صدام أوروبي.. بايرن ميونخ يعبر فلامنجو ويتأهل لربع نهائي مونديال الأندية (صور)    بالقاهرة والمحافظات| مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 30 يونيو 2025    عماد الدين حسين: أداء الحكومة في التعامل مع حادث الطريق الإقليمي يأخذ 4.5 من 10    صرف معاشات شهر يوليو بالزيادة الجديدة.. غداً    قطار الغلاء لا يتوقف منذ انقلاب السيسي.. والبرلمان يُصادق على موجة جديدة من الضرائب    محافظ كفر الشيخ يفتتح ميدان وحديقة المحطة بعد تطويرهما    صيفك أحلى بالترشيد.. مرفق الكهرباء يطلق حملة لتوفير استهلاك الطاقة بالمنازل    برلماني: قانون تقنين أراضي وضع اليد سيعود على الدولة ب المليارات (فيديو)    عضو بالكونجرس الأمريكى: دعم واشنطن "مؤسسة غزة الإنسانية" تمويل للإبادة    «الرقابة النووية» تطلق العدد السابع من مجلتها التوعوية بعنوان «الأمن المستدام»    «سيبوا عبدالمجيد يصدي».. رضا عبدالعال يُحذر الزمالك من التفريط في نجمه المغربي    رسوب 10 حكام و8 مساعدين فى الاختبار البدنى لمعسكر تأهيل حكام الVAR    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة المواقع تحت الإنشاء بالتجمع الأول    هل اقترب عرض «الشايب»؟ آسر ياسين يكشف آخر التفاصيل (فيديو)    رامى إمام يحتفل بعقد قران ابنه حفيد الزعيم عادل إمام    معبد مفقود يكشف أسرار حضارة «تيواناكو» الغامضة    عضو التصديرى للحاصلات: التركيز على تطوير العملية الزراعية تكنولوجيًا وكميا    جوارديولا: لاعبو مانشستر سيتي يشعرون بالملل.. وهذا ردي على كلوب    خبير إيراني: تل أبيب وواشنطن ستستأنفان عملياتهما ضد طهران الأسبوع المقبل على أقصى تقدير    اتحاد الكرة: ننتظر موقف الشركة الراعية من مكان السوبر ولا نمانع إقامته في مصر    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    اعتداء على كنيسة البشارة الأرثوذكسية في الناصرة بفلسطين.. التفاصيل    محمد علي رزق يكشف أسرار دوره المختلف في فيلم "في عز الضهر"    آسر ياسين ل إسعاد يونس: «استحالة كنت أفكر أبقى ممثل» (فيديو)    وزير الشباب والرياضة يهنئ أبطال مصر بعد تصدرهم جدول بطولة إفريقيا للسلاح بنيجيريا ب21 ميدالية    قد ينتهي بفقدان السمع.. العلامات المبكرة لالتهاب الأذن الوسطى    وزيري: لدينا 124 هرما.. وهذه أهداف مشروع «تكسية منكاورع» | فيديو    محافظ القاهرة: ثورة 30 يونيو كانت نقطة انطلاق نحو بناء دولة قوية    مرصد الأزهر يحذر الطلاب من الاستسلام للأفكار السلبية خلال الامتحانات: حياتكم غالية    عضو مجلس إدارة الزمالك يُجبر شيكابالا على الاعتزال.. عبدالعال يفجر مفاجأة    قناة الأهلي تكشف حقيقة العروض الأوروبية لزيزو    عاجل- إعلام عبري: سلاح الجو يشن غارات كثيفة وواسعة في قطاع غزة    ظهرت الآن.. نتيجة الشهادة الاعدادية 2025 بقنا برقم الجلوس    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره طريق الإسكندرية الصحراوى    الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم على القاهرة والمحافظات    اللحظات الأخيرة لفتيات العنب قبل حادث الإقليمي المروع بالمنوفية (فيديو)    مصرع سائق ونجله فى حادث سير ب"صحراوى البحيرة"    مصرع شخص وإصابة آخر جراء تصادم سيارة بدراجة بالإسماعيلية    القبض على السائق المتسبب في مصرع شخص سقط عليه ونش أثناء تواجده داخل سيارته على