كانت حدوده.
وإذا كان هذا قد عزز أسباب الوجود الأمريكى خارج حدود نصف الكرة الغربى، فإنه فى نفس الوقت قد أضعف الخاصية التى بنت عليها الولايات المتحدة دولتها الاتحادية التى قامت على استئصال شعوب نظمت حياتها فى عزلة عن باقى العالم، لتحل محلها تدفقات بشرية ضعفت صلاتها بأوطانها الأم، وجذبتها وفرة الموارد الطبيعية التى تزخر بها القارة الأمريكية، بدءا بمكتشفيها الذين التمسوا العتق من أحكام تلقوها جراء جرائم اقترفوها،
أو ضاقت أمامهم أبواب الرزق فى مواطنهم، واتفقوا على أن ينصرف كل منهم لنشاط يدر عليه دخلا تعذرت فرص الحصول على مثله فى مكان آخر. ورغم أن الشعار المرفوع كان: «عيش ودع غيرك يعيش» فإن النزعة العنصرية دفعت إلى تبنى نظرة انعزالية ابتعدوا من خلالها عن مشكلات العالم، خاصة «القارة العجوز» التى تعود إليها أصول الكثيرين منهم، وما دار على أراضيها من حروب طاحنة، كان أبشعها الحربين العالميتين اللتين شهدهما النصف الأول للقرن العشرين. واكتفوا فى توسيع منشآتهم الاقتصادية بأسواق أمريكا اللاتينية التى عجزت عن التخلص مما فرضوه عليها من آليات التبعية، لتكون ساحة خلفية لممارسة قواعد شركاتها الدولية النشاط.
غير أن التردد بشأن سياسة العزلة خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، زال بفضل التطور فى تقنيات الاتصال الذى غذته مشاركتها فى الحرب العالمية الثانية، وبفعل التخوف من امتداد المعسكر الاشتراكى خارج نطاق الستار الحديدى الذى كان مفروضا على الاتحاد السوفييتى.
وعمدت إلى نشر فروع شركاتها دولية النشاط فى مختلف بقاع العالم، لتصبح عابرة للقوميات، وما يتبع ذلك من الهيمنة على تحرك الأموال عبر الحدود القطرية، فى ظل تحرير تام للتجارة مقترنا بحماية مشددة للملكية الفكرية، تلاها مطالبة بتحرير حركة رءوس الأموال متسترة بدعاوى منافع الاستثمار الأجنبى المباشر، ثم بتحرير تجارة الخدمات ليستمد مواطنوها منها دخولا إضافية بمنافسة غير متكافئة مع أبناء الدول الأخرى، دون أن يتجشموا عبء الانتقال.
وسخرت فى ذلك المؤسسات الاقتصادية الدولية، بعد ضم منظمة التجارة العالمية إليها، لإحداث ما يطلق عليه إصلاحات اقتصادية، بدعوى تصويب مسار التنمية فى العالم الثالث، وتحويل ما انفرط من العالم الثانى من الاشتراكية إلى الرأسمالية.
وبعد أن كان الشعار فى السياسة الخارجية هو «نشر الليبرالية والمسيحية» أضيف بعد ثالث هو «نشر الديموقراطية». وجرى الربط بين المناداة بإعلاء شأن الفرد فى كل من المجال الاقتصادى تحت ستار الليبرالية، والمجال السياسى بدعوى الديمقراطية باعتبارها كفيلة بحماية حقوق الإنسان. والواقع أن المقصود كان هو إضعاف قدرات الحكومات الأخرى فى الإشراف على شؤونها الاقتصادية، واستغلال حافز الربح الشخصى فى تمكين منشآت الاقتصاد الأمريكى من بسط نفوذها خارج حدوده.
غير أن هذا اقتضى تحمل أعباء أجهزة تتولى حماية المصالح الأمريكية الخارجية. ففى الاستعمار المباشر كان الوجود العسكرى والتسلط السياسى يسبقان الاستغلال الاقتصادى، الذى يغطى تكاليفهما إضافة لما يمد به الاقتصاد الإمبريالى من موارد وأسواق. أما فى هذا الاستعمار الجديد فإن البداية تكون من خلال علاقات اقتصادية تتجاوز الحدود المألوفة، الأمر الذى يتطلب تدخلا سافرا، سياسيا وعسكريا ومخابراتيا، يتطلب نفقات باهظة تتحملها ميزانية الدولة المستعمِرة، فضلا عن تشويهها للعلاقات السياسية،
وهما الأمران اللذان اتضح للولايات المتحدة عدم إمكانية الاستمرار فيها للبقاء على قمة العولمة. وقد لجأت الولايات المتحدة إلى أمرين لمواجهة هذه الأعباء خلال العقد الأخير: التلاعب فى القطاع المصرفى لتوليد موارد إضافية ولكنها وهمية، وهو ما انتهى بكارثة أحاقت بالعالم كله، والاعتماد على عجز متزايد للميزانية، مولته من خلال سندات حكومية تشتريها الدول ذات الفائض وفى مقدمتها الصين لأغراض الاحتياطيات الأجنبية، وصناديق الاستثمار وبخاصة صناديق التحوط، وهو ما دعا لبذل جهود جبارة لضمان استمرار الدولار عملة الاحتياط الرئيسية، تماشت معها الدول الأخرى تفاديا لخسائر فادحة.
ولا ندرى ماذا ستفعل الولايات المتحدة فى ديونها التى تضاعفت إلى أكثر من مثليها منذ 2001 بفعل حربى العراق وأفغانستان وتخفيضات الضرائب والركود الذى أدى لتراجع إيرادات الضرائب وارتفاع الإنفاق على شبكة الضمان الاجتماعى، لتنضم إلى الدول الأفريقية التى بح صوتها فى المطالبة بمعالجة ديونها.
لقد انقلب السحر على الساحر: فالآليات التى ابتدعتها الولايات المتحدة لتسيير العولمة على هواها، أصبحت متاحة لغيرها. ومطالبتها بنظم ديمقراطية لتحسين الحوكمة القطرية يقابلها ديمقراطية ما زالت مفتقدة على المستوى العالمى تحقيقا لحوكمة كوكبية، والبداية لجنة العشرين، وما يمكن أن تدخله من ضوابط لتقويم أسواق المال.
ولم يعد فى الإمكان احتكار الخدمات بعد أن أسهم تطور الاتصالات فى انتشار المعرفة واستيعاب أقل الدول النمو لقدر منها يضعها من خلال خدمات التعهيد على الخريطة العالمية، ويكفى النظر لما فعلته الهند فى هذا المجال. وضاعت هباء موارد الولايات المتحدة التى خصصت لمكافحة الجرائم العالمية المنظمة: الإرهاب والمخدرات وغسيل الأموال.
بل إن اليابان التى ظلت تعتبر معجزة آسيوية لعدة عقود، بدأت تراجع دفاترها، بعد أن قطعت الصين شوطا بعيدا فى التقدم وضمت إليها مجموعة الآسيان فى منطقة حرة (كبرى بالفعل وليس بالاسم كنظيرتها العربية) لتصبح أكبر تجمع إقليمى فى العالم. يبقى السؤال الذى يواجه المجتمع العالمى: ما هو مصير المنظمات الدولية: الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة والاقتصادية عندما يتم انتشالها من قبضة الولايات المتحدة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.