فى الذكرى ال39 للتحرير.. مشروعات تنموية وخدمية وبنية تحتية لتحسين الظروف المعيشية للمواطن السيناوى مفاوضات موسعة انتهت بانتصارات كاسحة للسياسة والعسكرية المصرية.. يوم أن استردت البلاد كامل أراضيها تعيش مصر يوم ال25 من إبريل من كل عام عيدًا يملأ أرض الكنانة بهجة، فاليوم تمر الذكرى ال39 لتحرير سيناء، تلك الأرض الغالية التى رواها رجال القوات المسلحة بدمائهم حتى عادت مرة أخرى إلى أحضان الوطن، فهى البوابة الشرقية وحصن الدفاع الأول عن أمن مصر وترابها الوطنى، وسطرت تاريخا عريقا لبطولات المصريين وتضحياتهم الكبرى لحمايتها. وتحظى شبه جزيرة سيناء بمكانة متميزة فى قلب كل مصرى، مكانة صاغتها الجغرافيا وسجلها التاريخ وسطرتها سواعد ودماء المصريين على مر العصور، فسيناء هى الموقع الاستراتيجى المهم والمفتاح لموقع مصر العبقرى فى قلب العالم، ومحور الاتصال بين آسيا وأفريقيا، ومصر والشام والمشرق العربى والمغرب العربى، وهى البيئة الثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة برمالها الذهبية وجبالها الشامخة وشواطئها الساحرة ووديانها الخضراء وكنوز الجمال والثروة تحت بحارها وفى باطن أرضها من كائنات ومياه ونفط ومعادن. وتسعى القوات المسلحة لتنفيذ مشروعات تنموية وخدمية وبنية تحتية لتحسين الظروف المعيشية للمواطن السيناوى، وتشارك ضمن جهود الدولة فى تطوير شبه الجزيرة، وتحديث البنية التحتية وخلق مجتمعات تنموية حضارية لتوفير فرص عمل لقاطنى سيناء ومدن القناة، من خلال الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وقيادة شرق القناة، بالتعاون مع الوزارات والجهات المعنية بالدولة. وبتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، حرصت القوات المسلحة على المشاركة بفاعلية ضمن هذه الجهود، ووضعت نصب أعينها المواطن المصرى بمحافظتى شمال وجنوبسيناء، خاصة فى المناطق الأكثر احتياجا، إلى جانب العمل على تحسين ظروفه المعيشية، عبر حزمة المشروعات التنموية والخدمية، فضلا عن مشروعات البنية التحتية، وذلك وفقا لاستراتيجية شاملة، تحقق الارتقاء بالقوى البشرية واستغلال الموارد المتاحة، والقضاء على الإرهاب والتطرف الفكرى كنتيجة حتمية للبناء والتعمير. كانت السنوات التى سبقت عودة أرض الفيروز إلى حضن الوطن شهدت مفاوضات موسعة انتهت بانتصارات كاسحة للسياسة والعسكرية المصرية ستظل عالقة فى ذاكرة التاريخ، جسدتها بطولات تحرير سيناء يوم استردت البلاد كامل أراضيها، وأسدلت الستار على سلسلة طويلة من الصراع المصرى الإسرائيلى على أرض سيناء. وفى الخامس والعشرين من أبريل عام 1982 قام الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك برفع العلم المصرى فوق شبه جزيرة سيناء بعد استعادتها كاملة من المحتل الإسرائيلى، وكان هذا هو المشهد الأخير فى سلسة طويلة من الصراع المصرى الإسرائيلى. وتستعرض «الشروق» مراحل عودة أرض الفيروز، ففى 5 يونيو 1967، احتلت إسرائيل شبه جزيرة سيناء، وقطاع غزة، والضفة الغربية، والجولان السورية، ما أدى إلى نشوب حرب الاستنزاف والتى كانت بمثابة بداية العودة، ولم يستسلم المصريون للهزيمة، وبدأوا فى استنزاف طاقات عن طريق تنفيذ عدد من العمليات النوعية ضد العدو فى سيناء، وتمكنوا من تكبيده خسائر فادحة فى العدة والعتاد والجنود. كانت الخطوات الأولى على طريق التحرير بعد أيام معدودة من هزيمة 1967 قبل أن تندلع الشرارة بدء حرب أكتوبر بأكثر من ست سنوات حيث شهدت جبهة القتال معارك شرسة كانت نتائجها بمثابة صدمة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، حيث بدأت المواجهة على جبهة القتال ابتداءً من سبتمبر 1968 وحتى السادس من أكتوبر 1973. انطلقت القوات المصرية معلنة بدء حرب العبور والتى خاضتها مصر فى مواجهة إسرائيل واقتحمت قناة السويس وخط بارليف كان من أهم نتائجها استرداد السيادة الكاملة على قناة السويس، واسترداد جزء من الأراضى فى