الأوتوستراد    الاحتلال ينسف مربعات سكنية شرقى خان يونس ويقصف مدرسة تؤوى نازحين بالزيتون    إعلام عبري: نتنياهو لن ينهي الحرب في غزة بسهولة    إيران تدين تصريحات ترامب ضد خامنئي    البحرين تدين الهجوم الإرهابي على قافلة عسكرية شمال غربي باكستان    ماكرون يؤكد لنظيره الإيرانى على أهمية استئناف المفاوضات لحل قضايا الأنشطة الباليستية والنووية    في ذكرى إصدارها الأول.. "البوابة " 11 عامًا من المواجهة وكشف الحقيقة    أسعار الذهب اليوم في المملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 30 يونيو 2025    حان وقت اتخاذ خطوة مهمة.. حظ برج الدلو اليوم 30 يونيو    محافظ الغربية: لا تهاون في فرض الانضباط أو الحفاظ على حق الدولة    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف أصلي الصلوات الفائتة في نهاية اليوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ما حكم الاغتسال بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها؟ أمينة الفتوى تجيب    النائب عبدالمنعم إمام ينتقد كثرة مشروعات القوانين المحالة من الحكومة في توقيت ضيق: كأنها كانت نائمة    مستشفى الضبعة المركزي يفتح أبوابه للمتبرعين بالدم    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى العلمين ويشيد بانتظام الفرق الطبية وجودة الخدمات    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    الرئيس السيسي يشهد أداء اليمين القانونية لرؤساء الهيئات القضائية الجدد    حياة وأمل جديد لثلاثة أطفال .. مستشفى النصر ببورسعيد تُنقذ ثلاثة اطفال رُضع من أمراض قلبية نادرة    صحتك بالدنيا.. الصراصير مسئولة عن إصابتك بالربو.. واعرف متى تكون الإصابة ب"الهبوط" أثناء الحر مؤشرا خطيرا.. ودراسة تربط بين فحص السكر والتنبؤ بمضاعفات الزهايمر.. ونظام جديد يتفوق على الصيام المتقطع لو عايز تخس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحوُّر فى القضية الفلسطينية
نشر في الشروق الجديد يوم 29 - 05 - 2021

التحوُّر هو تغيُّر فى بنية جين من الجينات يتوَّلد عنه شكل جديد لهذا الجين تتوارثه الأجيال فيما بعد. السبب فى هذا التغيُّر تبدل فى وحدة من وحدات الحامض النووى. أما الجين فهو الوحدة المادية والوظيفية الأساسية الناقلة للصفات الوراثية. هذه استعارة من علم الأحياء، والاستعارة منه ليست غريبة. كل نظرية المنظومات فى العلوم الاجتماعية، التى تتكرر مفرداتها على ألسنة الناس فى كل مكان وعلى صفحات جرائدهم، مأخوذة عن علم الأحياء.
محاولات المستوطنين الصهاينة طرد السكان الفلسطينيين من ديارهم فى حى الشيخ جراح فى القدس الشرقية منذ الأسبوع الأول من شهر مايو الجارى، ومن بعدها اقتحام القوات الإسرائيلية لساحة المسجد الأقصى واعتداؤها على المصلين فيه، ثم قذف إسرائيل الوحشى لغزة وتدميرها اليائس للمنازل والأبراج على رءوس سكانها من الأطفال والنساء والرجال، واحتجاجات سكان إسرائيل من الفلسطينيين وتضامنهم مع طوائف شعبهم فى القدس وغزة، كشفت كلها عن تحوُّر عظيم الأهمية حدث للقضية الفلسطينية. التحوُّر نرى بينات عليه فى المواقف الدولية المتخذة من العنف المرتكب فى حق الشعب الفلسطينى وفى إعادة طرح المظالم التى تعرض لها منذ النكبة وتشريده فى سنة 1948. البينات عديدة سنستعرض بعضا منها أدناه ولكن التحوُّر نفسه يتسم بأهمية قصوى نتناوله أولا.
