انتشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي العديد من نظريات المؤامرة، أو الشائعات، وعادة ما يشاركها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، على الفور دون التحقق منها، والأغرب أنهم يشاركونها حتى وإن كانوا يعلمون أنها معلومات خاطئة، خاصة عندما يكون الأمر متعلقًا بالمشاهير، فلماذا يفعلون ذلك؟. بدأ نشر نظريات المؤامرة مؤخرا في التأثير على حياة الأشخاص على أرض الواقع، فقد اختار ملايين الأمريكيين عدم تصديق التغير المناخي باعتباره مؤامرة دولية، كما اختار الملايين أيضا عدم الحصول على لقاح فيروس كورونا، ظنا منهم أن الحكومة تحقنهم برقائق دقيقة، لتقوم بمراقبتهم دون أن يشعروا. يقول الطبيب إيجوين دلمانت لموقع سايكولوجي توداي، إن الأبحاث الحديثة وجدت أن أكثر من يميلون لتصديق نظريات المؤامرة، هم الأشخاص الذين ليس لديهم القدرة على السيطرة على الأحداث، وأيضا الذين يكرهون عدم اليقين والغموض. ويؤكد إيجوي: "بالرغم من أننا نظن أن الأشخاص يشاركون المحتوى الذين يعتقدون أنه صحيحا من وجهة نظرهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن بحثه الجديد وجد أن 40% من المشاركين أقروا بأنهم سيشاركون في نشر نظرية المؤامرة حتى وإن كانوا يعلمون أنها غير صحيحة". ووجد البحث أن الأشخاص يفعلون ذلك لأنهم يبحثون عن الحصول على المكافأة الاجتماعية، فهم يريدون تعزيز مشاركتهم الاجتماعية على مواقع التواصل الاجتماعي، والحصول على العديد من الإعجابات على منشورهم، حتى وإن كان ما يوجد به غير صحيح. وينشر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، معلومات غير موثوقة أيضا، لأنهم عاطفيون ويبحثون عن إثارة مشاعر الناس، فعلى سبيل المثال، إذا وجد أن هناك خبر يقول أن الأميرة ديانا توفاها الله في حادث سيارة مأساوي، وخبر آخر يقول أن العائلة المالكة تآمرت لتدبير الحادث الذي قتل الأميرة ديانا، فسيقوم الناس بمشاركة الخبر الثاني، لأنه الأكثر إثارة، بغض النظر عن أنهم متأكدين من صحته أم لا، فهو الخبر الأكثر جاذبية بالنسبة للجمهور. فيما أجرى الطبيب إيجوين ومجموعة من زملاؤه بإجراء تجربة عملية، حيث دفعوا مبلغ مالي للمشاركين بالتجربة كمكافأة مقابل مشاركة المعلومات التي من شأنها أن تولد المزيد من الإعجابات، وفي موقف آخر دفعوا مكافأة للمشاركين لنشر المحتوى الذي من شأنه أن يولد المزيد من التعليقات، بينما دفعوا في تجربة ثالثة للمشاركين مكافأة لمشاركة معلومات دقيقة صحيحة. ووجدت التجربة أنه عندما وصل الأمر للحصول على الإعجابات والتعليقات، فقد شارك ما يقرب من 50% من المشاركين منشورات حول سبب كون الهبوط على سطح القمر مزيفًا، أو معلومات عن سقوط مركبة فضائية على سطح الأرض، أو كيف أن فيروس كورونا هو سلاح بيولوجي مصمم. عندما قامت التجربة بمكافأة الأشخاص ماليا لمشاركتهم لمعلومات دقيقة، شارك جميعهم تقريبًا منشورات حول هجوم الكابيتول الأمريكي عام 2021م، ومعلومات دقيقة عن الاحتباس الحراري، بجانب معلومات عن انتشار العنف بسبب العنصرية، مما يثبت أن الناس يمكنها فصل الحقيقة عن الخيال، والمعلومات المزيفة عن الدقيقة، ولكنهم يسعون للحصول على التعليقات والإعجابات حتى إذا كان محتواهم مزيفا وهم يعلمون ذلك. وخلصت نتائج التجربة إلى أن دوافع الأشخاص وراء مشاركة المعلومات المزيفة ونظريات المؤامرة هي دوافع اجتماعية، بحثًا منهم عن الاهتمام والانخراط في المشاركة المجتمعية. وأكدت الدراسة، أن هناك خطورة مجتمعية في مشاركة هذه المعلومات المضللة، لأنها أحيانا تغير معتقدات الناس حول القضايا المجتمعية الكبرى إلى الأسوأ. كما أوصت الدراسة صانعي السياسة بالحد من انتشار المعلومات المضللة، عن طريق إغلاق الحسابات التي تشارك وتعجب بالمعلومات المضللة، وتشجيع المؤسسات الرسمية على دعم الأخبار الحقيقية وإعادة نشرها. https://www.psychologytoday.com/intl/blog/norms-and-behavior-change/202109/why-people-share-conspiracy-theories-even-when-they-know-they