شبه جزيرة سيناء، وعودة الملاحة فى قناة السويس فى يونيو 1975. كما أسفرت حرب التحرير الكبرى عن نتائج مباشرة على الصعيدين العالمى والمحلى من بينها: انقلاب المعايير العسكرية فى العالم شرقا وغربا، وتغيير الاستراتيجيات العسكرية فى العالم، والتأثير على مستقبل كثير من الأسلحة والمعدات، وعودة الثقة للمقاتل المصرى والعربى بنفسه وقيادته وعدالة قضيته، والوحدة العربية فى أروع صورها، والتى تمثلت فى تعاون جميع الدول العربية مع مصر، وجعلت من العرب قوة دولية لها ثقلها ووزنها، وسقوط أكذوبة التفوق الإسرائيلى. علاوة على ذلك، مهدت حرب أكتوبر الطريق لعقد اتفاق كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل الذى عُقد فى سبتمبر 1978 م على اثر مبادرة «السادات» التاريخية فى نوفمبر 1977 م وزيارته للقدس. وفى يوم 6 أكتوبر عام 1973، اندلعت حرب العزة والكرامة فى الساعة الثانية ظهرا، واسترد الجيش المصرى جزءا من أرض الفيروز، وانقلبت موازين القوى فى العالم، وقهر المصريون خير أجناد الأرض «الجيش الذى لا يُقهر» وفى 22 أكتوبر من عام 1973، بدأت عملية استرداد أرض الفيروز عن طريق المفاوضات السياسية، بعد صدور القرار رقم 338 الذى يقضى بوقف جميع الأعمال العسكرية، بعد تدخل الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأعضاء فى مجلس الأمن، والذى قبلته مصر ونفذته مساء يوم صدور القرار. وفى يوم 23 أكتوبر أصدر مجلس الأمن قرارا يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار والذى التزمت به إسرائيل ووافقت عليه، بعدما خرقت القوات الإسرائيلية القرار الأول. أما فى نوفمبر 1973، شاركت مصر فى مباحثات الكيلو 101، وتم فيها الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات السياسية للوصول إلى تسوية دائمة فى الشرق الأوسط، حيث تم التوقيع فى 11 نوفمبر 1973 على اتفاق تضمن التزامًا بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس، وتتولى قوات الطوارئ الدولية – التى وصلت فى 28 أكتوبر 1973 مراقبة الطريق ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى، واعتبر هذا الاتفاق مرحلة افتتاحية مهمة فى إقامة سلام دائم وعادل فى منطقة الشرق الأوسط. اتفاقيات فض الاشتباك تم توقيع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، فى يناير 1974، والذى حدد الخط الذى ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترًا شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التى سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية. وفى سبتمبر من العام التالى، تم التوقيع على الاتفاق الثانى الذى بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالى 4500 كيلو متر من أرض الفيروز، ومن أهم ما تضمنه الاتفاق أن النزاع فى الشرق الأوسط لن يُحسم بالقوة العسكرية ولكن بالوسائل السلمية. زيارة الرئيس السادات للقدس فى نوفمبر 1977، أعلن الرئيس الراحل أنور السادات فى بيان أمام مجلس الشعب أنه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، وهو ما تم بالفعل فى نوفمبر 1977، حيث ألقى كلمة فى الكنيست، طارحا مبادرته التى كان من أبرز ما جاء فيها أنه ليس واردًا توقيع أى اتفاق منفرد فى سياسة مصر، وأن تحقق أى سلام بين دول المواجهة كلها وإسرائيل بغير حل عادل للقضية الفلسطينية، فإن ذلك لن يحقق أبدًا السلام الدائم العادل. وطرح السادات 5 أسس محددة يقوم عليها السلام، تتمثل فى إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية التى احتلت عام 1967، وتحقيق الحقوق الأساسية للشعب الفلسطينى وحقه فى تقرير المصير بما فى ذلك حقه فى إقامة دولته، وحق كل دول المنطقة فى العيش فى سلام داخل حدودها الآمنة والمضمونة عن طريق إجراءات يتفق عليها تحقيق الأمن المناسب للحدود الدولية، على أن تلتزم كل دول المنطقة بإدارة العلاقات فيما بينها طبقا لأهداف ومبادئ ميثاق