***
القضية الفلسطينية نشأت قضية وطنية وهى وبشكل طبيعى صارت عربية، واعتبر العرب أن المواجهة مع الصهيونية هى صراع عربى إسرائيلى. بعد عقود، العجز العربى والهيمنة الأمريكية أديا إلى تغير فى المفاهيم والمصطلحات، فصار النزاع «إسرائيلى فلسطينى». دعك من أن فريقا من الفلسطينيين ومن العرب معهم أراد أن يجعل من القضية الفلسطينية صراعا دينيا وقطع شوطا فيما أراده على الرغم من أنه بذلك كان يلعب على أرض الصهاينة الذين قدموا أسانيد دينية لدعاواهم السياسية. دعك من ذلك لأنه لم ينجح فالصراع ظل وطنيا لأنه كذلك فعلا. القضية الفلسطينية نشأت لأنه مع انهيار الإمبراطوريتين النمساوية المجرية والعثمانية نتيجةً للحرب العالمية الأولى، نشأت عن أشلائهما دول وطنية مثل تشيكوسلوفاكيا وبولندا والنمسا والمجر فى أوروبا، ومثل العراق وسوريا ولبنان وفلسطين فى المشرق العربى. صحيح أن هذه الأربعة الأخيرة وضعت تحت الانتداب البريطانى والفرنسى ولكن الثلاثة الأولى تخلصوا من الانتداب وحصلوا على الاستقلال، بينما حلت النكبة على فلسطين فهى خرجت من الانتداب ليتحول الجزء الأكبر من إقليمها إلى إسرائيل ويرحَّل أغلب مواطنيها قسريا منها ليلجأوا إلى سوريا ولبنان المتحررتين من الانتداب وليلجأوا كذلك أو يصبحوا مواطنين فى ذلك الجزء من أرض الانتداب على فلسطين الذى لم تعد بريطانيا الحركة الصهيونية به وصار الأردن. العراق وسوريا ولبنان والأردن مثلما هى حالات النمسا الجديدة والمجر وتشيكوسلوفاكيا وبولندا تعبيرات عن حركة الهندسة القومية التى قامت عليها القوى الاستعمارية ورأت فيها امتدادا طبيعيا للحركة القومية فى أوروبا القرن التاسع عشر. ليست هذه المناسبة للتساؤل عن قوة أساسات هذه الدول الوطنية أو ضعفها. المهم فى مجالنا هذا التنويه بأن الدولة الوطنية لم تنشأ فى فلسطين لأن حركة منافسة دخيلة خلطت الدين بالقومية انتزعت إقليمها منها. مقاومة الشعب الفلسطينى فى حى الشيخ جراح وفى ساحة المسجد الأقصى وفى غزة وفى داخل إسرائيل نفسها هى تعبير عن تمسكه الممتد بأن يكون جزءا من الحركة القومية فيستطيع ممارسة حقه فى تقرير المصير وهو من حقوق الإنسان لا يمكنه بدونه ممارسة حقوقه الأخرى. من هنا ظهر التلازم بين الحق فى تقرير المصير وغيره من حقوق الإنسان. هذا التلازم هو الذى أدى عبر سنوات وعقود إلى التحوُّر فى القضية الفلسطينية، فالقضية لم تصبح قضية وطنية فقط بل قضية إنسانية تعنى كل الحريصين على حقوق الإنسان فى الحياة وفى المساواة وفى التنقل وفى محاكمات منصفة وفى الحرية وفى الأمان وفى الكرامة وفى العمل وفى مستوى معيشى كافٍ وفى الصحة الجسمية والعقلية وفى التعليم وفى غيرها من الحقوق. هؤلاء ليسوا قليلين. إن كان فى العالم بشر أنانيون وعدوانيون فإن فيه أيضا منصفين محبين للعدالة بين البشر. فى هذه الحالة البشر هم الفلسطينيون كما كانوا فى حالة سابقة أهل جنوب أفريقيا، وما زال المواطنون السود فى الولايات المتحدة، وشتى المهاجرين فى الولايات المتحدة أيضا وفى أوروبا وغيرهما.
***
أنظر فى البينات على تحوٌّر القضية إلى قضية إنسانية. البينات من إسرائيل نفسها أولا ثم من أوروبا الغربية ومن الولايات المتحدة وهما السند الأول لإسرائيل عند نشأتها ثم فى توسعها وغطرستها. الساحة السياسية الإسرائيلية تحركت وبشكل متزايد نحو اليمين وهى أصبحت رهينة لدى حركات المستوطنين وأقصى اليمين، والدولة فى إسرائيل مصممة، من غير جدوى، على سحق إرادة الفلسطينيين فى المقاومة. ومع ذلك، فثمة فاعلون أكاديميون واجتماعيون فى إسرائيل ينددون بالترحيل القسرى المنظم للشعب الفلسطينى وبالتطهير العرقى الذى كان ضحيته عند نشأة إسرائيل. فعل ذلك المؤرخون الجدد فى إسرائيل ومن بينهم إيلان بابيه الذى كشف فى سنة 2006 عن الخطة «دال» وهى خطة محكمة صممتها الحركة الصهيونية للترحيل القسرى للفلسطينيين عند نشأة دولتها. ومنظمة غير حكومية إسرائيلية هى منظمة «ذكروت» تنشر بين الإسرائيليين أنفسهم الوعى بالنكبة وبالترحيل القسرى للفلسطينيين. منظمة غير حكومية أخرى هى «بتسليم» تندد صراحة بالفصل العنصرى الذى تمارسه إسرائيل فى حق الفلسطينيين.