الأممالمتحدة، وبصفة خاصة عدم اللجوء إلى القوة وحل الخلافات بينهم بالوسائل السلمية. مؤتمر كامب ديفيد فى 5 سبتمبر 1978، وافقت مصر وإسرائيل على الاقتراح الأمريكى بعقد مؤتمر ثلاثى فى كامب ديفيد بالولاياتالمتحدة، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر من العام ذاته، والتوقيع على وثيقة كامب ديفيد فى البيت الأبيض يوم 18 سبتمبر 1978، ويحتوى الاتفاق على وثيقتين مهمتين لتحقيق تسوية شاملة للنزاع العربى الإسرائيلى. نصت الوثيقة الأولى على أن مواد ميثاق الأممالمتحدة، والقواعد الأخرى للقانون الدولى والشرعية توفر الآن مستويات مقبولة لسير العلاقات بين جميع الدول، وتحقيق علاقة سلام وفقا لروح المادة 2 من ميثاق الأممالمتحدة وإجراء مفاوضات فى المستقبل بين إسرائيل وأية دولة مجاورة ومستعدة للتفاوض بشأن السلام والأمن معها، هو أمر ضرورى لتنفيذ جميع البنود والمبادئ فى قرارى مجلس الأمن رقم 242 و 338. وفى الوثيقة الثانية، وقعت مصر وإسرائيل فى 26 مارس 1979 معاهدة السلام اقتناعًا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم فى الشرق الأوسط وفقًا لقرارى مجلس الأمن 242 و238. ونصت المعاهدة على إنهاء الحرب بين الطرفين، وإقامة السلام بينهما، وسحب إسرائيل جميع قواتها المسلحة وأيضا المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة على سيناء. وأدت معاهدة السلام إلى انسحاب إسرائيلى كامل من شبه جزيرة سيناء، وعودة السيادة المصرية على كامل ترابها، وتم تحديد جدول زمنى للانسحاب المرحلى منها. ففى 26 مايو 1979 رفع العلم المصرى على مدينة العريش، وأعلن انسحاب إسرائيل من خط العريش رأس محمد وبدأ تنفيذ اتفاقية السلام، وبعد شهرين تمت المرحلة الثانية للانسحاب الإسرائيلى من سيناء (مساحة 6 آلاف كيلومتر مربع) من أبو زنيبة حتى أبو خربة، وفى 19 نوفمبر 1979 تم تسليم وثيقة تولى محافظة جنوبسيناء سلطاتها من القوات المسلحة المصرية بعد أداء واجبها وتحرير الأرض وتحقيق السلام، أما فى 19 نوفمبر 1979 تمت عملية الانسحاب الإسرائيلى من منطقة سانت كاترين ووادى الطور، واعتبار ذلك اليوم هو العيد القومى لمحافظة جنوبسيناء. وفى يوم 25 أبريل 1982 تم رفع العلم المصرى على حدود مصر الشرقية على مدينة رفح بشمال سيناء وشرم الشيخ بجنوبسيناء واستكمال الانسحاب الإسرائيلى من سيناء بعد احتلال دام 15 عاما وإعلان هذا اليوم عيدا قوميا مصريا فى ذكرى تحرير كل شبر من سيناء، فيما عدا الجزء الأخير ممثلا فى مشكلة طابا التى أوجدتها إسرائيل فى آخر أيام انسحابها من سيناء، حيث استغرقت المعركة الدبلوماسية لتحرير هذه البقعة الغالية سبع سنوات من الجهد الدبلوماسى المصرى المكثف. عودة طابا. خلال الانسحاب النهائى الإسرائيلى من سيناء بالكامل فى عام 1982، تفجر الصراع حول طابا، وعرضت مصر موقفها بوضوح وهو أنه لا تنازل ولا تفريط عن أرض طابا، وأن أى خلاف بين الحدود يجب أن يحل وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والتى تنص على حل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات. وتنص المعاهدة على أنه إذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم، وكان الموقف المصرى شديد الوضوح وهو اللجوء إلى التحكيم بينما ترى إسرائيل أن يتم حل الخلاف أولا بالتوفيق. وفى 13 يناير 1986، أعلنت إسرائيل موافقتها على قبول التحكيم، وبدأت المباحثات بين الجانبين وانتهت إلى التوصل إلى «مشارطة تحكيم» وقعت فى 11 سبتمبر 1986م، التى تحدد شروط التحكيم، ومهمة المحكمة فى تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف. وفى 30 سبتمبر 1988 م، أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا، والتى حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية، وفى 19 مارس 1989م، رفع الرئيس السابق/ محمد حسنى مبارك علم مصر على طابا المصرية، معلنا نداء السلام من فوق أرض طابا.