فى الولايات المتحدة وفى أوروبا الغربية البينات على التحوُّر مدهشة. اثنا عشر عضوا فى الكونجرس يأخذون الكلمة فى خلال أحداث شهر مايو لينددوا بسياسات إسرائيل. رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس الشيوخ وهو النصير لإسرائيل يقول إنه يشعر باضطراب شديد إزاء تعامل بنيامين نتنياهو العسكرى مع غزة. زعيم الأغلبية الديمقراطية فى مجلس الشيوخ الذى استندت حياته السياسية كلها فى ولاية نيويورك إلى تأييده المطلق لإسرائيل يصمت تماما. عضو يهودى فى مجلس الشيوخ عن ولاية جورجيا يطالب بوقف إطلاق النار. الرئيس بايدن، وهو المعروف عنه أيضا مناصرته لإسرائيل، ومن بعده وزير خارجيته يتحدثان عن الحق المتساوى للإسرائيليين والفلسطينيين فى أن يعيشوا فى أمن وأمان وفى أن يتمتعوا وبشكل متساوٍ بالحرية والرخاء والديمقراطية. محكمة فيدرالية فى ولاية جورجيا تقضى بعدم دستورية قانون للولاية يلزم كل من يتلقى مالا عاما بأن يقسم بأنه لن يقاطع إسرائيل وكذلك بعدم دستورية مطالبته بأن يوقع على شهادة بأنه ليس منخرطا فى حركة لمقاطعة إسرائيل. الدعوة أقامتها أمام المحكمة صحفية أمريكية بيضاء شديدة الانتقاد لإسرائيل دعيت لإلقاء محاضرة فى إحدى جامعات جورجيا ثم سحبت دعوتها لما رفضت الإذعان لما يطلبه القانون المقضى بعدم دستوريته. انضمت إلى الصحفية فى الدعوة التى أقامتها منظمات حقوقية منها منظمات يهودية. محاكم فى أريزونا وكانساس وتكساس وأركنسو كانت قد قضت هى الأخرى بعدم دستورية قوانين شبيهة الغرض منها مكافحة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل التى توسعت فى الدوائر الثقافية الأمريكية. منظمة «مراقبة حقوق الإنسان» (هيومان رايتس ووتش) تصف النظام فى الأراضى المحتلة بأنه نظام للفصل العنصرى. مظاهرات مناصرة للفلسطينيين تسير فى شوارع واشنطن ونيويورك وبوستون وديترويت وسان فرنسيسكو. أساتذة فى أفضل الجامعات مثل هارفارد وبرينستون وبيركلى يصدرون بيانات للتنديد بسياسات إسرائيل وبالفصل العنصرى الذى تفرضه على الشعب الفلسطينى مطالبين بتفعيل حقوقه. كبار السن من أتباع الكنيسة الإنجيلية متعصبون لإسرائيل ولكن لا يتعدى من يؤيدونها بين شباب الكنيسة ثلثهم فقط. أغلبية ناخبى الحزب الديمقراطى صاروا يعارضون سياسات إسرائيل ويحبذون ربط المعونة التى تمنح لها بمعاملتها للفلسطينيين. هذا شجع المنظمات اليهودية التقدمية ومنظمات الأمريكيين العرب على الاتصال بممثليهم فى الكونجرس فشجع ذلك بدوره هؤلاء على الحديث فى الكونجرس كما ذكر أعلاه. صحيفتا القمة، النيويورك تايمز والواشنطن بوست، تنشران مقالات ومقالات تندد بالممارسات الإسرائيلية وتطالب بمحاسبة إسرائيل، منها مقال فى النيويورك تايمز لعضو مجلس الشيوخ برنى ساندرز يعلن فيه «إن حياة الفلسطينيين مهمة» على غرار حملة «إن حياة السود مهمة» ويطالب بمحاسبة إسرائيل على المعونة التى تتلقاها من الولايات المتحدة، وهو ما يضاهيه كاتب فى الواشنطن بوست، وكلاهما يهودى الديانة. صحيفة نيويورك تايمز تخصص مساحة معتبرة من صفحتها الأولى مرتين لمعاناة الشعب الفلسطينى وتنشر فى صدر الصفحة يوم 28 مايو وتحت عنوان «إنهم كانوا مجرد أطفال» 64 صورة لأطفال فلسطينيين استشهدوا تحت وقع النيران الإسرائيلية. والنيويورك تايمز تنشر فى صفحتها الأولى أيضا وتحت عنوان «خطة يهودية لعودة اللاجئين الفلسطينيين» مقالا لكاتب أمريكى يهودى يعرض فيه خطة كاملة لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرض فلسطين معتبرا أن هذه العودة ممكنة وأن المكان الكافى موجود فى إسرائيل الحالية بل إنه يذهب إلى تفصيل إجراءات العودة وتأهيل العائدين ومساعدتهم على الاستقرار. الكاتب، بيتر بينارت، يعيد نشر المقال فى جريدة الجارديان البريطانية وهو ينشر صيغة منه أيضا فى مجلة «جويش كارنتس» اليهودية التقدمية. كاتب فى الواشنطن بوست يشيد بأخذ الرئيس بايدن بآراء يسار الحزب الديمقراطى بشأن الاقتصاد والتوسع المالى تحديدا وكذلك بخصوص القضية العنصرية فى الولايات المتحدة ويدعوه إلى أن يأخذ برأى اليسار بشأن السياسة الخارجية أيضا لأن أحداث الأسابيع الأخيرة كشفت على أن ما قاله اليسار صحيح فسياسة مجاراة الحكومة الإسرائيلية فى كل ما تريد فشلت أخلاقيا وكذلك استراتيجيا لأنها لم تؤد إلى السلام.
فى أوروبا الغربية حظرت حكومتا ألمانيا وفرنسا التظاهر تأييدا للشعب الفلسطينى فى برلين وباريس ومع ذلك سار المتظاهرون فى المدينتين وفى مارسيليا وفى لايبزيج وفرانكفورت وهامبورج وبون. وتظاهر الناس فى مدريد وفى لندن حيث وصل عددهم إلى المائة ألف. وفى جمهورية أيرلندا أصدر البرلمان بإجماع أعضائه قرارا اعتبر المستوطنات الإسرائيلية فى الضفة الغربية والقدس بمثابة ضم للأراضى والضم مستهجن فى القانون الدولى وبسببه فرض الاتحاد الأوروبى عقوبات على روسيا عندما ضمت شبه جزيرة القرم. وفى فرنسا نفسها ذات السياسة الملتبسة حذر وزير الخارجية من انزلاق إسرائيل إلى نظام للفصل العنصرى.
***
مجمل القول أن النضال من أجل القضية الفلسطينية لم يصبح مقتصرا على فلسطين وحدها، بمساندة من الدول العربية أو من دونها، وإنما هو الآن فى إسرائيل ذاتها، واهن وإن كان قابلا للنمو، والمهم جدا أنه تنامى ويستمر فى التنامى فى أوروبا الغربية، وكذلك وخاصةً فى قلب الولايات المتحدة، السند الأول لإسرائيل ونافخة الروح فيها منذ نشأتها. هذا هو التحوُّر فى القضية الفلسطينية.
أى عملية لتسوية القضية الفلسطينية لن يقف منها الشعب فى فلسطين وحده بعد الآن. فاعلون سياسيون واجتماعيون سينخرطون فيها لمساندة الشعب الفلسطينى يرفدونه بقوتهم فى مجتمع كل منهم. سيحدث تقدم وتراجع. بعبارة أخرى لن يكون التقدم خطيا ولكن محصلته ستكون اتجاها إلى أعلى.
إسرائيل ضيعت على نفسها فرصة الوصول إلى تسوية يقبلها الشعب الفلسطينى عندما كانت فى ذروة قوتها بالنسبة إليه.
التحوُّر فى القضية فى صالح الشعب الفلسطينى.
أستاذ السياسات العامة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.